ترجمات عبرية

هآرتس-جدعون ليفي– قلائل الاسرائيليون الذين يستخدمون “الغماز”

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – 12/8/2021

” الاسرائيلي لا يستخدم الغماز لأنه لا يهمه أي أحد سواه، مثل دولته التي لا تحسب أي حساب لأحد ولا تهتم بأي أحد سوى نفسها “.

هذا يبدو موضوع تافه. السائق الاسرائيلي لا يستخدم الغماز. لقد قيل كل شيء عن عدوانيته وعنفه وفظاظته وعدم اهتمامه بالشارع. بالذات عدم استخدام الغماز هو كما يبدو اقل اخطائه. عملية بسيطة بواسطة اصبع واحد لا تكلف المال، نقرة واحدة والغماز يشتغل، وحتى لا يجب عليه اعادته الى مكانه لأنه يعود من تلقاء نفسه. ولكن الاسرائيلي لا يستخدم الغماز. هو ينحرف نحو اليمين واليسار وينقل من مسار الى آخر ويوقف سيارته، دون استخدام الغماز. استخدام الغماز هو للضعفاء، وهو للناعمين الذين لهم شخصية ضعيفة. من يستخدم الغماز هو شخص غبي. نساء ورجال، جيبات وسيارات لا يستخدمون الغماز.

في الحقيقة لماذا نستخدم الغماز؟ هذا في الحقيقة ينفع. في نهاية المطاف يمكن تحقيق كل شيء حتى بدون الغماز. فلماذا نستخدمه؟ هناك سائقون لا يعرفون أن هذا الجهاز في الاصل مركب في السيارة. الصافرة اصبحت مبحوحة من كثرة الاستخدام والغماز ما زال على حاله منذ شراء السيارة الجديدة. ولكن بالتحديد  هذا الهراء، استخدام الغماز، هو الذي يمكنه أن يعلم فصل عن الاسرائيليين. الشخص الذي يتلو بتحمس “كل اسرائيل اصدقاء” يغني بحنجرة مخنوقة “من اجل حياة هذا الشعب، الذي كم هو جميل أنه هكذا”، ينادي كل شخص “أخي” ويُحدث نفسه عن الاخوة الرائعة الموجودة هنا، يعيش في أحد المجتمعات الانانية والمتهورة في العالم.

“أنا المهم وغيري لا شيء” تبدأ بالغماز. عندما ننظر الى ضوء الغماز الذي لا يعمل نفهم ذلك. الاسرائيلي لا يستخدم الغماز لأنه لا نية لديه للاهتمام بأي أحد غيره. العدوانية والعنف في الشارع يمكن دائما تبريرها بالتوتر الامني الذي يبدو أنه يسود هنا. يمكن ايضا اتهام درجات الحرارة العالية وازمات السير غير المحتملة، التي يمكنها أن تخرج كل شخص عن طوره. ولكن استخدام الغماز؟ كيف يرتبط هذا بتهديد ايران والكارثة اليهودية؟ هذا ليس له صلة. 

إن عدم استخدام الغماز هو أنانية مصفاة ونقية وليس لها أي مبرر. هو الغطرسة الاسرائيلية في أجمل صورها. واذا كان الامر لا يهمني ولا يفيدني فلماذا استخدمه. استخدام الغماز استهدف اعطاء اشارة للآخر عن نيتك من اجل تحذيره، وطلب الاذن منه، واجراء حوار معه، كل هذه الامور غريبة علينا. الاسرائيلي لا ينسى استخدام الغماز، بل هو لم يكن ينوي في أي يوم استخدام الغماز. صحيح أنه بعدم اهتمامه بالشارع توجد درجات. هناك الدرجة التي فيها يندفع بقوة دون استخدام الغماز، الاغلبية؛ وهناك من يستخدم الغماز ويعتقد أن هذا يكفي كي يكون الشارع له، الاقلية؛ وهناك من يستخدم الغماز وينتظر رؤية هل الآخر يسمح له بالاندماج، أقلية ضئيلة. في اليوم الذي فيه الاقلية الضئيلة تتحول الى اغلبية ستكون لدينا بلاد مختلفة.

هذا السلوك لم يولد في الشارع، وهو لا يبقى على جانبيه، بل هو يأخذ مصادره من الثقافة ومن الطابع الوطني ومن روح العصر. في نفس الوقت هو يشكل هذه الامور، بالضبط مثلما أن السائق الاسرائيلي لا يهتمي بأي شخص آخر في شارع 6 فان دولته لا تهتم بأي شخص آخر في الحي الذي وجدت نفسها فيه. يحتلون شعب آخر ويطيرون بشكل حر وبدون اذن في سماء دولة اخرى ويقصفون بشكل حر دولة اخرى.

من بين اعتبارات اسرائيل لن تجدوا في أي يوم الاهتمام بالآخر. هو حتى ليس الاخير في اعتباراتها. يحتجزون 300 جثمان لفلسطينيين، يبدو بهدف المساومة، وليذهب الى الجحيم الألم الفظيع الذي يتسبب به ذلك لابناء عائلاتهم الذين فقدوا اعز ما لديهم، والآن لا يوجد لديهم قبر ليزوروه. يقتلون الابرياء وبعد ذلك يصادرون بشكل اعمى واعتباطي تصاريح العمل في اسرائيل لجميع أبناء العائلات. هل توقف أحد من اجل التفكير بالثمن الباهظ الذي يدفعه هؤلاء الاشخاص مقابل ذنب لم يقترفوه؟ هل هذا يهم أي أحد؟ هل هذا يشكل اعتبار لأي أحد؟ ولماذا يكون هذا اعتبار؟. في نهاية المطاف اسرائيل يمكنها التنكيل بهذه الطريقة. ولم لا. على جدول الاعمال يقف فقط أمر واحد وهو اسرائيل، اسرائيل، اسرائيل. لا يوجد أحد غيرها، مثلما هو الامر في الشارع، ومثل السائق الذي لم يستخدم الغماز في أي يوم من الايام.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى