ترجمات عبرية

هآرتس – كيف تخاصمت العائلة المالكة السعودية مع نفسها؟

هآرتس – مقال – 19/4/2019

بقلم: أسرة التحرير

تخيلوا عائلة فيها 43 أخ، يوجد لهم عشرات الاولاد ومئات الاحفاد، كل واحد منهم على ثقة بأنه يستحق أن يكون الملك. الآن يمكن التوقف عن الخيال – هذا بالضبط هو الوضع في العائلة المالكة السعودية. الطريقة السعودية التقليدية تنص على أن الارث ينتقل بين الاخوة، أي بين أبناء مؤسس المملكة، عبد العزيز بن سعود. هذه خدمت جيدا هدفها، لكن تم تغييرها في 2007. في حينه شكل الملك عبد الله “مجلس الوصاية”، نوع من المنتدى العائلي الذي بيديه سلطة انتخاب ولي العهد وتعيين الملك. عبد الله، مع ذلك، لم ينفذ قراره واختار بنفسه وليين للعهد له – شقيقه الامير سلطان والامير نايف – اللذان توفيا بسبب المرض والشيخوخة قبل حصولهما على فرصة الوقوف على رأس العائلة المالكة.

قرار عبد الله تغيير طريقة الوراثة، وبعد ذلك قراره تعيين الامير مقرن في منصب نائب رئيس الحكومة، بصورة تقليدية هي خشبة القفز لمنصب الملك، اغضبت أبناء الفرع السديري في العائلة المالكة. هؤلاء هم ابناء الاميرة حصة بنت احمد السديري، احدى النساء البارزات للمؤسس إبن سعود.  هؤلاء الامراء شعروا أن الملك عبد الله يحاول ابعادهم عن الحكم وتقوية اقسام اخرى في العائلة المالكة. كلما مر الوقت والملك العجوز اقترب من نهايته، ازدادت قوة النار التي تلتهب تحت الارض.

عبد الله توفي في كانون الثاني 2015 ، وسلمان الذي ينتمي للامراء السديريين، توج ملكا استنادا الى عمره. معسكره سارع للعمل ضد باقي اجزاء العائلة: حتى قبل أن يتم تبريد جثة عبد الله، قام سلمان باقالة ابناء الملك الميت من وظائفهم كحكام لمكة والرياض. بعد ذلك تمت اقالة شخصيات كبيرة اخرى من بلاط الملك الميت، وولي العهد الامير مقرن فقد مكانته في دور الولاية. من جاء بعده في الدور حسب الطريقة القديمة هو الامير احمد، الذي ذهب الى المنفى الاختياري في لندن. بعد سنتين من الهزات في المملكة منذ موت عبد الله وحتى بداية العام 2017، تولى بصورة استثنائية محمد بن سلمان وظيفة ولي العهد.

الملك سلمان وابنه محمد ظهرا في مسار آمن لطرد خصومهما من مواقع القوة، على الاقل حتى انفجار قضية الخاشقجي. عدد من ابناء العائلة المالكة اشتموا فرصة للتخلص من حكم سلمان واعادة إبنه الى حجمه المناسب، حسب رأيهم. تحت اسم “كتلة المتحالفين من اجل سلطة سوية” نشروا اعلان تأييد للامير احمد، شقيق الملك، ودعوا الى وضعه على رأس الحكم الى أن يقرر الشعب في السعودية بخصوص مستقبله. هذا كان العرض العلني الاول لمعارضة داخل العائلة المالكة، التي خافت من أن سلوك ابن سلمان سيدفع السعودية الى مصادمة غير عادية مع دول الغرب. اذا حقا زادت الاصوات في العائلة التي تدعو الى استبدال ابن سلمان، فمن شأن العائلة أن تجد نفسها في خلاطة باطون سيقوم ولي العهد بتشغيلها. إبن سلمان سبق واثبت قدرته على تكسير الادوات في الصراع مع الخصوص عندما قام باعتقال عشرات الأمراء ورجال الاعمال وابتز الاموال منهم مقابل اطلاق سراحهم.

حسب ما هو معروف، فان قيادة الجيش والمخابرات التي قام ابن سلمان بتعيينهم في السنة الماضية، يقفون الى جانبه، وهو يحظى ايضا بدعم تقريبا غير محدود الرئيس ترامب. ابن سلمان يمكنه ايضا الاعتماد على دعم الجيل الشاب في العائلة المالكة، الجيل الذي فقد الصبر ازاء تعيينات متكررة لعجائز ومرضى في منصب الملك وطالب بتعيين ملوك من بينه. ابن سلمان الشاب يمثل جيدا ابناء هذا الجيل، لكنه ايضا يمثل الفرع العائلي الذي هو غير محبوب بشكل خاص في اوساط فروع اخرى في العائلة، الذين يشعرون بأنهم مقصون عن الوظائف الكبيرة في الحكم.

كل محاولة لعزل محمد بن سلمان من الحكم ستعتبر تمرد وخيانة لتقاليد العائلة، طالما أن هذا التقليد قائم. من الواضح للجميع ايضا أن محاولة كهذه تكفي ابن سلمان من اجل القيام بحملة تطهير شاملة ضد معارضيه، التي لا أحد يعرف الى أين ستجر السعودية وكيف ستؤثر على علاقاتها مع باقي العالم. ابن سلمان يبذل الآن جهود كبيرة لانقاذ نفسه بسلام من قضية الخاشقجي، لكنه تحول الى امير قابل للاصابة في العائلة التي لم تظهر حتى الآن التسامح تجاه ملوك وأمراء اخطأوا. ربما أنه من وجهة نظرها ارتكب خطأ واحد كبير.

*     *    *

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى