ترجمات عبرية

هآرتس: صبّ الباطون في آبار الفلسطينيين آخر ابتكارات الإدارة المدنية

هآرتس 2023-07-31، بقلم: جدعون ليفيصبّ الباطون في آبار الفلسطينيين آخر ابتكارات الإدارة المدنية

لفظت شاحنة الباطون من داخلها خلطة باللون الرمادي، تدفقت بضجة إلى داخل آبار المياه وأغلقتها.

حولها وقف الجنود الذين يقومون بالحماية، وموظفو الإدارة المدنية الذين خططوا لهذا الشر، والعمال الذين يقومون بالعمل، والمزارعون الذين شاهدوا مصدر رزقهم وهو يخنق إلى الأبد. حاول الجنود تفريقهم مثلما يفرقون الكلاب الضالة. استمرت شاحنة الباطون في الصب حتى تأكد موظفو الإدارة المدنية من أنها غطت كل شيء.

في وقت قصير كانت الآبار الثلاث مليئة. حدث هذا، الأربعاء الماضي، في الخليل قرب مخيم الفوار للاجئين. كان هذا عملاً شيطانياً من الأعمال الأكثر شيطنة التي اخترعها الاحتلال، المنافسة صعبة.

“إلى آبار المياه/ إلى آبار المياه/ إلى النبع الذي ينبض في الجبل/ ستظل تجد حبي هناك/ مياه الينابيع/ المياه الجوفية ومياه النهر”، كتبت نعومي شايمر في 1982.

كم هو جميل أن تكتب عن آبار المياه بالعربية وأن تغني أغنية شعبية. وكم هي صهيونية قصيدتها مثل كل قصائدها. لم تكن مياه النهر من هذه الآبار. حب شايمر لأرض إسرائيل يمكن أن يجد هناك فقط مياه ينابيع ومياهاً جوفية، لكنها لم تعد تتدفق إلى الأبد.

كراهية العرب، الأبرتهايد، الوحشية والظلم، تغطي الآن على مياه الينابيع والمياه الجوفية وعلى الحب المصطنع لـ “أرض إسرائيل”.

من يقومون بإغلاق آبار المياه التي تستخدم للزراعة تحركهم يد شريرة خالصة، ومن يخنق مياه النبع يكره البلاد.

شر الفصل العنصري توجد له وجوه كثيرة. وإغلاق الآبار هذا الذي لم تسفك فيه الدماء، ولم يتم اعتقال أي أحد فيه، هو من أقبحها.

الآبار التي غطاها الباطون لن تغطيها أي ذريعة أو أي كذبة أمنية، وحتى ذريعة الحفاظ على القانون والنظام. فقط هناك شر يقطر. حتى لو لم تكن أقبح الجرائم التي ترتكب كل يوم في “المناطق”، فإن إغلاق الآبار هو أقبحها.

يوجد لموظفي الإدارة المدنية بالتأكيد أسباب كثيرة أمنية وبيروقراطية للادعاء بأن هذه الآبار التي تجمعت فيها المياه الجوفية، والتي توجد في طرف صحراء جنوب جبل الخليل، هي آبار ممنوعة وغير قانونية وإجرامية وخطيرة وتشكل تهديداً. لكن لا يمكن لأي شيء أن يبرر عملاً مقيتاً وحقيراً إلى هذه الدرجة.

الأراضي التي يزرعون فيها الخضراوات الفاخرة منذ سنوات مثل الملفوف والخس والبندورة والخيار، جنة صغيرة من الخضراوات أمام بؤس مخيم الفوار للاجئين ونقاء هواء الجبل الذي يصرخ بأنه يحتاج إلى المياه. من المشكوك فيه أن يتمكن المزارعون من تحمل نفقات جلب المياه بالصهاريج من أماكن بعيدة. الأكثر احتمالية هو أن هذه الحقول ستذبل وتموت، ومعها مصدر الرزق الوحيد لمن لا يوجد له مصدر رزق آخر.

في اليوم التالي للإغلاق، عندما نشر الفيديو الذي وثقه، سارع اللواء غسان عليان، قائد الاحتلال العسكري الذي يحمل اللقب المغسول “منسق أعمال الحكومة في المناطق”، إلى إصدار أمر بحسبه فإن كل نشاطات إنفاذ القانون ضد البنى التحتية للمياه في أشهر الصيف سيتم فحصها لدى رئيس الإدارة المدنية. سيتم فحصها ولكن لن يتم وقفها تماماً، فقط في الصيف، وليس في كل أشهر السنة. تدمير آبار المياه وصهاريج المياه هو حجر الأساس في نشاطات التدمير التي تقوم بها الإدارة المدنية. عندما يريدون تطهير منطقة وطرد الناس يجب في البداية اختراعها. هذه طريقة عمل.

شاهدت عدداً غير قليل من الآبار التي دمرتها الإدارة خلال سنوات، أيضا هناك آبار قام المستوطنون برمي جثث حيوانات فيها من أجل تسميمها. هذا بالتأكيد لن يتوقف الآن.

لدي سؤال واحد فقط وهو ما الذي قاله الجنود وموظفو الإدارة المدنية لعائلاتهم عن العمل الذي قاموا به في ذاك اليوم؟ هل قالوا لأولادهم أو لآبائهم إنهم دمروا آبار مياه لمزارعين يريدون العيش على أراضيهم؟، هذا هو عملهم، ومن الذي يجب عليه القيام بهذا العمل؟ يجب فقط الأمل بأن هذا اليوم سيطاردهم حتى نهاية حياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى