ترجمات عبرية

هآرتس: المفاوضات عالقة وهذا يخدم مصالح الجميع

هآرتس 21/4/2024، تسفي برئيل: المفاوضات عالقة وهذا يخدم مصالح الجميع

الحوار العلني الذي تجريه قطر مع الكونغرس الامريكي والحكومة الاسرائيلية، وصل في الاسبوع الماضي الى نقطة الغليان. رئيس الحكومة القطري ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اعلن بأن “قطر تفحص استمرار دورها في الوساطة حول صفقة المخطوفين”، ازاء الانتقادات ضدها، وبعد “أن شاهدنا للاسف بأن هناك اشخاص يستخدمون جهود الوساطة لمصالح سياسية ضيقة”.

اذا قامت قطر بتطبيق هذاالتحذير فهو سيشكل ضربة شديدة لجهود الوساطة واحتمالات عقد صفقة للمخطوفين. ليس فقط لأنه يوجد لدى قطر أداة ضغط مهمة على حماس، بل لأنها نجحت في خلق ديناميكية خاصة في المفاوضات التي يوجد فيها لممثلي اسرائيل (وإن كان ليس لحكومة اسرائيل) مكانة الشركاء. وحسب مصدر اسرائيلي مقرب من المفاوضات “لقد تولدت في قطر معرفة شخصية بين الطرفين، طورت الشعور بالتقدير المتبادل، الذي هو حيوي جدا من اجل نجاح المفاوضات”.

ما زال من السابق لاوانه الاعلان عن انتهاء دور قطر في الوساطة. ولكن ايضا لا يجب تجاهل التخوف من أن هذه الجهود، طالما أنها لم تثمر أي نتائج، تعرض مكانتها وعلاقتها مع الولايات المتحدة. هذا التخوف وجد التعبير العلني في رد قطر على دعوة عضو الكونغرس الامريكي ستني هوير، الذي طلب استخدام الضغط على قطر كي تزيد ضغطها على حماس، سواء من خلال تقليص تمويلها لحماس أو وقف اعطاء ملجأ لقيادتها في اراضيها.

اذا لم تستخدم قطر هذا الضغط فانه يجب على الولايات المتحدة اعادة تقدير علاقتها معها”، كتب عضو الكونغرس الديمقراطي في بيان نشر في يوم الاثنين الماضي. وردا على ذلك نشرت السفارة القطرية في واشنطن بيان مطول ومفصل جاء فيه: “قطر هي وسيطة فقط، واسرائيل وحماس هي المسؤولية بشكل كامل عن التوصل الى الاتفاق بينهما”. وبخصوص اقتراح هوير بشأن ابعاد قيادة حماس من قطر قالوا في السفارة “هذا في الحقيقة أمر يغري عمله كما يقترح، والتخلي عن الطرفين اللذين لا يتنازلان. في نهاية المطاف لا يقدم أي طرف منهما أي شيء لقطر. ولكن سيكون من المفيد التذكر بأننا ننشغل بهذا الامر لأنه طلب منا فعل ذلك من قبل الولايات المتحدة في العام 2012، لأن اسرائيل وحماس ترفضان، للاسف الشديد، التحدث معا”.

قبل عشرة ايام من ذلك طلب من السفارة القطرية الرد على اقتراح قانون قدمه السناتور تيد باد، الذي يطالب بالغاء مكانة قطر كحليفة كبيرة ليست عضوة في الناتو. وقد حصلت قطر على هذه المكانة الخاصة من الرئيس بايدن في 2022 بعد وساطتها بنجاح بين الادارة الامريكية وطالبان بصورة اثمرت الاتفاق الذي مكن من الانسحاب الهاديء نسبيا للقوات الامريكية من افغانستان. قطر ايضا استوعبت آلاف الافغان الذين عملوا مع القوات الامريكية وبذلك انقذت حياة الكثيرين. قطر اوضحت للولايات المتحدة، حتى في تشرين الاول، بأنها على استعداد لاعادة النظر في علاقتها مع حماس بعد استكمال صفقة المخطوفين. هذه الاقوال نشرت في حينه في “واشنطن بوست”، لكن لم تتم الاشارة الى أنه اذا كانت “اعادة النظر” هذه ستشمل ابعاد قيادة حماس من قطر.

ليس بالصدفة أن أعلن آل ثاني عن نية قطر في مؤتمر صحفي عقده هو ونظيره التركي، هاكان فيدان، الذي قام بزيارة الدوحة في يوم الاربعاء، والتقى ايضا مع اسماعيل هنية. لقد كان لفيدان “بشرى” خاصة به وهي أن حماس ستكون على استعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 (أي الاعتراف بدولة اسرائيل)، وأنه بعد اقامة هذه الدولة الفلسطينية حماس ستكون على استعداد للتنازل عن الذراع العسكري وأن تصبح حزب سياسي.

أمس هبط هنية في اسطنبول للمرة الاولى منذ تموز 2023، والتقى مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. هذه الزيارة جرت في ظل التقرير في “وول ستريت جورنال” الذي بحسبه حماس تفحص احتمالية مغادرة قطر وايجاد لنفسها دولة لجوء جديدة، والاحتمالية حسب التقرير هي سلطنة عمان أو دولة عربية اخرى لم يذكر اسمها.

هل تركيا وجدت لنفسها هذا الملاذ من اجل الانضمام الى النادي الحصري لدول الوساطة، وهل قيادة حماس بدأت في حزم الحقائب؟. تركيا ستجد صعوبة في ملء مكان قطر والتحول الى دولة لجوء، ليس فقط بسبب التداعيات التي يمكن أن تكون لمثل هذه الخطوة من قبل واشنطن. امام تركيا، قطر نجحت في ترسيخ مكانتها كوسيطة ناجعة، في البداية النجاح مع مصر في التوصل في شهر تشرين الاول الى اطلاق سراح اربع نساء في يومين، وبعد ذلك عند توقيع اتفاق التبادل الاول في تشرين الثاني. اضافة الى ذلك، رغم أنه لا توجد لها اي علاقات دبلوماسية مع اسرائيل إلا أنها تجري مع مبعوثيها المفاوضات على اراضيها.

توجد لقطر مكانة خاصة ايضا في نظر حماس، حيث قيادة حماس الخارج نقلت مقرها الى الدوحة في العام 2012 بعد أن قررت قطع علاقاتها مع سوريا، ونتيجة لذلك مع ايران، على خلفية المذبحة التي نفذها نظام الاسد ضد المدنيين السوريين. هذا الانتقال حدث بالاتفاق بين قطر والولايات المتحدة، التي ارادت أن تقيم مع المنظمة قناة وساطة تخدمها وتخدم اسرائيل.

عمليا، في 2006، بعد أن فازت حماس في الانتخابات في السلطة الفلسطينية، توجهت الولايات المتحدة الى قطر وطلبت منها أن تعمل كحلقة وصل غير رسمية مع حماس. في تشرين الاول 2012 زار غزة حاكم قطر حمد بن خليفة آل ثاني، والد حاكم قطر الحالي الشيخ تميم، وتعهد باعطاء حماس 400 مليون دولار لبناء الوحدات السكنية وتعبيد الشوارع واقامة مركز تأهيل طبي. حمد آل ثاني كان الزعيم العربي الاول الذي زار القطاع بعد سيطرة حماس عليه في 2007. ومنذ ذلك الحين منحت قطر حماس مساعدات بالمليارات، جزء منها كما هو معروف بموافقة وتشجيع من اسرائيل.

لا يوجد لتركيا أي سجل مثل هذا. المساعدات التي منحتها انقرة لحماس بعيدة كل البعد عن حجم المساعدات التي حصلت عليها حماس من قطر. اضافة الى ذلك هي تم “تشويهها” عندما طلبت من قيادة حماس مغادرة اراضيها عندما كانت المحادثات حول استئناف علاقاتها مع اسرائيل قريبة من الانتهاء، وهكذا ايضا في بداية تشرين الاول بعد اندلاع الحرب. لكن بالاساس بالنسبة لاسرائيل تركيا هي دولة مستبعدة من الوساطة.

حسب موقف اردوغان الذي يطمح الى الحصول على مكانة محترمة في كل ازمة تتطور في الشرق الاوسط، فان شروط هذه البداية لا يجب أن تشكل عائق امام جهوده لوضع نفسه كبديل لقطر اذا قررت الاخيرة الانسحاب من جهود الوساطة. هذه المكانة مهمة بالنسبة لاردوغان قبل اللقاء المتوقع مع الرئيس الامريكي، جو بايدن، في البيت الابيض في 8 أيار القادم. بسبب ذلك فحص أمس وزير الخارجية التركي فيدان في اللقاء في انقرة مع وزير الخارجية المصري سامر شكري، امكانية التعاون بين الدولتين، سواء في قضية الوساطة امام حماس ووضع خطة للسيطرة المدنية في غزة بعد الحرب. الدولتان اللتان قبل سنة تقريبا كانتا عدوتان، وفي شهر شباط تم الاعلان عن استئناف العلاقات بينهما، تتحدثان الآن عن حجم تجارة بينهما بمبلغ 15 مليار دولار، ستشمل ضمن امور اخرى، شراء مسيرات تركيا للجيش المصري. يبدو أن انتقاد رئيس حكومة قطر لمن يستغلون صفقة المخطوفين لتحقيق مكاسب سياسية، ينطبق ايضا على صديقه وحليفه اردوغان.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى