ترجمات عبرية

هآرتس: العملية في الضفة الغربية ستحقق تهدئة مؤقتة

هآرتس 20-6-2023، بقلم عاموس هرئيل: العملية في الضفة الغربية ستحقق تهدئة مؤقتة

مقتل أربعة إسرائيليين الثلاثاء في محطة الوقود قرب مستوطنة “عيلي” ربما يؤدي إلى عملية عسكرية واسعة شمالي الضفة الغربية. إذا خرجت العملية إلى حيز التنفيذ، فهو جراء ضغوط من المستوى السياسي. مع ذلك، وإزاء التحفظات في المستوى المهني، فمن الجدير الانتباه إلى قرارات الحكومة والجيش الإسرائيلي. عملية يتم تسويقها كـ “الدرع الواقي 2” لن تحدث بالضرورة. المرجح أكثر هو رغبة جهاز الأمن في الاكتفاء بعملية محدودة تهدف إلى تهدئة مؤقتة في المنطقة، لكن ليس أقل من ذلك تهدئة ادعاءات اليمين.

استهدفت العملية خاصرة رخوة لإسرائيل في الضفة – حركة المدنيين على الشوارع. المستوطنات نفسها محمية ومؤمنة نسبياً، وقد أحيطت بجدران في فترة الانتفاضة الثانية (عدد من البؤر الاستيطانية ما زال مكشوفاً). ولكن الشوارع مشتركة للمجموعتين السكانيتين. لا صعوبة أمام خلية مسلحة تعرف منطقة العملية في العثور على هدف مدني لضربه على أحد الشوارع، ثم محاولة التملص من هناك بسرعة. وهذا ما حدث في العمليات الأخيرة قرب مستوطنة “حرميش” وبلدة يعبد، اللتين تقعان غربي جنين. قتل في هذه العمليات مواطن إسرائيل وأصيب خمسة مواطنين. وما زالت مطاردة المخربين مستمرة.

أظهر مطلقو النار في هذه المرة جرأة أكبر واختاروا هدفاً ثابتاً، مكتظاً، من أجل زيادة عدد المصابين. وصل المخربان في سيارة إلى محطة الوقود في “عيلي”، ونزلا منها وأطلقا النار من مسافة قريبة على مدنيين يوجدون في مطعم المحطة. قتل ثلاثة مواطنين في المطعم وقتل الرابع قربه. أحد المخربين قتل أثناء تبادل إطلاق النار مع مدني مسلح. تمكن المخرب الثاني الذي هرب من المحطة في سيارة مسروقة، من الانتقال إلى سيارة فلسطينية. ولكن قوات الوحدة الخاصة و”الشاباك” سرعان ما عثروا عليه في طوباس شمالي غور الأردن، وأطلقوا عليه النار وقتلوه هناك. المخربان معروفان لجهاز الأمن كأعضاء في حماس، وهما من سكان قرية عوريف في جنوب نابلس. قضيا عقوبة السجن في إسرائيل. وحري أن نذكر أن قاتل الأخوين يغئال وهيلل يانيف في شباط الماضي في حوارة كان عضواً في حماس أيضاً.

معظم العمليات في هذه السنة في الضفة وداخل إسرائيل لم تنفذ على يد أعضاء في التنظيمات الإرهابية، بل على يد مخربين منفردين أو خلايا تنتمي لتنظيمات محلية مثل “عرين الأسود” في نابلس و”أبناء المخيم” في جنين. هذه التنظيمات تحصل على التمويل من الخارج، حماس، وأحياناً من إيران و”حزب الله”. وفي هذه المرة، يبدو هذا مثل عملية لحماس نفسها.

    الهدف الحقيقي: تهدئة مؤقتة وليس استقراراً

 عقب العملية، اعتصم مستوطنون في المساء في أرجاء الضفة الغربية احتجاجاً. بعض الاعتصامات تدهورت إلى أعمال عنف، منها رشق الحجارة على السيارات الفلسطينية في مفترق طرق تفوح (زعترة)، وإحراق سيارة في حوارة – وهناك احتك المستوطنون مع الجنود الذين اضطروا إلى إطلاق النار في الهواء لإبعادهم. الأجواء في “السامرة” متوترة جداً وعلى قوات الأمن الاستعداد للعودة إلى أحداث حوارة في شباط الماضي عندما نفذ نشطاء من اليمين المتطرف مذبحة في القرية. وفي الأيام القريبة القادمة، هناك احتمالية كبيرة لحدوث عمليات انتقامية من الطرف الإسرائيلي. حسب حماس، تم تنفيذ العملية على أحداث جنين، التي قتل فيها ستة فلسطينيين وأصيب العشرات، أثناء عملية اعتقال نفذها الجيش في المدينة، وفيها أصيب أيضاً خمسة جنود من حرس الحدود وجنديان من الجيش الإسرائيلي.

 إلى جانب احتجاج المستوطنين، سارع وزراء اليمين إلى تثبيت الحقائق على الأرض. فوزير المالية بتسلئيل سموتريتش أعلن أنه في الطريق إلى مكان القتل، لكنه اضطر بعد ذلك إلى إلغاء الزيارة بناء على طلب من “الشاباك”. ولم يصل إلى ساحة العملية إلا بعد قتل المخرب. أما بخصوص منافسه في الداخل، وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، فإن أموراً صغيرة كهذه لم توقفه؛ فقد وصل إلى “عيلي” مساء، ونشر تصريحات مناسبة أكثر لرجل معارضة، بما في ذلك طلب غريب، وهو قصف المباني الفلسطينية من الجو.

في الوقت الذي تنافس فيه أصدقاؤه الوزراء على توزيع النصائح الاستراتيجية، اضطر وزير الدفاع يوآف غالنت إلى التركيز على الحياة نفسها، وعقد جلسة لتقدير الموقف مع رؤساء أجهزة الأمن. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي شعر بأنه ملزم بإظهار مشاركته في العمليات، عقد جلسة خاصة في مقر قيادة المنطقة الوسطى في القدس. وجد نتنياهو نفسه في وضع حرج؛ فشركاؤه في اليمين المتطرف يتصببون عرقاً، والمعارضة بدأت تذكره بتصريحاته عند اندلاع موجة العمليات في فترة الحكومة السابقة. بالنسبة لنتنياهو، رغم انتقاد المستوطنين، ثمة فرصة يمكن استغلالها وهي أن التصعيد في “المناطق” [الضفة الغربية] سيحرف النقاش العام عن الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي وعن تقارير حول التطورات في محاكمته الجنائية.

النجاح الذي سجلته حماس استمراراً لأحداث جنين التي تعرض كقصة بطولة فلسطينية، سيولد محاولات تقليد في الأيام القريبة القادمة. وسيزداد الضغط على هيئة الأركان العامة في هذه الظروف لطرح حلول. في السنة الأخيرة، نجحت قيادة الجيش الإسرائيلي في إقناع الحكومتين، الحالية والسابقة، عدة مرات بالاكتفاء بعمليات الاعتقال التي ترتكز على الاستخبارات لمنع توسع العنف. الآن، وإزاء ارتفاع أعمال الإرهاب والتوتر في المستوى السياسي، ستكون حاجة إلى شيء مختلف. ولكن يجب التوصية بالانتباه إلى التفاصيل: ما حجم القوات التي يخصصها الجيش لهذه المهمة وما المدة؟ من السهل تسويق العملية للجمهور على أنها “الدرع الواقي 2″، وعملياً الاكتفاء بالتمشيط الذي تقوم به عدة كتائب للبحث عن المشبوهين والسلاح.

في نهاية المطاف، حتى لو تم قتل الكثير من المسلحين واعتقال مئات المشبوهين الآخرين، فإن ما يمكن الأمل به بعد مثل هذه العملية هو هدنة مؤقتة. وتضافر الظروف الحالية، حكومة يمينية متشددة ومرتبطة بالمستوطنين ومقابلها سلطة فاشلة وضعيفة تتمثل بالسلطة الفلسطينية، لا سيما في شمال الضفة، لا يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار. لقد تحول تعزيز الاحتلال إلى مهمة صعبة، بعد فترة طويلة (منذ انتهاء الانتفاضة الثانية) التي بدا لإسرائيل فيها أن بإمكانها الحفاظ على الوضع الراهن بثمن ضئيل جداً.

 عندما يتحدث سموتريتش، وهو من أعطي صلاحيات البناء في المستوطنات، عن الرغبة في إسكان مليون يهودي في المناطق (أي ضعف عددهم الآن)، فهذا لا يعتبر حلماً يمكن تحقيقه وصيانته بدون دماء ونار. عملياً، هو يسعى إلى إسقاط حكم السلطة وإعادة سيطرة إسرائيل على كل الضفة، حتى بثمن الاحتكاك العسكري. والجهود المبذولة لإجازة قوانين الانقلاب النظامي غير منفصلة عن ذلك. لنتنياهو اعتباراته، وعلى رأسها الرغبة في التملص من محاكمته بواسطة وقف الإجراءات الجنائية ضده. ولكن شركاءه في اليمين لهم حسابات أخرى. وإن إضعاف جهاز القضاء هدف إلى التمكين من تحقيق توسيع المستوطنات وتخليد الاحتلال، مع ضمان حكم اليمين لفترة طويلة. ما يحدث داخل حدود الخط الأخضر غير منفصل عما يحدث في “المناطق” على المستوى الأمني. هذان جانبان مكملان لنفس الخطة الخطيرة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى