ترجمات عبرية

هآرتس: عشية تجديد خطة التنمية للقدس الشرقية

هآرتس ١٤-٤-٢٠٢٣، بقلم نير حسون: عشية تجديد خطة التنمية للقدس الشرقية

“ليست سوى البداية… نبني مستقبلاً أفضل لنا جميعاً”، هكذا ينتهي الفيلم الدعائي الحكومي الذي يذكر بفيلم دعايات انتخابية. معروض في مدرسة جديدة، صفوف حواسيب وملاعب رياضية، وأطفال يلعبون في غابة ويعزفون، ومعلمات تبتسم وشوارع سريعة تم تصويرها من طائرة حوامة. المشاريع الرئيسية في الخطة الخماسية الحكومية في شرقي القدس، والتي صودق عليها في 2018 هي: استثمار في جهاز التعليم، في التعليم العالي، في البنى التحتية، في المواصلات العامة وفي المخططات للتأهيل المهني. بيد أن سنوات الخطة الخمسة انتهت، وتحوم علامات تساؤل عديدة فوق الخطة القادمة.

ثمة موعد للمصادقة على خطة الحكومة الاستكمالية على الورق: الخميس، 18 أيار، عشية يوم القدس. ثمة وزارة محددة مسؤولة عن بلورتها، وهي وزارة القدس برئاسة الوزير مئير بروش. بيد أن سلسلة طويلة من الأشخاص الذين لهم علاقة بالموضوع، إلى جانب الوزارة وبلدية القدس، يحذرون من أن الوضع في أسوأ أحواله اليوم. ما زالت الوزارة في مرحلة تجميد المستشارين الذين قد يكتبون الخطة، وليس واضحاً كيف ستكون الموازنة. الوزارات الحكومية التي يتعين عليها تمويل الخطة ليس لديها وقت للانشغال بها، وجزء منها حتى معادية لها؛ تدور بين البلدية والوزارة حرب حول الصلاحيات، ولا يوجد مدير منذ عام للوحدة التي قد تخرج الخطة إلى حيز التنفيذ. داخل هذه الورطة البيروقراطية، يبدو أن هناك شخصاً واحداً يبث تفاؤلاً، وهو مدير عام وزارة القدس أساف يزدي. وهو يعد بأن تفوق الخطة الجديدة سابقتها وتؤدي إلى تحسين واضح في حياة سكان شرقي القدس.

كان من سبقوه هم وزير شؤون القدس حينئذ زئيف الكين، وموظفون كبار في قسم الموازنات في وزارة المالية وفي بلدية القدس. لقد تم توجيه انتقادات للخطة، من بينها عدم تحقيقها جزءاً من الأهداف ونقل موازنات خصصت للسكان الفلسطينيين لصالح مستوطنين، ولكن العديد في شرقي القدس يوافقون على أنها حملت بشرى حقيقية آنذاك.

تفكيك بدون تركيب

منذ فترة طويلة وشخصيات رفيعة في البلدية تعبر عن قلقها من أن تؤدي الفوضى السياسية في إسرائيل إلى تأخير المصادقة على الخطة الجديدة، ووقف مشاريع بدأت في الخطة السابقة. بدأت المشاكل بالاتفاقات الائتلافية. مثل وزارات كثيرة، وتم تفكيك وزارة القدس والتراث إلى وزارتين – وزارة القدس برئاسة الوزير بروش، ووزارة التراث برئاسة الوزير حميحاي إلياهو. حسب ادعاء مصادر في وزارة القدس، فإن جزءاً بارزاً من القوى البشرية المهنية انتقل إلى وزارة التراث وبقيت وزارة القدس قليلة العمال. مع هذا، أخذت وزارة القدس على عاتقها مهمة أخرى؛ تنظيم أعياد الهيلولا في ميرون في عيد لاغ بعومر، والذي يبدأ قبل عشرة أيام من يوم القدس. حسب ادعاء مصادر في الوزارة وخارجها، فإن جزءاً كبيراً من وقت الوزير ومن موارد الوزارة موجهة إلى هذه المهمة، وليس لبلورة الخطة الحكومية لشرق المدينة.

ولكن حتى لو كانوا مشغولين بهذا، فثمة مشكلة: ليس واضحاً ما ستكون عليه الموازنة التي ستوجه للخطة. اتضح وفقاً للحسابات التي عملت في البلدية والوزارة في السنتين الأخيرتين، أن الحد الأدنى من الموازنة المطلوب لتقليص الفجوات بين شرق المدينة وغربها هو 10 مليارات شيكل على الأقل. هذا المبلغ في الحقيقة لم يكن موجوداً على الطاولة، ولكن قبل أن يغادر الوزير الكين منصبه أعلن أن الخطة الجديدة ستكون أكبر بضعفي الخطة السابقة – حوالي 4.4 مليار شيكل. منذ ذلك الحين، قل هذا المبلغ قليلاً، ولكنه ما زال أكبر من الخطة السابقة. حسب الوثائق التي أعدت قبيل المصادقة على الخطة، قبل أسابيع معدودة من الانتخابات، كان الحديث يدور حول 4.1 مليار شيكل.

في الاتفاق الائتلافي بين “يهدوت هتوراة” والليكود، ورد أن الموازنة لم تقل عن موازنة الخطة السابقة، واتضح في الأسابيع الأخيرة أنها “لا تقل مشابهة”: 2.1 مليار شيكل في الواقع أقل من مشابهة. “إذا حسبت تغييرات التضخم والفائدة والأجر وحقيقة أن الخطة الجديدة قد تتضمن الأحياء الواقعة وراء الجدار (أحياء فلسطينية موجودة وراء جدار الفصل ويسكنها نحو ثلث سكان شرقي القدس) ، يقول مصدر مطلع على بلورة الخطة الجديدة. “المعنى هو تقليل كبير في الموازنة، والمشكلة بأنه ليس هنالك حكومة تولي اهتماماً بهذا، الجميع في حالة جنون”.

الجهة الحكومية الأهم في وضع الخطة وتطبيقها هي وحدة تطوير وتشجيع مشاريع في شرق القدس، التابعة لوزارة القدس ولكنها تعمل تحت الشركة الحكومية لتطوير شرق القدس. إقامة الوحدة في سنة 2013 بأيدي عوفر أور، رئيس قسم القدس السابق في “الشاباك”، اعتبر نقطة انعطاف في علاقة الحكومة بشرق القدس.
بيد أنه منذ عام وهذه الوحدة تعمل بصورة جزئية. مديراها الأخيران تركا منصبيهما بنغمات قاسية زاعمين وجود علاقات عمل سيئة مع بلدية القدس ومع المسؤولين عنهم في الوزارة. الأخير من بينهم كان العميد احتياط بن تسفي الياسي، الذي جاء كمدير مشاريع لقيادة الجبهة الداخلية في شرقي القدس في فترة كورونا. حظي الياسي بتقدير في منصبه، وبعد أزمة كورونا عين رئيساً للوحدة لكنه استقال بعد أقل من عام في هذا المنصب. منذ ذلك الحين تسير الوحدة دون مدير، والعديد من العمال المهنيين فيها استقالوا أيضاً. وقبل حوالي أربعة أشهر ألغي العطاء لانتخاب المدير الجديد.

مؤخراً، فتح هذا العطاء من جديد، وهدفه أن يعين لهذا المنصب اوري يكير مستشار رئيس بلدية القدس للشؤون العربية. الدور الحالي ليكير اعتبر مهماً، وهو يمسك بيديه معظم نشاطات البلدية في شرق القدس. رغم هذا، وحسب ادعاء مصادر في الوزارة وفي البلدية، فقد طلب يكير أن يحتفظ لنفسه بهذا الدور بموازاة عمله كمدير للوحدة في وزارة القدس. نفى يكير هذه الأقوال، وقال إن الأمر تم فحصه، ولكنه شطب من جدول الأعمال. في كل الأحوال، فإنه قبل شهر من المصادقة على الخطة الجديدة، فإن وظيفة رئيس الوحدة ومدير مشاريعها الذي هو العنصر الأهم في وضعها وتطبيقها غير مشغولة.

في موقع “فامي” (الشركة الحكومية لتطوير شرق القدس) ثمة عطاءان مفتوحان – مستشار للشؤون الاقتصادية ومستشار للشؤون السياحية. يتعين على هذين المستشارين كتابة الفصول ذات العلاقة بالخطة الحكومية. مصادر مطلعة تقول إنه من الواضح أنه في البرنامج الزمني القائم لا يوجد احتمالية في أن مستشارين جديين يمكنهم دراسة الموضوع وبلورة خطة جدية.

علاقة إشكالية

تحدثت “هآرتس” مع أكثر من عشرة عاملين وعاملين سابقين، ومتخذي قرارات ومستشارين خارجيين لهم علاقة بالخطة. كلهم أرادوا التطرق لما يجري في الوزارة دون ذكر أسمائهم، ومعظمهم وجهوا نقداً لاذعاً لما يجري. “ليس واضحاً من هو الشخص البالغ المسؤول هنا، الشعور أنه عمل لا يدار”. قال أحدهم وكان من رواد الخطة الخمسية السابقة. مستشار خارجي كبير عمل مع موازنة 3.790 طوال السنين، أشار إلى أنه “يوجد شعور بالفوضى، وعدم اليقين وعدم وجود اتجاه”. ولكن مصدراً في البلدية قال: “الوزارة حلت وأعيد تركيبها ثلاث مرات، ليس هنالك ميزانية واضحة، والعلاقة مع الوزارات الأخرى إشكالية جداً. اهتمام الدولة بهذا الشأن غير موجود، وثمة فوضى في وضع الخطة”.

من يقودون وضع الخطة هم مدير عام الوزارة اساف يزدي، ورئيس طاقم الخطة الخمسية في الوزارة موشيه كبتوفسكي. وكلاهما يحظيان بتشجيع بخصوص التزامهما في هذا الموضوع من جانب جزء من الأشخاص، ولكن حسب ادعاء معظم المصادر فإن التزامهم لن يكفي لوضع خطة جيدة في الفوضى التي خلقت في الحكومة والوزارة.

وهكذا، تقول مصادر مطلعة بأن ما أعد حقاً في إطار الخطة، لم يتم القيام به على أساس أهداف واضحة، وبدون فحص الاحتياجات وتعاون الجمهور الفلسطيني في العملية، وحتى بدون إصلاح الإخفاقات في الخطة السابقة، مثل تجاهل النقص في المساكن. وثمة خوف آخر يتم إبداؤه، وهو الخوف على مصير عدد من المشاريع والخطط التي بدأت بالتبلور في ظل موازنة الخطة السابقة والان تقف أمام خطر تجميد أو إلغاء.

نقد آخر تسمعه منظمات مثل جمعيات “مدينة الشعوب” ومنظمة المخططين “بنكوم”. هذا نقد مختلف قليلاً، يخرج ضد الخطط الحكومية عموماً. يقولون إن جزءاً من موازنات كلتا الخطتين الخمسيتين تساعد في النهاية في تعزيز المستوطنات اليهودية في شرق المدينة بدلاً من تحسين حياة السكان الفلسطينيين. وهذا ما حدث مع الموازنة التي خصصت لتسجيل أراض في تابو لشرق القدس، واستخدمت في النهاية لتسجيل أراض في الشيخ جراح وسلوان وفي أماكن أخرى على اسم أصحاب يهود. مدير وزارة القدس اساف يزدي، يعترف أن انعدام الاستقرار السياسي في السنوات الأخيرة أثر بصورة سيئة على الوزارة، ولكنه يعد بأن تكون الخطة الجديدة أفضل من سابقتها. “كل شيكل في الخطة اليوم يساوي أكثر من شيكل في الخطة القديمة لأننا نعرف ماذا نعمل وماذا يتوجب عمله”، ويقول: “بعد قليل سيكون قد مضى عليّ 20 عاماً في خدمة الدولة، لقد كتبت ربما 200 قرار حكومي، وقد تكون هذه الخطة الأكثر تفصيلاً والأفضل في حجمها”.

رداً على هذه الادعاءات ورد من وزارة القدس: “الخطة المهنية التي تم بلورتها، أبرزت الحاجة لموازنة تبلغ 4 إلى 5 مليار شيكل. في إطار نقاشات الموازنة الأخيرة، قررت وزارة المالية بأن إطار الموازنة سيكون مشابهاً للخطة الخمسية الحالية، ولن تزيد عنها لأسفنا الشديد. مع ذلك، تعمل وزارة القدس للحصول على موازنات إضافية للخطة من وزارات الحكومة المختلفة”.

فيما يتعلق بالقوى البشرية، ورد من الوزارة: المستشارون المشغلون في إطار الإدارة من قبل شركة تطوير شرق القدس هم طبقاً للحاجات المختلفة وللموازنات المتاحة في الوزارة. مديرا الإدارة الأخيرين نقلا من منصبيهما لأسباب مهنية، ولعدم الملاءمة. على الرغم من أن منصب مدير الإدارة غير مشغول في السنة الأخيرة، فإن أداء الإدارة رائع. لقد نشر عطاء لمنصب رئيس الإدارة من قبل “فامي” في آذار 2023. ولا نعرف من سيتقدم لهذا العطاء ومن سيفوز به.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى