ترجمات عبرية

هآرتس: مصر والسلطة تستعدان منذ الان لاحتلال رفح

هآرتس 19/4/2024، تسفي برئيل: مصر والسلطة تستعدان منذ الان لاحتلال رفح

الهجوم الاسرائيلي ليلة أمس في ايران، بما يشبه عملية مستقبلية محتملة في رفح، جاء كالعادة خلال السير. لأنه خلافا للاتفاق القديم على ادارة السياسة، الذي فيه الحكومة تحدد مصالحها والتهديدات التي تواجهها، وبناء على ذلك تضع سياستها، التي منها يتم اشتقاق استراتيجية عملها اسرائيل تعرض منذ 7 اكتوبر نظرية جديدة، التي هي في مرحلة التجربة. النجاحات لم تسجل بعد، ولم يبق علينا إلا الانتظار.

إن احتلال قطاع غزة، “العملية البرية” الكبيرة التي نتج عنها 34 ألف قتيل فلسطيني، جاءت في فراغ سياسي واستراتيجي، بدون خطة لـ “اليوم التالي” وخطة خروج ومن خلال سلوك من اليد الى الفم. حيث الاحداث اليومية هي التي تحل مكان المربع الفارغ الذي عنوانه “استراتيجية”، وتملي المضمون. هكذا ايضا جاءت تصفية قائد قوة القدس في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي، التي لم تستند الى أي فهم ومعرفة رد ايران المتوقع، الذي اجبر اسرائيل على أن تعد وبسرعة رد على الرد الذي هو غير مشمول في استراتيجية تأخذ في الحسبان التداعيات الدولية والاقليمية، وبالاساس التداعيات على أمن اسرائيل نفسها.

يبدو أن هذه الاحداث غير مرتبطة ببعضها البعض. فاغتيال زاهدي هو جزء من الحوار العنيف والتكتيكي الذي تجريه اسرائيل مع ايران، الذي يهدف الى احباط نقل السلاح من ايران الى حزب الله عبر سوريا. واحتلال غزة هو رد مخيف على الهجوم المرعب الذي نفذته حماس عندما قامت باقتحام اراضي اسرائيل واختطاف مدنيين وقتل حوالي 1200 من بينهم في اليوم الاول. قنوات المواجهة هذه جرت بشكل متوازي بدون اي صلة بينها، الى أن حدث الانفجار الكوني الذي اذابها في رزمة مواجهة واحدة، التي اوجدت اسرائيل بدون خطة عمل.

يمكن أن يدل على العلاقة الوثيقة بين هذه القنوات التقرير الذي نشر أمس في صحيفة “العربي الجديد”، والذي مصدره المصري اثبت نفسه حتى الآن بموثوقية كبيرة. حسب المصدر المصري اسرائيل ابلغت القاهرة عن نية احتلالها لرفح، وحتى أنها بدأت في مهاجمة مناطق مفتوحة على طول محور فيلادلفيا، الذي فيه حسب الشكوك، توجد انفاق تربط بين شبه جزيرة سيناء وغزة. هذا المصدر قال إن الخطة تستند الى تقسيم رفح الى “اربعة اقسام مرقمة، احتلالها سيتم قسم تلو آخر”. هكذا، سكان كل قسم سيضطرون، عندما سيأتي دورهم، الى الهرب الى منطقة خانيونس والمواصي. مصر من ناحيتها سلمت كما يبدو باحتلال رفح، وهي تقوم بتسريع الاستعداد لاستيعاب الذين سيتم اخلاءهم من هناك من خلال وضع المزيد من مخيمات الخيام في خانيونس اضافة الى المخيمات التي اقيمت في السابق ويديرها الهلال الاحمر المصري، التي يمكن أن تستوعب حوالي 11 ألف لاجيء، وهذا عدد صغير نسبيا مقارنة مع عدد الذين يتوقع أن يهربوا.

المعلومة المهمة في التقرير هي المعلومة التي تقول إن الولايات المتحدة اعطت الضوء الاخضر لاحتلال رفح مقابل عملية اسرائيلية محدودة ضد ايران. يبدو أنه حسب خطة سيتم الاتفاق عليها بين واشنطن والقدس. هكذا، وجدت صيغية بديلة وهي المساومة بين الانتقام من ايران واحتلال رفح، لا تستند الى احتياجات استراتيجية حقيقية أو خطة مرتبة تتوقع انهاء الحرب، بل من خلال الحاجة الى احتواء وتحديد تداعيات عمليات غير مخطط لها.

السلطة تنتظر

الافتراض السائد هو أن احتلال المعقل الاخير لحماس سيكون فقط بعد الاعياد. ولكنهم في مصر لا يحتفلون بعيد الفصح، ورمضان وعيد الفطر اصبحا في الخلف. والقاهرة بدأت في الاستعداد لاحتلال رفح. موقع “رأي اليوم” نشر في هذا الاسبوع بأن مصر قامت بنشر القوات على طول محور فيلادلفيا على الجانب المصري للحدود وحددت منطقة “محايدة”، التي يمكن للمهجرين من غزة أن يصلوا اليها. حسب هذا التقرير فان هذه المنطقة سيتم اعدادها وستوضع فيها خدمات وعيادات ونقاط لتوزيع الغذاء.

مصر أكدت مع ذلك على أن “أي لاجيء لا يمكنه الدخول” الى اراضيها إلا من خلال المنطقة المحايدة. في موازاة ذلك، مؤخرا اجرى رئيس المخابرات المصرية محادثات مع رئيس المخابرات الفلسطينية حول ترتيبات ادارة “المنطقة المحايدة” ومعبر رفح في الطرف الفلسطيني. حسب معرفتنا، السلطة الفلسطينية التي عبرت في السابق عن الرغبة في ادارة معبر رفح، وتنظيم الحياة المدنية (في البداية في كل ما يتعلق بالمساعدات الانسانية وبعد ذلك ايضا في المجالات المدنية الاخرى)، هي ايضا بدأت في تنفيذ نشاطات على الارض.

قبل اسبوعين نشرت وزارة الداخلية في غزة، التابعة لحماس، بأن المخابرات الفلسطينية ارسلت الى غزة طاقم لمرافقة قوافل المساعدات وفحص امكانية اقامة قاعدة نشاطات للسلطة في مستشفى القدس في غزة. وحسب التقرير الذي نشر في قناة “الجزيرة” فان قوات حماس قامت باعتقال عشرة اشخاص من المخابرات الفلسطينية وحققت معهم حول خطة عملية السلطة، التي يتضح منها أن خطة ماجد فرج تتكون من ثلاث مراحل. في المرحلة الاولى سيتولى رجال السلطة الفلسطينية توزيع المساعدات الانسانية. وفي المرحلة الثانية سيتم تجنيد العائلات الكبيرة والمعروفة، وفي المرحلة الثالثة سيتولى رجال السلطة الامن الداخلي واعمال الشرطة.

السلطة الفلسطينية وقيادة حركة فتح نفت في الواقع هذا التقرير. حيث أنه يعني أن السلطة الفلسطينية لا تنتظر انتهاء الحرب أو العملية السياسية التي ستدفع قدما بحل الدولتين كي تبدأ في العمل في قطاع غزة. هذه التحفظات كانت حتى الآن الشرط الاساسي لاستعداد السلطة لتولي المسؤولية عن ادارة القطاع. ولكن أمس في مقابلة مع قناة “العربية” اوضح محمود العالول، نائب الرئيس محمود عباس في رئاسة فتح، بأن هناك نقاشات بين السلطة وبين عدد من الدول العربية مثل مصر والسعودية والامارات والاردن وقطر من اجل تنسيق النشاطات، التي ستمنع تهجير سكان غزة الى مصر.

العالول لم يذكر أي تفاصيل حول هذه النشاطات. ولكن من اقواله يتبين أن الامر يتعلق باعداد ظروف حياة معقولة في غزة لمنع حدوث الهرب الجماعي. “نحن شعب واحد، ومحظور علينا ابقاء سكان قطاع غزة في هذا الوضع. ومن اجل ذلك يجب علينا باستثمار كل الجهود لدعم وجود الناس (أي بقاءهم في قطاع غزة). لأنه لا تكفي فقط معارضة الهجرة، فانه يجب علينا منع وضع فيه يعيش السكان في ظروف اصعب من أن تحتمل، التي ستدفعهم الى الهجرة”، قال العالول.

هذه الاقوال، للوهلة الاولى، تؤكد على أن السلطة الفلسطينية وقيادة حركة فتح قررت كما يبدو تليين المواقف في قضية تحمل المسؤولية في غزة وعدم الانتظار الى حين انتهاء الحرب. حيث أن التهديد باحتلال رفح يحتاج الى عملية مستعجلة. العالول تحدث عن تنسيق مع دول عربية، لكن في هذه الاثناء من غير الواضح اذا كانت حكومة اسرائيل، لا سيما رئيس الحكومة نتنياهو، مستعدة لتحطيم سور المعارضة المحصن ضد نقل السيطرة المدنية في القطاع الى السلطة الفلسطينية. حتى الآن لم تسمع أي تصريحات واضحة حول هذا الامر، حتى من الوزيرين بني غانتس وغادي ايزنكوت، اللذين منذ كانون الاول اسمعا تصريحات متناقضة.

الهدف هو كسب الوقت

طريقة تحقيق الشرط الاساسي الثاني، الذي يطالب بعملية دولية للدفع قدما بالحل السياسي الذي يستند الى حل الدولتين، كان يمكن أن تمهد النقاشات أمس في مجلس الامن، التي تهدف الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وضمها بشكل كامل للامم المتحدة وليس كدولة مراقبة مثلما هي الحال الآن. مشروع القرار الذي حصل على موافقة 12 عضو من بين 15 عضو في مجلس الامن، تم صده من قبل الولايات المتحدة من خلال استخدام الفيتو.

يبدو أن الرئيس الامريكي، الذي بعث حياة جديدة في حل الدولتين ورفع مستوى التوقعات لمبادرة امريكية تدفع قدما بهذه العملية، وضعه في هذه الاثناء على النار الخلفية. ومثلما اوضحت في هذا الاسبوع السفيرة الامريكية في الامم المتحدة، لندا توماس غرينفيلد: “نحن لا نعتقد أن اتخاذ قرار في مجلس الامن سيوصلنا بالضرورة الى مكان نستطيع فيه رؤية حل الدولتين يتحرك الى الامام”.

توجد قضية اخرى تتعلق بالتمويل المطلوب من اجل تفعيل الاجهزة الفلسطينية. يمكن الافتراض أن دولة الامارات وربما السعودية، ستوافق على الاسهام في تمويل السلطة الفلسطينية، وحتى الآن لا يوجد أي تعهد خطي على ذلك. ولكن عندها يتوقع أن تطلب اسرائيل نقل هذه الاموال من خلالها وليس مباشرة الى السلطة، وهذا شرط مشكوك أن تكون هناك أي دولة مانحة، عربية أو غربية، ستوافق عليه. على هذه الاسئلة كان يجب أن تكون اجابات متفق عليها وعملياتية. وفي ظل غيابها وطبقا للتجربة الاستراتيجية الجديدة فان الميدان هو الذي سيملي الاجابات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى