ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم  عوفر شيلح –  ايران : التبجح، القصور وما العمل

يديعوت – بقلم  عوفر شيلح – 6/12/2021

” الموقف من ايران غارق في السياسة الداخلية وتشعباتها والتبجحات والتهديدات لا تترك أثرا على احد. السياسة الصحيحة تجاه ايران هي عدم دفعها الى نقطة القرار بل مساعدتها على عدم الوصول اليها”.

أحد الشرور المريضة في كل ما يتعلق بالمسألة الايرانية هو انه منذ زمن بعيد بات من الصعب التمييز بين الاقوال الموضوعية وبين السياسة الداخلية. والمسؤول الاساس عن ذلك بالطبع هو بنيامين نتنياهو، كبير المقصرين الايراني، الذي خلق بلا قدرة على التمييز بين الكفاح ضد التحول النووي الايراني، الحملة المغرضة ضد كل خصم سياسي وتدخله غير المسبوق والضار على نحو عجيب في السياسة الامريكية.

لكن معارضيه ايضا ليسوا انقياء. اهود باراك الذي هاجم هنا امس نتنياهو على اضراره الكثيرة في الموضوع الايراني، كان وزير الدفاع لدى نتنياهو حين سافر هذا الى الكونغرس في 2012 ووضع اسرائيل على خط انكسار حساس على نحو خاص في السياسة الامريكية. كما دفع باراك بكل وسيلة ممكنة نحو رفع الهجوم الاسرائيلي في ايران الى جدول الاعمال (اما اذا  كان قصد ذلك حقا ام لا، فهو وحده يعرف)، في حملة كانت نتيجتها الواضحة للغاية هي ابتعاد ادارة اوباما عن اسرائيل لدرجة انه عندما أدار الاخير المفاوضات التي ادت الى الاتفاق النووي في 2015، كانت اسرائيل خارج دائرة النفوذ. 

في الاشهر الاخيرة يكرر الناطقون بلسان الحكومة الحالية عبارة ان “نتنياهو ترك لها جزر خرائب في كل ما يتعلق بالقدرات العسكرية حيال ايران”. ولن ادخل الى مدى الدقة في هذا القول. ولكن لمن نسي، فان وزير الدفاع هو الرجل المؤتمن على بناء القدرات العسكرية. وزراء الدفاع من 2016 وحتى اليوم كانوا، باستثناء نتنياهو نفسه، افيغدور ليبرمان، نفتالي بينيت وبني غانتس، قادة الحكومة الحالية. احد لم يمنعهم من أن ينشغلوا بذلك لو كانوا ارادوا.

وبين هذا وذاك، توفر لنا الحكومة تصريحات عديمة المعنى، و “قرارات” معظمها ذر للرماد في العيون.  لا  شك عندي ان رئيس  الموساد ما كان ليتصور  اطلاق  “تعهد” غريب بحد ذاته في أن لن تكون لها قنبلة دون طلب صريح من رئيس الوزراء. فالمنشورات عن تخصيص 5  مليارات شيكل لغرض اعداد خيار عسكري  هي ايضا  ذر  للرماد في العيون. فهذا  تكرار لقرارات قديمة، بعضها غير ذات صلة بالموضوع الايراني (شراء مروحيات،  صواريخ اعتراض للقبة الحديدية) وكلها تقريبا اتخذت  منذ زمن بعيد، في  اطار خطط التسلح طويلة المدى للجيش الاسرائيلي  – ودون اقرار مفهوم  استخدام حقيقي، بوسعه أن يجعل  قائمة المشتريات هذه شيئا ما  يخلق قوة ذات صلة. ان جهاز الامن يساهم بدوره في الاحاطات عن “مفهوم جديد” في الكفاح ضد الايرانيين، يغير  ظاهرا  طريق الادارة.             

في  أمر واحد اتفق تماما مع باراك امس.  القنبلة النووية  الايرانية ليست نهاية الحلم الصهيوني،  ولكنها ستغير وجه المجال،  من  شأنها أن تتسبب بسباق تسلح نووي ومنح احساس بالحصانة لاعدائنا في الدائرة القريبة  وتضع قدرة هدامة في ايدي نظام متزمت.  على اسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها كي تمنعها. ولكن تأطير البحث في  مسألة كم طائرة شحن بالوقود وقذيفة خارقة للخنادق يوجد لنا هو ايضا جزء من خطاب  ضيق الافق، لا يخدم الا من يسعى للابقاء  على الوهم لان  لكل مشكلة يوجد حل عسكري  او لاقناع الجمهور بانه يفعل شيئا ما. 

ان من اوقف البرنامج النووي العسكري لايران هي الولايات المتحدة، عندما اجتاحت العراق في 2003. ففي السنوات ما بعد ذلك ادار ارئيل شارون واهود اولمرت سياسة دمجت الاحباط السري بالمساعي السياسية ونجحت في اعاقة تخصيب اليورانيوم في ايران. اما نتنياهو فهو الذي بدأ بالحديث عن ايران بتعابير الحسم، وبكلمات بوغي يعلون: ينبغي حمل النظام الايراني الى اضطرار الاختيار بين القنبلة النووية وبين بقائه.  

ايران هي دولة واسعة الكبر، مع فكر ومفهوم تاريخي لقوة عظمى اقليمية عتيقة، وحدود تمتد من  الباكستان (دولة سنية مع قدرة نووية) وحتى تركيا (قوة اقليمية مع نظام اسلامي سني).

لنظامها، رغم كونه وحشي وقمعي، توجد جذور شعبية عميقة. فهو يتحرك بالايمان بان العالم معاد للحكم الشيعي الوحيد في العالم ويريد أن يسقطه، بالمسؤولية عن العالم الشيعي كله وبذكريات الحرب مع العراق. ابعاد رؤيته اوسع بكثير  من الانشغال باسرائيل، وان  كان لا ينبغي  الخطأ في انه يرى فيها غرسة غريبة وكريهة. مع دولة كهذه ونظام كهذا ينبغي الوصول الى توازن، وعدم الحديث عاليا عن الحسم.

الضغط الخارجي، الذي بلغ ذروته في خروج ادارة ترامب من الاتفاق النووي وفرض نظام عقوبات مس شديدا بالاقتصاد الايراني – خطوة نبعت بوضوح من نفوذ اسرائيل ومؤيديها – لم يهزم الايرانيين، وما كان يمكنه أن يهزمهم. نحن ايضا ما كنا سنتراجع عن مشروع كهذا بسبب مس بجودة الحياة. 

ان الاعمال الاسرائيلية المستندة الى القوة – المعركة ما بين المعارك ضد التمترس الايراني في سوريا، مثلا (تمييزا لها عن المعركة ضد تسلح حزب الله للصواريخ الدقيقة) –  لم تجدي في شيء. ومثلما في جبهات اخرى، بينما نحن نتباهى بقدرته على القاء القذائف، فان العدو تمترس سياسيا، واسرائيل اخذت في الابتعاد عن الغرفة التي تتخذ فيها القرارات. اما اليوم فنحن في موقف غير ذي صلة بما يجري في المفاوضات، والادارة الامريكية لا تخفي ان اسرائيل هي في نظرها شبه مصدر ازعاج، وقدرتنا على التأثير على المعركة السياسية صفرية.

إذن ما العمل؟ نوقف التبجح والتهديدات التي لا يأخذها احد على محمل  الجد. نبلور جبهة اقليمية واسعة، مع دول قلقة من امكانية ايران نووية بقدر لا يقل عنا، ولكن اليوم تتقرب من ايران بغياب رؤيا بديلة؛ نواصل المعركة السرية، والى جانبها نساعد العالم على التفكير بتوسيع النقاش، وخلق تحديات وفرص لايران في جبهات اخرى في اطا صورة مصالحها الواسعة؛ ونعمل بهدوء على خيارات القوة التي هي مخرج اخير فقط. نفهم ان الهدف هو ليس دفع الايرانيين الى نقطة القرار، بل مساعدتهم الا يصلوا اليها. صحيح أن هذا لا يوفر عناوين صحفية صاخبة، ولكن هذا هو المطلوب لاجل احباط الخطر.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى