ترجمات عبرية

هآرتس: وثائق وبروتوكولات تكشف خلفية إخفاق 7 أكتوبر: حصاد الغرور!

هآرتس 14-3-2024، ينيف كوفوفيتش: وثائق وبروتوكولات تكشف خلفية إخفاق 7 أكتوبر: حصاد الغرور!

يوم شتوي في حدود قطاع غزة. في المكان يتجول ضباط كبار؛ رئيس الأركان وجنرالات. أيضا وزير الدفاع يتشرف بحضوره. الحدث تم إبقاؤه تحت غطاء معين من السرية؛ حسب المتحدث بلسان وزارة الدفاع كان لا يجب الكشف عنه إلى حين القيام به. «هو حدث غير الواقع» ليس اقل من ذلك، اعلن رئيس الأركان. «ما كان قبله لن يكون بعده».

هذه الأقوال قيلت في مكان ما في كانون الأول 2021 والموضوع كان احتفال تدشين العائق تحت الأرضي بتكلفة 3.5 مليار دولار. رئيس الأركان كان في حينه أفيف كوخافي، والمشروع الذي تحدث عنه بتفاخر تم التخطيط له ليكون «جزءا من الحائط الحديدي لنظرية الدفاع» الإسرائيلية.

اليوم هو ربما حائط تذكاري لـ 7 أكتوبر، هو نصب تذكاري لـ»التصور». احد رجال الإعلام القلائل الذي كلف نفسه عناء القدوم إلى هذا الاحتفال هو روعي عيدن، من سكان «كفار عزة» ومصور في «واي نت» الذي قتل في يوم السبت ذاك. أيضا زوجته سمدار قتلت، الابنة الصغيرة افيغيل اختطفت، وولدان بقيا وحدهما في البيت والأم تطوقهما.

مثلما العائق الذي انهار، أيضا التصور الذي بني طوال سنين. وثائق وبروتوكولات من نقاشات مغلقة وصلت إلى «هآرتس» في السنوات التي سبقت هجوم «حماس» تكشف العملية حجرا بعد آخر، المواد تشير إلى زيادة الثقة بالنفس من قبل القيادة العليا، وخوف الضباط من التعبير عن موقف مهني يعارض موقف كبار قادة المستوى السياسي – الأمني، وتضخيم متعمد لإنجازات عسكرية في جولات القتال في غزة، فجوات استخبارية فيما يتعلق بزيادة قوة «حماس»، وبالأساس استخفاف بالعدو وغطرسة.

أحد الذين يظهرون بشكل متواتر على الشاشات في هذه الأيام وينتقل من مجموعة حوار إلى أخرى في التلفزيون ويحلل ويدعو ويتوسل، هو الجنرال احتياط تمير هايمان، الآن هو رئيس معهد بحوث الأمن القومي، وفي السابق شغل عدة مناصب في الجيش، الأخير منها كان رئيس شعبة الاستخبارات، وهذه سيرة ذاتية مختصرة لخبير في شؤون «حماس» وغزة. هل هذا صحيح؟ في نقاشات مغلقة جرت في قاعدة في مركز البلاد قال هايمان، إن «من الممتع رؤية العملية التي تمر فيها حركة حماس. يوجد لديهم التزام بالسيادة الآخذة في التصاعد وهذا يخلق التوتر لدى (حماس)، بين الرغبة في القتال وبين السيادة والقلق على البنى التحتية».

هذا فقط مثال واحد. مثال آخر هو تصريحاته بعد ما عرف بـ»التضليل» الذي جرى في إطار عملية حارس الأسوار، التي فيها قصف سلاح الجو البنى التحتية تحت الأرض لـ»حماس» بعد أن ارسل الجيش الإسرائيلي إشارات بأنه ينوي الدخول برا إلى القطاع، من خلال توقع أن يدخل رجال «حماس» إلى الإنفاق. «العملية، الآن، لا تسمح لهم بأن يكونوا آمنين تحت الأرض»، سارع هايمان إلى القول. «هذا يشبه نزع قدرة سلاح الجو لدينا. معظم خطط العملية التي أعدتها (حماس) طوال السنين تضررت وتم سحبها منها… لقد نجحنا في حل لغز شبكة الأنفاق في غزة. في اللحظة التي نعرف فيها أين يوجد أحد القادة تحت الأرض هناك إمكانية للمس به عن طريق مهاجمته. (حماس) مبنية لإدارة حرب حتى 60 يوما، هكذا بنت نفسها». وبكلمات أخرى، كما قال هايمان، «كان لدينا انتصار تكتيكي تقريبا شبه مثالي».

عن أسلوب هايمان تخبرنا أيضا الكلمات التي اختارها كي يعرض بها التقدير الاستخباري في قطاع غزة في كانون الثاني 2021 أمام قادة كبار في قيادة المنطقة الجنوبية. «في شقة مشتركة واحدة كان يعيش عازبان عديما المسؤولية، كانا يكرهان صاحبة البيت العجوز. العازبان هما (حماس) و(الجهاد الإسلامي) والعجوز هي (فتح). الأكبر من بينهما (حماس) تحمل المسؤولية وبدأ يدير المنزل، الأصغر (الجهاد) استمر عديم المسؤولية وفعل كل ما خطر بباله. ما المغزى؟ ذات مرة عندما بالغ الفتى الصغير قامت دولة إسرائيل بضربه بشكل مبرح (عملية الحزام الأسود). (حماس) جلست جانبا واعتبرت هذا عقابا تربويا للفتى الطائش. هكذا يمكن أن نفهم غزة».

من هذه المواد تتضح الصورة التي بحسبها النقاشات في قيادة المنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية كانت مختلفة من حيث المضمون. في الساحة الشمالية كانت هناك خلافات في الرأي بين الاستخبارات العسكرية وضباط القيادة والفرق التي توجد في الميدان فيما يتعلق باستعداد «حزب الله» لشن حرب (وحول مسألة هل هو اكثر إخلاصا للبنان أو لإيران)، في قيادة المنطقة الجنوبية كان يوجد خط واحد: لم تكن أي جهة تحدت موقف المستويات العليا في الجيش الإسرائيلي و»الشاباك» والمستوى السياسي. من الوثائق يتبين أن أعضاء القيادة لم يطرحوا تقديرات استخبارية خاصة بهم.

مثل قسم الاستخبارات أيضا رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي اعتقد أن «حماس» خائفة جدا من إسرائيل، وفعليا يقف أمامهم عدو مشترك يهدد الاستقرار في القطاع: «الجهاد الإسلامي». «غزة، وبدرجة كبيرة، تعتمد على بهاء أبو العطا»، قال كوخافي في تشرين الأول 2019، وكان يقصد قائد اللواء الشمالي في «الجهاد الإسلامي». «(حماس) تريد كبح (الجهاد الإسلامي)، لكنها لا تستطيع». بعد شهر قامت إسرائيل باغتيال أبو العطا، ما استهل عملية الحزام الأسود، التي فيها فصل الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى بين التنظيمين البارزين في القطاع.

حتى بعد ذلك بارك كوخافي الردع الكبير الذي وضعناه أمام «حماس». «في غزة، نحن نهاجم مرتين في الأسبوع أهدافا لـ(حماس)، هجمات قاسية جدا وهم لا يردون»، قال في شباط 2020، ولم يكتف فقط بالردع الكبير في الجنوب. «لا يوجد سبب، بالتأكيد من جانب (حزب الله) أو (حماس)، لشن حرب مبادر إليها». قبل نهاية تلك السنة، في كانون الأول، ازدادت الثقة اكثر بالردع. «حماس»، كما قال كوخافي، شاهدت الضرر الذي تسبب به «الجهاد الإسلامي» في عملية «الحزام الأسود» واستوعبت ذلك. «يمكن القول وبشكل قاطع، إن أي عدو أمامنا يخاف من الدخول في حرب معنا»، قال. وماذا لو حدثت رغم ذلك حرب ضد كل الاحتمالات؟ عندها، قال كوخافي، الجدول الزمني واضح لكنه لن يتقادم. «مجرد استمرار الحرب، مثلا 50 يوما، هذا يعتبر انتصارا للعدو».

عملية «الحزام الأسود» بكل تفاصيلها وضمن ذلك حقيقة أن «حماس» لم تشارك في القتال، سرعت محاولة التسوية من قبل إسرائيل مع هذه المنظمة الإرهابية، بما في ذلك نقل حقائب الأموال. في الذاكرة القصيرة هذا سجل لدى الشخصيات الكبيرة باعتباره نجاحا باهرا.

«(حماس) ذهبت نحو التسوية والتهدئة وتم فتح فجوة بينها وبين (الجهاد الإسلامي)، التي خلقت التوتر بينهما»، قل هرتسي هليفي الذي كان يشغل في حينه قائد المنطقة الجنوبية، في تشرين الثاني 2019. «نحن لا نرى من يمكنه تولي السلطة في القطاع بدلا من (حماس). رغم أننا غير مسرورين من ذلك ومن أن أجندة (حماس) هي التي ما زالت نوعا من اقل الأضرار». وماذا بعد؟ عمليا، نحن لا نطلق النار على (حماس) وهي لا تطلق النار علينا، قال هليفي بابتسام. «يحتمل أن تكون هناك صلية من (حماس)، لكن من المرجح أن تكون هذه رمزية مع الغمز. نحن أيضا نعرف كيفية الغمز بشكل مؤلم».

«لقد أوقعنا ضربة شديدة بـ(الجهاد الإسلامي)، ونزعنا منه قدرته العسكرية»، قال بثقة الجنرال اليعيزر طوليدانو في تشرين الثاني 2019. وأضاف من كان في حينه قائد فرقة غزة، إنه «حسب رأيي نحن حققنا كل الأهداف بصورة كاملة وبسرعة. لقد هاجمنا عشرات أهداف البنى التحتية الإرهابية للجهاد، بما في ذلك البنى التحت أرضية له».

لكن طوليدانو لم يتفاخر فقط فيما يتعلق بما حدث في القطاع، هو أيضا عرف كيف يكثر من الحديث عن استعداد الجيش الإسرائيلي خارج القطاع. في تموز 2019 قدم تفصيلا لتخطيط المجال الجديد للفرقة: «إقامة بنى تحتية استعدادا للحرب، مواقع محصنة لإطلاق النار، خط دفاع للحرب، طرق مدنية في حالة الطوارئ من اجل الحفاظ على نسيج الحياة، استعداد حكيم أكثر، المزيد من التركيز والاستعداد العالي لقواتنا. هذه البنى التحتية تجعل الجيش الإسرائيلي يستعد في خط التماس بصورة خفية أمام (حماس)، القوات توجد على خط التماس، لكن ليس في مكان يمكن منه مشاهدتها». بالتالي، في 7 أكتوبر قوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة لم تتم مشاهدتها، ليس بالمنظار وليس في أي مكان آخر.

الخطاب الإيجابي تجاه «حماس» وصل أحيانا إلى درجة أن المس بقواتها كان مقرونا كما يبدو بالاعتذار. هكذا كان الأمر في آب 2020، أيام إطلاق البالونات الحارقة من القطاع نحو الحقول في إسرائيل، عندما شارك قائد سلاح الجو في حينه، الجنرال عميكام نوركن، في نقاش في مقر وزارة الدفاع. موضوع النقاش كان: سياسة الرد للجيش الإسرائيلي على أحداث أمنية قامت بها «حماس» ضد إسرائيل. «هدف واحد تمت مهاجمته وهو منشأة لإنتاج المنظومات الجوية من المسيرات التي دمرت عن طريق مسيرة»، قال الجنرال. «لم تكن هناك أي نية لقتل نشطاء (حماس)».

بعد عملية حارس الأسوار تفاخر نوركن بنشاطات الجيش الإسرائيلي في النقاش الذي طلب فيه منه التحدث عن إنجازات العملية. «في هذه المعركة قوة الهجوم كانت اكبر بكثير مقارنة بجولات سابقة»، قال. وخلافا لمرات سابقة حاول نوركن التوضيح فقال، «في (حارس الأسوار) ضرب الجيش الإسرائيلي أولا منظومة الإنتاج في بداية القتال. نحن نزعنا منهم القدرة على الإنتاج والتقدم». قائد سلاح الجو أضاف تقديرا يفيد بأن «حماس» ستحتاج على الأقل سنة من اجل استئناف التسلح. وأوضح، «نحن ننجح في إيصال (حماس) إلى المكان الصحيح».

في 21 أيار 2021، دخل إلى حيز التنفيذ وقف إطلاق النار الذي أنهى عملية حارس الأسوار. بعد يومين، زار رئيس الأركان كوخافي لواء العمليات في قسم الاستخبارات التابع لقيادة المنطقة الجنوبية وقال، «نحن يجب أن نبقى نقديين تجاه انفسنا، وأن نبقى متواضعين». لم تسمع أي انتقادات، والتواضع قفز إلى الطبقات العليا من وزارة الدفاع فقط في الساعة 6:29 صباحا في 7 أكتوبر.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى