ترجمات عبرية

هآرتس: الانقلاب هو مجرد جزء من جهد مستمر لمنح رئيس الوزراء سلطة غير محدودة

هآرتس 15-8-2023، بقلم: يونتان ليس: الانقلاب هو مجرد جزء من جهد مستمر لمنح رئيس الوزراء سلطة غير محدودة

جهود رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومحاولته المس بقوة جهاز القضاء كجزء من الانقلاب النظامي هي الحلقة الأخيرة في عملية متواصلة من أجل تعزيز مكانة رئيس الحكومة وإضعاف سلسلة من التوازنات والضوابط التي من المفروض أن تراقبه أو تنصحه أو توسع نطاق الآراء حول طاولة اتخاذ القرارات.

لنتنياهو، الذي يترأس حكومة إسرائيل منذ 16 سنة غير متواصلة، دور أساسي، حتى لو كان غير حصري، في التآكل المتعمد لمكانة الكنيست ووزارات الحكومة المهمة، وأجهزة الرقابة على الحكومة. على رأس هذه الأجهزة يقف جهاز القضاء، الذي يناضل ضد محاولة المس باستقلاليته.

فقدان استقلالية الكنيست

خلال أشهر أراد ممثلو المعارضة في لجنة الخارجية والأمن، وهي أحد مراكز الرقابة المهمة على سلوك الحكومة، عقد اللجنة لمناقشة تأثير الانقلاب النظامي على الجيش وعلى جهاز الاحتياط.

مرة تلو الأخرى توجهوا لرئيس اللجنة، عضو الكنيست يولي أدلشتاين من حزب نتنياهو، لكنه لم يسمح بعقد الجلسة.

في الشهر الماضي، عشية المصادقة على قانون إلغاء ذريعة المعقولية، أرسل أعضاء المعارضة رسالة مستعجلة لأدلشتاين كتبوا فيها: “نطالب بتجسيد مسؤولية اللجنة وعقدها بشكل مستعجل”.

تم عقد الجلسة، لكن فقط بعد عشرة أيام على المصادقة على القانون.

في المقابلة التي أجراها مع برنامج “واجه الصحافة” قال أدلشتاين: “يحتمل أنني غفوت في نوبة الحراسة”.

في المعارضة يدّعون أن الأمر لا يتعلق بالأمر الوحيد الذي تسهل فيه اللجنة عمل الحكومة: أرسلت رئيسة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى أدلشتاين طلبت فيها إجراء نقاش حول الاتفاق الآخذ في التبلور بين الإدارة الأميركية والسعودية وتداعياته الأمنية على إسرائيل.

طلبت أن تقوم اللجنة بفحص تأثير الاتفاق على التقدم نحو اتفاق دائم مع الفلسطينيين. “يجب علينا التأكد من أن قرارات سياسية مصيرية يتم اتخاذها حسب المصالح الأمنية والوجودية لدولة إسرائيل، وليس حسب المصالح الشخصية والسياسية لنتنياهو”، قالت، “الاتفاق مع السعودية يمكن أن يكون نعمة، لكن دورنا هو التأكد من أنه سيعزز إسرائيل ولا يعرضها للخطر”.

خلال السنين تحولت الكنيست والسلطة التشريعية إلى السلطة الأضعف من بين السلطات الثلاث.

تسيطر الحكومة بشكل كبير على القرارات التي يتم اتخاذها في الكنيست وفي اللجان التي يفترض أن تراقب السلطة التنفيذية وتنتقد أداءها.

في دروس المدنيات يعلمون، ربما، أن الـ 120 عضو كنيست يصوتون حسب الضمير ويقررون أي القوانين سيتم تمريرها وأيها لا. فعلياً، منذ سنوات كثيرة تُطبّق “حرية التصويت” في المجلس التشريعي الإسرائيلي في حالات نادرة فقط.

تنعقد اللجنة الوزارية للتشريع، التي يترأسها وزير العدل، وتقرر أياً من القوانين يجب إعطاؤها الأغلبية التلقائية التي توجد لدى الائتلاف من أجل إجازتها وأيها ستسقط.

أعضاء الكنيست من الائتلاف، الذين يخرقون الانضباط الائتلافي، يتم فرض عقوبات مشددة ضدهم.

اللجنة غير مطلوب منها نشر بروتوكول، وهي ليست مفتوحة أمام تغطية الإعلام.

الوزراء الذين يشاركون في النقاشات متحررون كما يبدو من الضغط العام، ويمكنهم التصويت حسب ضمائرهم، لكن جهات اقتصادية كبيرة يمكن أن تمارس عليهم الضغوط من وراء الكواليس، وتعقد “صفقات” سياسية في السر، وتسمح بالمصادقة على مشاريع قوانين مختلف عليها.

لا تنتهي المشكلة بالكنيست بكامل هيئتها. تصعّب الحكومة على الكنيست أن تؤدي أيضاً دورها الثاني – الرقابة على قرارات السلطة التنفيذية.

إلى جانب الرفض الحازم لعدد من الوزراء حضور النقاشات في الكنيست أو إرسال مهنيين من وزاراتهم فإن الحكومة صادرت من اللجان أكثر من مرة صلاحية الرقابة عندما لا تروق هذه اللجان لها.

في 2020 عزل نتنياهو عضو الكنيست، يفعات شاشا بيتون، من رئاسة لجنة “كورونا” في الكنيست بعد رفضها طلب الحكومة إغلاق برك السباحة وقاعات اللياقة البدنية.

وفي 2018 صادر الائتلاف الدفع قدماً بقانون القومية من يد لجنة الدستور التابعة للكنيست لصالح لجنة جديدة تم تشكيلها بشكل خاص لتحييد عضو الكنيست، بني بيغن، الذي كان عضواً في لجنة الدستور ورفض تأييد جميع بنود القانون.

بيغن وشاشا بيتون كانا في حينه أعضاء في “الليكود”.

في حالات أخرى يعين الائتلاف لرئاسة اللجان أعضاء كنيست يؤيدون الخطوات التي يريد دفعها قدماً رغم أن هؤلاء يفترض أن يراقبوا الحكومة.

رئيس لجنة الدستور، عضو الكنيست سمحا روتمان، مثلاً، شريك رئيس في الدفع قدماً بالتشريع ضد جهاز القضاء، وعضو الكنيست، تسفيكا فوغل، تم تعيينه رئيسا للجنة الأمن الوطني، وهو نفسه عضو في حزب وزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير.

في آذار الماضي أفشلت الكنيست قانون التكبيل الإلكتروني للشباب العنيفين: 54 صوتوا ضد القانون الذي حصل في السابق على الدعم من المعسكرين، أمام 23 أيدوه.

منعت الحكومة أعضاء الائتلاف من تأييد مشروع القانون من أجل تمكين بن غفير من بلورة صيغة خاصة للقانون.

تباطأت صيغة بن غفير للقانون لفترة طويلة، رغم موجة العنف المتزايدة، لكن في نهاية المطاف تم وضع هذه الصيغة على طاولة الكنيست، وقبل أسبوعين تمت المصادقة عليها في الكنيست.

عضو الكنيست السابق، دوف حنين، وهو أحد الخبراء المهمين في أعمال البرلمان في إسرائيل، يعتقد أن نتنياهو يعمل بصورة منهجية على إضعاف الكنيست.

إلى جانب التخفيض الزاحف في مكانة السلطة التشريعية فإن حنين يشير إلى توسيع القانون النرويجي كخطوة أضرت بشكل دراماتيكي بقوة السلطة التشريعية.

“يخلق القانون النرويجي الموسع مجموعة كبيرة جداً من أعضاء الكنيست الذين دخلوا إلى الكنيست بفضله، وهم متعلقون بشكل كبير بالحكومة ووجودها: الحكومة يمكنها إبعادهم في أي لحظة.

سيطرة الحكومة على مجموعة أعضاء الكنيست هذه هي سيطرة تامة، وخلافا لأدلشتاين أو بيتون، اللذين ترددا في حينه هل سيصوتان مع أو ضد قانون معين، فإن هؤلاء أشخاص لا يمكنهم التصرف كما يشاؤون، وإلا فإنه ببساطة ستتم إزاحتهم.

حسب أقوال دوف حنين فإن حضور الوزراء في الكنيست مهم بدرجة كبيرة. ولكن بعد أن استقالوا من الكنيست لا يأتون تقريباً. “كنت آتي إلى المهزلة التي تحدث خلف الكنيست بكامل هيئتها في الليالي الطويلة – هكذا قابلت الوزراء وفحصت معهم مواضيع مهمة وسألت أسئلة صعبة وحفرت وعملت. هذا وقت العمل الأهم الموجود لدى الوزراء أمام أعضاء الكنيست”، قال وأضاف إن تشكيل عدد من اللجان لمواضيع معينة يضعف قوة لجان الكنيست. “اللجنة الاقتصادية مثلاً توجد لها قوة لأن الحكومة يجب أن تستعين بها لتمرير كل أنواع التعديلات. إذاً هذه اللجنة لا يمكنها إعاقة تشريع لأن الدفع قدماً بالقانون سحب منها لصالح لجنة خاصة، فأي قوة توجد لها على الحكومة؟”.

إضعاف وزارات ذات رأي

في الوقت ذاته يدير نتنياهو معركة أخرى لإضعاف وزارات لها سيطرة في الحكومة التي يترأسها.

وزارة العدل، كما يبدو، هي المثال الأكثر بروزاً في ذلك. لا يكتفي وزير العدل، ياريف لفين، بإضعاف المحكمة العليا، بل يوجه جهوده أيضاً إلى الداخل، إلى داخل الوزارة التي يترأسها، وبالأساس تجاه المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا. فهي التي تتخذ القرارات حول محاكمة نتنياهو التي تجري في هذه الأيام.

نتنياهو، لفين، وأعضاء في الحكومة، يعملون على عدة جبهات لإضعاف قوة المستشارة القانونية للحكومة وتقييد خطواتها: دعا الوزراء، مرة تلو الأخرى، أحياناً أمام المستشارة، إلى إبعادها عن وظيفتها على خلفية قراراتها.

في الحقيقة أعلن رئيس الحكومة أنه لا ينوي، ويبدو أيضاً ليس بإمكانه، القيام بذلك، لكن عدة قوانين وضعت على طاولة الكنيست تشير إلى النوايا المستقبلية.

في تموز الماضي اقترحت مجموعة من أعضاء الكنيست من “الليكود” مشروع قانون يهدف إلى تقسيم وظيفة المستشار القانوني للحكومة، وحتى قبل ذلك اتفقت قوائم الائتلاف على الدفع قدماً بمشروع قانون يخضع المستشارين القانونيين في الوزارات الحكومية للوزراء، وليس للمستشارة القانونية للحكومة، بحيث تكون هذه المناصب بمثابة مناصب ثقة.

إلى جانب النضال الذي يقوده لفين لصالح نتنياهو فقد قام رئيس الحكومة بخصي وزارة الخارجية أيضاً، التي كانت مرساة أساسية في حكومة بينيت – لابيد وأصبحت لاعباً هامشياً نسبياً.

مواضيع دراماتيكية مثل إدارة العلاقات مع الإدارة الأميركية والدفع قدماً بالاتصالات مع السعودية وتوسيع اتفاقات إبراهيم تم نقلها إلى يد الشخص الموثوق، الوزير رون ديرمر، ومحل ثقته رئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هنغبي.

في المقابل، وظيفة وزير الخارجية حولها نتنياهو إلى تنظيم عمل سياسي: إيلي كوهين حصل على هذا المنصب، لكن بتناوب غريب سيمكث فيها سنة واحدة فقط، وفي النهاية سينقل المقاليد للوزير إسرائيل كاتس.

في نهاية سنتين لكاتس في هذا المنصب، إذا صمد الائتلاف، فإن كوهين سيعود إلى منصب وزير الخارجية سنة أخرى.

مصدر سياسي رفيع عمل مع نتنياهو قال للصحيفة إن رئيس الحكومة “يعتقد أن الموظفين في وزارة الخارجية هم مجموعة من اليساريين، وأنه هو وحاشيته يعرفون كيفية العمل أفضل منهم”.

مع ذلك، أكد المصدر: “عندما يكون نتنياهو في ذروة قوته فهو يعرف حقاً كيف يدفع قدماً بخطوات سياسية بشكل مثير للانطباع، لكن الآن، إذا حدث أي خلل، فإن قدرة المستوى المهني على مساعدته منخفضة لأن الأشخاص “يدخلون إلى الحدث بعد وقوعه”.

 

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى