ترجمات عبرية

هآرتس: قوة عربية لإدارة غزة؟ إنها مجرد أمنية!

هآرتس 2-4-2024، بقلم: تسفي برئيل: قوة عربية لإدارة غزة؟ إنها مجرد أمنية!

“خطاب زعماء الاحتلال حول إقامة قوة دولية أو عربية تدير قطاع غزة هو وهم وسراب. أي قوة ستدخل إلى القطاع هي قوة غير مرغوب فيها ولن تتم الموافقة عليها، وهذه ستكون قوة احتلال وسنتعامل معها بحسب ذلك. نحن نقدر موقف الدول العربية التي ترفض المشاركة في هذه القوة أو التعاون مع اقتراح الاحتلال (إسرائيل) لإقامة مثل هذه القوة”. هذه لغة البيان الذي صدر عن “لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية”، الذي نشرته في يوم السبت حركة حماس في بيروت.

جاء البيان كرد على منشورات بحسبها ناقش وزير الدفاع يوآف غالانت مع نظيره الأميركي لويد أوستن إمكانية تشكيل قوة عربية، وأن ثلاث دول عربية وافقت على المشاركة في مثل هذه القوة، دون ذكر أسمائها. هذه الفكرة، للتذكير، غير جديدة. ففي شهر تشرين الثاني، تمت مناقشة هذه الاحتمالية أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للمنطقة، في حينه أيضا الرد كان مشابها. وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أوضح في حينه بأن الأردن لا ينوي إرسال قوات إلى غزة، مصر أعلنت بأنها لن تشارك في مثل هذه القوة العربية وهكذا السعودية أيضا. مشكوك فيه إذا كان قد تغير أي شيء منذ ذلك الحين. على الأقل حسب الردود التي وصلت مؤخرا من الأردن ومصر والسعودية فإن هناك شكا في أن يهبط في القريب أو في أي وقت أشخاص يرتدون الزي العسكري يكونون تابعين لجيوش عربية ومسلحين بالسلاح الأميركي ويأخذون على مسؤوليتهم إدارة القطاع.

طالما أن هناك موافقة عربية على إدارة غزة فهي تستند إلى رؤية بحسبها السلطة الفلسطينية أو أي جسم فلسطيني آخر يتم الاتفاق عليه من قبل القيادة الفلسطينية، هي التي يجب أن تدير القطاع. هنا يكمن أيضا مركز الخلاف بين الموقف الأميركي – الذي يحاول انتزاع موافقة من محمود عباس على إدارة القطاع – وبين إسرائيل التي تضع عائقا لا يمكن تجاوزه أمام إمكانية أن تكون السلطة الفلسطينية صاحبة البيت في قسمي فلسطين، ليس فقط لأنه بالنسبة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو السلطة ليست إلا جسما إرهابيا آخر لا يختلف في جوهره عن “حماس”، بل بالأساس لأن سلطة فلسطينية توحد الضفة مع القطاع ستفتح الممر الآمن والشرعي لإقامة الدولة الفلسطينية. في نهاية المطاف، هذا هو التهديد الذي بنيت ضده الاستراتيجية بعيدة المدى التي قامت برعايتها بنجاح سلطة “حماس” في القطاع كعائق ناجع ضد موقف السلطة الفلسطينية وموقف “م.ت.ف” بشكل عام بصفتها الممثلة الحصرية لكل فلسطين. لكن إذا كانت النقاشات في بداية الحرب، حيث أبعاد الكارثة الإنسانية في غزة لم يتم تقديرها كما ينبغي، بين واشنطن واسرائيل حول اليوم التالي ظهرت اقل إلحاحية، وحلم الرئيس بايدن للدفع قدما بحل الدولتين ظهر كشعار استهدف إرضاء طلب الفلسطينيين والعرب في طرح موقف متوازن، فإن الوضع المخيف في غزة قد غير الأمور.

الجانب الإنساني الذي في حروب أخرى مثل سورية أو السودان أو اليمن كان ثانويا، إذا لم يكن هامشيا، اصبح في غزة حقل الغام استراتيجيا يملي قواعد الحرب ويدمر مكانة إسرائيل الدولية، وأيضا يعرض للخطر مكانة الولايات المتحدة في المنطقة. الآن يبدو أنه لم تعد هناك أي إمكانية للفصل بين الجهود الضرورية والملحة لتوفير الغذاء والدواء بكميات مناسبة لحوالى 2.3 مليون شخص في القطاع وبين حل بعيد المدى يستند إلى موافقة سياسية تحسم من الذي سيحكم في غزة.

بسبب أنه ليس فقط محمود عباس يربط الاستعداد بحكم غزة بعملية سياسية شاملة تحصل على تأييد ودعم دولي، لا سيما أميركي، بل هذا ربط تبنته أيضا جميع الدول العربية ذات الصلة. هذا الموقف العربي غير منفصل عن الموقف الأميركي الذي يقول، إن الولايات المتحدة ستواصل إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة وإقامة ميناء مؤقت والضغط على إسرائيل لفتح المعابر الحدودية كي تزيد بشكل كبير حجم المساعدات التي تدخل إلى القطاع، لكن القوات الأميركية لن تدخل إلى القطاع. الجيد والصحيح بالنسبة لواشنطن هو جيد أيضا للقاهرة والرياض وعمان.   

على أي حال، بالنسبة للدول العربية حتى لو وافقت على إرسال قوات إلى القطاع، فإن مصدر صلاحية هذه الخطوة يجب أن يكون السلطة الفلسطينية، التي “تستدعي” تدخلها من اجل أن تكون شرعية. لا يوجد أي يقين في أنه حتى لو طلب محمود عباس مساعدة هذه الدول فإنها ستهب على الفور لمساعدته. لأنه خلافا للقوات الدولية التي عملت في أماكن أخرى في العالم، مثل البلقان وإفريقيا، فإن قوة عربية أجنبية ستصل إلى القطاع في الوقت الذي هو فيه محتل من قبل إسرائيل “سيتم اتهامها” على الفور بمساعدة الاحتلال الإسرائيلي والتحيز لأميركا ونية إزاحة المشكلة الفلسطينية وإقصاء الجسم الفلسطيني الشرعي. هذه القضايا توضح فقط إلى أي درجة سيكون من غير الواقعي من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة أن تتحول هي نفسها إلى مصدر الصلاحيات لاستدعاء القوات العربية.

المشكلة هي أنه رغم تصريحات “حماس”، التي في معظم المقابلات التي أجرتها مؤخرا تؤكد على أن السلطة تستطيع “القيام بالمهمة المطلوبة منها وإدارة القطاع”، إلا أن هذه القدرة تحتاج إلى الإثبات. في مراكز التدريب العسكري التابع للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يواصل مجندون جدد التدرب على حفظ النظام واستخدام وسائل تفريق التظاهرات. ولكن منذ سنة تقريبا هم لا يحصلون على الذخيرة الحية للتدريب، والميزانية لهم ضئيلة ورواتب المدربين يتم دفعها فقط بشكل جزئي. قائد مركز التدريب في أريحا، الذي أجرى مقابلة في هذا الشهر مع “واشنطن بوست” قال، إن نحو 400 ألف رصاصة المخصصة للتدريب تنتظر في الأردن مصادقة إسرائيل، وأن وسائل قتالية أخرى تتأخر في الوصول.

حسب تقارير في “واشنطن بوست” فإن السلطة الفلسطينية تشغل حوالى 35 ألف مجند في وظائف شرطية وإدارية في الضفة. قبل سيطرة “حماس” على القطاع في 2007 شغلت السلطة 26 ألف رجل أمن في القطاع. مؤخرا، بتشجيع من أميركا، فحصت السلطة مجددا قوائم الأمن التابعة لها في غزة وتوصلت إلى عدد يتراوح بين 2000 – 3000 شخص يناسبون الخدمة الأمنية، ومن غير الواضح كم عدد الذين ما زالوا على قيد الحياة من بينهم. “لو وجدت لدي الوسائل الكافية والترتيبات التقنية والقرارات السياسية واللوجستية فعندها يمكن البدء في التحدث”، قال قائد مركز التدريب الفلسطيني في المقابلة. حتى الآن لا يوجد أي شيء من ذلك قائم أو مرتب، لأنه حتى لو تم اتخاذ قرار سياسي يمكن قوة فلسطينية مسلحة من الدخول إلى القطاع فإنه يجب فقط تخيل منظومة التنسيق التي يحتاج قادتها إلى إجرائها مع الجيش الإسرائيلي – أوامر فتح النار، مسارات الحركة، حدود القطاع، قواعد المواجهة مع رجال “حماس” أو أعضاء عصابات تريد السيطرة على قوافل المساعدات – لفهم التعقيدات الكثيرة التي تنطوي على تفعيل قوة فلسطينية، التي يمكن أن تعمل تحت مظلة الجيش الإسرائيلي.

كل ذلك فقط من اجل توزيع المساعدات، حتى قبل التحدث عن إعادة إعمار المباني وتأهيل المستشفيات والمدارس والبنى التحتية الحيوية. هذه المصفوفة تصبح معقدة اكثر، إلى درجة غير محتملة، إذا وصلت إلى القطاع أيضا قوات سعودية، أردنية ومصرية. في تحالفات عسكرية دولية، التي شكلتها أميركا في العراق وأفغانستان، كان من الواضح من هو القائد الأعلى على الأرض. في غزة، في المقابل، يصعب تخيل قوات سعودية أو مصرية توافق على أخذ التعليمات من جنرال إسرائيلي. هذه الصعوبات تفيد إسرائيل، التي، كما اعلن نتنياهو، تنوي البقاء في غزة “طالما كانت حاجة إلى ذلك”، أي بدون جدول زمني وبدون خريطة طريق لإنهاء الحرب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى