ترجمات عبرية

هآرتس: خارج العرض في واشنطن

هآرتس 19-7-2023، بقلم نوعا لنداو: خارج العرض في واشنطن

في غرفة البيت الأبيض، شارك أمس ثعلبان سياسيان ذكيان في عرض مسرحي أخرج بشكل جيد بعنوان “علاقات سياسية سليمة”. وبما يناسب المسرحية، كتب أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، قرأ الأسطر الخاصة به مباشرة من الورقة التي وضعت على ركبتيه.

في المقابل، أسمع رئيس الدولة إسحق هرتسوغ كل شعاراته الباهتة في البيت: التزام قوي، صداقة لا تنكسر، لا يوجد شعار باهت حول العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة إلا وجُند لهذا العرض، الذي كل هدفه إثبات مدى قوة العلاقات بين الدولتين والشعبين وتقديمها على أي نقاشات محددة مع حكومة الذعر لبنيامين نتنياهو.

صفحات الرسائل التي خرجت من مكتب بايدن ومكتب نتنياهو قبل اللقاء مع هرتسوغ، كان يمكن كتابتها مسبقاً وبدون صعوبة. أراد نتنياهو كما هو متوقع أن يبرز علاقاته الجيدة ظاهرياً مع الإدارة الأمريكية رغم كل شيء، والدعوة النظرية التي حصل عليها للقاء المأمول هناك والنضال المشترك ضد إيران ونيته مواصلة الانقلاب النظامي رغم ذلك ورغم خرق وعوده الصريحة بالتوصل إلى اتفاق واسع (“إنهم يجبرونني يا جو، لك يتركوا لي هامش مناورة سياسياً”).
الأمريكيون في المقابل، أرادوا إبراز التنسيق التام في المجال العسكري أمام الإيرانيين في البداية، والتهدئة الحيوية من ناحيتهم في الموضوع الفلسطيني وتعزيز السلطة (قمة العقبة)، بهدف الدفع قدماً بالمسار السعودي والمطالبة الديمقراطية الثابتة لوقف البناء في المستوطنات، وبالطبع التحفظ من الانقلاب النظامي وأهمية حماية الديمقراطية (“تصعب الأمر عليّ، يا بيبي. ولكننا سنواصل القول بأن قيمنا مشتركة”).

خلافاً لرغبة إسرائيلية بتحليل كل خطوة دبلوماسية من منظور العصا والجزرة، أو الرابح والخاسر، فإن إجراء المكالمة الهاتفية مع نتنياهو قبل اللقاء مع هرتسوغ في البيت الأبيض لم يشكل مكافأة سياسية مثيرة لرئيس الحكومة. أحياناً هناك بروتوكول أمريكي مثل محادثة تنسيق مطلوبة مع زعيم دولة قبل لحظة من قدوم شخصية رفيعة أخرى من تلك الدولة.

بنفس الدرجة، لا يوجد ما نفسر فيه الاحتضان والعلاقة الودية للرئيس هرتسوغ كنوع من الاستفزاز الخاص جداً ضد نتنياهو الغائب. الولايات المتحدة في الحقيقة تريد الإثبات الآن بأن العلاقات مع إسرائيل أعمق من علاقاتها مع هذه الحكومة أو تلك، لكن هرتسوغ مع ذلك جاء إلى أمريكا كمبعوث رسمي يمثل الحكومة، وليس كممثل حازم لمعارضة مقاتلة. بهذا المعنى، يتوقع أن يقوم هرتسوغ في زيارته للولايات المتحدة بكل ما فعله دائماً بشكل جيد: السير بين النقاط والبقاء جافاً.

حتى لو قال في الغرف المغلقة هنا وهناك ما هو مثير للغضب بدرجة ما في موضوع الانقلاب النظامي، فإن رسالته العلنية، خصوصاً في مواضيع الخارجية والأمن، ستخدم الحكومة أيضاً بشكل ممتاز. مهمته الأساسية أن يعمل على تهدئة الأمريكيين بالقول إن إسرائيل ما زالت دولة ديمقراطية رائعة، وأن ليس هناك ما يدعو لتحطيم الأدوات، وأنه من المهم والممكن التوصل إلى تسويات بين الطرفين حول الانقلاب الذي رغم جميع الخلافات فالحكومة محقة في المواضيع الأمنية الرئيسية. في كل ذلك، سيكون هرتسوغ سفيراً ممتازاً لنتنياهو وحكومته. بالضبط مثل السفير الحقيقي في واشنطن شقيقه مايك.

في غضون ذلك، في الواقع خارج العرض الدبلوماسي، أوضح وزراء في الحكومة بأن إلغاء ذريعة المعقولية هي المقدمة للسير قدماً من ناحيتهم. ورئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هنغبي، أوضح بأن الموضوع الوحيد (الوحيد!) الذي ستتم مناقشته بعد العودة من عطلة الكنيست لن يكون سوى تغيير تشكيلة لجنة تعيين القضاة. وفقاً لأقواله، حتى نتنياهو قال ذلك لبايدن. انشغل رجال نتنياهو في ذاك المساء أيضاً بهوايتهم المحببة أكثر من أي هواية أخرى، وهي الكذب والنفي، هذه المرة في موضوع البناء في “المناطق” [الضفة الغربية]. وقد قيل لبايدن كما يبدو بأنه سيتم تجميد البناء، لكن قيل لمواقع اليمين في إسرائيل بأنه لن يكون مثل هذه الأمور في أي يوم.

هذا الواقع القبيح يعرفه المتظاهرون الشجعان الذين ملأوا شوارع الدولة بجموعهم. وإن بقي هناك احتمال ضئيل لمنع بداية الانقلاب النظامي في الأسابيع القادمة، فهذا يتعلق الآن بالمعارضة المثيرة للانطباع للمدنيين في إسرائيل وليس بالضرورة بالعرض الذي يجري في أمريكا.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى