ترجمات عبرية

هآرتس: التحالف مشغول بالانقلاب لدرجة أنه ينزلق إلى الفشل في مناطق أخرى

هآرتس 22-6-2023، بقلم عاموس هرئيل: التحالف مشغول بالانقلاب لدرجة أنه ينزلق إلى الفشل في مناطق أخرى

في اليوم الذي تكبد فيه الائتلاف خسارة فادحة أخرى في نضالهم من أجل الانقلاب النظامي، تؤكد انتخابات نقابة المحامين ضعف الحكومة حتى في مجال الأمن والنظام العام. أحداث على ثلاث ساحات حدثت خلال بضع ساعات، أبرزت عدم السيطرة على الأمور في الفترة الحالية. في الضفة الغربية قام مئات المستوطنين بأعمال الشغب وأحرقوا بيوتاً وسيارات لفلسطينيين انتقاماً على عملية إطلاق النار التي قتل فيها أول أمس أربعة إسرائيليين. أما في هضبة الجولان فأصيب خمسة مواطنين بإصابات بالغة في مواجهات عنيفة بين الشرطة وأبناء الطائفة الدرزية على خلفية معارضتهم إقامة مزارع الرياح. وعلى الحدود اللبنانية في مزارع شبعا تبين بشكل متأخر أن “حزب الله” قد اخترق المنطقة التي هي تحت سيطرة إسرائيل وأقام هناك خيمتين ووضع فيهما نشطاء مسلحين – الجيش الإسرائيلي لم يعمل على إبعادهم بالقوة.

يبدو أن هذه الساحات الثلاثة غير مرتبطة بشكل مباشر بعضها ببعض. مع ذلك، ثمة قاسم مشترك بين المواجهات الثلاث؛ تنعكس منها سلطة مركزية آخذة في الضعف وغير قادرة على فرض السيادة على المواطنين أو مجموعات الضغط العنيفة. الائتلاف مشغول بجهود الانقلاب النظامي والعواصف اليومية التي ترافقها تعبئة مناصب بسياسيين غير مؤهلين لها، إلى درجة الانزلاق ثم توقف تام في المجالات الأخرى. هذه الضجة لا تؤدي فقط إلى إخفاقات في الداخل، بل يفسرها الآخرون على أنها حجر الرحى على أداء الدولة، وتجعل أعداء إسرائيل يحاولون تحديها بشكل أكبر.

المسؤول الرئيسي عن هذا الوضع هو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي ظهر أمس بعد الظهر في فيلم فيديو قصير، أعلن فيه بأن إسرائيل دولة قانون، ووعد بتأييد الشرطة وقوات الأمن. عملياً، نتنياهو نفسه هو الذي هاجم الشرطة في فترة قدمت فيها لوائح اتهام ضده في قضايا الفساد الثلاث، وهو الذي صمم على الاستمرار في تولي منصبه بعد بدء المحاكمة بشكل لا يعزز صورة إسرائيل كدولة قانون، وهو الذي عمل على تآكل الشرطة بشكل متعمد في الميزانيات والإجراءات والتعيينات غير المناسبة لسنوات.

في الحكومة الجديدة عين نتنياهو مهرجاً على رأس الوزارة المسؤولة عن الشرطة، بل وطور له لقباً “وزير الأمن الوطني”. الشرطة الآن عالقة في معركة وراثة قبيحة؛ فقد أعطيت إشارة للمفتش العام للشرطة الحالي بعدم تمديد تمديد ولايته، وعدد من المفتشين يهينون أنفسهم وخيانة التزامهم بالنظام الديمقراطي من خلال تصريحات وأفعال استهدفت التذلل للوزير الذي يقوم بالتعيين.

دائرة الانتقام ستستمر

الوضع الأخطر في الفترة الأخيرة يكمن في الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق النار الدموية على مدخل مستوطنة “عيلي”، عزز الجيش الإسرائيلي قواته بثلاث كتائب وفصيل من وحدة مختارة بهدف تحسين الدفاع عن حركة الإسرائيليين على الشوارع. وما لم يتم فعله رغم المذبحة التي جرت في حوارة في شباط الماضي، هو تحسين الاستعداد للفصل بين المستوطنين والفلسطينيين، رغم توقع واضح لحدوث أعمال انتقام.

العنف الشديد بعد فترة قصيرة على جنازة أحد القتلى في العملية ومشهد حوارة، تكررت أمس في قرية تُرمسْعيّا القريبة من مستوطنة “عيلي”. في وقت قريب من قيام المستوطنين بأعمال الشغب، قتل شرطي إسرائيلي فلسطينياً من القرية (27 سنة) بإطلاق الرصاص عليه. وهذا أمر غير مفاجئ، حيث تواصل تلال “السامرة” التصرف مثل الغرب المنفلت: تصريحات بعض الوزراء وأعضاء الكنيست من اليمين المتطرف في الائتلاف يكررون أنفسهم أيضاً بعد العملية التي جرت أول أمس، ومثيرو الشغب لهم أسبابهم ليفترضوا أن الحكومة إلى تقف إلى جانبهم، حتى لو وجب على رئيس الحكومة دفع ضريبة كلامية وإدانة أعمال العنف.

ستستمر دائرة الانتقام في محاولة لتنفيذ العمليات من قبل الفلسطينيين، واستمرار التوتر سيزيد احتمالية شن عملية عسكرية محدودة في المستقبل، سواء في جنين أو نابلس. أما الانطباع في هذه الأثناء، فهو أنهم ينشرون الضباب بشكل متعمد بخصوص خطط الجيش الإسرائيلي. وعلى أي حال، كتائب التعزيز التي تم نشرها في المنطقة تتركز على مهمات دفاعية. العملية الهجومية بحاجة إلى قوات إضافية.

عاصفة متوقعة مسبقاً

الأحداث الجارية في هضبة الجولان كانت متوقعة؛ فقد أعلن سكان القرى الدرزية في شمال الهضبة معارضتهم تركيب مزارع الرياح في أراضيهم. ورغم توقيع بعض أصحاب الأراضي على صفقات مع الشركة التي تقوم بتركيب المزارع، لكن معارضة المشروع في هذه القرى ازدادت في الأشهر الأخيرة.

الرئيس الروحي للطائفة، الشيخ موفق طريف، حذر مؤخراً في عدة مناسبات، مكتب رئيس الحكومة وهيئة الأمن القومي من توقّع حدوث أعمال عنف إذا تم تركيب مزارع الرياح بدون تفاهمات مع السكان هناك.

المظاهرات التي جرت أمس شملت محاصرة مراكز للشرطة في هضبة الجولان، ورشق الحجارة، ومحاولة مهاجمة رجال الشرطة ورجال حماية. تم في بعض الأحداث إطلاق الرصاص الحي من الطرفين كما يبدو. التقى الشيخ طريف مع رئيس الحكومة على عجل. وشارك وبشكل استثنائي، شارك في اللقاء رئيس “الشاباك” رونين بار. وتوصلت الأطراف إلى تفاهم مبدئي، وهو وجوب وقف أعمال العنف في هضبة الجولان لمدة أسبوع على الأقل. وسيحاول الطرفان في هذه الفترة التوصل إلى تفاهمات.

أعمال العنف في هضبة الجولان انزلقت أيضاً إلى الجليل والكرمل. وقد أغلق المواطنون الدروز شوارع رئيسية لبضع ساعات. اندلاع أعمال العنف يرتبط بأسباب أخرى إضافة إلى معارضة مزارع الرياح. الرياح في الطائفة الدرزية تعصف منذ فترة طويلة، والغضب من قانون القومية أضيف مؤخراً إلى الاحتجاج ضد ما وصف بسياسة متشددة لإنفاذ القانون من قبل الدولة في مجال البناء غير القانوني في القرى الدرزية.

يُفضل ضبط النفس

أما الساحة الثالثة فربما تكون الأكثر مفاجأة، وهي اختراق مزارع شبعا. ففي “أخبار كان” نشر أن “حزب الله” وضع مؤخراً خيمتين وفيهما مقاتلون، من خلال انزلاق متعمد لبضعة أمتار داخل منطقة تحت سيطرة إسرائيل. عرف الجيش الإسرائيلي والحكومة عن هذا التجاوز، وتابع الجيش بشكل دائم ما يحدث في المكان، لكنه أمر لم يتم إبلاغ الجمهور عنه حتى أمس.

التحدي المحسوب لـ ”حزب الله” هو جزء من نضال أوسع. فإسرائيل تحسّن في السنتين الأخيرتين الدفاع على الحدود مع لبنان وتبني جداراً على مقاطع على الحدود معرضة للاختراق. “حزب الله” يتهمها بخرق سيادة لبنان في عدة نقاط على طول الحدود. وفي الوقت نفسه، نشر “حزب الله” معظم الوحدات من قوة النخبة “الرضوان” قرب الحدود في جنوب لبنان، وأقام عشرات مواقع المراقبة على طول الجدار تحت غطاء مواقع لحماية الطبيعة.

لم يثبت “حزب الله” حقائق على الأرض في مزارع شبعا في المنطقة التي هي تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي والتي يحظر دخول المدنيين إليها. قرر المستوى السياسي والجيش الامتناع عن استخدام القوة، ولكنه نقل رسائل تهديد عبر قنوات دبلوماسية بواسطة قوة “يونفيل” التابعة للأمم المتحدة وبعض الدول الغربية. لم تثمر التهديدات أي نتائج حتى الآن، وأرسلت إسرائيل إشارات بأنها تفحص الإخلاء بالقوة. وهي خطوة قد تؤدي إلى تصادم عنيف بشكل أوسع نتيجة رهان خاطئ لدى قيادة “حزب الله”.

ثمة إغراء كبير ومبرر لضرب الحكومة بسبب سلوكها على الحدود اللبنانية. فمن جهة، تتبجح الحكومة اليمينية المطلقة وتهدد باستمرار بضرب الأعداء بكل قوة، ومن جهة أخرى تضبط نفسها إزاء استفزازات “حزب الله” الصارخة، بل وحاولت إخفاء ذلك عن المواطنين. مع ذلك، من الأفضل للمعارضة عدم حث الحكومة على فعل المزيد، بالتحديد في هذا المجال. يبدو أن الأمر الأخير الذي تحتاجه إسرائيل الآن هو التصعيد على جبهة أخرى، أمام “حزب الله”. ومؤخراً هناك ميل للساحات المختلفة للتكتل معاً من أجل عمل موحد.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى