ترجمات عبرية

هآرتس: بسبب أوكرانيا: أوروبا متعطشة للأسلحة، والمصنعون الإسرائيليون يحطمون الأرقام القياسية

هآرتس 14-6-2023، بقلم أمير تيفون وعوديد يارون: بسبب أوكرانيا: أوروبا متعطشة للأسلحة، والمصنعون الإسرائيليون يحطمون الأرقام القياسية

ألمانيا وإسرائيل في الطريق إلى صفقة التصدير الأمني الإسرائيلي الأكبر على مدى التاريخ؛ وفنلندا أصبحت الدولة الأوروبية الأولى التي تشتري “مقلاع داود”؛ وشركة “البيت” تفوز بمناقصة بمبلغ 305 ملايين دولار للجيش الهولندي؛ وأستونيا تشتري المسيرات من إسرائيل بمبلغ 100 مليون دولار تقريباً. هذا جزء من العناوين التي نشرتها في الأشهر الأخيرة وسائل إعلام إسرائيلية، وتتحدث عن تطور مهم في العلاقات الأمنية بين إسرائيل والدول الأوروبية: على خلفية الحرب في أوكرانيا والتهديد الروسي، تزيد أوروبا ميزانيات الدفاع لها، وإسرائيل هي الرابح الأكبر، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي.

نشرت وزارة الدفاع أمس معطيات تشير إلى أن سنة 2022 كانت سنة الذروة للتصدير الأمني لإسرائيل، 12.5 مليار دولار. إلى جانب زيادة دراماتيكية في التصدير للدول التي وقعت على اتفاقات إبراهيم، التي اشترت من إسرائيل بمبلغ 3 مليارات دولار مقابل أقل من مليار في 2021. وتشير المعطيات أيضاً إلى ارتفاع كبير في التصدير لأوروبا حيث باعت الشركات الإسرائيلية منتجات أمنية بمبلغ 3.7 مليار دولار تقريباً في السنة الماضية.

تتحدث وزارة الدفاع عن ارتفاع التصدير إلى أوروبا في 2022 مقارنة مع السنة السابقة، رغم أن الأرقام الرسمية في 2021 تشمل صفقات بمبلغ 4.7 مليار دولار. وسبب الفجوة أنه في العام 2021 تم التوقيع على صفقة مع حكومة اليونان لإقامة مدرسة طيران هناك، تمتد لعشرين سنة. بدون هذه الصفقة، بلغ إجمالي الصفقات في أوروبا عام 2021 نحو 3 مليارات دولار مقابل 3.7 مليار دولار في 2020. وينسب الارتفاع في الأساس إلى تأثير الحرب في أوكرانيا وإلى ارتفاع ميزانيات الدفاع في أوروبا.

هذا التوجه استمر بكامل قوته في 2023، وتقدر جهات إسرائيلية رفيعة بأن زيادة التصدير الأمني ما زالت بعيدة عن الاستنفاد. وتحدث دبلوماسيون أوروبيون مع “هآرتس” عن هذا الأمر، وقدروا بأن تزيد أوروبا مشترياتها من إسرائيل في السنة القادمة. من خلال الإشارة للسبب نفسه وهو أ، فقد رفعت الحرب في أوكرانيا الموضوع الأمني على رأس الأجندة في دول أوروبية كثيرة.

صفقة صاروخ “حيتس 3” من إنتاج الصناعات الجوية، مثال بارز على ذلك. مبلغها الكلي 3.5 مليار يورو، ويتوقع البرلمان الألماني أن يصادق اليوم على دفع دفعة أولى مسبقة بمبلغ 600 مليون يورو. وقد بدأت إسرائيل وألمانيا التباحث بهذا الشأن في 2020، لكن لم يتم تسريع الاتصالات إلا في السنة الأخيرة لشعور بالإلحاح خلقته الأحداث في أوروبا.

“لم تكن هذه المشتريات لتحدث الآن لولا الحرب الروسية”، قال مصدر دبلوماسي له علاقة بالاتصالات. المستشار أولف شولتس، حدد هدفاً لحكومته، وهو وضع بطارية أولى عملية للمنظومة على الأراضي الألمانية في 2025 تستهدف توفير الدفاع الجوي البالستي لرؤوس حربية تقليدية وغير تقليدية على ارتفاع 200 – 300 كم بهدف تقليص خطر تفجر رأس حربي كيميائي أو بيولوجي أو نووي فوق مناطق مأهولة بالسكان.

يتوقع شولتس وحكومته زيادة في ميزانية الأمن في ألمانيا السنة المقبلة بنحو 10 مليارات يورو بهدف تلبية التكلفة الجديدة المطلوبة جراء الحرب في أوكرانيا. ومثل دول كثيرة في أوروبا، ناقشت ألمانيا قبل سنوات هدف إنفاق نحو 2 في المئة من الناتج الخام للفرد فيها على النفقات الأمنية. ولكن في أعقاب الحرب في أوكرانيا، تحول هذا الهدف من طموح عام إلى سياسة فعلية.

وزير الخارجية ايلي كوهين، بدوره، تطرق لهذا التوجه وقال للصحيفة إن “الحرب في أوكرانيا تؤدي إلى زيادة حجم الاستثمار في الأمن في دول أوروبية كثيرة، وتزيد الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة. في الحالتين، لإسرائيل ميزة نسبية وننوي تعميق التعاون في هذه المجالات”.

“هذا تغيير نشاهده في دول أوروبية كثيرة”، قال للصحيفة مصدر إسرائيلي مطلع على العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية، مع التأكيد على الدول الأعضاء في حلف الناتو. وقد ذكر المصدر أيضاً بأنه في 2014، بعد غزو روسيا لشبه جزيرة القرم، نشر تعهد لدول الناتو بـ 2 في المئة من الناتج القومي الخام، لكن وعلى خلفية الأحداث في أوكرانيا، تحول هذا التعهد إلى أمر عملي لعدد من الدول الأوروبية.

“عاشت أوروبا بسلام وهدوء حتى 24 شباط 2022″، قال حاييم ريغف، سفير إسرائيل في مؤسسات الاتحاد الأوروبي والناتو. “في صباح ذلك اليوم، استيقظوا على فهم آخر للأمور”.

هذا الإدراك ينعكس، حسب أقوال مصادر أوروبية وإسرائيلية، ليس فقط على الصفقات الأمنية بين الدول، بل أيضاً على جوانب أخرى للعلاقات. “هذا ليس بالأمر الذي يمكن تقديره. ولكن في اللحظة التي تعطي فيها بعداً أمنياً لعلاقاتك مع دولة معينة فإنك تزيد جاذبيتك”، شرح ريغف في محادثة مع “هآرتس”، “وهذا يزيد أهمية العلاقات الجيدة مع إسرائيل”.

هذا التغيير يحدث في موازاة صعود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل تعمل خلافاً لموقف أوروبا في مواضيع مثل الاستيطان وحقوق الإنسان. “هذه المواضيع لا تتلاشى بسبب بيع إسرائيل وسائل قتالية لدولة معينة، بل ينشأ خليط مختلف في شبكة العلاقات”، قال للصحيفة دبلوماسي أوروبي من دولة وقعت في هذه السنة على صفقة كبيرة مع إسرائيل. “لن تتراجع أي حكومة في أوروبا عن دعمها لحل الدولتين أو تبدأ بدعم المستوطنات بسبب صفقة شراء أمنية. ولكن هذا يعني أنه عندما يجري حوار بين الزعماء ومستويات العمل المهنية، فلن يكون الاحتلال بالضرورة هو الموضوع الأول الذي يتحدثون فيه”.

عرض ريغف ادعاء مشابهاً: “أوروبا منفتحة أكثر على ادعاءات السياسة الواقعية والبراغماتية بعد السنة الأخيرة. ليس لأنها أوقفت التحدث معنا عن المناطق والفلسطينيين، بل لأن هناك مواضيع كثيرة لمناقشتها، منها أننا نستطيع الإسهام في هذه المواضيع كذلك”، وأضاف: “لمثل هذه الصفقات وجه سياسي هناك. وهذا لا ينتهي فقط بين المؤسسات الأمنية، بل يجب العمل أمام زعماء دول ووزراء خارجية وبرلمانات”.

هذا التوجه يبرز أكثر في دول تتعرض لتهديد أكبر من قبل روسيا. فأستونيا، وهي الدولة الأصغر في منطقة البلطيق، غيرت نمط تصويتها في السنة الماضية على مواضيع تتعلق بإسرائيل في الأمم المتحدة. وشرح وزير خارجيتها بأنه في الحالات التي لا يوجد فيها قرار مشترك لدول الاتحاد الأوروبي للتصويت عليه بشكل موحد، فستتمسك أستونيا بنموذج واشنطن المؤيد لإسرائيل. في المقابل، وقعت حكومة أستونيا على عدة صفقات مع إسرائيل، التي تم التوصل إليها نتيجة زيادة ميزانيتها الأمنية من 400 مليون يورو إلى 600 مليون يورو في السنة.

ثمة دولة أخرى من دول البلطيق، تحظى الآن بعلاقة قريبة مع إسرائيل، وهي ليتوانيا، التي ترأس حكومتها إنغريدا سيمونيته، زارت إسرائيل هذا الأسبوع والتقت رئيس الحكومة نتنياهو. في السنوات الأخيرة، حدثت أزمة بين الدولتين على خلفية صفقة أمنية كبيرة اكتشفت فيها تأخيرات وعيوب، كما نشر قبل شهرين في “هآرتس”. مع ذلك، قال مصدر في حكومة ليتوانيا للصحيفة بإنه منذ تم إصلاح العلاقات على الصعيد الأمني أيضاً. وأحد أسباب زيارة سيمونيته لإسرائيل هو فحص صفقات أخرى بين الدولتين.

ترى إسرائيل إمكانية كامنة لزيادة المبيعات أيضاً للدول التي انضمت حديثاً للناتو مثل فنلندا والسويد، وهاتان الدولتان الإسكندنافيتان ربما تزيدان ميزانيتها الأمنية بشكل دراماتيكي عند انضمامهما للحلف (فنلندا ضمت رسمياً في نيسان الماضي، وربما تنضم السويد في الأسابيع القريبة القادمة، الأمر الخاضع لمصادقة تركيا، وهي العضوة الوحيدة في الاتحاد التي عبرت عن تحفظها بسبب اللجوء الذي منحته السويد لنشطاء التنظيم السري الكردي). اشترت فنلندا من إسرائيل منظومة الدفاع الجوي “مقلاع داود” بمبلغ 345 مليون دولار. وعقدت في نهاية السنة الماضية صفقة أخرى لشراء صواريخ “سبايك” بمبلغ 240 مليون دولار.

السويد نفسها منتج كبير للسلاح، لكن شركة “البيت” فتحت مكاتبها في هذه الدولة وأعلنت في بداية السنة عن صفقة بمبلغ 48 مليون دولار لبيع شاحنات متنقلة للاتصالات لجيش السويد. بعد الانضمام للناتو، يتوقع زيادة ميزانية الدفاع للسويد من 7 مليارات دولار في السنة الماضية إلى 8 مليارات دولار في السنة الحالية. وتتوقع حكومة اليمين – الوسط الجديدة في السويد زيادة أخرى في العام 2024.

مع ذلك، وفي بعض الحالات، فالدول التي تزيد مشترياتها الأمنية من إسرائيل بسبب الحرب في أوكرانيا هي أيضاً التي توجه الانتقاد لخط إسرائيل الحيادي من الحرب. وقال دبلوماسي أوروبي للصحيفة إن التفهم الذي أظهره كثيرون في أوروبا إزاء ادعاء إسرائيل تخوفها من مواجهة روسيا في الساحة السورية، آخذ في التقلص مع مرور الوقت. “الإسرائيليون أنفسهم يقولون إن روسيا سحبت كثيراً من قواتها الموجودة في سوريا وأرسلتها إلى أوكرانيا. هذا الادعاء مقنع بدرجة أقل الآن مما كان في بداية الحرب. في نهاية المطاف، يعرف الجميع أن السلاح الذي تبيعه إسرائيل لأوروبا سنستخدمه لقتل الجنود الروس إذا انتصر بوتين في أوكرانيا”. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى