ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: رد، نصف رد

يديعوت احرونوت 19/4/2024، ناحوم برنياع: رد، نصف رد

يحتمل أنه عندما يصل هذا الملحق الى القاريء سيكون الرد العسكري الإسرائيلي على الهجوم الإيراني من خلفنا؛ ويحتمل ان لا. كل عمل عسكري مبادر اليه من إسرائيل ينطوي على الكثير من الترددات من حالة الغيوم في السماء وقرب ليل الفصح وحتى مزاج آية الله في قم والرئيس في البيت الأبيض. مهما يكن من أمر فان انتقال ايران الى هجوم مباشر، علني، ضد اهداف في إسرائيل يفتح صفحة جديدة في الحرب بين الدولتين.

واحد من أصحاب القرار المركزيين سعى لان يشرح لماذا يبرر عملا عسكريا الان لكن يسعى لعملية تكون موضعية، محدودة وعاقلة. وجسد رأيه بقصة رائعة من الكتب المقدسة (التناخ). اوصي القراء بان يفتحوا سفر صموئيل أ، الاصحاح 24. أراد الملك شاؤول ان يقتل داوود، فلاحقه. ذات يوم دخل شاؤول ومقاتلوه الى مغارة اختبأ فيها داوود ومقاتليه. “يقول رجال داوود له ها هو اليوم الذي قال فيه الرب لك ها أنا اعطيك عدوك في يدك”. بكلمات اخرى: اقتله. توجد لك فرصة.

لكن كانت لداوود مخططات أخرى. اقترب من شاؤول وقص له في الخفاء طرف معطفه. شاؤول لم يشعر بضر، نهض ورحل. وعندها ظهر داوود من خلفه، لوح بقطعة القماش وقال: “ها هو اليوم رأت عيناك… قطعت طرف معطفك ولم اقتلك فاعلم اني لا اكن لك شرا”.

شاؤول، حسب رواية التناخ، تأثر عميقا بالبادرة الطيبة. فتصالحا. لا يوجد أي احتمال ان هكذا سترد ايرانعلى العملية الإسرائيلية. لقد أخطأت شعبة الاستخبارات في تقدير الرد الإيراني على تصفية الجنرال زاهدي في دمشق؛ ويمكنها أن تخطيء مرة أخرى.

الأوراق الجديدة

ثلاث حكومات خرجت راضية من احداث السبت الأخير. فقد أثبتت الإدارة الامريكية قدرة عسكرية وتحكما بالتحالف الإسرائيلي السُني الذي اقامته: هذا انتصار تكتيكي واستراتيجي. حكومة إسرائيل صدت الهجوم واستعادت لنفسها العطف والتأييد العملي من الحكومات في الغرب، وسائل الاعلام الدولية، أجزاء في الرأ العام: هذا انتصار تكتيكي واستراتيجي.

النظام الإيراني اثبت بانه قادر على ان يهاجم دولة أجنبية بمئات الذخائر الفتاكة والا يفقد الشرعية. صحيح أن الهجوم صد. ايران تكبدت فشلا تكتيكيا لكن لها حق كامل في ان تعتقد بانها حققت انتصارا استراتيجيا. يمكنها أن تتصرف مثل قوة عظمى على حافة النووي يمكنها ان تسمح لنفسها. في المرة التالية ستطلق ذخيرة أكثر بوتيرة اسرع في توقيت اكثر راحة. فعلى المشاكل التكتيكية يمكن التغلب.

هذا أيضا هو التحذير لمقرري السياسة: التحالف الدولي الذي صد الاطلاقات من ايران ليس ملتزما بإسرائيل الى الابد. لا أمريكا، لا بريطانيا وبالتأكيد لا الأردن والسعودية. محظور التعاطي معه كهدية مجانية، كشيء مسلم به. للنجاح يوم السبت الماضي يوجد الكثير من الإباء، وكل واحد منهم يتوقع مقابلا.

في الخطاب الداخلي، في المستوى السياسي والعسكري على حد سواء، كان هناك من بحث عن طريق لاستغلال الفرصة. ايران وافعالها عادت الى مقدمة المنصة، وهذا خير؛ وكلاؤها رأوا كيف أنها تنضم الى المعركة واذا بها تصد وتهان حتى النهاية. نصرالله قال لنفسه، كما لاحظ احد المسؤولين الإسرائيليين، نصف سنة وانا اقاتل إسرائيل، افقد ضباطا كبارا، افقد مقاتلين، وعندها، عندما ينضم سيدي مع الكثير من الضجيج والرنين، لا ينجح في أن يسجل هدفا واحدا على العدو. فلعل خيار المفاوضات ليس سيئا بهذا القدر.

والاهم، في الغرب يفهمون بان النظام الإيراني يسير بعيدا اكثر، خطيرا اكثر مما اعتقدوا في الماضي. هذا يؤثر على الطريقة التي يرى فيها الغرب المشروع النووي. لعله يوجد هنا أساس لاقامة تحالف اكثر توثيقا ونجاعة لهزيمة ايران.

أو على سبيل البديل، لعل هذه فرصة لحل مشاكل أخرى. لإسرائيل توجد أوراق جديدة لتلعب بها. تريدوننا الا نهاجم ايران؟ حسن. دعونا نحل مشكلة رفح. دعونا نحل مشكلة حزب الله. او العكس، دعونا نوجه ضربة اكبر لإيران وعندها نعلن عن نصر مطلق درجنا على تسويقه لقاعدتنا على مدى اشهر ونسمح لانفسنا باعطاء السنوار كل ما يريد ونتلقى كل المخطوفين ونتجاوز رفح.

كل هذا لم يحصل هذا الأسبوع. تلبثت إسرائيل في توجيه الضربة لإيران ضمن أمور أخرى لاسباب عملياتية وفتحت الباب لضغط دولي بدأ يقضم من جديد بالدعم لها. رون ديرمر، مبعوث نتنياهو الى الإدارة الامريكية وصل الى واشنطن. ليس له تفويض واضح، لا في موضوع رفح، ولا في موضوع ايران. لنصف سنة يتحدثون في إسرائيل عن مسألة اليوم التالي. كل القيادة الأمنية من الجيش عبر الشباك وحتى الموساد، تشرح في الغرف المغلقة باننا اذا لم نعمل على بديل لحماس في غزة، كل إنجازات الجيش ستضيع هباء، وحماس ستعود. بعض من وزراء الكابنت يقولون أمورا مشابهة. هكذا أيضا جنرالات متقاعدون يظهرون في وسائل الاعلام. الجيش الإسرائيلي يبقي خلفه فراغا، والفراغ يمتلىء. حماس تعود الى دير البلح، الى خانيونس، تعود على نحو صغير الى شمال القطاع أيضا، لكن نتنياهو يصر على موقفه. مالطا يوك، أي لا توجد مالطا. هكذا قال الاتراك بعد أن هزموا في المعركة على الجزيرة. غزة يوك، أي لا توجد غزة، يقول نتنياهو. أوراق أم لا أوراق، يبدو أن إسرائيل ليست في اللعبة.

هو يريد اتفاقا

مئات الأشخاص، في الجيش، في الشباك، في هيئة الامن القومي، رجال ونساء يعملون منذ نصف سنة على مسألة المخطوفين. اراؤهم عن السنوار وعن حماس متنوعة كل واحد وخبراته، كل واحد وتحليلاته. بقدر ما اعرف، في موضوع واحد يسود هذه المنظومة اجماع: السنوار يريد اتفاقا.

الاتفاق يريده بشروطه. قاتل وحشي، بل وربما مجنون، لكنه ثابت جدا. شروطه لا يغيرها منذ اشهر. العرض الحماسي الأخير الذي طرح على إسرائيل يدور حول المطالب إياها. السنوار لا يشدد مطالبه: هو يتمسك بها.

لشدة الأسف، يمكنه أن يسمح لنفسه بذلك. اما أن يكون واثقا ان إسرائيل لا يمكنها أن تصل اليه او أنه لا يأبه. حقوقه كشهيد حصل عليها منذ الان. ها هي الحقائق: هي عسيرة على الهجم لكن في هذه اللحظة لا توجد حقائق وافرة أخرى.

وعليه يصعب علي أن افهم المنطق في الحملة الجارية هنا في الأيام الأخيرة، حملة عنوانها “حماس لا تريد صفقة”. ظاهرا، من خلف هذه الحملة يقف الموساد ورئيسه، دادي برنياع. لكن في عصرنا لا يمكن أن نعرف، لا يمكن أن نستبعد إمكانية أن يكون هذا سوء فهم، اخراج عن السياق، بالخطأ. الدليل: برنياع لم يعلن بعد انه يعتزل منصبه كرئيس طاقم المفاوضات. ما المعنى من إضاعة الوقت الباهظ لرئيس الموساد، رئيس الشباك واللواء احتياط، مندوب الجيش، هم ومئات عامليهم، اذا كان الطرف الاخر ليس معنيا بالصفقة.

عندما لا يكون منطق، تولد نظرية مؤامرة. هكذا دوما وهكذا أيضا في الحالة المشحونة جدا، الحساسة جدا هذه. النظرية تقول: امام ضغوط عائلات المخطوفين، امام المصدرين المجهولين في طاقم المفاوضات اللذين ادعيا في برنامج “عوفدا” التلفزيوني بان نتنياهو يفشل الصفقة، بحث مكتب رئيس الوزراء عن ابتكار يطفيء النار. وتطوع رئيس الموساد بان يقوم بالعمل نيابة عنهم.

ولعل الحال مقلوب على مقلوب: رئيس الموساد، من خلال الناطقة بلسانه، يسعى لان يقنع الجمهور بمن فيهم عائلات المخطوفين بان لا مفر من السير حتى النهاية وقبول كل مطالب حماس ووقف الحرب، والانسحاب من القطاع والسماح لحماس بإعادة بناء نفسها وتلقي المخطوفين بالمقابل. كثيرون في الساحة مقتنعون بانه اذا واصلت الحكومة سياسة عدم القرار خاصتها، فان النتيجة النهائية لن تكون بعيدة عن هذا. يصعب علي أن اصدق بان الى هذا يسعى رئيس الموساد.

لا، يقولون لي. المقصود هو التأثير على السنوار وعلى الوسطاء والايضاح لهم بان صبر إسرائيل يقترب من نهايته. لا اعتقد أن السنوار يعيش اليوم حسب العناوين في الصحف في إسرائيل: مشاهد اصعب بكثير لم تساعد في تغيير رأيه. وبالنسبة للوسطاء هم يجرون حساباتهم، وحساباتهم فقط. قطر ترفض الاستسلام للطلب الإسرائيلي بابعاد عائلات حماس من أراضيها ومصادرة أموال المنظمة. هي تعمل من أجل ذاتها، وليس من أجلنا. وهكذا مصر أيضا. امس دخلت الى غزة شاحنات محملة بالسجائر. فهل هذه مساعدة إنسانية؟ علاج لتحسين الصحة؟ ليس بالضبط. لكن احد ما في مصر يريد أن يكسب المال من الوساطة.

الفرص التي فوتت

مرتان نشأت فرصة لاجبار حماس على تليين مواقفها. المرة الأولى كانت في اثناء العمل على الصفقة الأولى، في تشرين الثاني 2023. السنوار كان بحاجة يائسة للوقود، للأدوية وللغذاء. الضغط العسكري في شمال القطاع، في مدينة غزة وبناتها، كان صعبا جدا عليه. وافق على تحرير مخطوفين. عندما رأى انه ينقصه مخطوفون كي يستوفي شروط الصفقة وطلب تغييرها، استخدم الطرف الإسرائيلي الفيتو. كان هذا خطأ مأساويا. أولئك الذين اتخذوا القرار في طرفنا لم يتصوروا بانهم يحكمون على المتبقين والمتبقيات بنصف سنة في الجحيم وربما بالموت.

الفرصة الثانية كانت في الشهر الماضي، في ذروة السيطرة الإسرائيلية في خانيونس. إسرائيل كانت تمسك في يدها ورقة هامة. حماس كانت مستعدة لان تتراجع عن مطلب الانسحاب الإسرائيلي الفوري من القطاع كله لكنها أصرت على الغاء بتر القطاع وإعادة السكان الى الشمال. الجيش استخدم الفيتو. نتنياهو تمسك بالفيتو والاحتمال تبدد. يحتمل أن يكون نتنياهو والكابنت سيستخدمان الفيتو حتى بدون الجيش السؤال افتراضي. اليوم الجيش مستعد لان يتنازل عن البتر ويسمح للفلسطينيين بالعودة الى الشمال لكن السنوار عاد الى اجندته الاصلية.

في إطار الحملة يتحدثون عن أربعين مخطوفا تعهد السنوار باعادتهم في الماضي في اطار الجولة الإنسانية، عدد نزل في عرضه الأخير الى اقل من عشرين. بقدر ما افهم، هذا غير دقيق. لم يجرِ الحديث عن أربعين بل عن اقل.  المبدأ بقي على حاله: نساء (بمن فيهن مجندات)، شيوخ ومرضى. السؤال هو كيف يعرف المرضى. يحتمل ان يكون بعضهم غير احياء. يحتمل أن يكون وضع بعضهم تحسن. يحتمل ان يكون السنوار فقد السيطرة على بعض من المرشحين للتحرير. ولهذا فهو يعرض، مثلما عرض مع نهاية الجولات الأولى السماح له بالعثور عليهم.

كما أني لا افهم ماذا يتوقعون من العائلات ان تفعل. فهي لا يمكنها أن تتظاهر امام بيت السنوار في خانيونس؛ ما تبقى لها هو ان تحاول الضغط على حكومة إسرائيل. كما أن ما جرى حتى اليوم لم يجرِ بدون ضغط الحرب. العائلات ما كانت لتغفر لنفسها لو بقيت في بيوتها. ينبغي التفكير فيها أيضا وفي ازمتها.

“نحن نفعل كل شيء من اجل إعادة المخطوفين”، يقول الناطق العسكري دانييل هجاري في كل واحد من مؤتمراته الصحفية. لا شك أن هذه هي النية. لكن الواقع اكثر تعقيدا.


مركز الناطور للدراسات والأبحاث 
 Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى