ترجمات عبرية

هآرتس: عملية استثنائية وخطيرة

هآرتس 2023-06-05، بقلم: عاموس هرئيل: عملية استثنائية وخطيرة

الحادثة على الحدود الإسرائيلية – المصرية، أول من أمس، استثنائية وخطيرة، سواء في ظروفها أو نتائجها القاتلة. عدد العمليات، التي حدثت على هذه الحدود، ضئيل نسبيا، وفي العقد السابق لم تسجل أي حادثة لجندي مصري ضد جنود إسرائيليين. نجح الجندي المصري في التسلل إلى داخل الحدود دون أي عائق، وقتل ثلاثة جنود من الجيش الإسرائيلي، وأصاب جنديا رابعا. مرت بضع ساعات إلى أن تم العثور عليه وقتله. ستقتضي الحادثة إجراء تحقيق عسكري عميق، سواء من اجل العثور على الثغرات التي سمحت لـ”المخرب” بالتسلل إلى أراضي إسرائيل أو إعادة فحص نظرية الدفاع على طول الحدود، التي ساد الهدوء النسبي فيها.

منذ الحادثة، تجري محادثات كثيفة بين جهاز الأمن الإسرائيلي وقوات الدفاع المصرية في محاولة للتأكد من أن الهدوء سيعود إلى الحدود، ولفحص هل كان للجندي الذي تسلل عبر الحدود أي شركاء في المعرفة أو في التخطيط. في السابق، اعتادت حكومة الأردن والحكومة المصرية التحدث في ظروف مشابهة عن شرطي أو جندي “أصيب بالجنون وأطلق النار على عاتقه”. على الأغلب هذا تفسير سهل جدا. والمرجح اكثر هو أن الأمر يتعلق بشخص مر بعملية “تطرف” أيديولوجي، سواء بتأثير تنظيم إسلامي (في شبه جزيرة سيناء تعمل امتدادات محلية لـ”داعش والقاعدة”)، أو كتماهٍ مع نضال الفلسطينيين ضد إسرائيل.

توجه آخر تم فحصه هو أن الأمر يتعلق بعملية انتقام بسبب الإحباط الذي تم لتهريب المخدرات. قبل نحو ثلاث ساعات على الحادثة أحبطت قوة للجيش الإسرائيلي عملية تهريب كبيرة للمخدرات بمبلغ يقدر بنحو مليون ونصف المليون شيكل على بعد 3 كم شمال المكان الذي تمت مهاجمته. المهربون كانوا مسلحين، وقد أطلقوا النار في السابق على الجنود. مع ذلك فإن حقيقة أن من أطلق النار هو جندي تعزز التخمين بأن الأمر يتعلق بعملية، دون صلة بمحاولة التهريب التي تم إحباطها.

إزاء التفاصيل الأولية، التي نشرها الجيش الإسرائيلي، حول الحادثة تطرح عدة أسئلة. الجندي والمجندة اللذان قتلا من كتيبة سلاح المشاة الخفيفة والمختلطة (بارديلاس) كانا وحدهما يحرسان موقعا قرب الحدود يبعد 200 متر تقريبا عن قوات أخرى. ستكون هناك حاجة إلى فحص هل يدور الحديث عن عدد كاف من الجنود في الموقع، وإذا كانت الورديات في المكان غير طويلة بصورة يمكن أن تمس بمستوى الاستعداد العملياتي للجنود (حسب الجيش هذه وردية مدتها 12 ساعة). في الساعة السادسة والنصف صباحا تم الإبلاغ عن إطلاق نار قرب الحدود. وبعد عدم إجابة الجندي والمجندة في شبكة الاتصال تم إرسال قوة أخرى إلى موقع الحراسة، واكتشفت جثثهما قرب الموقع. في التحقيق سيطرح أيضا سؤال ألم يمر وقت طويل جدا إلى أن اتضح أنهما أصيبا وتم إرسال دورية إلى الموقع.

في المقابل، هناك ردود تلقائية تقريبا في اليمين، لا يوجد فيها الكثير من الصحة. في أحد هذه الردود زل لسان السفير السابق لإسرائيل في الأمم المتحدة، عضو الكنيست داني دانون (الليكود). دانون، الذي هو الآن عضو في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، سارع إلى النشر في حسابه في تويتر بأن “تعليمات إطلاق النار بحاجة إلى تغيير على الفور. مراوغات قانونية تكبل ايدي الجنود الذين يدافعون عن الوطن، وتجبي منهم ثمنا باهظا. يجب وضع حد لذلك”. هذه الأقوال لا أساس لها من الصحة في افضل الحالات. صحيح أنه في هذا المحيط يعمل أيضا مهربون للمخدرات، بعضهم يطلقون النار أحيانا على قوات الجيش الإسرائيلي من اجل الإبقاء عليهم في مكانهم أثناء عملية التهريب، ولكن من اللحظة التي تطلق فيها النار لا يكون هناك أي تساؤل – يوجد تصريح كامل للجنود بإطلاق النار والقتل، دون التوقف والاستيضاح إذا كان الأمر يتعلق بمهرب أو “إرهابي”.

الرد الثاني، الذي بالتأكيد سيطفو، يمس بحقيقة أن الأمر يتعلق بكتيبة مختلطة، وأن أحد القتلى مجندة. هناك عدد كبير من المنظمات المحافظة والمتدينة، منها منظمة الحاخامات، ستقفز على هذه الحادثة كغنيمة كبيرة في إطار النضال ضد فتح وظائف قتالية أمام النساء في الجيش الإسرائيلي. لا يجب التشوش: كتيبة “بارديلاس” وأمثالها (الكتيبة الأولى من نوعها كانت كتيبة “كاراكال”)، ليست وحدة مختارة، ولا تعادل في التأهيل والوسائل التي بحوزتها ألوية سلاح المشاة العادية في الجيش الإسرائيلي. ولكن ليس هذا المتوقع منها. فهذه الكتائب يتم نشرها في مناطق يوجد فيها مستوى مخاطرة منخفض نسبيا من اجل إفساح المجال للألوية النظامية للتدرب في مناطق مشتعلة اكثر مثل الحدود مع لبنان و”المناطق”.

الأمر الذي يحتاج إلى التوضيح الآن هو إذا كان يلوح في الأفق تغيير مهم نحو الأسوأ على الحدود المصرية بصورة تقتضي نشر قوات أخرى، لكن المشكلة لا تكمن في المجندات. فتحقيقات الجيش تشير إلى أن مستواهن العملياتي معقول وأن دافعيتهن أعلى من دافعية معظم الشباب الذين يخدمون في هذه الكتائب.

هناك نقاط أخرى بحاجة إلى الفحص. منذ سنوات من المعروف أن المخابرات المصرية يشوبها النقص. هذا يتعلق بسلم الأولويات في تخصيص الموارد (والوسائل التكنولوجية) التي تم ذكرها في السابق. إضافة إلى ذلك، رغم أن الجدار المرتفع والمتقدم نسبيا الذي تمت إقامته على الحدود مع مصر قبل عقد تقريبا، يقوم بدوره وقد أوقف بالكامل قدوم طالبي اللجوء والباحثين عن العمل من إفريقيا، غير محكم تماما. تنجح شبكات التهريب البدوية على جانبي الحدود في اجتيازه على الأغلب رغم نجاح عمليات الإحباط التي يسجلها الجيش الإسرائيلي والشرطة. نجاح حادثة أول من أمس، يمكن أن تولد محاولات أخرى لعمليات تقليد، بما في ذلك إمكانية إرسال “مخربين” عبر المحور الحي الذي يربط غزة بشبه جزيرة سيناء ومن هناك إلى إسرائيل أو إمكانية اختطاف جنود على الحدود.

رغم التنسيق الأمني الوثيق والصداقة الواضحة بين ضباط الجيش الإسرائيلي ونظرائهم المصريين في السنوات الأخيرة إلا أن الحادثة تكشف نقطة ضعف مؤلمة. فعلى قطاع طويل جدا مع قوات خفيفة واستخبارات محدودة فان “مخربا” مصمماً، يخطط بشكل جيد، يمكنه التسلل وترك مصابين خلفه. أيضا التعاون مع المصريين مقيد، في حين أن القوة متعددة الجنسيات بقيادة الجنود الأميركيين ليس لها فائدة كبيرة. وإذا كانت توجد هنا بداية نحو تغيير للأسوأ فإن الجيش سيكون بحاجة إلى فحص تخصيص آخر للموارد والوسائل القتالية. وربما أيضا تعزيز للقوات التي حصلت على تدريب افضل، على الأقل لفترة معينة. على المدى البعيد ربما ستكون هناك حاجة إلى فحص كل نظرية الدفاع، ورؤية إذا كان هناك توازن مناسب بين القوات والمواقع ووسائل المراقبة، مع الأخذ في الحسبان طول الحدود غير العادي (طول الجدار 240 كم).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى