ترجمات عبرية

هآرتس: إلقاء السلاح الآن ليس هزيمة

هآرتس 2024-01-25، بقلم: ديمتري شومسكي: إلقاء السلاح الآن ليس هزيمة

منذ شهرين ونصف الشهر تقريباً، ونحاميا شترسلر يختم مقالاته في «هآرتس» بجملة صحيحة تصف شخصية وطبيعة بنيامين نتنياهو، «الشخص الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي». لكن يتبين أنه في نقطة واحدة يتفق شترسلر مع هذا الشخص الحقير. فشترسلر مثل نتنياهو يعارض إعادة جميع المخطوفين بكل ثمن، بما في ذلك وقف الحرب والانسحاب الكامل من قطاع غزة، بذريعة أن هذا يعني «تقديم انتصار ليحيى السنوار» («هآرتس»، 16/1).

صحيح أنه ليس فقط عبدة شخصية بيبي، بل أيضاً الكثير من المواطنين الإسرائيليين العقلانيين الذين يأملون من أعماقهم التخلص من الشخص الأكثر حقارة، يعتقدون أنه من ناحية إسرائيل، فان إلقاء السلاح الآن يعني الهزيمة المهينة، والتسليم باستمرار وجود المنظمة الوطنية الإسلامية القاتلة التي توجد خلف الجدار.

لكنهم مخطئون، العكس هو الصحيح. استمرار القتال وقصف غزة هو بالذات الذي يوفر للسنوار كل يوم صورة انتصار كاملة، حيث إنه كلما زاد واتسع القتل والدمار في غزة، فإن العالم ينسى أكثر فأكثر فظائع 7 أكتوبر، وتزداد باستمرار شيطنة إسرائيل في الرأي العام الدولي.

إضافة إلى ذلك كل يوم آخر، الذي فيه يموت المخطوفون الذين تم تركهم لمصيرهم في أسر «حماس»، يحطم أكثر فأكثر الروح الوطنية اليهودية حول الضمانات المتبادلة لشعب إسرائيل، الأمر الذي يزيد بشكل أكبر هزيمة المعنويات التي تسبب بها السنوار لإسرائيل في يوم السبت اللعين. وبعد لم نقل أي شيء عما بدأ يلوح في الأفق كبداية لفتنمة قطاع غزة – دون شك هذا أحد الأهداف بعيدة المدى التي وضعها السنوار أمامه عندما خطط ليوم الإبادة الجماعية القاتل للإسرائيليين.

في المقابل، بالذات الامتناع عن القتال كان يمكن أن يقرب الاجتثاث المأمول لـ»حماس»، أكثر من استمرار بقائها. تخيلوا أنه على الفور بعد 7 أكتوبر، بدلاً من شن الحرب العادلة، لكن غير الحكيمة ضد الوحش الحمساوي، التي تحولت بسرعة إلى قتل جماعي للمدنيين الذين يتم استخدامهم كدروع بشرية للمخربين الحقيرين، قامت إسرائيل بإطلاق سراح مروان البرغوثي، وعقد سلام دولي بمشاركة السلطة الفلسطينية الجديدة والمعززة والسعودية ومصر وقطر ومعظم الدول الغربية، من خلال السعي إلى تبني مبادرة السلام السعودية بالصيغة المعدلة بدرجة معينة. كل ذلك مع وضع شرط لا يمكن تجاوزه وهو إبعاد المنظمة القومية الإسلامية من غزة ومن قيادة فلسطين بشكل عام، إضافة بالطبع إلى إطلاق سراح جميع المخطوفين على الفور.

المنطق هو أن خطوة دبلوماسية قاطعة كهذه كانت ستشكل ضربة قوية تصيب قيادة «حماس» بصدمة قوية، وبعد ذلك، لأن عملاء الفوضى، روسيا والصين، كانوا سيضطرون إلى الانضمام لهذه الخطوة التي تعني تعزيز حل الدولتين، كان يمكن تشديد القبضة الدولية حول هذه المنظمة، الأمر الذي كان سيكون ناجعاً أكثر بكثير من أي ضغط عسكري.

رغم قتل أكثر من 25 ألف غزي، فإن هذه الخطة ما زالت واقعية حتى الآن. أنا أدرك أنه بالنسبة لمعظم الجمهور الإسرائيلي هي ستعتبر «خطة يسارية خيالية»، ولا يوجد أدنى احتمالية بأن تتبناها القيادة الإسرائيلية في المستقبل المنظور. حتى الآن طالما أن الأمر يتعلق فقط بمجرد فكرة وقف القتال، والانسحاب من قطاع الموت، والدفع قدماً بصفقة تبادل للمخطوفين، دون الإضافة «الخيالية» وهي السعي إلى عقد اتفاق سياسي، أيضاً أعضاء اليمين غير البيبي على استعداد، كما نقدر، للاقتناع بأفضليتها على استمرار التمرغ في وحل غزة، وكذلك الاعتراف بالإمكانية الكامنة فيها من أجل أن تجلب لإسرائيل على المدى البعيد الانتصار الحاسم على «حماس».

إطلاق سراح معظم السجناء الفلسطينيين أو جميعهم، مقابل إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين، سيسبب في الحقيقة للسنوار وعصابته الشعور بإخضاع «العدو الصهيوني»، وسحب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع ووقف النار سيعطي «حماس» فرصة لترميم قدرتها العسكرية. لكن في أعقاب المشهد المزيف للانتصار ستدخل «حماس» إلى حالة نشوة أكبر من التي أصابت إسرائيل بعد حرب الأيام الستة، النشوة كما هو معروف تنطوي على الغطرسة والعمى. إسرائيل لن تجلس مكتوفة الأيدي، بل هي ستستخلص الدروس العميقة من فشل يوم السبت اللعين ومن الإخفاقات الإستراتيجية التي سمحت به. وستقوم بعملية فحص داخلية شاملة على مستوى التخطيط والتنفيذ على حد سواء، وستعد بحرص وبشكل جذري ضربة عسكرية مفاجئة وقاتلة توجهها لغزة الحمساوية في الوقت المناسب جداً من ناحيتها.

الطريق إلى الانتصار من هزيمة مثل هزيمة 7 أكتوبر تمر بالضرورة من خلال الاعتراف بالهزيمة، وبالطبع تصحيح مسبباتها. الحديث يدور عن تقوية النظم الأساسية، الأمر غير الممكن دون التوقف لفترة عن المعركة العسكرية. من هنا فإن وقف القتال ليس هو فقط الذي سيعيد المخطوفين، بل أيضاً يمكن أن يوفر الظروف الضرورية لتحقيق الانتصار العسكري في المستقبل.

التصحيح الأول، الذي سيتم بعد توقف الحرب على الفور من أجل السماح بخلق هذه الظروف، سيكون بالطبع إقصاء الشخص الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي عن قيادة الدولة. وبالتالي، هذا الشخص يسوق دائماً كذبة مفادها أن وقف إطلاق النار يعني الاستسلام لـ»حماس». من المؤسف أنه حتى في أوساط الذين يدركون حقارته، هناك من هم مستعدون لتصديق هذه الكذبة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى