ترجمات عبرية

هآرتس: في مدح نتنياهو وذمه، استخدم جدعون ليفي أساليب غير لائقة

هآرتس 14-5-2023، بقلم: في مدح نتنياهو وذمه، استخدم جدعون ليفي أساليب غير لائقة

 حتى لو لم تشن إسرائيل حرباً جديدة في غزة لما كان هنالك مكان لـ “دس كلمة طيبة” عن رئيس الحكومة مثلما فعل زميلي جدعون ليفي (هآرتس 7/5) واعترافه بالخطأ الذي نشره الخميس الماضي.

معظم الإسرائيليين اليهود ينجحون في تجاهل الحكم المرعب لدولتنا على الفلسطينيين بواسطة 3 أساليب: الأول عرض خطي للأحداث وللقوات العاملة. على سبيل المثال، رفض الفلسطينيون قرار التقسيم؟ إذن، لا يحق لهم الآن دولة. هل الليكود هو يمين؟ إذن، فإن يئير لبيد وميراف ميخائيلي يساريان. قطعة أرض معينة غير مسجلة كملكية خاصة لفلسطينيين؟ إذن، لا مانع من إقامة مستوطنة لليهود عليها. خرجنا من المدن الفلسطينية ومن قطاع غزة؟ هذا دليل على عدم وجود أي احتلال. والأسلوب الثاني هو تصنيف وتحديد هيكلية للمعاناة والتسبب بالظلم: “اليهود هم الذين عانوا أكثر من كل الشعوب”، “بشار الأسد قتل من العرب أكثر مما قتلت إسرائيل”، “للعرب من مواطني إسرائيل حريات شخصية أكثر مما للأردنيين والمصريين. لذا عليهم ألا يتذمروا”.

الأسلوب الثالث هو تفكيك واقع السيطرة على الفلسطينيين إلى أمور منفصلة. كل جزء يقاس ويفحص على حدة، وكأن الأمور الأخرى غير مرتبطة به. “الفلسطينيون إرهابيون ونحن ندافع عن أنفسنا”. أو “العرب، وبالأساس البدو، هم مخالفو بناء”: هكذا نتجاهل حقيقة أن إسرائيل لا تسمح لهم عن عمد بالبناء وتوسيع بلداتهم. “نحن نوفر للفلسطينيين مياهاً تتجاوز ما هو مكتوب في اتفاق أوسلو”. هكذا يحاولون أن ينسونا حقيقة أن الحديث الذي دار في الاتفاق كان عن 5 سنوات فقط (حتى 1999) وأننا نتحكم بمصادر المياه ونهتم بتوزيع غير متعادل بين اليهود والفلسطينيين. وبشكل عام، نحن “لا نوفر”، بل نبيع مياهاً للفلسطينيين بدل من تلك التي نسرقها منهم.

الثنائية، وتصنيف وتفكيك الواقع إلى أجزاء منفصلة: هذه أساليب الثلاثة استخدمها ليفي في المدائح التي أغدقها على نتنياهو والتنصل الأخير منه. المعسكر الليبرالي- العسكري يستحق كل نقد وغضب بشأن أدائه في خلق وصيانة نظام الأبرتهايد ما بين النهر والبحر، في حين أنه يرى نفسه كتقدمي، ومستنير، وديمقراطي. من أجل التعبير عن القرف المبرر له، كان ليفيقد مدح نتنياهو أكثر من مرة من خلال تجنيد الثنائية. إن المديح لشخص شكل ووجه سياسة إسرائيل طوال سنوات أكثر من أي زعيم آخر يحتاج إلى تركيب نظارات تفصل كل ظاهرة عن الأخرى وكل حدث عن سابقه، ومقاله “الأشرار للطيران” (الذي أشرت في إحدى المرات أن عيبه الوحيد هو أنني لم أكتبه) كتبه ليفي في حرب تموز- آب 2014. ولكن من أجل أن يشتم إيهود أولمرت ويئير لبيد الذين ابتهجوا بشن الحرب، تجاهل من أن نتنياهو هو الذي أرسل أولئك الأشرار للضغط على أزرار الموت (وأيضاً في 2012، وفي 2021 وما بينهما).

طوال أكثر من 30 عاماً، وباستمرار مدهش، يوثق ليفي ظروف مقتل مئات عديدة من الفلسطينيين بأيدي جنود إسرائيليين بشكل عام استناداً إلى تحقيقات دقيقة لباحثين ميدانيين فلسطينيين من “بتسيلم”. في حوالي نصف تلك الفترة، كان نتنياهو في الحكومة إما وزيراً أو رئيساً للوزراء. لهذا، عندما يمتدح ليفي نتنياهو فإن النظارات الفاصلة التي يلبسها تبدو قوية بشكل خاص.

طوال 25 عاماً من حياتها، قتلت إسرائيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين، معظمهم مدنيون. الصدمة والألم بسبب فقد حياة إنسان مفهومة بذاتها، ولكن عندما نمتدح نتنياهو على “ضبط النفس في القتل” فإننا بصورة ضمنية نصنف أنواع الأضرار الأخرى التي لحقت بالفلسطينيين كأقل خطورة. هل تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، الذي استمر داخل حدود 1948 في ظل كل الحكومات، بما فيها حكومة نتنياهو، “أقل خطراً” نظراً لأنه لم يعد مقترناً بقتل جماعي؟ هل إطلاق النار على جمهور من المتظاهرين في القطاع، والذي يترك المعاقين مصابين، وفصل غزة عن العالم والاعتقالات الإدارية الجماعية وعنف المستوطنين، ليست أقل خطورة أو أكثر من الموت. هم جزء من هذا النهج. حتى إذا لم يكن نتنياهو هو من اخترعها فهي تزدهر وتتسع تحت حكمه.

الثنائية، التحليل إلى عناصر منفردة وتصنيف كل أنواع العنف الإسرائيلي- البيروقراطي، العسكري، المؤسساتي، الاستيطاني، تلغي فعلياً مجمل سيطرتنا وفظاعتها. ليفي انتقد بحق معسكر “كله إلا بيبي” بسبب تركيزه على شخص واحد. ولكنه فعل نفس الشيء عندما اختتم مقاله الأخير بأن دم الأطفال هو على أيدي نتنياهو- “هو وليس شخصاً آخر”. لم لا يكون على أيدي آخرين، مثل الطيارين ورؤساء الأركان على سبيل المثال، أو وزراء الحكومة؟ نتنياهو ليس هو المقرر الوحيد. إسرائيل تمتاز باتخاذ قرارات جماعية، رجال القانون يشرعنون الصلاحية القانونية، سواء في الحرب أو في اغتصاب الأراضي وإقامة المستوطنات.

لا نستطيع أن نصف فظاعة النكبة المتواصلة التي ألحقناها ونلحقها بالفلسطينيين، ولكن في نقاشنا مع الجمهور الإسرائيلي الليبرالي العسكري، محظور علينا أن نساعده في تشويش صورة الواقع بواسطة تصنيف وعزل الأجزاء.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى