ترجمات عبرية

هآرتس: الاستيلاء على السفينة هو تهديد على دول الخليج

هآرتس 14/4/2024، بقلم: تسفي برئيل: الاستيلاء على السفينة هو تهديد على دول الخليج

مر اسبوعان على عملية الاغتيال التي نسبت لاسرائيل، تصفية الجنرال محمد رضا زاهدي، والتوتر قبل الرد العسكري من قبل ايران في الذروة. حتى الآن تناولت السيناريوهات التهديد هجوم بالصواريخ والمسيرات على اسرائيل مباشرة من اراضي ايران أو بواسطة مبعوثين، الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان أو المليشيات الشيعية في العراق، الذين سيهاجمون اهداف اسرائيلية أو أمريكية أو سيضربون سفارات ومؤسسات يهودية في العالم. في المقابل، الولايات المتحدة تستعرض العضرلات بشكل مثير في الشرق الاوسط، بما في ذلك تحريك قوات بحرية قوية جدا، بالاساس تعهد رئاسي بالمحاربة الى جانب اسرائيل اذا تمت مهاجمتها من قبل ايران. الرئيس الامريكي عاد الى مقولته في تشرين الاول “اياكم”، التي اصبحت مفهوم استراتيجي.

في نفس الوقت الولايات المتحدة زادت الجهود الدبلوماسية امام ايران وجندت السعودية والامارات وتركيا سلطنة عمان في محاولة لاقناع طهران بتقليص حجم الرد وتجنب التدهور الى حرب اقليمية شاملة. احتجاز ايران أمس لسفينة ام.اس.سي.ارياس، التي هي بملكية جزئية لشركة زودياك التي يملكها ايال عوفر، على يد حرس الثورة الايراني طرحت بشكل طبيعي التساؤل هل سيقتصر رد ايران على ذلك أو أن الامر يتعلق بخطوة اولى في سلسلة نشاطات تخطط لها طهران. التقدير المقبول هو أنه ازاء التوقعات الكبيرة لرد واسع – التي تستند الى الخطاب المتشدد لرئيس الاركان الايراني محمد باقري الذي وعد بـ “ضربة كبيرة لاسرائيل”، وتعهد المرشد الاعلى علي خامنئي بمعاقبة اسرائيل، فان احتجاز السفينة يبدو عملية هامشية. عملية لا يمكن اعتبارها “عقوبة شديدة” أو استعراض قوة، استهدف ليس فقط الانتقام، بل ايضا ردع اسرائيل عن تنفيذ عمليات تصفية اخرى. ولكن هذا الاحتجاز قرب ميناء الفجيرة في اتحاد الامارات، على بعد 90 كم عن مضيق هرمز، هو رسالة مهمة تداعياتها يمكن أن تكون اوسع من الضرر المباشر الذي لحق بشركة السفن.

وسائل الاعلام الغربية نشرت أنه في محادثات ايران مع المبعوثين الامريكيين ودول المنطقة اوضحت بأن ردها سيكون محسوب، أي رد لن يؤدي الى مواجهة واسعة أو حرب اقليمية. وكلما كانت التقارير صحيحة فهي تعكس قواعد المواجهة التي تبنتها ايران في بداية الحرب في قطاع غزة، المساعدة والدعم والتمويل لـ “محور المقاومة”؛ وليس تدخل عسكري مباشر. ولكن منذ اللحظة التي اعتبرت فيها ايران عملية اغتيال زاهدي الذي كان يوجد في المبنى قرب السفارة الايرانية في دمشق كمس بالاراضي الايرانية وسيادة ايران، وليس السيادة السورية، فهي لا يمكنها نقل المسؤولية عن الرد الى جهة اخرى. وحسب التحليلات الايرانية فانه يكمن هنا الفرق “الرسمي” بين عملية الاغتيال الامريكية لقائد قوة القدس، قاسم سليماني، في كانون الثاني 2020 في بغداد وبين عملية اغتيال زاهدي. لكن هذا الفرق لم يمنع في حينه ايران من الرد على قتل سليماني باطلاق الصواريخ البالستية على قاعدة عين الاسد في العراق، التي توجد فيها قوات امريكية. عشرات الجنود اصيبوا في حينه، لكن لم تكن أي خسائر في الارواح. هذا بالاساس لأن ايران اعلنت مسبقا عن نية الهجوم وحددت مكانه. ايضا في حينه نشر أن مجلس الامن الوطني في طهران ناقش 13 سيناريو محتمل للانتقام، وخامنئي طلب رد شديد. منذ ذلك الحين في كل سنة في احياء ذكرى سليماني يتعهد الزعيم الايراني بالانتقام، أي أن هجوم الصواريخ في العراق كان رد أولي وأن “الثأر الحقيقي” ينتظر في الدور منذ اربع سنوات.

خارج عتبة المواجهة

طالما أن ايران قررت التمسك برد لن يشعل الحرب الاقليمية فان احتجاز السفينة يخدم في هذه الاثناء هدفين. فمن جهة تكتيكية لا يتوقع أن العملية ستستدعي رد اسرائيلي عسكري ضد ايران؛ وبالتأكيد لن تضع ايران في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة. في نفس الوقت هي تردد تحذيرات زعماء ايرانيين من الماضي غير البعيد بأن المس بايران سيجعلها تضرب الملاحة في مضيق هرمز. المرة الاخيرة التي سمع فيها هذا التهديد في آب 2023 على لسان قائد حرس الثورة حسين سلامي، الذي حذر من أن أي ضرب امريكي لناقلات نفط ايرانية مخالفة للعقوبات سيستدعي الرد في هذه المنطقة. سيطرة ايران على سفينة مدنية قرب مضيق هرمز والخليج الفارسي، الذي يعمل فيه تحالف بحري برئاسة الجيش الامريكي، يمكن أن تعتبر تجسيد لهذا التهديد، وحتى الآن البقاء خارج عتبة المواجهة.

يبدو أن هذه عملية تشبه هجمات الحوثيين في البحر الاحمر، لكن الاخيرين يقولون بأنهم يعملون ضد السفن التي تبحر الى اسرائيل في اطار اسهامهم في محور المقاومة وكمساعدة لحماس بهدف اجبار اسرائيل على الموافقة على وقف اطلاق النار. هكذا تمكنت ايران من طرح نفسها بأنها كمسؤولة عن نشاطات الحوثيين. أو عن أي مكون آخر في “المحور” مثل المليشيات الشيعية أو حزب الله، ولكن عندما تكون ايران نفسها هي التي تمس بحرية الملاحة قرب مضيق هرمز فهي بذلك تفتح ساحة مستقلة ومنفصلة عن “محور المقاومة”. ساحة غير مرتبطة بذاتها مع الحرب في غزة، وبالاساس حجم التهديد الذي تمثله اكبر بكثير من تهديد الحوثيين.

المس بحرية الملاحة في الخليج الفارسي يهدد بشكل مباشر عدة دول مثل السعودية واتحاد الامارات وقطر وسلطنة عمان والكويت، التي توجد لها علاقات جيدة، وحتى وثيقة، مع ايران. هنا تكمن الرافعة السياسية التي يمكن لطهران استخدامها ضد الولايات المتحدة. بالضبط كما تحاول الولايات المتحدة استخدام دول الخليج كرافعة للتأثير على ايران. اضافة الى ذلك وازاء الاضرار الاقتصادية الصعبة التي تسبب بها الحوثيون للاقتصاد العالمي فانه تصعب المبالغة بحجم الاضرار التي يمكن لعملية ايرانية معادية في الخليج الفارسي أن تلحقها بالاقتصاد العالمي. من ناحية نظرية ايران يمكنها أن تحول بذلك نية انتقامها من اسرائيل الى اداة سياسية دون أن تضطر الى اطلاق صاروخ واحد ضدها أو المخاطرة بمواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة. 

عن هذه الاحتمالية نشرت في الاسبوع الماضي صحيفة “الاخبار” اللبنانية، المقربة من حزب الله، اقتباسا لاقوال دبلوماسي ايراني رفيع. “ايران عرضت الاقتراح التالي: اذا تم التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة، واسرائيل لم تقم بمهاجمة رفح، فان ايران ستكون مستعدة لتقليص التوتر وخفض التصعيد وعدم تنفيذ أي عملية في هذا الوقت ضد اسرائيل”. ولكن المصدر اشار حسب التقرير، الى أنه “حتى الآن ايران لم تحصل على أي رد على هذا الاقتراح”. يبدو أنه اذا كان هناك وبحق مثل هذا الاقتراح فانه قد تم عرضه من قبل وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان اثناء زيارته في الاسبوع الماضي في سلطنة عمان، كجزء من نقل الرسائل للولايات المتحدة. 

هذه التقارير لا يمكن أن تشكل حتى الآن اساس لالغاء التهديد بهجوم ايران على اسرائيل، لكن فيها ما من شأنه أن يدل على وجود خط دبلوماسي كثيف، ايراني – عربي – امريكي، الذي الى جانب الخطابات المتشددة يحاول التوصل الى حل يمنع مواجهة عسكرية مباشرة بين اسرائيل وايران.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى