ترجمات عبرية

هآرتس: الولايات المتحدة وإسرائيل: فجوة كبيرة بخصوص «اليوم التالي»

هآرتس 2023-11-06، بقلم: ألون بنكاسالولايات المتحدة وإسرائيل: فجوة كبيرة بخصوص «اليوم التالي»

الدعم الأميركي متعدد الأبعاد لإسرائيل منذ 7 تشرين الأول هو دعم ضخم: فرشة سياسية ومظلة واستشارة عسكرية ومساعدة مادية كبيرة وتعاطف. ولكن هذا الدعم إلى جانب صورته الإيجابية لم يمنح في أي يوم دون شروط وقيود، وتقترب النقطة التي تشخص فيها الولايات المتحدة ابتعادا في المصالح بينها وبين إسرائيل. في هذه النقطة يمكن أن تتغير ديناميكية الدعم وطبيعة التعاون.

من بين كل الأمور التي قالها الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الشهر الماضي، الأكثر أهمية منها جميعا من ناحية استراتيجية لم تكن تصريحات حبه الصادق لإسرائيل، بل وصفه لما يحدث في العالم كجزء من “تحرك طبقات التكتون” الذي يحدث بين حين وآخر ويخلق خطوط فصل بين تحالفات مختلفة. هذا يؤثر على رؤية “اليوم التالي” للولايات المتحدة، في حين أنه من غير الواضح بالنسبة لها ما هي رؤية إسرائيل لذلك.

الزيارة الثالثة لوزير الخارجية الأميركي في إسرائيل منذ 7 تشرين الأول، في يوم الجمعة الماضي، والمحادثات شبه اليومية بين بايدن ونتنياهو، وقدوم حاملة الطائرات “دوايت آيزنهاور” إلى الشرق الأوسط والانضمام لحاملة الطائرات “جيرالد فورد” والنقاشات في الكونغرس حول رزمة المساعدة التي تبلغ 14.3 مليار دولار، كل ذلك يخلق الانطباع المتراكم بأن الدعم الأميركي لإسرائيل بقي على حاله.

في شهادته في لجنة التخصيص في مجلس الشيوخ في الأسبوع الماضي، وأثناء زيارته في إسرائيل وفي اللقاء، أمس، في عمان مع وزراء خارجية الأردن والسعودية ومصر ودولة الإمارات وقطر وممثل اللجنة التنفيذية في “م.ت.ف”، تحدث بلينكن بالفعل عن الحاجة إلى هدنة إنسانية. لكنه ذكر بوضوح بأنه لا توجد أي إمكانية لاستمرار حكم “حماس” في غزة. بالتالي، حاليا لا يوجد أي طلب أو أي نصيحة أميركية لوقف إطلاق النار. عودة إلى الوضع الراهن، أي إلى واقع ما قبل 7 تشرين الأول، والحفاظ على ما تبقى من القدرات الحكومية في يد “حماس” أمر غير وارد في الحسبان.

الهدف الأميركي الأكبر هو منع التصعيد الذي يمكن أن يورط الولايات المتحدة في حرب. خوف أميركا الأول كان أنه ما زالت توجد مصلحة لنتنياهو في التصعيد، الذي من خلال سلسلة أحداث سيؤدي إلى هجوم أميركي ضد ايران. درجة ثقة الولايات المتحدة بنتنياهو وقراراته هي متدنية جدا، لكن هذا الخوف تبدد في هذه المرحلة. من ناحية الولايات المتحدة فإن ما يردع ايران و”حزب الله” هو حاملات الطائرات وليس الجيش الإسرائيلي.

لقد احتل مكان الخوف من التصعيد انتقاد آخر وهو أنه لا يوجد لإسرائيل أي هدف سياسي محدد وواضح، تشتق منه عملية عسكرية واسعة. لا توجد أي مشكلة للولايات المتحدة، عملية سياسية أو أخلاقية، مع رد إسرائيل. هناك أسئلة لم تتم الإجابة عنها مثل كيف ترى إسرائيل “اليوم التالي”؟ من الذي سيملأ الفراغ في الحكم في غزة؟. التقويض العسكري لـ”حماس” هو بالتأكيد أمر مرغوب فيه. وتصفية كبيرة لقدراتها الحكومية، بالتأكيد. وماذا بعد؟، هذه الأسئلة لم يحصل بايدن وبلينكن ومستشار الأمن القومي الأميركي ورئيس الـ”سي.آي.ايه” على أي إجابة عنها.

ما زال الدعم لإسرائيل في الولايات المتحدة كبيرا. الساحة السياسية والإعلامية الداخلية في أميركا بدأت بالتدريج في إزعاج بايدن. ورغم أن الانتخابات ستكون بالضبط بعد سنة، 5 تشرين الثاني 2024، هذا وقت سياسي كبير جدا، ورغم الانتخابات في الولايات المتحدة لم تكن في أي يوم تجري حول مواضيع خارجية، وبايدن غير معني بالوصول إليها والولايات المتحدة متورطة بشكل كبير في درجة قوة مختلفة ولكنها خطيرة، في حربين، أوكرانيا وغزة، وربما خلال تصعيد في لبنان ومع ايران التي يمكن أن تورط الولايات المتحدة بصورة نشطة.

حظي بايدن بدعم وتقدير وشعبية حول وقوفه إلى جانب أوكرانيا وتعزيز “الناتو” وإدارة الأزمة أمام روسيا. دعم مشابه اعطي له حول دعمه لإسرائيل في الأسبوع الأول بعد 7 تشرين الأول. ولكن الشرق الأوسط هو تحد مختلف. هو مستنقع وحل لا توجد فيه أفضليات أو إنجازات، الذي تريد الولايات المتحدة التصديق بأنها انفصلت عنه. إذا كان الانتقاد حول استمرار الدعم الكثيف لأوكرانيا هو من الجانب الشعبوي الجمهوري فإنه في مسألة الحرب في غزة انتقاد بايدن يأتي من حزبه هو نفسه.

بايدن غير قلق سياسيا من مجرد التصريحات العنيفة والمتوقعة جدا لرشيدة طليب، العضو في مجلس النواب وهي من اصل فلسطيني من ولاية متشيغان. في الفيلم الذي نشرته طليب قالت، إن الرئيس “يؤيد إبادة شعب”، وأعلنت بثقة بأن “المواطنين الأميركيين لن ينسوا ذلك في 2024”. التهديدات العبثية لا تؤثر بشكل خاص على بايدن وعلى معظم الحزب، لكن صداها يدوي بشكل خطير في أوساط جزء من المصوتين للحزب.

يوجد للسيدة طليب تاريخ غني من التصريحات المتطرفة والمختلف عليها. هي بالطبع لم تكلف نفسها عناء فحص تعريف “إبادة شعب”. في أعقاب الحرب العالمية الثانية وكارثة يهود أوروبا اتخذت في كانون الأول 1948 المنظمة الجديدة التي قامت للتو، الأمم المتحدة، قرار 260 في الجمعية العمومية الذي يعرف إبادة الشعب: هو جريمة دولية تشمل “خطوات تتم بهدف إبادة بصورة كلية أو جزئية، لمجموعة قومية، عرقية أو دينية”. العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة حتى بالنسبة لمن ينتقدها، لا تقترب من تعريف إبادة الشعب، سواء من ناحية النية أو الفعل، وبالتأكيد ليس من خلال التخطيط.

المستشارون السياسيون ومدراء حملة بايدن الانتخابية يقلقون حقا من الضرر المتراكم في أوساط المصوتين الديمقراطيين الشباب الذين أساس خيبة أملهم وغضبهم في الحقيقة مرتبط بقضايا داخلية وليس خارجية. ولكن وقوفه إلى جانب إسرائيل يخلق بالنسبة لهم التماهي مع الفلسطينيين. في الاستطلاعات التي جرت منذ بداية الحرب في غزة، يظهر هناك انخفاض كبير، 11% في المتوسط، في تأييد بايدن في أوساط الفئة العمرية 18 – 25، التي تتناسب مع درجة الدعم المتدنية لإسرائيل. المشكلة المحتملة هي أن تراكم الغضب من بايدن سيؤدي إلى عدم التصويت في ولايتين رئيسيتين، وسكنسون، حيث توجد هناك مجموعة كبيرة للطلاب، وميتشغان حيث يوجد هناك العدد الأكبر للعرب في أميركا – ربما أيضا بنسلفانيا وأريزونا وجورجيا. طريقة الانتخابات المشوهة في الولايات المتحدة هي التي تمكن بايدن من الفوز بأغلبية 5 ملايين، وأن يخسر الانتخابات بسبب 3 ولايات من بين الـ 5. هذا ما حدث لهيلاري كلينتون في 2016.

تحدد الولايات المتحدة، خلافا لإسرائيل، الخطوط الأساسية “لليوم التالي” – ترى نظاما دوليا في غزة أو قوة متعددة الجنسيات. الواقع في غزة سيتوسع إلى الضفة الغربية وإسرائيل، وفي اليوم التالي سيطلب منها التعاون. مشكوك فيه أن يطلب من هذه الحكومة، لكن من الحكومة التي ستأتي بعدها. تم جر الولايات المتحدة رغم انفها للانشغال بغزة، من خلال التزامها بإسرائيل. ولكن في القريب سيتبين أن هناك فجوة كبيرة في الرؤية بخصوص “اليوم التالي” نفسه.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى