ترجمات عبرية

هآرتس – مشروع  “قانون الفيس” ليس ديمقراطيا وليس ناجعا

هآرتس – بقلم  مردخاي كرمنتسر  – 29/12/2021

” القانون المقترح لا يميز بين الشبكات الاجتماعية ووسائل الاعلام الخاضعة للاخلاقيات الصحفية. واستخدام مفاهيم ضبابية مثل المس بأمن الجمهور وأمن الدولة يمكن أن يحول القضاة الى مراقبين “.

مشروع القانون لمنع التحريض في الشبكات الاجتماعية يمكن أن يعالج مشكلة حقيقية يجدر علاجها. ولكن في حين أن الهدف مرغوب فيه فان الطريقة التي تم اختيارها تعتبر  مبالغة جامحة وتتنكر بصورة فظة لشرط التوازن. هي خطيرة جدا على حرية التعبير، سواء على الصعيد الفوري أو على الصعيد المستقبلي، ونجاعتها مشكوك فيها. ومن المشكوك فيه أن يكونوا قد فحصوا كما يجب بدائل اخرى. 

حسب القانون المقترح فان قاضي المحكمة المركزية سيتحول، بناء على طلب النائب العام، الى نوع من المراقب الذي هو في الحقيقة لا يمنع مسبقا النشر، لكنه يأمر بحذف المضمون من موقع الانترنت. القانون المقترح لا يميز بشكل حيوي بين الشبكات الاجتماعية وبين مواقع وسائل الاعلام في البلاد وفي العالم، التي تخضع نفسها للاخلاقيات الصحفية والمسؤولية التحريرية. هذا القانون يمكن أن يسري بدون أي مبرر على الاخيرة مثلما يسري على الاولى. 

الشروط من اجل اصدار أمر كهذا هي شرطين. الاول، نشر المضمون في الموقع يشكل مخالفة جنائية. الثاني، في ظروف القضية تكون هناك احتمالية حقيقية بأن استمرار النشر سيضر بأمن الفرد وأمن الجمهور أو أمن الدولة. الشرط الاول هو شرط واسع جدا، وهو بحد ذاته يحول القانون الى قانون غير متناسب. ولو أن المخالفات الجنائية المقيدة لحرية التعبير لدينا هي مخالفات تناسب دولة ديمقراطية، مثل التحريض على العنف، فليكن ذلك، لكنها ليست كذلك. 

لقد ورثنا من الانتداب البريطاني، الذي لم يستخدم هنا نهج ديمقراطي، مخالفات جرائم قديمة مناقضة للديمقراطية مثل اهانة موظف عام وازدراء محكمة ومس بالمشاعر الدينية، وتفوقها جميعها جريمة التحريض على العصيان. يوجد في ذلك ما يمكن أن يثير الازدراء تجاه السلطات الحاكمة، ويثير استياء الجمهور. على هذه المخالفات اضاف المشرع الاسرائيلي محظورات جنائية اشكالية (من ناحية الصياغة) مثل الكشف عن سر رسمي والتشهير. 

خطر على حرية التعبير

على الرغم من الدعوات المتكررة للمحاكم والاكاديميين من اجل ملاءمة هذه المخالفات مع النهج الديمقراطي، إلا أنه لم يتم فعل أي شيء؛ الآن يريدون تحويلها الى منصة للاضرار الشديد بحرية التعبير. لن يكون من المبالغ فيه القول بأن استخدام كثيف لهذه المخالفات يمكن أن يقضي على حرية التعبير. صحيح أن النيابة تتعامل بشكل عام بضبط للنفس في استخدامها لهذه المحظورات، لكن هذا السلوك يسري على المجال الجنائي. وليس هناك تأكيد على أن هذا سيحدث في سياق ازالة المضمون، كما أن الاجراءات التي تم استخدامها أمس بخصوص تطبيق المحظورات ليس بالضرورة هي الاجراءات التي ستتبع في الغد.

ايضا في الشرط الثاني لا يوجد ما يدعو الى الهدوء. في حين أن المس بأمن الفرد هو أمر واضح ومحدد فان “امن الدولة” و”امن الجمهور” هي مصطلحات ضبابية جدا يمكن مدها الى درجة كبيرة. الحكم نص على أنه يمكن منع نشر مضمون يوجد فيه ما من شأنه أن يلحق ضرر كبير بمصلحة الجمهور فقط عندما تكون احتمالية الضرر شبه مؤكدة. القانون المقترح يدير ظهره لهذه الطلبات الهامة، وبهذا يظهر استخفاف بحرية التعبير. احيانا يحدث أن المس بمصلحة اجتماعية هامة، الذي يتم عن طريق النشر، تقابله قيمة اجتماعية متأصلة فيها مثل اسهامها في حرية التعبير السياسية أو الدينية أو الفنية. هذه الفكرة لا يوجد لها أي ذكر في القانون المقترح. 

اضافة الى ذلك، في حالة الادانة الجنائية فان المحكمة تكون مخولة باصدار أمر بازالة المضمون ايضا دون أن يتحقق الشرط الثاني على الاطلاق. اذا كانت ازالة المضمون هي موضوع وقائي فما الذي يبرر استخدامه اذا لم تتحقق الشروط التي تبرر المنع؟.

هذا السخاء الذي يتمثل بالاستعداد للمس بحرية التعبير يجب أن يكون مقلق. يبدو أن المواطن الاسرائيلي يخاف جدا على حرية تعبيره وعلى حرية من يفكرون مثله، لكنه لا يطبق هذا الخوف على حرية تعبير الآراء المعارضة والمناقضة. لم يتجذر لدينا الفهم الذي بحسبه الالتزام بحرية التعبير يتم اختباره بالتحديد بالنسبة للتعبيرات الضارة والمثيرة للغضب. بدون حرية تعبير كاملة لن تكون هناك ديمقراطية، حتى بالمعنى الاجرائي الضعيف لهذا المفهوم. وبدون حرية تعبير كهذه لن يكون هناك تطبيق ذاتي ولن يتحقق ازدهار ثقافي وتقدم. قانون مثل هذا القانون المقترح يساهم في تآكل قيمة حرية التعبير. 

في الواقع الذي فيه قضاة المحاكم المركزية يتصرفون كمراقبين فانه لن يكون بعيد ذلك اليوم الذي سيتم فيه اقتراح توسيع صلاحياتهم كي يمنعوا مسبقا نشر كهذا حتى في وسائل الاعلام الكلاسيكية وليس فقط في الانترنت. ولن يكون بعيد ذلك اليوم الذي سيقترح فيه تحويل أمر ازالة المضمون الى قاعدة يمكن عليها اسناد ادانة جنائية، بنفس المخالفة التي تم النص عليها في الامر الذي يلبيه المضمون الذي تمت ازالته. 

ايضا هنا يعبر من يقترحون القانون عن محبة مشرعي اسرائيل للاجراءات التي يمكن من خلالها الاستناد الى مادة سرية، التي لا يطلع عليها الطرف المتضرر من الامر، وايضا على بينات غير مقبولة. الترتيب ايضا لا يحرص على حضور الطرف الذي من شأنه أن يتضرر من الامر الموجود في هذا الاجراء. أي أن الحديث يدور عن اجراء بعيد عن النزاهة. وهو يشكل ايضا استخفاف بالاجراءات الجنائية، حيث أن القرار القضائي بأنه تم ارتكاب جريمة جنائية حل محل الادانة الجنائية، مع كل الضمانات الاجرائية التي يجب أن تكون موجودة في الاجراءات الجنائية. اذا كان يمكن تحديد جريمة في مثل هذا الاجراء المختصر فلماذا حتى يتم تطبيق الاجراءات الجنائية مع كل الضبابية التي تكتنفها؟. 

ملاحقة عبثية

مع ذلك، يجب التساؤل اذا كان هذا النهج الذي يرتكز الى استخدام قوة الدولة بواسطة اذرعها، هو فعال، واذا كان يمكنه تحقيق الهدف المطلوب. لأنه في نهاية المطاف والى حين يقرر المدعي التوجه الى المحكمة، والى حين عقد المحكمة لجلستها والتقرير فانه سيمر وقت طويل. ومن طبيعة الانترنت أن منشورات ضارة وغضة تنتشر بسرعة في جميع الارجاء مثل انتشار النار في الهشيم، عبر منصات الانترنت الاخرى وعبر وسائل الاعلام العادية. السؤال المطروح هو ألا يدور الحديث حقا عن ملاحقة عبثية، لأنها تأتي متأخرة جدا. هناك شك كبير فيما اذا تم فحص طرق بديلة بصورة جذرية، التي تمنح قوة للفرد الذي تضرر وتلقي بالمسؤولية على الشبكات الاجتماعية. لا يمكن الاعتماد على الشبكات كي تمنع بنفسها تحويل المنصات الى منطقة مفتوحة تنتهك فيها المحظورات المبررة والمتوازنة على جرائم التعبير الجسيمة والخطيرة. مع ذلك، يمكن الزامها بفعل ذلك بواسطة هيئات مهنية فاصلة، لا تشوبها المصالح الاقتصادية أو السياسية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى