ترجمات عبرية

هآرتس: مخاطر إقحام الشاباك في مكافحة الجريمة في الوسط العربي

هآرتس 2023-06-12، بقلم: عاموس هرئيل: مخاطر إقحام الشاباك في مكافحة الجريمة في الوسط العربي

عندما تردد رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينيت، بخصوص تعيين رئيس “الشاباك” القادم قبل سنتين تقريباً، كانت هناك مجالات سعى فيها إلى التغيير مقارنة بمواقف رئيس الجهاز السابق، نداف أرغمان. أراد بينيت السماح بدخول العمال من القطاع إلى إسرائيل، ما عارضه الجهاز لفترة طويلة. وقد أراد أيضاً زيادة تدخل “الشاباك” في علاج الجريمة العنيفة في الوسط العربي في إسرائيل، مع التأكيد على مكافحة الاتجار بالسلاح.
أيضا في هذه النقطة لم يكن أرغمان متحمساً لتغيير سياسته. وافق رئيس الجهاز، الذي قام بينيت بتعيينه بدلاً منه، رونين بار، على الانحراف عن مواقف سلفه في المجالين.


الآن حيث تنتشر الجريمة في القرى العربية وتحقق أرقاماً قياسية – نحو 100 قتيل منذ بداية السنة، تقريباً ثلاثة أضعاف العدد في السنة الماضية، التي كانت صاخبة أيضاً – فإن رئيس الحكومة الحالية، بنيامين نتنياهو، يضع طلباً جديداً أمام “الشاباك”.


بعد قتل خمسة أشخاص من سكان “يفيع” في الجليل، الخميس الماضي، نشر نتنياهو رداً نادراً على الدماء التي أغرقت الشوارع في القرى العربية. وتعهد بأنه “مصمم على إدخال ‘الشاباك'” لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي.

عملياً، “الشاباك” مشارك، حتى لو لم يكن بالحجم الذي يريدونه في الحكومة. وهذا يحدث رغم التخوف من المس بالعلاقات مع الجمهور العربي على خلفية الندب التي بقيت من فترة الحكم العسكري، ورغم خطر اختراق خصوصية المواطنين في إسرائيل. يكمن هنا خطر لمنحدر زلق، إضرار بالتدريج بحقوق المواطن بذريعة الحاجة إلى تنفيذ القانون والنظام.

مع ذلك، جاءت العبرة من إدماج “الشاباك” في التحقيقات بشكل كبير، في الوسط العربي، من داخل الجمهور العربي نفسه. هناك سياسيون على المستوى المحلي يطالبون بذلك بشكل واضح من خلال الشعور بأنه إزاء خطورة الوضع فإنه لم يبقَ أمام الدولة أي وسائل أخرى.

تدخل “الشاباك” تم توسيعه عند تسلم بار للمنصب في تشرين الأول 2021، في أعقاب عملية “حارس الأسوار”، التي حدثت في أيار من السنة ذاتها. أثناء العملية في القطاع حدثت أعمال فوضى شديدة في القرى العربية في إسرائيل، واحتكاك عنيف بين العرب واليهود في المدن المختلطة.

دخل “الشاباك” إلى التحقيقات على خلفية التحقيق في جريمة قومية متطرفة، لكن عملياً عدد من المتورطين في أعمال العنف كانوا جنائيين، وجدوا الفرصة في الصراع القومي.

بعد ذلك شارك “الشاباك” في التحقيقات التي تم فيها المس برموز النظام في الدولة: سرقة السلاح والذخيرة من قواعد الجيش، وإطلاق النار على مفتش عربي في الشرطة، وتفجير عبوة ناسفة في مبنى وزارة الصحة في الناصرة. في كل هذه الحالات فإن تدخل “الشاباك” أدى إلى حل لغز هذه القضايا (العبوة وضعتها عائلة من عائلات الجريمة التي غضبت من إغلاق ملحمة تمتلكها).

إضافة إلى ذلك في الحالات التي من الصعب فيها الفصل بشكل مؤكد بين الخلفية الجنائية والخلفية القومية فقد دخل “الشاباك” إلى التحقيق في مرحلة مبكرة، ولم ينتظر التوصل إلى استنتاج قاطع بأن الأمر يتعلق بعملية “إرهابية”.

توجد لـ “الشاباك” ثلاث أفضليات رئيسة على الشرطة في التحقيقات: استخدام وسائل تكنولوجية متقدمة على الأغلب لا تمتلكها الشرطة، والخبرة والوسائل التي يستخدمها المحققون في بعض الحالات، وحقيقة أنه في المحاكمات داخل المحاكم العسكرية يمكن إجراء نقاشات في غرف مغلقة، وبهذا يتم تجنب تسريب أي تفاصيل عن الأساليب التي استخدمها الجهاز. كل هذه الأمور يمكن فعلها في “المناطق” برعاية الحكم العسكري هناك، لكن هذه أمور معقدة أكثر من حيث التنفيذ داخل حدود إسرائيل الديمقراطية، داخل الخط الأخضر.

هناك عدة أسباب لـ “الشاباك” للتحفظ على التجند الواسع لصالح مكافحة الجريمة الخطيرة في الوسط العربي: الخوف من أن رجاله تنقصهم الخبرة المهنية في هذا المجال (مكافحة “حماس” لا تشبه متابعة عصابات الجريمة)، والخوف من تحويل موارد على حساب مكافحة “الإرهاب”، والخوف من أن معلومات عن الوسائل وأساليب الجهاز التي يستخدمها ستتسرب أيضاً إلى المنظمات “الإرهابية” بسبب النقاشات التي سيتم إجراؤها في الجلسات المفتوحة.

باختصار، تنبع الرغبة الشديدة في الاعتماد على “الشاباك” من ضعف الشرطة المتواصل، وهي جسم مصاب باللكمات وينقصها الرجال والموارد وقيادة مقنعة في أجنحة القيادة وفي الألوية وفي الوحدات. ولكن اللوم الرئيس ملقى على الحكومة.

وهذا الأمر يزداد سوءاً في ظل الحكومة الحالية. في فترة حكومة بينيت – لابيد كان يمكن مشاهدة نتائج أولية على الأقل من خلال جهود وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، ونائبه يوآف سيغلوفيتش، الذي طُلب منه التعامل مع الجريمة العربية.

عندما شكل نتنياهو حكومته عرف أن هذه مشكلة مشتعلة، لأن جميع الدلائل على ذلك تراكمت في السنة الماضية. مع ذلك، لدوافعه، وضع في قيادة الشرطة مهرج الأمن القومي، إيتمار بن غفير. ليس فقط أنه لا توجد أي فكرة لدى بن غفير عن كيفية التعامل مع هذه المشكلة، بل هو أيضاً بصعوبة ينجح في التعبير عن الصدمة من الوضع، ويضر بالأساس بالسكان الذين حرض ضدهم لسنوات. إحدى الصعوبات في التعامل مع الأزمة الحالية هي القطيعة المطلقة بين وزارة الأمن القومي وبين الجمهور العربي.

تحدث نتنياهو وبن غفير في الحملات الانتخابية لهما عن إعادة النظام. ولكن عملياً، في ظل الحكومة الحالية، فإن أجزاء كبيرة من الدولة أصبحت جيوباً دون قانون يتم حكمها بقوة الذراع من قبل المجرمين. لا يختلف هذا كثيراً عن الوضع داخل حدود السلطة الفلسطينية التي تدار فيها مدن شمال الضفة الغربية فعلياً على يد العصابات المسلحة. وحتى الآن، مقابل كل تصريح لرئيس الحكومة أو للوزراء حول الجريمة داخل الخط الأخضر، تسمع عشرة تصريحات عن “الإرهاب” في “المناطق”. هذا غير مفاجئ. فأولاً هناك الضحايا هم من اليهود. ثانيا، في الضفة يمكن إلقاء المسؤولية على حكومة أخرى وهي حكومة السلطة الفلسطينية.

أعمال القتل في الوسط العربي تجد الآن الاهتمام الكبير نسبياً في وسائل الإعلام بسبب قوة الظاهرة ودرجة تواترها. ولكن في نهاية المطاف فإنه من المرجح أن الصحف الإسرائيلية ستتعود أيضاً على الأعداد الجديدة، المدهشة، لضحايا عمليات القتل، وستفقد اهتمامها بها طالما أن القتلى ليسوا يهوداً.

هذه الظروف ستجعل المزيد من المواطنين العرب العاديين يحصلون على السلاح من أجل الدفاع عن أنفسهم، وربما محاولة إنشاء تنظيمات حماية محلية.

يمكن فقط أن يزيد هذا الوضع حجم عمليات إطلاق النار في القرى العربية، وأن يخلق هناك الفوضى المتواصلة، إلى درجة الانتفاضة المصغرة.

في هذه الأثناء، رغم إظهار الصدمة من الأحداث الأخيرة إلا أن الحكومة لا يبدو أنها على استعداد لعلاج ذلك، وبالتأكيد طالما يواصل وزير الأمن الوطني الحالي تولي منصبه.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى