ترجمات عبرية

هآرتس: خطــر وجــودي

هآرتس 2024-01-25، بقلم: عوزي برعام: خطــر وجــودي

مرتين في حياتي شعرت بخطر وجودي حقيقي يحلق فوق رؤوسنا. المرة الاولى كانت في العام 1967 عندما اغلق الرئيس المصري جمال عبد الناصر مضائق تيران وفرض علينا حصارا اقتصاديا. العالم أدار لنا ظهره. وزير الخارجية في حينه آبا ايبان عاد من باريس وواشنطن خالي الوفاض تقريبا. الهجمات الفلسطينية من القاهرة برئاسة احمد الشقيري، سيء الصيت، كانت يومية. وبصفتي اصغر الاعضاء في سكرتاريا حزب العمل فقد أيدت تعيين موشيه ديان في منصب وزير الدفاع. وهو التعيين الذي رفع المعنويات الوطنية ومكن اسحق رابين من الانتصار العسكري في حرب الايام الستة.

مرت ست سنوات والشعور بالعجز اغرقنا مرة اخرى. ديان كوزير للدفاع اظهر الضعف وعدم الثقة بقدرتنا على صد العدوان المصري والسوري. عندها جاء الفشل. أنا كنت اعمل في قسم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي عندما رافقنا مراسلين اجانب الى مناطق المعارك القاسية. في بداية المعركة رأينا الشك في عيون الجنود، الشعور بالخطر الوجودي ازداد. بعد اسبوعين تم استكمال اجتياز القناة ومحاصرة الجيش الثالث. الشعور بالارتياح كان كبيرا.

الآن يغمرنا مرة اخرى الشعور نفسه بالخطر لكنه أصعب بكثير، لأن الخطر الوجودي غير محدد ولا يرتبط بصورة الانتصار التي يسعى اليها نتنياهو. في الوقت الذي تدير فيه اسرائيل المعركة في قطاع غزة فانه تزداد عليها تهديدات ليست تكتيكية، بل استراتيجية وربما بعيدة المدى. وضعها امام العالم العربي يثير القلق الحقيقي.

هناك كتّاب مقالات في “هآرتس” يقولون بأنه يجب علينا الحفاظ على نظرتنا وقيمنا “حتى في الايام الصعبة”. وهم يستخدمون مفهوم “ايام صعبة” وكأن الأمر يتعلق بانتفاضة محلية أو معركة ضد الانقلاب النظامي الذي نجحنا في ًًصده. لكن 7 تشرين الاول لم يكن فقط يوما من الاهانة الوطنية أو يوما من المذبحة غير المسبوقة في حجمها. في هذا اليوم فقدنا ذخرنا الاهم وهو ردع الاعداء. نحن لا نحتاج الى شجاعة فكرية استثنائية كي نقدر بأنه الآن أنور السادات لم يكن ليأتي الى هنا. لماذا يريد عقد اتفاق سلام مع دولة تتعثر في المعركة العسكرية التي تديرها، دولة مكانتها الدولية سيئة جدا والمجتمع فيها يعاني من انقسام عميق؟.

في الوقت الذي يكون فيه الخطر الوجودي واضحا وملموسا، وامام احتمالية مواجهة مع ايران وحزب الله، فان الأذن لا تصغي الى اقتراحات حول الانسحاب من قطاع غزة، مع المعرفة بأننا نفقد قوة الردع ونرسم يحيى السنوار كقدّيس في العالم العربي. أنا أعرف أن قضية المخطوفين هي قضية حاسمة وأنه يجب القيام بخطوات صعبة من قبلنا من اجل اعادتهم.

الفلسطينيون ايضا يحصلون على التشجيع من التغيير نحو الاسوأ في مكانتنا الدولية. هم يشعرون بأنهم يحصلون مجددا على مكانتهم ككيان. يجب علينا استغلال المصلحة الواضحة التي توجد لدى الرئيس الاميركي، جو بايدن، من اجل التوصل الى اتفاق شامل مع السعودية ومع الفلسطينيين ومع دول اخرى. مصلحة اسرائيل الوجودية مناقضة لطريق ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اللذين يعلق عليهما نتنياهو مصير مستقبله السياسي. هما ليسا وحدهما. ففي الليكود يوجد الآن توابع واضحة تبنت طريقهما المسيحانية التي ستترك اسرائيل معزولة.

التهديد الوجودي لنا ليس سراباً. وفقط اذا عرفنا كيفية ازالته فان الأفق سيظهر لنا مختلفاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى