ترجمات عبرية

هآرتس: عباس يغازل شباب جنين

هآرتس 16-7-2023، بقلم رونيت مارزن: عباس يغازل شباب جنين

إن عملية “بيت وحديقة”، أو مثلما يسميها الفلسطينيون “عملية بطولة جنين”، كشفت ما كان معروفاً لكثير من الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو أن السلطة الفلسطينية تجد صعوبة في السيطرة على مخيمات اللاجئين في جنين ونابلس. هذه المخيمات أصبحت منذ فترة طويلة منطقة “خارج الحدود الإقليمية”، التي تعمل فيها مليشيات مسلحة لـ “الجهاد الإسلامي” وحماس، وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح. الشباب في المخيمات، لا سيما المنتمين لحركة فتح، ربما لم يشهدوا انتفاضة الأقصى، لكنهم تربوا على الإرث الحربي لـ “شهدائها الأبطال”. وهم يرفضون أن يكونوا أبناء غير شرعيين للأم رام الله، التي تحب الملذات، والأب الفلسطيني، الغريب والمنفصل، الذي تركهم لمصيرهم ولا يدافع عنهم ولا يهتم بحياتهم، بل هو منشغل بملذات الحياة والترف والرفاهية.

هؤلاء الشباب غاضبون على محمود عباس، وقد قرروا حمل السلاح، ليس فقط ضد جنود الجيش الإسرائيلي والإسرائيليين، بل أيضاً ضد رموز السلطة الفلسطينية. هم يتعاونون مع “كتيبة جنين” التابعة لـ “الجهاد الإسلامي”، وهم أعضاء في غرفة العمليات المشتركة التي افتتحت في جنين بعد فترة قصيرة على هروب السجناء الستة من سجن جلبوع. عملية “بيت وحديقة”، التي أدت إلى دمار كبير في المخيم، زادت من غضبهم.

بعد مرور 11 سنة على الانفصال، قرر محمود عباس الالتقاء معهم وجهاً لوجه في مخيم جنين للاجئين، لكن وهو في طريقه إلى المخيم كان يمكن ملاحظة أن حركة فتح لم تستوعب عظم الموقف، فيواصلون التشاجر. الخصومة بين جبريل الرجوب وحسين الشيخ وماجد فرج ومحمود العالول أصبح واضحاً جداً في المكان الذي احتله كل منهم قرب عباس أو على بعد منه أثناء الزيارة. الشيخ ضم إليه ماجد فرج وعباس بعناق الدب. وعندما حاول الرجوب التقرب من عباس اندلعت بينهما حرب تدافع بسيطة، وبقي الرجوب في الخلف. أما العالول فرضي بالوقوف خلف عباس وليس إلى جانبه.
إ

ضافة إلى المنافسة الشخصية، ثمة منافسة جغرافية بين رام الله ونابلس وجنين على صفة البطولة “أيقونة نضال التحرر الوطني”. اختار عباس إعطاءها لجنين ليعيد أبناء حركة فتح إلى البيت بعد أن باتوا يرعون في حقول الأعداء السياسيين: حماس، والجهاد الإسلامي، وحزب الله، وإيران. تمت إزالة أعلام حماس و”الجهاد الإسلامي” من مدخل المخيم، وهذه كانت رسالة: من سيتجرأ على المس بالوحدة الوطنية ستقطع يده.

في الحقيقة، حصلت جنين على اللقب المأمول، لكن نابلس رفضت ما جرى لمحمود العالول، الذي هو من مواليد نابلس. العالول، نائب عباس، تم طرده من الجنازة في مخيم جنين للاجئين التي جرت لـ 12 ناشطاً قتلوا في عملية “بيت وحديقة”. والنداءات التي أطلقها الشباب في جنين مثل “إلى الخارج، إلى الخارج” و”العار، العار” نحو من اعتبر في نظر كثير من الفلسطينيين كشخص وطني، أثارت الغضب الكبير في أوساط أبناء حركة فتح في نابلس. وحتى وسائل الإعلام الفلسطينية اعتقدت بأنه لا يجب التعامل بهذه الطريقة مع الشخص الذي كان مشاركاً في اختطاف الجنود الثمانية من “ناحل”، الأمر الذي أدى إلى إطلاق سراح 6 آلاف سجين فلسطيني في 1982؛ والذي كان اليد اليمنى لخليل الوزير (أبو جهاد) في الانتفاضة الأولى، والذي فقد ابنه في الانتفاضة الثانية، والمؤيد لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والذي تولى في السابق منصب وزير العمل في حكومة حماس في 2006.

ردود الفعل لم تتأخر؛ ففي الفيلم الذي تم نشره ظهر مسلحون وهم يهددون صاحب محل تجاري في نابلس، وهو من مؤيدي حماس، وأن عليه إغلاق محله وإلا فسيتضرر. أيضاً توفيق الطيراوي، الذي كان رئيس جهاز المخابرات السابق والذي حصل على اللقب الثاني في جامعة النجاح في نابلس، شوهد وهو يوبخ أعضاء فتح لأنهم لم يقطعوا لسان من تحدث ضد حركة فتح.
ا

ستوعب مخيم جنين الرسالة وسارعوا إلى التصالح مع العالول، ابن نابلس والوريث المحتمل لمحمود عباس. عودة العالول إلى مخيم اللاجئين في دور “المرمم” تكمن فيها رسالة لأبناء جنين، وهي أن نابلس أخت في السلاح وأن جنين ستحتاج إليها. لذلك، لا يجب التشاجر مع التي قد يخرج منها الرئيس الفلسطيني القادم. التراث الحربي لمخيم جنين للاجئين اعتبر في نظر كثير من الفلسطينيين إرثاً للبطولة والتصميم، وضمن ذلك معركة يعبد بين البريطانيين والمسلحين بقيادة الشيخ عز الدين القسام في 1935، وعملية “الدرع الواقي” في 2002 والآن عملية “بيت وحديقة”.
ا

لصراع بين جنين ونابلس لا يتعلق بالسياسيين فقط، بل موجود في خطاب أمهات الشهداء، اللواتي بعضهن على استعداد للمخاطرة بالشرخ العائلي لوضع جنين فوق نابلس. مثلاً، عندما طلب من أم ابراهيم النابلسي، من قادة “عرين الأسود” في نابلس، الذي قتل على يد قوات “اليمام” في السنة الماضية، في قناة “الجزيرة” قول بضع كلمات لوداع ابنها، قالت: “يا إبراهيم، أنت من نسل جنين، بطل ابن أبطال… تربى في عائلة مقاتلة ومضحية… وهناك 100 ألف إبراهيم سيكملون طريقك، طريق الجهاد”. أي أن الأم، التي هي من عائلة جرار من جنين، فضلت أن تنسب ابنها لعائلتها وليس لعائلة والده من نابلس، الذي يعمل في الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تتعاون مع إسرائيل. يبدو أن الشخص الوحيد الذي استوعب رسالة شباب فتح في مخيمات اللاجئين في جنين ونابلس هو محمود العالول، وهو الذي أيقظ الموجودين في رام الله من سباتهم. يجب التذكر بأن حركة فتح قد اختارت نهج السياسة بعد عشرات السنين من الكفاح المسلح. ولمنع شبابها من العودة إلى الكفاح المسلح، على إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تعيدا لهم الكرامة الوطنية والشخصية، وتطبقا حل الدولتين.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى