ترجمات عبرية

هآرتس: تفنيد الزعم بأن حلّ الدولتين سيقود إسرائيل إلى حرب أهلية

هآرتس 2022-10-04، بقلم: ديمتري شومسكي

اعتبر روغل ألفر (“هآرتس”، 25/9)، خطاب يائير لابيد في الأمم المتحدة، الذي عبر فيه رئيس الحكومة عن الدعم الصريح لحلم تقسيم البلاد إلى دولتين، فرصة لمواصلة تطوير نقده لنموذج الدولتين ومن يؤيدونه. عرض ألفر سيناريو رعب يتمحور حول الإخلاء العنيف لجمهور المستوطنين، الذي سيكون تطبيق حل الدولتين مقروناً به، حسب قوله. هؤلاء المستوطنون، يقول ألفر، يعيشون لأسباب أيديولوجية بعيداً عن الجدار الأمني، وهم “أكبر عدداً بعشرة أضعاف من مستوطني “غوش قطيف” وأكبر بعشرة أضعاف من التطرف الفكري منهم”. هذه العملية، كما يتوقع ألفر، ستثير باحتمالية عالية جداً العنف بين اليهود أنفسهم إلى درجة حدوث حرب أهلية، لذلك، حسب رأيه، يدور الحديث عن تحد كبير جداً يواجه المجتمع الإسرائيلي، حتى لو كان معظم الجمهور يميل إلى الوسط السياسي.

المشكلة الرئيسة في تحليل ألفر تكمن في الميل إلى النظر للإخلاء المستقبلي المقدر في الضفة من خلال منظار الانفصال عن قطاع غزة. ولكن الانفصال يمثل النموذج السلبي، الذي في الأساس يجب أن نتعلم منه كيف أنه من المحظور بأي شكل من الأشكال تنظيم وتنفيذ إخلاء سكان مدنيين. مناقشة دروس الانفصال تعرضها دراسة مستنيرة بعنوان “إخلاء مدني غير عنيف: إعادة النظر في إنهاء مشروع الاستيطان”، التي تم جمعها ونشرها في تشرين الأول 2021 من قبل معهد “مولاد” (مركز تجديد الديمقراطية). أشار البحث بوضوح، خلافاً لما يظهر من كلامه، إلى أن اليسار السياسي يتعامل بجدية مع الصعوبات التي أثارها ألفر.

استناداً إلى تقرير لجنة التحقيق الرسمية لفحص معالجة المخلين من “غوش قطيف” وشمال “السامرة”، التي قدمت استنتاجاتها في العام 2010، واستناداً إلى مصادر نقدية أخرى تناولت الانفصال، فإن البحث أشار إلى ثلاث مشكلات أساسية، توجد لها صلة بتخطيط إخلاء مستقبلي في “يهودا” و”السامرة”. المشكلة الأولى هي أن الجدول الزمني الذي خطط لتنفيذ الانفصال كان قصيراً إلى درجة أنه غير معقول (سنة وثمانية أشهر بعد إعلان أرئيل شارون نية الانسحاب من القطاع وحتى الانسحاب نفسه)، رغم أن عملية إخلاء معقدة لمدنيين أكبر يجب أن تتم بالتدريج وبإعداد مسبق.

الثانية هي أن الانفصال كان أحادي الجانب، ولم يتم في إطار اتفاق سياسي، ولم يتم تنسيقه مع الجهات التي تم نقل الأراضي إليها، ولم يتم ضمان أي مظلة دبلوماسية له. كانت النتيجة أن الشعور بالأمن لدى المخلين تم المسّ به. وليس هذا فقط، بل ساد الشعور أيضاً في أوساط الكثير من الجمهور الواسع بأن الأمر يتعلق بتنازل جغرافي دون مقابل، الأمر الذي زاد من شدة معارضة الإخلاء في أوساط المستوطنين، وعمّق الشكوك أيضاً في أوساط الكثير من الإسرائيليين فيما يتعلق بجدوى هذه العملية. تتصل هذه النقطة بشكل مباشر بالادعاء المبرر لألفر بشأن الحاجة إلى إقناع معظم الإسرائيليين بضرورة الإخلاء. هنا، إذاً، يكمن الرد المحتمل الوحيد على هذه الصعوبة: الإخلاء يجب أن يكون جزءاً من اتفاق سياسي شامل، يعلن بوضوح عن نهاية النزاع.

المشكلة الثالثة وبارتباط واضح مع المشكلتين السابقتين، بسبب الطابع الضاغط والمحدد زمنياً لعملية الإخلاء، وعلى خلفية عدم الهدوء الأمني المتواصل الذي نبع من الطابع أحادي الجانب للعملية، تم وصف عملية الانفصال، وتم تأطيرها في وسائل الإعلام بمفاهيم متشددة، حيث يحلق تهديد الحرب الأهلية فوق الخطاب العام. لذلك، تم نقش هذا الحدث في الذاكرة العامة كحدث صادم ودراماتيكي، مثلما يتردد صداه في أقوال ألفر، الذي يتمسك بسيناريو رعب الحرب الأهلية، والذي يعزز ثقته في استحالة حل الدولتين. كل ذلك رغم حقيقة أن أي سيناريو من سيناريوهات الرعب لن يتحقق في فترة الانفصال، ورغم أن احتمال تحققه في إطار اتفاق الإخلاء منخفض جداً.

يجب تأكيد حقيقة، يدركها ألفر أيضاً، أنه في إطار الاتفاق المستقبلي (الذي اقترب منه الطرفان جداً في أنابوليس في العام 2007)، نحو 80 في المئة من المستوطنين في الكتل الاستيطانية يمكنهم البقاء في أماكنهم. هكذا فإن الـ 20 في المئة، والـ 150 ألف شخص الذين يوجدون شرق مسار جدار الفصل المصادق عليه في عمق الأراضي الفلسطينية، ما زالوا يعتبرون عدداً كبيراً جداً.

يعترف البحث الذي أجراه معهد “مولاد” بحقيقة أن إخلاء بهذا الحجم يتوقع أن يثير معارضة كبيرة في أوساط هؤلاء المستوطنين. ورغم ذلك، جاء في البحث أن الاستناد إلى دروس الانفصال عن القطاع، وإلى جانب تقليل تدريجي مراقب ومتفق عليه مسبقاً للدعم الاقتصادي والقانوني لهذه المستوطنات، سيكون بالإمكان التوصل، في إطار العملية السياسية الجديدة، إلى إنهاء هذا المشروع بشكل غير عنيف.

من أجل أن يحدث كل ذلك يجب على الطرفين العودة إلى طاولة المفاوضات على أساس مسار أنابوليس واقتراح أيهود أولمرت. في الطرف الإسرائيلي (وفي الطرف الفلسطيني أيضاً) مطلوب من أجل ذلك دعم واضح من قبل معظم الجمهور. يجب الأمل في أن حقيقة أن لابيد، الزعيم المحبوب ومن حزب وسط واضح، والذي لا يعتبر من اليسار، تبنى علناً حلم الدولتين، ستشجع من يؤيدونه على السير وراءه في هذا المسار، وأيضاً ستشير إلى الخطوة الحقيقية الأولى نحو توسيع دائرة الذين يؤيدون استئناف العملية السلمية في أوساط الكثير من الإسرائيليين، من الوسط المعتدل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى