ترجمات عبرية

هآرتس: رابين قبل اتفاق أوسلو: الالتزام قليل من الفلسطينيين وليس مؤكد أنهم سينبذون الإرهاب

هآرتس 29-8-2023، بقلم عوفر اديرت: رابين قبل اتفاق أوسلو: الالتزام قليل من الفلسطينيين وليس مؤكد أنهم سينبذون الإرهاب

عوفر اديرت
عوفر اديرت

عشية التوقيع على اتفاق أوسلو في البيت الأبيض، الذي سيمضي عليه ثلاثون سنة في الشهر القادم، قال رئيس الحكومة إسحق رابين، إن إسرائيل تعطي أكثر مما تحصل عليه من الفلسطينيين، وحذر “لديهم القليل جداً من الالتزام”، واعترف بأنه غير واثق تماماً من أن الفلسطينيين سيتخلون عن الإرهاب. وزير الخارجية في حينه شمعون بيرس، حذر من سيناريو “سيكون لدينا فيه نوع من إيران حماسية”، وحذر رئيس الأركان في حينه إيهود باراك من “ضرر كبير جداً” بالقدرة على مكافحة الإرهاب وحماية المستوطنين. هذه الأقوال تظهر في محضر جلسة الحكومة التاريخية التي عقدت في 30 آب 1993، التي صادق أعضاء الحكومة في نهايتها على “مسودة إعلان المبادئ المشتركة مع الفلسطينيين”. محضر الجلسة الذي ما زالت أجزاء منه سرية نشره أرشيف الدولة الثلاثاء.

طرح على الأجندة في حينه مصادقة على اتفاق أوسلو الذي كان من شأنه أن يوقع في 13 أيلول 1993 على العشب الأخضر في البيت الأبيض تحت اسم “إعلان مبادئ عن اتفاقات مؤقتة لحكم ذاتي”، وتصافح في الاحتفال رابين ورئيس م.ت.ف ياسر عرفات. “أبدأ كلامي بالقول إنه اتفاق غير سهل”، هكذا استهل رابين أقواله في جلسة الحكومة. “من الواضح أننا لم نكن نجري محادثات مع أنفسنا. أنا على ثقة بأن الصياغة كانت أفضل بكثير. وفي الصياغة أمور غير مريحة أيضاً. أصوغ أقوالي بحذر”. مع ذلك، تحفظ وأوضح قائلاً: “نحن مضطرون لرؤية كل المكونات المختلفة بنظرة أوسع وأشمل”.

في جزء آخر من الجلسة، توجه رئيس الحكومة للوزراء وتوسل إليهم للمصادقة على الاتفاق، وقال: “أيها الأصدقاء، هذه العملية معقدة جداً… هناك أمور لا حلول جزئية لها في مثل هذا الواقع. فكرة الحكم الذاتي كلها، والاتفاق المؤقت، معقدة”، قال رابين وانتقد مشروع الاستيطان. وحسب قوله: “الاستيطان اليهودي، خصوصاً في المناطق المأهولة، عمل على تعقيد الحياة، كان هذا هدفه السياسي. كان استيطاناً سياسياً وليس أمنياً بدون إسهام أمني”.

في التطرق لبنود الاتفاق، قال رابين إن وزير الخارجية في حينه شمعون بيرس، قال له إن الاتفاق سيشمل إعلاناً من الفلسطينيين عن “وقف الإرهاب مع التوقيع عليه”. ولكنه سارع إلى التحفظ على أقواله. “لا أعرف كيف ستكون صياغة ذلك وبأي درجة سيكون ذلك جزءاً من الموضوع”، قال رئيس الحكومة. عندما قال بيرس إن الأمر يتعلق بالإعلان “عن وقف النشاطات العنيفة”، قال رابين: “آمل أن يكون هذا شرطاً، وعلينا رؤية طبيعة هذا الإعلان. هل سيكون شفوياً؟ من الذي سيعلن عن ذلك؟ هل سيكون خطياً؟ مرفقاً بالموضوع؟ لم يتم الاتفاق على هذا حتى النهاية”.

حذر بيرس أيضاً من سيناريو الفشل. “يجب القول بوجود إمكانية بأن هذه الصفقة مع م.ت.ف ستنهار كلياً، وسيكون لدينا نوع من إيران حماسية. وعلينا الحذر. لا يقين أنهم سيصمدون، مع كل التمردات ومع كل البخل وكل الضغوط وكل الأمور الموجودة. أقول بأنه أمر جدي. ببساطة، لا أرى بديلاً في الشارع العربي”، قال وزير الخارجية.

وزير الداخلية في حينه آريه درعي، سأل في الجلسة: ما هي الإجابة عن موضوع الإرهاب – أهو شرط من حكومة إسرائيل؟”. رد بيرس: “قلنا إنه لا إعلان مبادئ بدون ذلك”. ثم سأل درعي: “وإذا لم يعلنوا؟”. أوضح بيرس: “لن نوقع”.

تطرق رابين في الجلسة إلى مسؤولية إسرائيل عن أمن مواطنيها الذين يعيشون في “المناطق” [الضفة الغربية] بعد التوقيع على الاتفاق، الذي في إطاره سينسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وأريحا. وأكد أن مسؤولية عدم إلحاق الضرر بمواطني الدولة في هذه الأماكن هي مسؤولية إسرائيل. مع ذلك، أضاف بأن “هذا تفسير سنضطر إلى تثبيته على الأرض”. في تطرقه لذلك، وجهت له وزيرة الإعلام في حينه شولاميت الوني، انتقاداً وقالت: “هل ستركض خلفه إلى أريحا؟”، في تطرقها للمخرب الذي سيمس بمواطن إسرائيلي. أجاب رئيس الحكومة: “بالتأكيد، إذا اعتدوا على إسرائيل”.

وتطرق بيرس أيضاً لقضية المستوطنات وأوضح بأن الاتفاق لن يشمل إخلاءها. “أريد التحدث بصراحة وأقول ما في قلبي. ليس لدي ما أخفيه”، قال. “ما الذي خفنا منه؟ من أنهم (الفلسطينيون) سيبدأون بموضوع المستوطنات”، أكد. وقال: أيها الأصدقاء، “يهودا والسامرة” ليست “يميت”، والعام 1993 ليس العام 1982، قالها أثناء تطرقه لإخلاء “يميت” في شبه جزيرة سيناء بعد التوقيع على اتفاق السلام مع مصر. “البدء اليوم بإخلاء عشرات آلاف المستوطنين، حسب رأيي، سيودي بنا إلى وضع غير محتمل، سواء أخلاقياً أو مادياً. من ناحية الفكر التاريخي، كانت هذه إحدى المواجهات. هكذا أجرينا المفاوضات، كان يجب علينا تجنبها؛ إلى درجة أنهم وافقوا على بقاء المستوطنات كما هي حتى في قطاع غزة”.

وقال بيرس إن الفلسطينيين اقترحوا في بداية المفاوضات اعتبار المستوطنات مناطق تجارة حرة يعيش فيها يهود وفلسطينيون. تصلبنا في موقفنا (رفضنا)، وأنا سعيد جداً من انتهاء الأمر بهذا الشكل”، وأضاف بأنه كان راضياً أيضاً عن كيفية التطرق للقدس في الاتفاق. “وافق الطرف الثاني على ألا تكون مشكلة في القدس في فترة الحكم الذاتي”.

وزيرة العمل والرفاه في حينه أورا نمير، اعتقدت أنه يجب وضع قضية القدس على الطاولة، والتوضيح للجمهور ما معنى عدم مناقشة موضوع القدس في هذه المرحلة. غضب رابين. “لماذا؟ أنا أطلب، هنا، هذا موضوع جوهري”، قال. “لماذا لا نذهب إلى الحل الدائم على الفور؟ بسبب أمر واحد، وهو القدس. إن طرح موضوع القدس يشكل انفجاراً نووياً مع بداية المفاوضات. من لا يعرف ذلك، يجهل ألف باء المفاوضات مع العرب”. لم ترتدع نمير، وواصلت: “أقترح العثور على الطريقة التي سنشرح فيها بصورة واضحة أكثر”. تدخل بيرس وألغى الاقتراح تماماً. “لا حاجة. فأن نشرح الأمر هذا يعني أن نطرح أسئلة غير ضرورية. ما هذا الشرح. آتي وأتورع؟ لماذا؟”، أضاف، واقتبس رئيس الحكومة السابق مناحيم بيغن الذي قال “القدس خاضعة للمفاوضات”.

رئيس الأركان في حينه إيهود باراك، الذي شارك في جلسة الحكومة، عبر عن تخوفاته من التداعيات الأمنية لعدد من بنود الاتفاق. “من القراءة الأولية، ألاحظ وجود مشكلات صعبة جداً في تطبيق المكون الأمني في هذا الاتفاق”، قال، وأكد أن خوفه الأساسي يتعلق بتضييق حرية عمل الجيش في “المناطق”. “هذه مشكلة غير بسيطة، كلما تعمقنا فيها وبحثنا في جوانبها المختلفة نرى أن طريقة العمل الحالية لا يمكن تطبيقها. يجب أن نعرف ذلك باستقامة، لأن أسلوب العمل الحالي هو عامل مركزي في القدرة على مكافحة الإرهاب في يهودا والسامرة وغزة”.

وأوضح باراك أيضاً أن الجيش الإسرائيلي يرى بأن التعامل مع العمليات الإرهابية بعد التوقيع على الاتفاق، سيصعب عليه تأمين الشوارع التي يسافر فيها الإسرائيليون في الضفة والقطاع. “هذا الموضوع سيعاني من قيود صعبة جداً وستؤثر بدورها على نجاعة الأمن على مفترقات الطرق. وكما قلت، لا يمكن ضمانه من ناحية تقنية”، قال باراك. “نشاطاتهم ضد السكان وعلى مفترقات الطرق ستكون ناجعة جداً. يجب أن نعرف وباستقامة بأن هذه مشكلة أمنية معقدة جداً، لا حل كاملاً لها”. وحتى إن رئيس الأركان شكك في قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على إحباط النشاطات الإرهابية. “ثمة افتراض قوي جداً بخصوص النية الحسنة والنجاعة لدى الشرطة الفلسطينية”، قال.

اليكيم روبنشتاين، سكرتير الحكومة في حينه، الذي أصبح لاحقاً نائب رئيس المحكمة العليا، عبر هو الآخر عن تخوفه من صيغة الاتفاق وتطبيقه. “لن يكون تطبيق الاتفاق حديقة ورود”، وأضاف: “هناك متسع للتفسير والضبابية”. وحسب رأيه، التفسير الذي قُدّم في أوراق تفسير الاتفاق، التي تم وضعها أمام أعضاء الحكومة، “جاء ليرى أنباء جيدة وتفسيرات إيجابية للأمور، لكن يجب القول بنزاهة بأنه نظراً لوجود تفسير آخر، فمن المحتمل أن تكون المفاوضات ضد تفسير مختلف للطرف الثاني”.

وتطرق روبنشتاين أيضاً إلى أراضي الدولة في “المناطق”: “لي سؤال متشكك حول التفسير الذي أعطي في أقوال التفسير التي قيلت هنا”. مع ذلك، تم حجب اقتباساته الكاملة في هذا الشأن، وسيكون بالإمكان الاطلاع عليها بعد عشرين سنة.

وزير الداخلية درعي، طرح صعوبة في إقناع جمهور ناخبي “شاس” لدعم الاتفاق. “يتم تفسير هذا الاتفاق في نظرهم وكأننا ضيوف، سواء مرغوبين أو غير مرغوبين في أرض إسرائيل. بالنسبة لهم، فإن “يهودا والسامرة” وغزة أرض إسرائيل. ولا يهمهم إذا كانت هذه أراضي محتلة أم لا. يرون أنها بلاد وعدوا بها منذ سنوات كثيرة”. وأكد أن الزعيم الروحي لـ”شاس”، عوفاديا يوسيف، يستخدم “كل قوته الأخلاقية والتوراتية” ليشرح بأن الاتفاق “أمر حيوي للحفاظ على الحياة”. ولكن حسب قوله، فإنه “كي نستطيع أن نشرح السبب، يجب توضيح درجة الخطورة التي قمنا بمنعها هنا”. وبين للجمهور بأنه اتفاق سيحسن وضع إسرائيل الأمني أمام الدول العربية.

مع ذلك، تحفظ درعي: “سنضطر لتقديم أجوبة. من أجل الدخول إلى هذا الوضع، كما أشرحه، ألا ندخل بذلك أكثر من مئة ألف يهودي إلى وضع خطير على حياتهم؟”. رئيس الوزراء وبعض الوزراء لم يتنكروا لحقيقة أننا لا نعرف اليوم تقديم رد حول أمن هؤلاء اليهود. أنا على ثقة بأن الجيش والشرطة سيبذلان كل ما في استطاعتهما لتأمين ذلك. ولكن الأسئلة بقيت مفتوحة. أنتم الذين تعيشون اليوم في “يهودا والسامرة” وغزة تريدون إجابات. باستثناء المشكلة الحساسة التي تتمثل في أننا نتنازل عن “مناطق”، ثمة مشكلة وجودية – ما الذي سنفعله من أجل الأولاد الذين يذهبون إلى المدارس؟ لا إجابة”.

شارك في النقاش أيضاً يوسي سريد (ميرتس) الذي كان في حينه وزير جودة البيئة. وقد حذر من أنه إذا لم تعرف الحكومة كيفية الدفاع عن الاتفاق فلن تجد الكثير من المتطوعين للدفاع عنه. وعبر سريد عن خوف أن يتولد لدى الجمهور انطباع بأنه اتفاق إشكالي، وقال: “نعرف من التجربة بأنه حتى لو لم تظهر الأشياء الدقيقة، فالمناخ سيظهر. وإذا انقشعت الأجواء، فعندها سأقول بأنه درجة معينة من المعوقات والكثير من المشكلات كانت هناك”. وحسب رأيه: “أمّ المشاكل هي مواجهة الرأي العام”. وحسب قوله: “لنفترض أن للرأي العام هوية معينة فيها نوع من التجسد، وتجلس وتسمع، دون ذكر أسماء، عندها سيحصل الرأي العام على كثير من التراخي”.

وزير الصحة في حينه حاييم رامون، اقترح في الجلسة أن يتم إخلاء المستوطنات من القطاع على الفور – وهي عملية نفذها أريئيل شارون في نهاية المطاف بعد 12 سنة، عند تطبيق خطة الانفصال في 2005. إذا كانت هناك مستوطنات في قلب غزة… مع ثلاثين شخصاً، الذين يجب فعل الكثير من الأمور من أجل الدفاع عنهم، فإنه يجب فحص ماذا سنفعل مع هذه المستوطنات”، قال رامون. “بخصوص غزة، لا مشكلة من ناحية الرأي العام. هناك دعم مطلق بأن علينا مغادرة غزة… دعم مطلق، بما في ذلك إخلاء مستوطنات في غزة. ما يمنعنا من الخروج من غزة بشكل كامل هو المستوطنات التي هناك. لو لم تكن هناك مستوطنات لخرجنا من غزة كلها، لأننا لسنا بحاجة إليها”، أضاف.

طرح رامون قضية حرية التعبير لمعارضي الاتفاق للنقاش، ودعا إلى “الحرص على أنه ليس من حقهم التظاهر واستخدام كل الوسائل المشروعة فحسب، بل على الحكومة حماية هذا الحق لهم”. رئيس الحكومة رابين تحفظ، وقال: “لا يجب المبالغة”. رد رامون: “أقترح المبالغة لأنها معركة على الديمقراطية – في الديمقراطية يجب السماح للمواطن بالتظاهر بطرق مشروعة، وعلى الحكومة أن تسمح له بفعل ذلك”. رابين صمم: “لكن لا يجب أن يشكل ذلك إزعاجاً مستمراً. المشكلة هي ما هي الوسائل المشروعة”.

في إجمال الجلسة، قال رابين: “ستكون المشكلات صعبة، وأنا مضطر للقول بأن هذه المشكلات ستكون أصعب مما هي اليوم مع أي حكم ذاتي، لأنك اليوم تملك السيطرة بشكل كامل، في حين ستكون في شراكة لاحقاً، وسيكون الامتحان حول هذه الشراكة. لا أقترح طمس ذلك”، وأضاف: “رغم كل ذلك، أؤمن بوجوب السير في هذه الطريق”.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى