ترجمات عبرية

هآرتس: مسافر يطا: حان الوقت لتقديم بادرة حسن نية

هآرتس 2022-09-23، بقلم: يهوديت كرب

في الجلسة التي عقدت في 12/7/1981 للجنة الاستيطان التي تضم الحكومة والهستدروت الصهيونية العالمية، كان على جدول أعمالها، ضمن مواضيع أخرى، إقامة المستوطنة اليهودية نطاف وموضوع مناطق التدريب. قررت اللجنة المصادقة على اقامة المستوطنة وإلغاء الإعلان عن منطقة تدريب هناك من أجل التمكين من إقامتها. قال الوزير اريئيل شارون في حينه، رئيس اللجنة، لمندوب رئيس الاركان: “نريد عرض مناطق تدريب اخرى في الحدود التي تقع على سفوح جبل الخليل وصحراء يهودا، ازاء الظاهرة التي شرحتها في السابق وهي تمدد عرب الجبل نحو الصحراء. توجد لنا بالتأكيد مصلحة في توسيع المناطق هناك، ويمكن أن تكون لنا هناك مناطق تدريب كثيرة. وتوجد لنا مصلحة في أن تكون في هذا المكان”. قررت اللجنة “إلقاء مهمة التحدث مع الجهات ذات العلاقة في هذا الامر في الجيش الإسرائيلي حسب الخطوط والنوايا التي وجدت تعبيرها اثناء النقاش في جلسة اللجنة، على عاتق مساعد وزير الزراعة لشؤون الاستيطان”.

في العام 1982 أعلنت الدولة عن منطقة التدريب 918 لغرض تدريب الجيش في منطقة مسافر يطا في جنوب جبل الخليل. ايضا بدون القفز عن الاحتياجات العسكرية لمناطق تدريب فانه إزاء تقارب الأوقات بين قرار اللجنة والاعلان يصعب تجاهل السياق المحتمل بين الاعلان وبين الهدف المعلن لمنع تمدد العرب على ظهر الجبل نحو الصحراء. في منطقة التدريبات توجد الآن ثماني قرى يعيش فيها نحو 1000 نسمة. هذا تجمع للرعاة الذين يعيشون في بيوت ثابتة وتوجد ضدها اوامر هدم، وهي بيوت مرتجلة، خيام ومُغر.

يدور منذ عشرات السنين خلاف قضائي على اعلان منطقة التدريب في اعقاب التماسات قدمها السكان للمحكمة العليا. خلال سنوات كانت هناك محاولة للجسر ولكنها لم تنجح. في كل هذه السنوات فإن السكان يعيشون في هذه المنطقة بفضل أوامر مؤقتة اصدرتها المحكمة. في 16/11/1999 قام الجيش بالقوة بإخلاء نحو 700 شخص وهدم بيوت وآبار مياه وصادر ممتلكات، بسبب “سكن غير قانوني في منطقة تدريب” . في 2/2/2016، في اعقاب فشل عملية الجسر تم هدم بيوت في قريتين كان يسكن فيها عشرات الاشخاص. في الوقت ذاته وافق وزير الدفاع في حينه في 2012 على استثناء اربع قرى من حدود منطقة التدريب، وسمح بوجود بيوت دائمة فيها.

في 4/5/2022 تم البت في القضية: رُفضت الالتماسات، وقيل إنه لا يوجد أي عيب في الاعلان عن منطقة التدريب. ونتيجة لذلك فانه يمكن قانونيا الاخلاء القسري للاشخاص الذين يعيشون هناك من بيوتهم ومن اراضيهم. مَن أنا كي أناقش صحة الاجراءات والقرارات القانونية التي توجد في قرار الحكم؟ لذلك تم تقديم طلب لعقد جلسة اخرى، وهي بانتظار قرار رئيس المحكمة العليا. لم آتِ للتحدث هنا في القانون، بل لطرح اسباب اخلاقية وضميرية وأن أصرخ مطالبا بالحياة. من خلف مبادئ القانون واحتياجات الدولة يعيش اشخاص ممن اصبحوا مكشوفين وكل مصيرهم كبشر محدد بحقيقة كونهم غزاة بصورة غير قانونية لمناطق تم الاعلان عنها بشكل قانوني مناطق تدريب. ولكن خلف عباءة الغزاة التي القاها غرباء عليهم يعيش ويتنفس رجال ونساء وشيوخ واطفال. اشخاص من لحم ودم، يعتاشون ويحتفلون ويقيمون الحداد ويتزوجون وينجبون، ويذهب اولادهم الى المدرسة. خلف سيادة القانون هم يختفون كبشر وكأنهم غير موجودين، وكأنهم تبخروا في مواجهة الاحتياجات الامنية العليا لدولة إسرائيل، وحياتهم اليومية مرتبطة بخوف دائم من المصيبة التي يمكن أن تنزل عليهم.

تحلّق فوق رؤوسهم مثل غيمة سوداء قوة الاعلان عن مناطق التدريب في المناطق المحتلة في توجه لمنع الاستيطان الفلسطيني، بغطاء أو بالاعتماد حقا على الاحتياجات الامنية. سواء أكان السكان عاشوا هناك في زمن الاعلان أم لا، فانه لا خلاف بأنهم الآن ومنذ عشرات السنين موجودون هنا مع الاولاد والشيوخ ويتحملون عبء كسب الرزق وثقافتهم وفقرهم وكرامتهم الانسانية. هم هنا، يخضعون لتدريبات بالنار الحية تطلق فوق رؤوسهم، ويخضعون لتدمير ممتلكاتهم في اعقاب تدريبات الجيش. اولادهم يتم احتجازهم من قبل الجيش بفضل القانون، وهم في الطريق الى المدرسة التي سيتم هدمها في القريب، المعلمون محظور عليهم الوصول بالسيارة الى المدرسة، وسيارات العاملين الاجتماعيين تتم مصادرها، كل ذلك باسم الحاجة الى التمكين من اجراء التدريبات بالنيران في المنطقة التي اختاروا العيش فيها.

الآن ايضا، خاصة عندما يتبين أن الدولة على حق قانونيا، وبالنظر الى عشرات السنين من الإقامة في أراضي مجمع الرعاة فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ألم يحن الوقت للاشفاق على اطفال الروضة واولاد المدرسة وعلى الكبار ايضاً، والسماح لهم باستبدال عباءة الغزاة بعباءة الرعاة التي تليق بهم؟ مثلما قررت الدولة في 1981، أن تخرج من منطقة النيران أراضي المستوطنة نطاف من اجل السماح بالعيش فيها، ومثلما وافقت الدولة قبل عقد على استثناء اربع قرى من سريان أمر منطقة التدريب 918 والسماح للسكان بالسكن فيها، ولم يتضرر أمن الدولة بسبب ذلك، ألا يمكن الآن أيضا، كبادرة حسن نية إنسانية، السماح للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة بمواصلة العيش فيها بهدوء واستثنائهم من سريان منطقة التدريب، كبادرة حسن نية لأشخاص أقوياء؟ وكما قال الشاعر يهودا عميحاي: “ألا نعطيهم نحن أيضا آخر ما لدينا من أموال النعمة من اجل أن تحمينا سعادتهم الآن وفي الآخرة”.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى