ترجمات عبرية

هآرتس: كنا نظن أن الاحتلال على وشك الانتهاء، كنا مخطئين، لقد كان فخ أوسلو

هآرتس 3-6-2023، بقلم جدعون ليفي: كنا نظن أن الاحتلال على وشك الانتهاء، كنا مخطئين، لقد كان فخ أوسلو

سقطنا في شرك أوسلو. كانت مصيدة عسل وتبعث على الأمل. كم هو لطيف أن تعلق بخيوطها لبضع سنوات مع كل اللجان واللقاءات. ولكن “أوسلو” لم يدفع بالسلام قدماً، بل أبعده إلى ما وراء الأفق ورسخ الاحتلال وخلد المستوطنات. وهذا يسمى الحكمة بعد فوات الأوان، ليس بسبب قتل رابين، بل هو التاريخ الذي لم يذكر الإسرائيليين الذين عقدوا “أوسلو” بالخير. لا يمكن أن نغفر لهم تفويت الفرصة المصيرية التي لا تقل عن تفويت الفرصة عشية حرب الغفران.

أحد المشاهد نقش في ذاكرتي بشكل خاص من أيام أوسلو السعيدة، كم كانت سعيدة! ذات يوم، عندما خرجنا من غزة عبر حاجز إيرز نظرنا إلى الوراء، وبصورة مسرحية لوحنا بأيدينا مودعين غزة: الوداع، يا غزة، وداعاً لا لقاء بعده. ليس تحت الاحتلال. كان ياسر عرفات في حينه يعيش في غزة، في مكتبه البسيط وتحت مكيف الهواء “تاديران” الذي تركه الإسرائيليون، كان الأمل عالياً. جولة صحافية بعد بضعة أشهر بمناسبة تدشين قرية استجمام في شمال القطاع مع كل الشخصيات المشهورة الإسرائيلية، زادت الشعور بالمتعة. وفد إلى أوروبا من أعضاء الكنيست وأعضاء المجلس التشريعي، من بينهم مروان البرغوثي، زاد الوهم.

اعتقدنا أن الاحتلال في طريقه إلى الانتهاء، بعد لحظة ستكون دولة فلسطينية واستجمام في نادي في بيت لاهيا؛ اعتقدنا أن إسحق رابين وشمعون بيرس يريدان السلام؛ حفنة من اليساريين المتطرفين اعتقدوا أنه الذهاب إلى هناك محظور. كانوا على حق، في حين أننا أخطأنا. مرة أخرى، يجب طلب العفو من اليسار الراديكالي الذي رأى كل شيء قبل الجميع.

محضر النقاش الذي جرى في الحكومة قبل ثلاثين سنة وتم نشره في الأسبوع الماضي، يروي كل الحكاية. التكدر ورؤية السواد والازدراء والاشمئزاز شبه الجسدي من الفلسطينيين وممن يقفون على رأسهم؛ والشعور بأن إسرائيل “تعطي أكثر مما تأخذ”؛ وعدم الرغبة في إقامة العدالة المتأخرة؛ وعدم تحمل المسؤولية عن جرائم 1948 أو جرائم 1967؛ وتجاهل القانون الدولي؛ والانشغال القسري بالأمن، بالطبع بأمن الإسرائيليين فقط؛ والتعامل مع “إرهاب الفلسطينيين” فقط، وليس مع إرهاب إسرائيل؛ والخوف الخفي من المستوطنين وأعوانهم؛ لأنه حينها كان لا يزال هناك وحوش صغيرة أمام الوحش الضخم الذي هم عليه الآن… كل ذلك كان واضحاً في كل كلمة قالها الحاصلون على جائزة نوبل للسلام، رابين وبيرس. هذه ليست الطريقة التي يتم صنع السلام فيها، هذه هي الطريقة التي تم نصب المصيدة فيها لكسب المزيد من الوقت.

كانت الذروة في تنفس الصعداء لبيرس في ذاك اللقاء: وافق الفلسطينيون على إبقاء المستوطنين في أماكنهم. أبو المستوطنات تفاخر بأنه حتى المطالبة بتحويلها إلى منطقة تجارة حرة، نجح في إفشالها. هنا دفن كلب أوسلو.

لم يتم لمس الموضوع الأكثر مصيرية؛ فقد تجاهلوا الجريمة الكبرى. الفلسطينيون بغلطة حياتهم والإسرائيليون بخداعهم وطمعهم. “ما الذي خفنا منه؟ أن يبدأوا بموضوع المستوطنات؟”، اعترف بيرس. “موضوع المستوطنات”، وكأن الأمر يتعلق بطنين ذبابة مزعجة يجب إبعادها. ولكن هذه الذبابة اختفت من تلقاء نفسها. ما هذا الحظ. لأنهم لو بدأوا بالتلويح بموضوع المستوطنات لوجب علينا على الأقل تجميد الاستمرار في البناء، الحد الأدنى لكل حكومة تنوي صنع السلام. كانت هذه ورقة عباد الشمس لفحص النوايا الحقيقية: إذا كان رابين وبيرس لم يقترحا تجميد البناء المستوطنات، فهذه إشارة على أنهما لم ينويا ولو للحظة السماح بإقامة الدولة الفلسطينية. هكذا هو الأمر ببساطة. لا، رابين وبيرس لم يبحثا عن العدالة أو عن السلام أيضاً، بل بحثا عن الهدوء الذي يسمح بمضاعفة عدد المستوطنين بثلاثة أضعاف وضمان تخليد الاحتلال. هذا ما لا يمكن غفرانه.

ألوف بن اشتاق لرابين (“هآرتس”، أول أمس). يصعب عليّ الانضمام إليه رغم تقديري الكبير لهذا الشخص واشتياق كبير لتلك الفترة المختلفة، لأنها وبحق كانت أفضل. ولكن لم يكن فيها سعي حقيقي نحو السلام أو العدالة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى