ترجمات عبرية

يديعوت: دوي إطلاق النار على الحدود سمع بوضوح في القاهرة وطهران

يديعوت 4-6-2023، بقلم سمدار بيري: دوي إطلاق النار على الحدود سمع بوضوح في القاهرة وطهران

العملية التي جرت صباح أمس وقتل في إطارها شرطي مصري ثلاثة جنود إسرائيليين، تقع في نقطة زمنية حرجة لعلاقات مصر مع إسرائيل بخاصة ومع دول الشرق الأوسط بعامة. مما قيل في القاهرة أمس عقب العملية، قد نتعلم غير قليل عن فهم مصر لهذا الواقع – وأكثر من ذلك قد نتعلم من الأقوال التي لم تقل.

بداية، البيان عن العملية، من الناطق بلسان قوات الأمن المصرية، والذي لم يصدر إلا في ساعات ما بعد الظهر، بعد ساعات طويلة من التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن الحدث الخطير، امتنع فيه الناطق المصري، وليس صدفة، عن كشف اسم الشرطي – القاتل المصري، وأصر على أنها حادثة خرج في إطارها لمطاردة مهربي مخدرات، وفي أثنائها اجتاز الحاجز الإسرائيلي وعلق في تبادل لإطلاق النار قتل فيه جندياً ومجندة إسرائيليين. وحسب الرواية المصرية، بعد بضع دقائق قتل جندياً إسرائيلياً ثالثاً، قبل أن يلاقي رجل الأمن المصري حتفه في تبادل لإطلاق النار. أما الحقيقة فهي بعيدة عن ذلك؛ إذ لم تتبين في هذه الأحداث القاسية ولم يُعثر على آثار أقدام مهربي مخدرات.

ثمة موضوع غريب آخر – على أقل تقدير – ورد في بيان الناطق المصري، وهو الإعراب عن المواساة لعائلات القتلى والتمنيات بالشفاء للجريحين. من هم القتلى؟ من هم الجرحى؟ هل قصد الناطق المشاركة في أسى العائلة المصرية؟ ليس واضحاً. في حالات مشابهة في الماضي، بالمناسبة، سرعان ما كانت تظهر في الإعلام المصري الأسماء الكاملة للضحايا الأجانب.

ما قيل وما لم يقل في البيان لا بد من تحليله أيضاً في مرآة اللقاء الذي عقد في القاهرة بالتوازي مع نشره تقريباً، بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعقيلته انتصار، وبين عقيلة الرئيس الأمريكي جيل بايدن وابنتها أشلي، بعد أن قفزت الاثنتان مباشرة من العرس في القصر الملكي الأردني إلى زيارة سريعة للقاهرة، بما فيها جولة إلى الأهرامات. غير أن الرئيس المصري لم يستغل الزيارة المغطاة إعلامياً والصورة التي وصلت في نهايتها كي ينشر رد فعل على الحدث في سيناء.

حلت محل الصمت الذي خيم على قصر الرئيس أصوات عنيدة جداً في الشبكات الاجتماعية حاولت الادعاء بأن المخرب هو رجل من حماس كان يرتدي بزة قوات الأمن المصرية. لم تسارع المحافل الرسمية في مصر للنفي، وحافظت على صمتها. لاحقاً، جرت في الشبكات الاجتماعية محاولة ادعاء بأنه مهرب للمخدرات ينتمي لـ”حزب الله”، وهنا أيضاً، فشل الناطقون المصريون. وبعد أن نشرت وسائل الإعلام العربية بيانات عن لجنة تحقيق مشتركة لمصر وإسرائيل، جاء البيان المصري الغامض، الذي تضمن تعهداً فقط لتحقيق مصري.

سارع الجانب الإسرائيلي بالمقابل، للتشديد على أهمية التعاون بين الدولتين والحاجة للحفاظ عليه رغم أنها ليست المرة الأولى التي يطلق فيها رجال أمن مصريون النار فيقتلون إسرائيليين. ليس سراً أن طائرات ومروحيات إسرائيلية كانت تظهر في أحيان قريبة في سماء سيناء بعلم وإذن المصريين، لكن العملية الحالية تأتي في الوقت الذي تتعقد فيه الأعمال المشتركة مقابل الاستعداد المصري لتعاون محتمل مع إيران. لم ترد القاهرة بعد على مبادرة طهران بالإيجاب، لكن من الواضح للجميع أن لا مصلحة في هذا الوقت لعرض عمل مشترك مع قوات الأمن الإسرائيلية على العالم. زيارة جيل بايدن للقصر الرئاسي في القاهرة كفيلة بأن تؤشر إلى أن مصر لم تحسم الموضوع بعد، لكن التخوف أن إرساليات مالية من إيران والسعودية ستبعد السيسي عن إسرائيل. وكل هذا في الوقت الذي عرض فيه الشرطي المصري في الشبكات الاجتماعية على أنه بطل.

إسرائيل ستفعل ما في وسعها كي تبقى مرتبطة بمصر، سواء بعلاقات أمنية أم بتعاون اقتصادي، إذا كانت مصر معنية بها. فالجهد الإيراني – السعودي لربط القاهرة بالحلف العسكري الجديد لن يمر بسهولة – بعد خمسين سنة من السلام بين الدولتين، حتى وإن كان سلاماً بارداً. والتفاهمات التي تحققت في سنوات حكم السيسي أعمق من تلك التي تحققت مع أسلافه، بما في ذلك أيضاً المواضيع الأمنية، وحذر مسؤولون إسرائيليون نظراءهم في القاهرة من المحاولات الإيرانية الخطيرة. وقريباً ستعمل سفارتان لإسرائيل وإيران بالتوازي في القاهرة، وإسرائيل ملزمة بالسير بين القطرات، بحذر شديد، مع مصر. هذه العلاقات مهمة جداً أيضاً للأعمال المشتركة تجاه حماس في غزة، وللتعاون مع المواضيع المتعلقة بالعالم العربي كله. العملية المخيفة أمس، على خلفية دخول إيران إلى الصورة، تنصب تحدياً غير بسيط على الإطلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى