ترجمات عبرية

هآرتس – ما سر زيارة الملك الأردني لرام الله؟

هآرتس ٢٧-٣-٢٠٢٢م  – بقلم عاموس هرئيل

هناك خيط يربط بين القمم الثلاث التي عقدت وستعقد خلال ثلاثة أسابيع في الشرق الأوسط: مؤتمر وزراء الخارجية الذي سيتم عقده اليوم في النقب، ومؤتمر الزعماء في شرم الشيخ الذي عقد في الأسبوع الماضي، وقبل فترة قصيرة من ذلك زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات. لقاءات كثيرة للزعماء بشكل علني وبارز تعكس تشويشاً إقليمياً متزايداً إزاء سلسلة أحداث: غزو روسيا لأوكرانيا، والاتفاق النووي الآخذ في التبلور بين إيران والدول العظمى، وما يظهر كأنه استمرار لتراجع اهتمام الولايات المتحدة بما يحدث في الشرق الأوسط.

 الإدارة الأمريكية تركز الآن على تنسيق الخطوات الدولية لمعاقبة روسيا وإيقاف الرئيس فلاديمير بوتين في قصف مدن أوكرانيا القريبة من الحدود. في الخلفية بقيت المعركة على النفوذ مع من تعتبره واشنطن العدو رقم واحد، وهو الصين. في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون على الصين وروسيا، فقد بقي للقيادة والمستويات المهنية وقت قليل للانشغال بشكل عميق بإيران والشرق الأوسط. الإدارة الأمريكية تريد تحقيق هدفها الأصلي وهو العودة السريعة إلى الاتفاق النووي مع إيران الموقع في 2015 وانسحبت منه إدارة ترامب بعد نحو ثلاث سنوات.

 الرئيس الأمريكي يريد إزاحة هذه القضية عن جدول الأعمال. وقد أصبح أقل إصغاء للتحفظات ولقلق حلفاء الولايات المتحدة، على رأسهم السعودية وإسرائيل والإمارات. وفي وقت تحتدم فيه المواجهة السياسية مع روسيا تزامناً مع رفع العقوبات عن إيران، ترتفع أسعار النفط بشكل كبير، وعاد انشغال الغرب بتزويد النفط من الخليج.

 ثمة سياسة خارجية عالية المنشطات تديرها الإمارات اليوم. قبل أسبوع تمت دعوة الطاغية الأسد لزيارة رسمية في دبي، بعد أن سعى الخليج لإسقاطه من الحكم أثناء الحرب الأهلية، حيث قتل نظامه مئات آلاف من أبناء شعبه. الخليج قاطع الأسد مدة عقد تقريباً، أما الآن فخطوط الفصل القديمة بين إيران ومؤيديها وبين المعسكر السني المحافظ أصبحت أقل وضوحاً. بعد بضعة أيام على زيارة استثنائية للأسد، شارك ولي عهد الإمارات محمد بن زايد في لقاء القمة في شرم الشيخ مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومع رئيس الحكومة نفتالي بينيت.

 الآن، كما نشرت قناة “كان”، سيتم عقد مؤتمر وزراء الخارجية في “سديه بوكر” بمبادرة من وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد، وسيشارك في هذا المؤتمر وزراء الخارجية الأمريكي والمصري والمغربي والإماراتي والبحريني. تم نسج خطوات دبي على مدى بضعة أيام، لكن يمكن رؤية هذا المؤتمر أيضاً كنوع من محاولة أمريكية للإجابة على التخوفات والقلق الذي يتم بثه من معظم العواصم في المنطقة بخصوص عدم وضوح مسألة توجه واشنطن. لبيد، الذي يحافظ طوال أيام الحكومة الحالية على عدم الظهور السياسي مقارنة مع بينيت، هو الآن صاحب الحل والعقد في القمة الحالية.

يحاول الأمريكيون الآن تعزيز العلاقات مع الأصدقاء، لكن باستثناء ذلك لم يتم تحديد أي هدف واضح للقمة. في صفحات الرسائل للصحف يتم التأكيد طوال الوقت على الحاجة إلى إظهار جبهة موحدة ضد إيران. عملياً، الجبهة بعيدة عن أن تكون موحدة. الأمريكيون مصممون كما يبدو على التوقيع على الاتفاق، وهناك فجوة كبيرة بين ما إسرائيل مستعدة لفعله لتقييد النشاطات الإيرانية في أرجاء المنطقة (في أبعد الحالات وقف تقدم جديد للمشروع النووي) وبين ما الإمارات مستعدة له، أو السعودية التي لا تشارك في القمة اليوم، ولم تخرق الطابو للقاء علني مع سياسيين إسرائيليين.

 مؤتمر “سديه بوكر” سيسمح بكثير من زوايا التصوير والخطابات الموصى بها، وسيوفر أجواء جيدة، وسيكون استمراراً للعملية المحسوبة للحكومة الحالية من أجل تقويض ادعاءات نتنياهو بأنه “مستوى مختلف”. وها هما بينيت ولبيد يمكنهما ذلك الآن أيضاً. ولكن في الخلفية ستبقى المشكلات على حالها. وثمة تذكير أعطي في نهاية الأسبوع أيضاً عندما ألحق الحوثيون في اليمن أضراراً شديدة من خلال مهاجمة منشآت “أرامكو” في السعودية.

 وثمة نقطة أخرى من الجدير الانتباه إليها، وهي ميل الأردن إلى عدم المشاركة في اللقاء. خلفية ذلك كما يبدو داخلية أكثر مما هي خارجية. في الأسبوع الماضي، تم النشر عن موجة اعتقالات قامت بها أجهزة المخابرات الأردنية في أوساط النشطاء الإسلاميين. يخشى البلاط الملكي من عدم الاستقرار في الفترة القادمة، الذي قد يصل إلى الذروة في شهر رمضان.

 الملك عبد الله، الذي يخطط لزيارة مبنى المقاطعة في رام الله غداً، لدعم الصديق القديم رئيس السلطة محمود عباس، بل وسيطلب منه الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية وشرقي القدس قدر الإمكان في شهر رمضان. تخشى عمان من انزلاق العنف والحماسة الدينية لدى الفلسطينيين في “المناطق” [الضفة الغربية] إلى شرق نهر الأردن.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى