ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – ليس هناك مكان للهرب

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 9/12/2019

“لا يوجد أي شيء يساعد. أنا سأعود الى المانيا حتى لو اضطررت الى السباحة. هنا في المغرب لا يوجد لي عيش”، قال الشاب المغربي نسيم جوهير لموقع “كانترا” الالماني. جوهير جاء الى المانيا في العام 2015 وانتظر اكثر من ثلاث سنوات من اجل الحصول على مكانة لاجيء التي تمنحه الاقامة الدائمة في الدولة. ولأنه لا توجد له ثقافة مهنية فقد وجد لنفسه اعمال عارضة، وتعلم اللغة الالمانية على أمل الاندماج في المجتمع الالماني – تعلم مهنة وكسب الرزق وتحقيق حلم الهجرة.

ولكن قبل سنة تقريبا تسلم مغلف بشره بالبشرى القاسية. جوهير لن يحظى بمكانة اللاجيء ويجب عليه مغادرة الدولة على الفور والعودة الى المغرب. حسب قوله هو دفع 11 ألف يورو للمهربين من اجل مساعدته وعلى اجتياز الحدود من تركيا الى اوروبا. وايضا اجتاز رحلة خطيرة في البحر وأوشك على الغرق. والآن “في لحظة، في المغلف، يتلاشى الحلم”.

حسب معطيات وزارة الهجرة في المانيا، تم طرد 665 مهاجر مغربي من المانيا في العام 2018. ويبدو أن الاعداد هذه السنة ستكون أكبر. جوهير غير ملاحق في بلاده وحياته ليست في خطر، والنظام في المغرب لا يهدده بالاعتقال. ملايين الشباب مثله فقط يعيدون تحقيق حلم وخلق حياة افضل لانفسهم. الذهاب الى اوروبا مهما كان خطيرا، ينبع من اليأس والضائقة، وهو يعتبر عمل بطولي، وحتى مصدر للتفاخر لهم ولابناء عائلاتهم.

وقد قال جوهير بأنه بعد عودته الى المغرب اصطدم بعلاقة اغتراب من قبل اقاربه واصدقائه. أحد الاصدقاء قال له بأنه لو كان محله لما غادر المانيا. وأبناء عائلته رغبوا في أنه رغم البشرى التي تلقاها كان يمكنه النجاح في المانيا. وحتى كان يمكنه مستقبلا الحصول على الجنسية ولم شمل العائلة. الآن خاب أمل عائلته، وهو اضطر الى البدء من جديد، بدون مال وبدون مساعدة من الدولة.

الاغتراب وحتى الكراهية، تستقبل من يعودون الى وطنهم. وحتى لو لم يكونوا لاجئين تم طردهم. وعن ذلك تحدث للصحيفة شخص تركي عاد مؤخرا من المانيا وقرر العيش في بلاده. “أنا ولدت في تركيا ولكني كنت لسنوات طويلة في المانيا. لغتي التركية كانت اساسية جدا، وأنا استطيع التواصل مع اصدقاء اتراك. المشكلة الاساسية هي أنهم يعتبرونني خائن، غادر تركيا، وعاش حياة جيدة في الشتات. وجمع المال وكان يكسب جيدا في حين أنهم اضطروا الى العيش في ظل الحكم التركي والسعي وراء الرزق”.

هذا المواطن التركي قال لي بأنه رغم نجاحه في ايجاد عمل في انقرة كتقني حواسيب، إلا أنه يعرف مواطنين كثيرين عادوا ولكنهم يجدون صعوبة حتى في التقدم لمقابلة عمل، بسبب أنهم يعتبرون مهاجرين، يبحثون عن أخذ أماكن عمل مواطنين أتراك. (يسمونهم “الالمان” ويعتبرونهم أعداء للدولة). وقت الفراغ الكبير لديهم يقضونه في المقاهي التي يجتمع فيها اشخاص مثلهم. وهم يتحدثون مع بعضهم باللغة الالمانية ويسترجعون الذكريات ويسألون انفسهم لماذا اختاروا العودة.

بالطبع وضع هؤلاء افضل بكثير من وضع ملايين اللاجئين الذين يعيشون في اوروبا. ولكنهم محتجزون في منشآت الاستيعاب، وينتظرون هناك اصدار قرار حول مكانتهم. في المانيا يحصلون على مساعدة ضئيلة من المال والغذاء. والكثيرون توجد لهم فرصة لتعلم اللغة الالمانية في دورات تنظمها الدولة من قبل متطوعين. ولكن ليس كل مراكز الاستيعاب متشابهة من حيث الظروف. احدى الظواهر التي تثير القلق هي ازدياد اعمال العنف بين اللاجئين، لا سيما التنكيل بالنساء.

موقع “المهاجر” الذي يعمل على تقديم النصائح والتوجيهات للمهاجرين من دول غرب اوروبا، يتحدث عن شكاوى النساء ضد مرشدين وموظفين استغلوا مكانتهم وقاموا بمهاجمتهن. في عدد من مراكز الاستيعاب لا يوجد فصل بين النساء والرجال في المراحيض والحمامات، الامر الذي يشجع على التلصص في افضل الحالات وعلى الاغتصاب في الحالات الاسوأ. بشكل عام يوجد في هذه المراكز خط ساخن، بواسطته تقدم النساء الشكاوى عن مهاجمتهن أو اعمال فاحشة. ولكن يتبين أن القليل من النساء يستخدمن هذا الخط لأنهن يخشين من أن شكاوى كهذه ستضر باحتمال حصولهن على مكانة اللاجيء.

حسب معطيات “OECD” فان نسبة النساء من بين اجمالي عدد طالبي اللجوء في المانيا هي 40 في المئة تقريبا. ويتم بذل جهود كبيرة لمساعدة النساء اللاجئات اللواتي يعشن في مراكز استيعاب بعيدة عن مراكز السكان ولا يعرفن الثقافة المحلية، سواء بسبب صعوبات في اللغة أو بسبب القدرة المحدودة على الوصول. معظم النساء ليس لهن ثقافة مهنية أو خبرة في العمل، التي يمكن أن تساعدهن في اعالة انفسهن عدا عن مساعدة الحكومة. ولكن مقابل المعاملة الجيدة والمشجعة التي حصل عليها طالبو اللجوء في السنوات الاولى للحرب في سوريا، الآن يوجد توجه جديد.

حسب شهادات موظفي مراكز الاستيعاب، يبدو أن سياسة المساعدة تغيرت، والهدف الآن هو تشجيع طالبي اللجوء على مغادرة اوروبا. السويد مثلا تفحص مرة اخرى مستوى الخطر الامني الذي يتعرض له المواطنون في سوريا. وفي ايطاليا واليونان فرضوا قيود متشددة على تقديم المساعدات للاجئين، وحتى على انقاذ الذين يصلون عبر البحر. هذه السياسة تؤثر ايضا على سلة الاستيعاب التي يتم اعطاءها لمن يوجدون حاليا في مراكز الاستيعاب، وبالاساس على الاستجابة مستقبلا لطلبات حصولهم على الجنسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى