أقلام وأراء

رمزي بارود يكتب – الفلسطينيون والتفكير خارج الصندوق الأمريكي

رمزي بارود *- 19/1/2021

سيُسجل عام 2020 في التاريخ باعتباره العام الذي أنهى «عملية السلام» التي ترعاها الولايات المتحدة. في حين أن عام 2021 لن يعكس التغيير الهائل في موقف الولايات المتحدة وأهدافها في فلسطين، وإسرائيل، والشرق الأوسط، كما أن العام الجديد سيوفر للفلسطينيين فرصة للتفكير خارج الصندوق الأمريكي.

بدأ العام السابق بدفعة أمريكية واضحة لترجمة الخطاب السياسي الجديد لإدارة دونالد تراماب بعمل حاسم. ففي 28 يناير/ كانون اثاني، تم إعلان ما يسمى ب«صفقة القرن» كعقيدة سياسية فعلية. ولأن السلطة الفلسطينية صاغت، على مدى عقود، استراتيجيتها الخاصة لتلبية المطالب والتوقعات الأمريكية، فقد ترك التحول في واشنطن للسلطة الفلسطينية خيارات قليلة جداً.

ففي 1 فبراير/ شباط 2020، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، والولايات المتحدة، تلاه إعلان في مايو/ أيار أن القيادة الفلسطينية ألغت جميع الاتفاقات بينها، وبين إسرائيل، بما في ذلك إنهاء جميع العلاقات الأمنية. وفي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، استأنفت السلطة الفلسطينية جميع العلاقات الأمنية والمدنية مع إسرائيل، ما أحبط استئناف محادثات الوحدة بين حركتي حماس وفتح المتناحرتين. وبدت المحادثات في يوليو/ تموز، على عكس الاجتماعات السابقة، بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين موحدين حول مجموعة من الأفكار السياسية، من بينها رفضهما «صفقة القرن» الأمريكية وخطط إسرائيل لضم أجزاء كبيرة من الأراضي المحتلة.

وفي التحليل النهائي، فقدت السلطة الفلسطينية التي بالكاد تتمتع باحترام كبير بين الفلسطينيين، أي ثقة لا تزال تحظى بها بين منافسيها. ويبدو أن عباس استخدم محادثات الوحدة كأداة ضغط لتحذير واشنطن وتل أبيب من أنه لا يزال يمتلك بعض الأوراق السياسية.

ومن الواضح أن أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد تغيرت، وحتى الحلفاء الأوروبيين للسلطة الفلسطينية بالكاد ينظرون إلى عباس وسلطته كأولوية. وقد دفع ضعف الاتحاد الأوروبي، بسبب الرحيل غير الرسمي لبريطانيا والتأثير الاقتصادي المدمر لوباء كوفيد-19، بفلسطين إلى أسفل جداول الأعمال الغربية.

وإذا كان عام 2021 سيحدث أي تغيير إيجابي في مسار النضال الفلسطيني من أجل الحرية، فيجب أن تحل الاستراتيجيات الجديدة محل القديمة.

ويجب أن يتحول التفكير تماماً إلى مشهد سياسي جديد تماماً :

*أولاً، إعادة تعريف الوحدة الفلسطينية بحيث لا تقتصر على مجرد ترتيب سياسي بين المتنافسين حماس وفتح، بحيث لا يفكر كل طرف بأجندته الخاصة للحفاظ على الذات. وكذلك شرح مفهوم الوحدة لتشمل حواراً وطنياً بين جميع الفلسطينيين، في الداخل، أو في «الشتات».

*ثانياً، تطوير رؤية جديدة وصياغتها لتحل محل الكليشيهات والعقائد والتفكير القائم على التمني. فحل الدولتين هو ببساطة بعيد المنال لأنه، حتى لو تم تنفيذه، فلن يرضي الحد الأدنى من توقعات الحقوق الفلسطينية.

ففي سيناريو الدولتين سيبقى الفلسطينيون مجزئين جغرافياً وسياسياً، ولا يمكن تنفيذ أي تطبيق واقعي وعادل لحق العودة .

*ثالثاً، يجب إنهاء الاعتماد المفرط على واشنطن بصفتها الطرف الوحيد القادر على التوسط بين إسرائيل، وفلسطين. ويتعين على القيادة الفلسطينية أن تفهم أن موازين القوى العالمية تتغير بشكل أساسي، وأنه قد حان الوقت للفلسطينيين لتنويع خياراتهم وتعزيز علاقاتهم مع القوى الآسيوية الصاعدة والتواصل مع دول أمريكا الجنوبية، وإفريقيا.

* رابعاً، على الرغم من أن المقاومة الشعبية في فلسطين عبّرت عن نفسها باستمرار بأشكال عدة، إلا أنه لم يتم تسخيرها كمنصة مقاومة دائمة يمكن ترجمتها إلى رأسمال سياسي.

* خامساً، لكي يصبح الخطاب السياسي الفلسطيني الجديد ذا أهمية دولية، يجب أن يكون مدعوماً بحركة تضامن عالمية تلتف خلف رؤية فلسطينية موحدة، وتكتيك سحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) شهادة على نجاح تغيير الرواية حول فلسطين، وإسرائيل.

ربما كان عام 2020 عاماً مدمراً لفلسطين، لكن نظرة فاحصة ستسمح لنا برؤيته كفرصة لخطاب سياسي فلسطيني جديد بالكامل.

* صحفي ومحرر «فلسطين كرونيكل». (كاونتر بانش)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى