ترجمات عبرية

هآرتس: من أجل احتياجاته السياسية، يبحث نتنياهو عن مواجهة مع الولايات المتحدة

هآرتس 15-11-2023، بقلم ألون بنكاس: من أجل احتياجاته السياسية، يبحث نتنياهو عن مواجهة مع الولايات المتحدة

الكثير من الإسرائيليين يتذكرون حاملة الطائرات “جيرالد فورد” وحاملة الطائرات “دوايت آيزنهاور” وزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. بنيامين نتنياهو هو الإسرائيلي الوحيد الذي نسي جميع الرؤساء الثلاثة بشكل متعمد. ولم يتذكر إلا رئيساً واحداً هو فرنكلين روزفلت، الذي “لم يطلب منه أحد تقديم استقالته بعد بيرل هاربر”.

في الحقيقة، هذه ذاكرة تاريخية مدهشة. حقيقة أن روزفلت لم يتهم أبراهام لنكولن بالحرب، كما يتهم نتنياهو أسلافه، ولم يغرد بأن رئيس الأركان مذنب، وأنه لم يتم تقديمه للمحاكمة في 7 كانون الأول 1941 استناداً إلى ثلاث لوائح اتهام، أو حقيقة أنه حارب ألمانيا أو اليابان وليس حماس، ولم يرسل عشية بيرل هاربر حقائب مليئة بالدولارات للأدميرال ياماموتو أو لياكوزا. هذه تفاصيل غير مهمة.

تشير الدلائل إلى أن نتنياهو يبحث عن مواجهة مع الولايات المتحدة لأسباب سياسية، حول غياب التوافق بين المصالح الأمريكية والمصالح الإسرائيلية. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الساعة الأمريكية والساعة الإسرائيلية التي كانت متزامنة في الأسبوع التالي لـ 7 تشرين الأول، يتم برمجتها الآن في مناطق مختلفة زمنياً. إن تماسك محور الزمن والمكان لمعركة طويلة في غزة، وغياب رؤية إسرائيلية معينة لليوم التالي، والتصعيد المحتمل في لبنان، والضغوط الكثيرة على الولايات المتحدة من الخارج والداخل، تودي بالدولتين إلى مفترق طرق لا تتقاطع فيه مصالحهما.

للوهلة الأولى، هذا التقدير يظهر غير معقول في ضوء دعم بايدن السياسي والعسكري والمعنوي غير المسبوق لإسرائيل. ولكن كما في مثال العقرب والضفدع، فإن العقرب هو نفس العقرب، ونتنياهو هو نفس نتنياهو. ليس عبثاً أنه يسمي الحرب بـ “حرب الاستقلال” ويعد بمعركة طويلة ويقارنها بالحرب العالمية الثانية، ويتحدث بصورة تثير الشفقة عن الخطر الوجودي المحدق بأوروبا.

كلما كان الحدث تاريخياً وملحمياً، تزداد أهميته في العالم الموازي له، كقائد عظيم في منتصف الحرب الدائرة بين الحضارات. لا يكفي اتهام رئيس الأركان تحت جنح الظلام ورئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس “الشاباك”. ثمة حاجة إلى اتهام شخص أكبر، منع نتنياهو من أن ينتصر نصراً حاسماً ويغير الواقع ويشكل بنية جيوسياسية جديدة، وهذا الشخص هو جو بايدن. وبترجيح عال، سيتم وقف هذه العملية على يد غانتس وآيزنكوت وغالانت، لكن نسبة عدم نفاد الصبر تجاه نتنياهو في واشنطن يرتفع. وهناك جهات في الإدارة الأمريكية والكونغرس تشكّ بأن سيناريو أحلامه هو جر الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران عقب التصعيد مع “حزب الله” في لبنان. وهذا -حسب رأيهم- سيحول الفشل والإخفاق الفظيع في نظر نتنياهو، الذي هو ليس بالطبع المسؤول عنه، إلى نوع من انتصار استراتيجي هو بالطبع من وضعه وخطط له.

ليس لدى الإدارة الأمريكية فكرة جيدة عن تفكير نتنياهو الاستراتيجي، بدءاً بتوصية دافئة قدمها لإدارة بوش في جلسة الاستماع في الكونغرس في 2002 لغزو العراق، ومروراً بخطاب في الكونغرس ضد الاتفاق النووي مع إيران “لأنه يوجد اتفاق أفضل” وتشجيع دونالد ترامب على الانسحاب منه بدون أي خطة بديلة، وجعل إيران تنتج وتراكم اليورانيوم المخصب بكمية غير مسبوقة، والعلاقات المدهشة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والإشارات الوقحة التي لا أساس لها بأن الصين هي “خيار” كحليف إذا لم يقم بايدن بدعوته لزيارة البيت الأبيض، وانتهاء بتقوية حماس من أجل إضعاف السلطة الفلسطينية… هذا سجل مثير للانطباع.

الإدارة الأمريكية ترى الآن بأن نتنياهو، بعد أن حصل -حسب رأيه- من بايدن على أكثر ما يمكنه، يبدأ بالتعبير عن معارضته لكل أفكار أمريكية. بعد شهر على 7 تشرين الأول وبضغط أمريكي، أطلق نتنياهو في التلفزيون الأمريكي ثلاث جمل منفصلة عن رؤيته لليوم التالي: الأولى، أن “لإسرائيل مسؤولية أمنية متزايدة في غزة بدون تقييد زمني”. احتلال؟ احتلال مؤقت؟ اقتحامات؟ ومن الذي سيسيطر على غزة؟

وفي الجملة الثانية، أضاف: “سننزع السلاح والتطرف من غزة، وسنتأكد من عدم وجود حماس أخرى بعد حماس هذه”، قال. هذه جملة تعود الأمريكيون على دحرجتها على ورقة داخل كعكة حظ في مطعم صيني. لا يعتبر هذا عرضاً سياسياً لحليف. أليس لديك ما تقوله؟ أما أردت التحدث بشكل علني؟ إذاً اشرح ذلك بشكل سري في محادثاتك اليومية مع بايدن أو مع وزير الخارجية بلينكن.

بعد ذلك، جاءت الجملة الثالثة والأكثر جوهرية من بينها: “لن توافق إسرائيل على سيطرة السلطة الفلسطينية في غزة. نحن نعرف أنهم غير قادرين”، قال. هذه مقاربة شرعية ما دامت مبررة، وإذا كانت تتضمن البديل. ولكن المبرر والبديل هما الأساس لسياسة نتنياهو الغريبة. هذه الجملة إشكالية أكثر لأسباب:

أولاً، تعتبر تحدياً مكشوفاً للولايات المتحدة التي طرحت السلطة الفلسطينية جزءاً من الحل. من الواضح للأمريكيين أن هذا الأمر غير فوري وغير عملي، لكن هذه هي الخطة. ما الذي سيفعله نتنياهو بحاملات الطائرات وزيارة بايدن والـ 14 مليار دولار بعد ذلك؟ هو يرفض هذا بالكامل، وفي التلفزيون. ثانياً، إبعاد السلطة الفلسطينية مسبقاً، ليس فقط خطوة سياسية يعارضها نتنياهو، فهذا معروف، بل لأنه يدرك أن حلم أمريكا يتصادم مع ائتلاف الضم الذي شكله بصورة متعمدة.

الاستبعاد أو الرفض هو تقويض للفهم الآخذ في التبلور بأن 7 تشرين الأول بات حدثاً تكتونياً خلف ائتلافين: “محور الرفض والإرهاب”، الذي يشمل إيران، وسوريا، و”حزب الله”، وحماس، والحوثيين في اليمن، وروسيا، وتركيا. ومقابله “محور الاستقرار” الذي يشمل الولايات المتحدة وإسرائيل ومعظم دول الناتو والسعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية. القليل الذي كان يجب على نتنياهو فعله هو الإعلان بأن “هناك أفكاراً قابلة أكثر للتنفيذ وأقل عملية”. وسنناقش كل ذلك. بدل ذلك، تطوع لتقديم تقدير استراتيجي آخر، لا يعزز إلا صورته في الولايات المتحدة كشخص جميع قراراته مشوبة باعتبارات سياسية وقضائية وشخصية، وهذا يشمل المواجهة المحتملة مع بايدن.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى