ترجمات عبرية

هآرتس: عندما لا تكون استراتيجية، يبقى الانتقام

هآرتس 17/4/2024، تسفي برئيل: عندما لا تكون استراتيجية، يبقى الانتقام

لا يمكن أن تكون هناك عملية زائدة وخطيرة ومهددة أكثر من الانتقام الاعمى الذي تنوي الحكومة الاسرائيلية القيام به في ايران. من المهم التذكر بأن اسرائيل هي التي بدأت التفجير عندما قامت بتصفية الجنرال محمد رضا زاهدي، قائد قوة القدس في سوريا ولبنان. والاكثر اهمية هو الاعتراف بحقيقة أن هذا الاغتيال، مهما كانت اهميته، لم يكن ليخرج الى حيز التنفيذ لولا أنه استند الى التصور المتبجح بأن ايران هي “دولة تقوم بضبط النفس”، حيث ضبطت نفسها ازاء اغتيال علماء الذرة، من بينهم محسن فخري زادة رئيس المشروع النووي؛ ورئيس مخابرات الحرس الثوري في سوريا في كانون الاول، ومنسق الاتصالات بين ايران وحزب الله في كانون الثاني؛ وعشرات العلماء والشخصيات الايرانية الرفيعة خلال سنوات كثيرة.

ايران بالطبع هي مذنبة. فقد جعلت اسرائيل تتعود على أنها مردوعة، أو على الاقل تضبط النفس. وهذا بالضبط ما فعلته حماس، وايضا حزب الله ما زال يحرص على معادلة الندية الحالية ولا يقوم بشن حرب شاملة. فجأة، مثل الاقوال الخالدة لنائب الرئيس الامريكي سبيرو انغيو، “اولاد الحرام غيروا القواعد ولم يبلغوني بذلك”. إن اسرائيل التي تعرف بشكل دقيق أين ينام كل شخص ايراني رفيع، وفي أي سيارة يسافر أولاد واحفاد اسماعيل هنية، تتصرف وكأنها تتلمس الطريق في الظلام عندما يتعلق الامر بتحليل وفهم نوايا الاعداء. 

زعماء ايران يقولون بأنفسهم أنهم في هذه المرة ينوون الرد وبقوة. وحتى الآن لم تدرك، تقريبا حتى اللحظة الاخيرة، بأن الامر يتعلق بهجوم مباشر عليها وبحجم غير مسبوق. الآن يبدو أن الغضب الكبير الذي تراكم منذ يوم السبت ليس على الهجوم نفسه، الذي تم احباطه بنجاح، بل على وقاحة الايرانيين، وبالاساس على الفشل الذريع، مرة اخرى الاستخباري الذي لم تقدر فيه اسرائيل بشكل صحيح ماذا ستكون نتائج تطاولها في سوريا. وكأنه لا مناص من الرد على الاهانة، وفي ظل عدم وجود استراتيجية فان الانتقام هو بديل مغرٍ. وأنه بدونه هي ستفقد الردع، وستتحطم مكانتها الدولية والوطنية، وأنه توجد فرصة نادرة لتوجيه ضربة لن تنساها ايران. ولكن عن أي ردع وعن أي مكانة تتحدث هذه الحكومة؟

رغم الكارثة الفظيعة في 7 اكتوبر والفشل الذي كشفت عنه، إلا أن اسرائيل ما تزال على قناعة بأن صورة الدولة الهستيرية، التي تعربد وتركل في كل مكان وتقوم بحركات لا يمكن السيطرة عليها وتدمر وتقتل بدون تمييز، ستضمن سلامتها. ولكن بالذات هذه الهستيريا الانتقامية هي التي جعلتها مجذومة، والضعف الداخلي فيها هو الذي اوجد وغذى من يسمى رئيس الحكومة وحطم قدرة ردعها. الدولة والحكومة تدين بدين كبير، ليس للردع والمكانة، بل للولايات المتحدة والغطاء القوي والمفاجيء من الدول العربية التي تعاونت من اجل احباط هجوم ايران. الآن هذه الدول العربية تدرك بأنها سقطت في مسار السهم المرتد الذي تخطط له اسرائيل.

بالنسبة للحكومة وبعض الجهات الحكومية فان الدفاع الناجع والافشال المدهش لهجوم ايران، هو للضعفاء. هم لا يمكنهم اعتبار أنهم حققوا أي انجاز اذا لم يكن لديهم عرض للعقاب الانتقامي. الحقيقة معاكسة. لأن الدفاع الناجع هو جزء اساسي في الردع والامن، اكثر من الانتقام المنفلت العقال. لأنه لو كان لدينا في 7 اكتوبر القليل من الدفاع والقدرة على الاحباط التي تم استعراضها في يوم السبت الماضي لكان تاريخ اسرائيل سيكون مختلفا. هنا تأتي المفارقة. فرغم أن الثأر في غزة لم يحقق اهداف الحرب، إلا أن الجمهور المستعد لابتلاع الاهانة ووقف الحرب في غزة من اجل اطلاق سراح المخطوفين، لا يتردد في شراء من نفس وكيل الاكاذيب بضاعة الانتقام من ايران كمنتج مثالي، التي هي فقط ستضمن أمن الدولة.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى