ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عودة بشارات – يا عنصريو اسرائيل وفرنسا، اتحدوا

هآرتس – بقلم  عودة بشارات  – 9/12/2019

رقم قياسي جديد لتملق اوروبا، الذي يشكل قعر جديد في البؤس الاخلاقي، سجل في الاسبوع الماضي عندما صادق البرلمان في فرنسا على قانون ينص على أن مناهضة الصهيونية هي شكل من اشكال اللاسامية. بالذات هذه القارة المغلفة بشعارات الحرية والمساواة والأخوة، ولكن خلافا للشرق الذي وصف من قبلها بأوصاف وحشية، ونكلت باليهود على مدى اجيال، جاءت لتعلمنا قيم الاخلاق.

في القرن السابع أقنع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – حسب كتاب سايمون صباغ مونتفيوري “القدس: السيرة الذاتية” – 70 عائلة يهودية في طبرية بالعودة الى القدس التي تقع تحت حكم المسلمين. وفي القرن العشرين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أدارت اوروبا ظهرها للاجئين يهود كثيرين. ومن اجل شرح التوازن – مرة اخرى حسب مونتفيوري الذي يقتبس الراهب الارمني سباوس – نذكر بأن “الحاكم الاول للقدس العربية كان يهوديا”. وليس هذا فقط. فبعد فظائع اوشفيتس والابادة رفضت القارة الخائنة دفع ثمن جرائمها ضد اليهود، كما قال الكاتب المتوفى عاموس كينان، “الدين الذي يوجد للعالم الحر تجاه اليهود ألقاه بسهولة على كاهل العرب”. هكذا، معظم الشعب الفلسطيني تم طرده من وطنه الى الدول العربية، وحتى الآن، 70 سنة بعد ذلك، ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين في ظروف صعبة جدا.

دولة اسرائيل تحولت الى جزء من اوروبا المتملقة في جميع المجالات: الاقتصاد والغناء والرياضة. ايضا في سلوكها السياسي هي جزء من القارة البيضاء. فمن جهة يلوحون بقيم انسانية تصل عنان السماء، ومن جهة اخرى ينزلون الكوارث على شعوب الشرق. انظروا الى قيمة الجزائر لدى فرنسا وقيمة النكبة لدى اسرائيل. الآن تأتي القارة البيضاء مع حمولة من الاخلاق النتنة، وتطلب بوقاحة من الفلسطينيين، ضحايا ضحيتها، الصمت على المظالم التي حلت بهم كجزء من الممارسة الصهيونية: الطرد والهدم والتمييز. الشاعر العراقي مظفر النواب، صرخ في مناسبة مشابهة: “كيف تصمت مغتصبة؟”. اجل، لنراكم، يا اعضاء البرلمان الفرنسي، وأنتم مطرودين من بيوتكم ومطلوب منكم شكر من طردوكم.

من المهم أن نذكر الفرنسيين بأن اختبار من يحارب اللاسامية ليس بالتملق لحكومة دولة تمتلك القوة العسكرية الخامسة في العالم ولديها علاقات محبة عاصفة مع رؤساء حكومات يجسدون الديكتاتورية واللاسامية والعنصرية، مثل اوربان ودوترتا وبولسنارو وغيرهم. الاختبار للنضال ضد اللاسامية هو بتغيير الواقع الذي ما زال فيه اليهود يعيشون في انظمة تحرض ضدهم. هذا هو اختباركم: الوقوف امام موجة اللاسامية في الولايات المتحدة، التي ازدادت بشكل بارز منذ انتخاب دونالد ترامب، الصديق المطلق لحكومة بنيامين نتنياهو.

والاكثر من ذلك هو أن من ينقش على رايته محاربة اللاسامية فقط دون ربطها بالعنصرية ضد جماعات عرقية ودينية اخرى، مثل المسلمين والمكسيكيين والسود، هو عميل للاساميين الحقيقيين، الذين خبزهم اليومي هو التحريض والفصل.

في النهاية، نشير الى أن قرار فرنسا يعزز الاسرائيليين الذين يرفضون تشكيل حكومة مع العرب. ولكن اليكم هذا التناقض: العرب لا يمكنهم معارضة الصهيونية التي أوقعت عليهم الكوارث. وفي المقابل، اليهود في اسرائيل يعتبرون انفسهم باغلبيتهم صهاينة،كل واحد وصهيونيته – البعض مع صهيونية ارض اسرائيل الكامل والبعض الآخر مع دولتين لشعبين. مع ذلك، من هذه الأدغال نمت في السنوات الاخيرة اشجار يانعة من التعاون بين اليهود والعرب، على قاعدة مباديء عالمية وبدون النبش في خيوط المتدينين، من هو صهيوني ومن هو غير صهيوني. هذا الامر يقض مضاجع المتطرفين في اسرائيل.

في هذه الاثناء المساعدة جاءت من اليمين في فرنسا. “الطيور على اشكالها تقع”، كما يقول المثل العربي.  مبروك عليكم، أيها الفرنسيون الاعزاء، احبابكم العنصريون الجدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى