ترجمات عبرية

هآرتس: ماذا وراء عودة التنظيمات الفلسطينية لتبنّي العمليات؟

هآرتس 2023-07-12، بقلم: جاكي خوريماذا وراء عودة التنظيمات الفلسطينية لتبنّي العمليات؟

في ظل العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين والتصعيد العام في الضفة الغربية يحاولون في الساحة الفلسطينية فهم هل تتجه الفصائل الفلسطينية نحو التصعيد في العمليات والمقاومة ضد العدوان الإسرائيلي؟

الإعلانان اللذان نشرتهما «حماس» والجبهة الشعبية، الأسبوع الماضي، بفارق يوم، وفيهما تحملت المنظمتان المسؤولية عن عمليات إطلاق النار في الفترة الأخيرة، يمكن أن يدلا على الانتقال من النشاطات الشعبية بالأساس، والتي تعتمد على نشاطات أفراد، إلى نضال تنظيمي ممأسس.

مع ذلك هناك تفسيرات تقول إن إعلان المنظمتين والرسائل التي تسمعها السلطة الفلسطينية تتلخص في محاولات إعلامية لتهدئة الغضب في الضفة.

المتحدث بلسان الذراع العسكرية لـ»حماس»، أبو عبيدة، قال، الخميس الماضي، من مقره في القطاع إن منظمته تتحمل المسؤولية عن تنفيذ ثلاث عمليات، في تل أبيب وقرب مستوطنة كدوميم، ومستوطنة عيلي.

وحسب قوله فإن أعضاء في الذراع العسكرية لكتائب عز الدين القسام هم الذين نفذوا هذه العمليات. «عندما قالت كتائب القسام إن جنين ليست وحدها فإنهم كانوا يعرفون ما الذي يقولونه. هذه العمليات هي رد سريع على عدوان الاحتلال، وهي توضح بأن كتائب القسام دائماً متأهبة»، قال أبو عبيدة.

في اليوم التالي أعلنت الذراع العسكرية للجبهة الشعبية، كتائب أبو علي مصطفى، إن الفلسطينيين اللذين قتلا أثناء تبادل إطلاق النار مع قوات الأمن في نابلس محسوبان على هذه الكتائب، وهما اللذان نفذا قبل يوم إطلاق النار في جبل جرزيم في نابلس.

هذه الإعلانات من قبل الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية تختلف بشكل واضح عن المألوف. فـ»حماس» والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية أيضاً، اعتادوا على الرد على العمليات بشكل فوري والتعبير عن الدعم، لكنهم تجنبوا تحمل المسؤولية المباشرة عنها. وهكذا فإن معظم العمليات في السنوات الأخيرة تم تنفيذها على يد أشخاص أفراد، حتى لو حصلوا على التأييد من التنظيمات.

حسب أقوال ناشط ميداني مخضرم من مخيم جنين، تحدث مع «هآرتس»، فإن العملية في جنين، الأسبوع الماضي، أدت إلى ازدياد الضغط الجماهيري على السلطة الفلسطينية وعلى أجهزتها وأيضاً على منظمات المقاومة الفلسطينية، لا سيما «حماس» و»الجهاد الإسلامي» والجبهة الشعبية.

وحسب أقواله فإن سكان الضفة محبطون إزاء عدم قدرة السلطة الفلسطينية على تقديم رد لهم أمام عدوان إسرائيل. وهم يوجهون الانتقاد للتنظيمات بأنها تكتفي بإدانة نشاطات إسرائيل.

ربما أن هذه الروح الجماهيرية هي التي جعلت نائب رئيس المكتب السياسي لـ»حماس»، صالح العاروري، في المقابلات التي أجراها، الأسبوع الماضي، يطالب بإشعال الضفة ومحاربة الاحتلال بكل الوسائل.

هناك في الضفة من يربطون أقوال العاروري ببيان أبو عبيدة بشأن تحمل المسؤولية من قبل «حماس» عن العمليات، وهم يريدون رؤية ذلك دليلاً على أن المنظمة لا تكتفي بتصريحات الدعم والإدانة، بل أيضاً تبادر وتعمل على الأرض. ولكن من غير الواضح إذا كان يوجد لـ»حماس» وتنظيمات المقاومة الأخرى القدرة التنظيمية واللوجستية على تشغيل خلايا «إرهابية» في أرجاء الضفة.

مصدر رفيع سابق في أجهزة الأمن الفلسطينية قال للصحيفة إنه يوجد للتنظيمات نشطاء في الميدان، لكن حتى الآن يدور الحديث عن تنظيمات محلية وسائلها محدودة جداً. لذلك، حسب قوله فإنه من المشكوك فيه إذا كان بيان تحمل المسؤولية يعكس التصعيد في نشاطات التنظيمات، تصعيد سيحصل على التعبير اللوجستي والمالي أم أن الأمر يتعلق بخطوة إعلامية في الأساس.

حسب مصدر سياسي في «حماس» فإن البيانات والرسائل التي سمعت، الأسبوع الماضي، تعكس خطوة طبيعية، وهي خطوة مطلوبة، من أجل الانتقال من المقاومة الشعبية التي ترتكز على نشاطات أفراد إلى عملية تنظيم ممأسسة. وحسب قوله فإن عملية مأسسة المقاومة تبدأ على الأغلب من خلال تبني النضال الشعبي من قبل الفصائل وتطويره، وهذا هو توجه «حماس» الحالي.

يتم طرح سؤال هل نشاطات المنظمة ستنجح في تحدي السلطة الفلسطينية وصنع مقاومة شديدة ضد إسرائيل. في كل الحالات نشاطات قوات الأمن في جنين وفي نابلس تعكس ميل التنظيمات إلى نشاطات المقاومة، التي يتوقع أن تتوسع طالما أنه لا تلوح أي عملية سياسية في الأفق.

يعطي الضغط في الضفة إشارات أيضاً في أوساط «فتح»، حيث إن نشطاء من الحركة، بعضهم مسلحون، يعملون في جنين.

في الواقع الوضع في المنظمة وفي السلطة الفلسطينية بعيد عن الوضع الذي كان في الانتفاضة الثانية. ففي حينه أيد النضال رئيس السلطة، ياسر عرفات، وحركة فتح بقيادة مروان البرغوثي. الآن السلطة والتنظيم مكبلان بين فرض النظام في الضفة ومنع الفوضى على الأرض وبين الاستجابة للأجواء الجماهيرية المؤيدة للنضال.

في محاولة لإعطاء رد على هذه الأجواء السائدة في الشارع الفلسطيني قامت جهات رفيعة في «فتح» بزيارة جنين مرتين في الأسبوع الماضي وأشارت إلى الحاجة للوحدة الوطنية الفلسطينية.

في السلطة الفلسطينية وفي حركة فتح يلاحظون أهمية جنين، لذلك فإن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يفحص زيارة المدينة والمخيم.

أيضاً يجب أن نقرأ رد الحكومة الفلسطينية على بيان الكابينت السياسي الأمني حول تقديم تسهيلات للسلطة ولكن بشروط، على خلفية الإحباط المتزايد في جنين وفي كل الضفة الغربية.

في بداية جلسة الحكومة في رام الله قال رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، إن السلطة ترفض تجميد خطواتها ضد إسرائيل في الساحة الدولية، وإنها لن توقف دفع المخصصات لعائلات السجناء الأمنيين، هذان شرطان من الشروط التي وضعها الكابينت.

«المطلوب هو وقف العدوان على الشعب الفلسطيني، ووقف القتل ومشروع الاستيطان، وسرقة أموال الضرائب. يجب العودة إلى مسار إنهاء الاحتلال حسب قرارات المجتمع الدولي»، قال اشتية.

مصدر فلسطيني رفيع تحدث مع الصحيفة وصف هو أيضاً الشروط التي وضعتها إسرائيل من أجل إعطاء التسهيلات بأنها شروط مهينة، وعبر عن الخشية من أن الخضوع لهذه الشروط سيؤدي إلى انهيار السلطة. «إذا وافقت السلطة على وقف الإجراءات أمام المحكمة الدولية أو أي جهة دولية أخرى، أو إذا توقفت عن دفع المخصصات، فهي ستفقد ما تبقى من شرعيتها»، قال المصدر وأضاف: «لا يمكن الموافقة على مثل هذه الإملاءات. فبعد قليل سيطلبون رفع علم إسرائيل فوق المقاطعة وليس علم فلسطين».

إلى جانب السلطة الفلسطينية والفصائل التي تعمل على الأرض، يجب عدم التجاهل بأنه تتشكل في الضفة قوة اقتصادية مهمة على شكل رجال أعمال وتجار يريدون تجنب التصعيد الأمني.

أيضاً خروج العمال من الضفة ومن قطاع غزة للعمل في إسرائيل هو عامل توازن أمام القوى التي تريد تصعيد المقاومة. ولكن عندما تشتعل الأرض فمن المشكوك فيه إذا كان بإمكان المصالح الاقتصادية هذه أن توقف التدهور.

كثير من سكان الضفة بالنسبة لهم تحسن الاقتصاد وتحسين ظروف الحياة غير كافٍ.

في حين أن حقوقهم الوطنية يتم سحقها وأراضيهم تتم سرقتها لصالح مشروع الاستيطان.

في هذا السياق يجب الذكر بأن الانتفاضتين، سواء الانتفاضة الأولى أو الثانية، اندلعتا للنضال على حق تقرير المصير وليس احتجاجاً على الفقر في الشارع الفلسطيني.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى