ترجمات عبرية

هآرتس – الجيش الإسرائيلي اكتشف أن البرج الذي اسقطه في غزة ، تستخدمه وسائل اعلام اجنبية فقط بعد الهجوم

هآرتس – بقلم  ينيف كوفوفيتش – 8/11/2021

” مراسلون في مكتب “اسوشييدت بريس” وفي قناة “الجزيرة” توجهوا الى جهات امنية واعلامية اسرائيلية عندما تلقوا الانذار قبل القصف. وهذه المعلومات وصلت حتى الى مكتب رئيس الاركان. في الاستخبارات العسكرية قالوا إنهم لا يعرفون عن وجود وسائل اعلام في المبنى. وفي القيادة العليا للجيش أمروا بمواصلة الهجوم “.

الجيش الاسرائيلي اكتشف أن البرج الذي هاجمه في قطاع غزة في عملية حارس الاسوار توجد فيه مكاتب وسائل اعلام اجنبية، منها وكالة “اسوشييدت بريس” وقناة “الجزيرة”، فقط بعد أن بدأ اخلاءه من العاملين فيه. شعبة الاستخبارات وهيئة الاركان العامة وقيادة المنطقة الجنوبية بدأوا بتلقي معلومات عن وسائل اعلام توجد في المبنى عندما تلقى المراسلون انذار باخلائه في اطار اجراء “اطرق على السطح”. ورغم أن جهات امنية مختلفة حاولت منع الهجوم بذريعة أن الامر سيتسبب باضرار نفسية خطيرة إلا أنهم في الجيش اصدروا تعليماتهم للقوات بمواصلة الهجوم وبعد ذلك سقط البرج.

عملية الاسقاط اثارت انتقاد شديد لاسرائيل من قبل وسائل الاعلام العالمية، والادارة الامريكية لم تقتنع من محاولات الجيش الاسرائيلي تبرير ذلك. في الشهر الماضي قال الجنرال الاحتياط نيتسان الون، المسؤول عن تحقيق الجيش الاسرائيلي في التأثير النفسي لعملية حارس الاسوار بأن قصف المبنى كان “تفجير  نفسي وهدف ذاتي”.

في 15 أيار الماضي، وهو اليوم الخامس للعملية، انهار برج “الجلاء” في وسط حي الرمال في غزة. وعشرات المكاتب التي توجد في الطوابق الـ 15 دمرت كليا. مصادر مطلعة على تفاصيل الهجوم قالت للصحيفة بأنه في الساعة 13:40، أي قبل نصف ساعة ونصف على الاسقاط بدأ المواطنون الذين كانوا يعيشون في المبنى بتلقي رسائل هاتفية وبيانات عن الهجوم المخطط له. وحسب هذه المصادر، في موازاة الرسائل والبلاغات سمع اطلاق نار تحذيري من سلاح الجو قبل القصف.

بعد بضع دقائق بدأ موظفو الوكالات بابلاغ رجال الاتصال في اسرائيل عن البلاغات وفحص هل الجيش الاسرائيلي حقا ينوي مهاجمة المبنى. المراسلون الذين حاولوا ايضا ابلاغ الجهات الامنية ارادوا منع الهجوم، أو على الاقل اعطاءهم فترة معقولة لاخلاء المكان. حتى صاحب المبنى وجهات اخرى في اسرائيل وفي غزة حاولوا وقف القصف.

بعد ذلك حاولت ايضا جهات امنية نقل الرسالة لقيادة الجيش، والمعلومات وصلت حتى الى مكتب رئيس الاركان. جهات كبيرة في الاستخبارات العسكرية طلب منها فحص المعلومات، وبعد فترة قصيرة قالوا بأنهم لا يعرفون عن وجود وسائل اعلام في المبنى. من غير الواضح، بناء على ذلك، متى تم اخذ هذا الامر في الحسبان في النقاشات التي سبقت الهجوم. محادثات التحذير للمواطنين استمرت حتى في هذه المرحلة، لكن اطلاق سلاح الجو توقف. في موازاة ذلك ترددوا في جهاز الامن هل يهاجمون البرج رغم المعلومات الجديدة التي حصلوا عليها، مصادر مطلعة على التفاصيل قالت إن رئيس الاركان ورئيس شعبة العمليات كان يمكنهما حتى ذلك الحين وقف الهجوم. هجوم من هذا النوع يحتاج الى مصادقة رئيس الاركان ورئيس الشعبة وقائد سلاح الجو والمستوى السياسي.

قبل الساعة 15:00 تقرر مع ذلك قصف المبنى رغم التداعيات المتوقعة، من يؤيدون القصف قالوا إن وسائل الاعلام تشكل بالنسبة لحماس درع بشري من اجل منع المس بوسائل السايبر التي كانت في المبنى ومن بينها وسائل تشويش على “جي.بي.اس”. المصادر اشارت الى أن المعلومات عن المبنى، مثلما كانت معروفة للجيش، لم يتم نقلها بالكامل لوزارة الخارجية وجهاز الاعلام الذي شغلته اثناء العملية. في الساعة 15:17 سقط المبنى عندما قصفه سلاح الجو بقنابل ثقيلة الوزن. في بيان المتحدث بلسان الجيش بعد القصف قيل إن البرج كان “قاعدة عمليات استخبارية هامة”، واستخدم ايضا لانتاج السلاح وأن نشطاء حماس والجهاد الاسلامي استغلوا التحذير قبل القصف لاخراج المعدات من المبنى.

بعد انتقاد شديد للعملية في وسائل الاعلام الدولية واصل الجيش الاسرائيلي محاولة تبرير القصف. المتحدث بلسان الجيش في حينه، هيدي زلبرمان، قال بعد بضعة ايام: “لقد فحصنا انفسنا وتأكدنا 100 في المئة بأنه توجد وسائل قتالية لحماس في مبنى الاعلام في غزة”. البيت الابيض قال إن الولايات المتحدة اوضحت لاسرائيل بأنه يجب عليها التأكد من أمن المراسلين ووسائل الاعلام، والسكرتير العام في الامم المتحدة، انطونيو غوترش، قال إنه “قلق جدا من الهجوم وأن المس بدون تمييز بمنشآت اعلامية هو خرق للقانون الدولي”. في اعقاب ذلك قال زلبرمان لمراسلين عسكريين: “لو أنهم اطلقوا صاروخ واحد على واشنطن لكنت أريد أن ارى ماذا كان الامريكيون سيقولون”. محاولة التبرير لم تقنع الادارة في واشنطن. وقد طالبت بأدلة على أن المبنى استخدم من قبل حماس وأنه كان هناك مبرر لقصفه. وزير الدفاع بني غانتس قال إنه تم نقل معلومات للامريكيين تبرر القصف. ولكن وزير الخارجية الامريكية، انطوني بلينكن، قال إنه لم يشاهد أي معلومات كهذه وطلب من اسرائيل أدلة اكثر صلابة.

حسب مصدر آخر كان مطلع على تفاصيل الهجوم اثناء حدوثه، وكان مطلع على سلوك جميع المشاركين، قال إن “قرار قصف البرج لم يتم اتخاذه بالضرورة لاعتبارات عملياتية. كان من الواضح أنه لا يوجد أي شيء يبرر للعالم قصف وسائل الاعلام الاجنبية. المعنى كان واضح بالنسبة للجميع. وكثيرون في الجيش الاسرائيلي اعتقدوا أنه كان يمكن وقف القصف”، قال للصحيفة. “تم تطبيق القرار مع ذلك لأنهم في المستوى السياسي وفي الجيش شعروا أن حماس تحرز انتصارات نفسية في القدس وفي المدن المختلطة، وبحثوا عن صورة انتصار”. مصدر آخر قال إنه في حينه لم يعرفوا في الجيش الى متى يمكنهم مواصلة جولة القتال، مع الاخذ في الاعتبار موجة العنف التي كانت في البلاد. لذلك “بحثوا عن شيء يمكنهم تقديمه للجمهور، انتصار، حتى لو كان انتصار صغير”. وحسب قوله: “هذا كان بموازاة عملية الميترو (تدمير شبكة انفاق حماس) التي بدأت بشكل جيد، لكن بعد ذلك كان من الواضح أن هذه العملية لم تنجح. وهذا هو السبب في أنهم في وحدة المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي سارعوا الى اصدار الصور والافلام عن الهجوم. وفي الجيش لم يعرفوا تداعيات الحدث ونشروا صور الانقاض كانتصار نفسي”.

قبل اسبوعين تم عقد في معهد بحوث الامن القومي في جامعة تل ابيب مؤتمر حول الوعي اثناء القتال. الجنرال احتياط الون كرس في المؤتمر جزء كبير من اقواله لتوجيه الانتقاد لقصف البرج. “اسقاط البرج يساوي تفجير نفسي ويمثل هدف ذاتي”، قال. “ليس الجميع في الجيش يوافقون على ذلك. ولكني على قناعة بأن الامر يشكل خطأ. الانجاز العملياتي لم يكن متناسب مع الضرر الدبلوماسي والنفسي الذي تسبب فيه هذا الامر”. مع ذلك اوضح الون بأنه لن يتطرق لقانونية الهجوم أو الاعتبار العملياتي، بل للتداعيات الاعلامية الصعبة التي تسبب بها.

المتحدث بلسان الجيش قال ردا على ذلك: “المعلومات عن وجود وكالات انباء في المبنى كانت معروفة. في المبنى كان هناك منظومات استخبارات عسكرية لحماس، منها وحدات ابحاث وتطوير ومراكز معلومات ومعدات تكنولوجية قيمة جدا لحماس، استخدمت ضد اسرائيل. القرار اتخذ على ضوء تقدير استخباري ووفقا لتقدير الوضع خلال القتال ووجد أن القيمة الكبيرة في القصف تبرر تنفيذه. وحسب استنتاجات التحقيقات التي اجريت بعد العملية فان مهاجمة المبنى أدت حقا الى الاضرار الشديد بقدرة حماس. وحسب معرفتنا، لم يكن هناك أي مصابين من قصف المبنى. مبنى الجلاء هو مثال آخر على طريقة عمل حماس، التي تضع بنى تحتية ارهابية داخل التجمعات السكانية المدنية، من خلال استخدامها لمواطنيها كدرع بشري وخرق للقانون الدولي. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى