ترجمات عبرية

هآرتس: الانقسام في صفوف المعارضة والاحتجاج يؤدي إلى نشوء معسكر ثالث

هآرتس 27-9-2023، بقلم رفيت هيخت: الانقسام في صفوف المعارضة والاحتجاج يؤدي إلى نشوء معسكر ثالث

لا خلاف بأن تحويل الاحتجاج إلى المشاركين في الصلاة وتوثيق الشجار بين العلمانيين والمتدينين، يخدم في المقام الأول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. الصراع بين مفهوم “يهودي” و”يساري” هو الصنبور الذي يستمد منه نتنياهو سلطته. لم يبدأ هذا بالهمس السيئ في أذن الحاخام إسحق كدوري، وهو لم ينته أيضاً برده السيئ على المواجهات في عيد يوم الغفران.

في الحملة الانتخابية الأخيرة، قال عضو رفيع في مركز الليكود: “نقلنا شعور أننا نحارب على صورة الدولة اليهودية التي تتعرض للخطر، إلى الميدان. وسواء كان هذا صحيحاً أم لا، ماذا يهم ذلك، “لكنه كان مجدياً” (كما نذكر، الحديث يدور عن حكومة يترأسها شخص يعتمر القبعة). هذا هو العنصر الذي يريده نتنياهو وجهاز التحريض المتوحش؛ أن يعرض كل معارض له على أنه “يسار”، وبعد ذلك وصفه بأنه “عدو لليهودية”. هو الآن بحاجة إلى هذه الأدوات أكثر من أي وقت مضى ليعيد الساخطين على حكومة الفظائع التي شكلها، الذين ما زالوا يتبنون مشاعر تقليدية. إن تحويل الاحتجاج إلى الزقاق الخطير لمسألة طابع اليهودية وتصويره زوراً على أنه اعتداء على قيم اليهودية يخدم نتنياهو؛ لأن ذلك يثير الخلافات بين أجنحة الاحتجاج وممثلي المعارضة.

فاجأ أحد رؤساء المعارضة الآخر غداة يوم الأحداث، ورئيس المعسكر الرسمي غانتس فاجأ عدداً من أعضاء القائمة برد قاطع نسبياً ضد تحريض شديد من “الرأس اليهودي”، وهي المنظمة التبشيرية التي نظمت الصلاة في ميدان ديزنغوف. زميله في القائمة جدعون ساعر، فاجأ رئيس المعارضة يئير لبيد، عندما هاجمه بشدة ووضعه في نفس الصف مع نتنياهو وبن غفير كمثيرين للفتنة.

“لقد تفاجأنا، هذا لا يناسب جدعون”، قال من هم في محيط لبيد عقب هجوم ساعر. “لن نهاجم من يشاركنا في النضال. لبيد يعتبر نفسه زعيم المعسكر الليبرالي. وفي كل مرة يكون فيها اعتداء صارخ على الليبراليين، كما حدث في عيد يوم الغفران، سنقف ونقول رأينا، حتى لو لم يكن ذلك مجدياً سياسياً”. في وقت لاحق، في نهاية اليوم، نشر لبيد منشوراً تصالحياً جداً تناول الاهتمام بالآخر، وتحفظ من تفجير الصلاة. هذا التغيير يصف التغيير في اتجاه المعسكر بنزاهة.

عضو الكنيست حيلي تروفر (المعسكر الرسمي)، الذي أغضبته أحداث يوم الغفران كتب منشوراً طويلاً، عارض فيه سلوك “رأس يهودي”، وسلوك المتظاهرين في ميدان ديزنغوف. تروفر الذي هوجم أيضاً على خلفية مبادرة “عريشة السلام”، التي يختلف معها من بين آخرين عضو الكنيست ميخائيل فالدايغر (حزب الكهانيين)، يثبت نفسه ويرتاح بشجاعة على خلفية المناخ الحالي وفي هذه الأجواء المعتدلة. “أؤيد الحوار مع الجميع تقريباً، لكني ما كنت لأعقد عريشة سلام مع كل واحد منهم، فالدايغر واوفير سوفير هما عضوان معتدلان نسبياً في حزب “الصهيونية الدينية”. محظور إعطاء مفعول للحجة التي تطرح تجاهنا وكأننا مستعدون للتحدث مع أبو مازن وليس مع اليمين”.

كما يتحدث تروفر عن الخط الذي يتخذه الاحتجاج مؤخراً، والذي كما يقول، يبعد الجمهور التقليدي الذي اجتاز الخطوط الآن، خصوصاً عقب حدث غالنت. “كل الأشخاص الذين نجحنا في جلبهم بعد خمس حملات انتخابات، يتراجعون إلى الوراء”، كتب يقول. “أشعر أنني جزء من الأغلبية. صحيح أنها صاخبة أقل، لكنها قائمة تماماً. الأغلبية تريد يهودية – ديمقراطية. الأغلبية لا تريد أن يُقوَّض كيانها، لا من هنا ولا من هناك”.

بعد أن بات متان كهانا يصف رؤساء الاحتجاج بـ “حارقي المحاصيل”، نضيف سياسيين آخرين من المعارضة يتجرآن على انتقاد الاحتجاج أو أجزاء منه على رؤوس الأشهاد. تحفظهم على ما يفسرونه أنه تصعيد في طرق عمل المحتجين ليس أمراً جديداً؛ وقد عبروا عنه بأشكال مختلفة منذ عهد الحوار في مقر الرئيس. أما الآن فقد نضجت اللحظة ليتخذوا موقفاً أكثر حزماً. فهم يشخصون المطلب المكبوت القائم لدى الجمهور الذي شارك حتى الآن مشاركة ضيقة جداً في الأحداث، هذا إذا كان شارك أساساً.

يقف الاحتجاج الآن أمام اختبار الخلاف الجدي الأول فيه. ولكن قد يولد هذا الاختبار في نهايته معسكراً ثالثاً يستمد أناسه وقوته من الطرفين. وستقام أعمدة هذا المعسكر على جمهور ينفر من الحكومة ويعارض متطرفيها منفلتي العقال، لكنه في المقابل، يطور اغتراباً وغرابة تجاه الاحتجاج الذي لا يتماثل معه سواء لأسباب الهوية أم لأسباب جوهرية.

هذه الحركة كفيلة من جهة أن تبث إحساساً متجدداً في قيم الرسمية لتحل محل الاستنزاف الشديد من مظاهر التطرف الذي جاءت به هذه الحكومة. كما أنها كفيلة بالقدر ذاته أن تعقّد لجة النزاعات الإسرائيلية.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى