ترجمات عبرية

هآرتس: الحكومة تفعل ما يصرخ به بن غفير

هآرتس- عايدة توما سليمان – 9/6/2022

يعتقد كثيرون في «اليسار الصهيوني» وفي اليمين العربي (أي راعم) أن «حكومة التغيير» هي ضرورة، ربما ليست هي أقصى طموحاتهم، لكنها تمثل اقل الشرور. صحيح أنها ترتكز على العامل المشترك الأصغر جداً، الذي يمكن تلخيصه بـ «فقط ليس بيبي»، وحتى الآن هم يدّعون بانفعال بأنه لولاها لحكم هنا بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير. المشكلة هي أنه في ظل التخويف البديل فان حكومة بينيت – لابيد، بدعم من العمل وميرتس، تعمل فعلياً ما يصرخ به بن غفير فقط.
حسب معطيات «بتسيلم» فإنه منذ تشكيل حكومة التغيير قتل 102 فلسطيني على يد رجال شرطة وجنود مواطنين إسرائيليين، وإسرائيل هدمت أكثر من 579 منزلاً في الأراضي المحتلة. حسب معطيات «موكيد» للدفاع عن الفرد، فإن 640 فلسطينياً معتقلون الآن في الاعتقال الاداري بدون محاكمة. وحسب حركة «السلام الآن» فإنه في السنة الماضية منذ تشكيلها دفعت الحكومة قدماً بخطط لبناء 7292 وحدة سكنية في المستوطنات ونشرت عطاءات لبناء 1550 وحدة سكنية اخرى. وحسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء فإنه على الفور بعد تشكيل الحكومة في النصف الثاني من العام 2021 كانت هناك زيادة تبلغ 43 في المئة في بدايات البناء في المستوطنات مقابل النصف الاول من العام.
عضو حزب العمل «المعتدل»، عومر بارليف، هو الذي صادق على مسيرة الأعلام. وهي المسيرة التي رافقتها اعمال عنف ضد فلسطينيين وشعارات مثل «الموت للعرب». صحيح أن بارليف أعلن بأنه يؤيد حل الدولتين، لكن ذلك لم يمنعه من المصادقة على مسيرة تحريض قومية متطرفة، التي سماها بسذاجة مزيفة «تقليد منذ عشرات السنين» من أجل عدم «المس بشرعية وتآكل سيادة» إسرائيل في شرقي القدس المحتلة.
حتى في فترة وجود بارليف في وزارة الامن الداخلي، هاجم رجال الشرطة في القدس بوحشية من حملوا تابوت الصحافية شيرين أبو عاقلة بذريعة حمل الأعلام الفلسطينية، مقدمة لهجوم الرعب الجماعي الذي أصاب الدولة العظمى النووية (حسب مصادر اجنبية) بعد أن قامت رابطة «داعمون» بتعليق علم فلسطين في رمات غان بجانب علم إسرائيل مع شعار «كتب علينا العيش معاً». بيني غانتس، وزير الدفاع في حكومة التغيير هو الذي قرر الإعلان عن أن ست منظمات لحقوق الانسان هي منظمات إرهابية.
في ائتلاف «لا يوجد خيار» من المهم لأعضاء من اليمين مثل اييلت شكيد ونير اورباخ الحفاظ على تفوق اليهود والاهتمام بتوسيع الاستيطان أكثر مما هو مهم لأعضاء العمل ويوجد مستقبل وراعم وميرتس وأزرق أبيض الاهتمام بالعدل والمساواة وإنهاء الاحتلال. هذا ما حدث، اعضاء العمل ويوجد مستقبل غابوا عن جلسة الكنيست في الأسبوع الماضي اثناء التصويت على قانونَي لجان التعيين والعلَم العنصريين، وبهذا سمح بالمصادقة عليهما.
أول من أمس، فشلت الحكومة فشلاً ذريعاً عندما حاولت تمديد سريان انظمة الابرتهايد الإسرائيلية، التي تنص على أنه يوجد قانون لليهود وقانون آخر للفلسطينيين في المناطق المحتلة. في الوقت الذي صوت فيه اليمين المسيحاني ضد القانون، معظم أعضاء اليسار – وسط في الائتلاف صوتوا مع إنقاذ قوانين التفوّق اليهودي، باسم الاستقرار والتطبيع بالطبع.
          مثلما كتب ميخائيل بن يئير، المستشار القانوني السابق للحكومة، «الفرق بين الجزء اليساري والجزء اليميني في الحكومة في ما يتعلق بالمستوطنات هو فرق بسيط: الجانب اليميني يشجعها والجانب اليساري يسلم بها. بصورة فعلية، الفرق غير قائم».
          لا شك أنه من المهم محاربة القرف الاخلاقي وفساد حكم نتنياهو. ولكن يجب علينا تذكير من نسوا أو اختاروا الهرب من قضايا العدالة وحقوق الانسان بأن الفساد الأخلاقي الأشد هو الاحتلال والأبرتهايد. منذ تشكيل الحكومة الحالية فإن القوى التي حاربت قبل ذلك الاحتلال تحولت الى ورقة تين لنظام الأبرتهايد الإسرائيلي. الجرائم التي في السابق ارتُكبت في الظلام ترتكب الآن على رؤوس الأشهاد. من انضموا للحكومة من أجل تليين القسم اليميني فيها يدعمون فعلياً تعميق الاحتلال وإسكات انتقاد سياسة اسرائيل، ويعطون الشرعية لتعزيز سيطرتها في المناطق المحتلة.
العنف اليومي في المناطق المحتلة يختفي عن انظار معظم مواطني الدولة اليهود، سواء لأن هذا مريح اكثر أو لأنه أكثر شفافيةً وطبيعية بالنسبة لهم. الائتلاف يصمت أمام حملة القتل لتي ينفذها الجيش الاسرائيلي، ويوجد في ذلك نوع من إعطاء الضوء الأخضر. سرقة الأراضي، توسيع المستوطنات، التطهير العرقي لسكان مسافر يطا، استمرار الحصار الإجرامي على قطاع غزة، هدم بيوت بالجملة، تصفيات واعتقالات بدون محاكمة ورعاية إرهاب المستوطنين، كل ذلك هو وجه «حكومة التغيير».
طالما أن «راعم» تواصل التصويت مع مشروع الاستيطان وحزب العمل يواصل تأييد العنصرية الممأسسة ويغض النظر عن جرائم المستوطنين وميرتس لا يحارب تعميق نظام الأبرتهايد، فإن الدائرة الدموية ستتسع وتتعاظم، والثمن سيدفعه اليهود والعرب يومياً.
بعد مرور 55 سنة على الاحتلال العسكري وعشرات السنين من القمع والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني فان التفوق اليهودي يعتبر الآن «طبيعي ومفهوم بحد ذاته»، بالاحرى عندما يشكل «اليسار الصهيوني» وراعم سورا واقيا للكولونيالية الاسرائيلية.
غدا عند انعقاد الكنيست لاحياء الذكرى الـ 55 للاحتلال، سنري كل من لا يريد أن يرى، كيف تبدو الحياة في ظل الاحتلال العسكري. وسنذكر اسرائيل والعالم بأن نظام الابرتهايد العنصري هذا ليس قدرا محتما. ونذكرهم بأن الامور يمكن أن تكون مختلفة.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى