ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل تستهين بمطالب الفلسطينيين من السعودية

هآرتس 3-10-2023، بقلم عاموس هرئيل وامير تيفون: إسرائيل تستهين بمطالب الفلسطينيين من السعودية

العامل الفلسطيني في الاتفاق المحتمل بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل يثير التوتر بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن في الفترة الأخيرة، على خلفية هامش المناورة المحدود لدى رئيس الحكومة في الائتلاف الحالي. في الوقت الذي تصر فيه الإدارة الأمريكية على أنه بدون خطوات لصالح الفلسطينيين سيكون صعباً بلورة الاتفاق وإجازته في مجلس الشيوخ ما دامت شخصيات رفيعة في إسرائيل تظهر الاستخفاف بمطالب الفلسطينيين، وحتى إنها تتهم الأمريكيين بتكريس اهتمام مبالغ فيه بهم.

مصدر إسرائيلي رفيع مقرب من نتنياهو قال في عدة مناسبات لجهات في الإدارة الأمريكية بأن “رئيس بلدية رام الله” (اللقب الذي ألصقه الإسرائيليون برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس) لتصغيره والتقليل من أهميته، “لن يقرر تفاصيل الاتفاق بين السعودية وإسرائيل”. ثمة صيغة أقل فظاظة ظهرت في مقابلات لنتنياهو مع وسائل الإعلام الأمريكية أثناء زيارته في الولايات المتحدة في الشهر الماضي، التي قال فيها بأنه يحظر على الفلسطينيين إعطاء حق الفيتو على تفاصيل الاتفاق.

وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، يتوقع أن يصل في الفترة القريبة القادمة لزيارة إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية في محاولة لبلورة أساس مشترك للتقدم. قال بلينكن في الشهر الماضي إن السعودية نقلت رسالة واضحة للولايات المتحدة جاء فيها بأن الاتفاق مع اسرائيل سيقتضي خطوات مهمة لصالح الفلسطينيين. والمتحدث بلسان مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، قال في نهاية الأسبوع الماضي بأنه من أجل التوصل إلى الاتفاق فـ “كل واحد يجب أن يتنازل عن شيء ما”.

يتعلق أساس النقاش بين إسرائيل والولايات المتحدة بمدى التزام السعودية تجاه الفلسطينيين. جهات رفيعة في إسرائيل أبرزت مؤخراً أقوال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية كدليل على أن السعودية ستكتفي بالحد الأدنى الممكن لصالح الفلسطينيين. وقال بن سلمان في هذه المقابلة بأنه يجب “التخفيف عن الفلسطينيين كجزء من الاتفاق مع إسرائيل”. ولكنه لم يتحدث عن مواضيع سياسية أو خطوات فعلية ستكون مطلوبة.

وأشارت الإدارة الأمريكية في المقابل، إلى خطوات وتصريحات أخرى للسعودية، يمكن التوصل منها إلى استنتاج معاكس، مثل اللقاء الذي قاده وزير الخارجية السعودي على هامش الجمعية العمومية لتعزيز حل الدولتين أو زيارة القنصل السعودي الجديد لرام الله نايف بن بندر السديري في هذا الأسبوع، التي أكد فيها التزام المملكة بإقامة الدولة الفلسطينية. مصدر رفيع في الإدارة الأمريكية رفض بشدة في محادثة مع “هآرتس” الادعاء الذي تطرحه جهات إسرائيلية وكأن الإدارة الأمريكية تملي على السعودية موقفاً متصلباً في الموضوع الفلسطيني.

كان نتنياهو يفضل تقليص إنجازات الفلسطينيين في هذا الاتفاق إلى الدعم المالي فقط من السعودية. تمر السلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة في أزمة مالية شديدة، وتجد صعوبة في تجنيد التبرعات على خلفية التزام الدول الأوروبية تجاه الحرب في أوكرانيا. وإن ضخ بضع مليارات من السعودية قد يعيد الاستقرار للسلطة ويمنع انهيارها. نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية الأمريكي رون ديرمر، المقرب منه، يحاولان إقناع رجال الإدارة بأن هذا سيكون كافياً إلى جانب بضع بادرات حسن نية رمزية ترضي الفلسطينيين والقيادة السعودية أيضاً. إذا كان هذا وبحق سيكون المكون الفلسطيني في الاتفاق فإن الاحتمالية المرجحة أن ممثلي اليمين المتطرف في ائتلاف نتنياهو، قائمة بتسلئيل سموتريتش وقائمة إيتمار بن غفير، لن يعارضوا.

الفلسطينيون من ناحيتهم أرسلوا للولايات المتحدة والسعودية قائمة مطالب معتدلة نسبياً، لكنها غير محتملة بالنسبة لحكومة نتنياهو بتشكيلتها الحالية. هذه القائمة تشمل نقل مناطق في الضفة الغربية لسيطرة السلطة الفلسطينية، وتقييد بناء إسرائيل في المستوطنات، والتزاماً علنياً بإقامة الدولة الفلسطينية في المستقبل. إضافة إلى ذلك، طالبت السلطة بأن تنفذ إسرائيل الوعود التي أعطتها في اللقاءات السياسية التي جرت في بداية هذه السنة في شرم الشيخ والعقبة حول مواضيع مثل نشاطات الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية، والامتناع عن شرعنة بؤر استيطانية غير قانونية، وتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية على الأرض.

هذه القائمة تشكل تراجعاً للسلطة مقارنة بطلباتها في السابق، ولكنها قد تكون صعبة جداً على الهضم من قبل شركاء نتنياهو في الائتلاف. في المقابل، يخشى الفلسطينيون من تكرار ما حدث لهم في اتفاقات إبراهيم، التي توسطت فيها الإدارة الأمريكية في عهد ترامب بين إسرائيل والإمارات والبحرين في 2020. في حينه، بقيت السلطة خارج صورة الاتصالات، ولم تربح شيئاً.

قال للصحيفة مصدر دبلوماسي له صلة مع القيادة الفلسطينية: “في رام الله يتعاملون بتشكك مع الموقف الأمريكي، ويخشون من أن مصالح إدارة بايدن المتعلقة بالاتفاق مع السعودية مثل خفض أسعار النفط في العالم أو إبعاد المملكة عن نفوذ الصين، ستتغلب على الالتزام بمكاسب الفلسطينيين.

“هم لا يثقون بالرئيس الأمريكي وطاقمه”، قال المصدر الدبلوماسي. “بايدن وعد في بداية ولايته بإعادة فتح القنصلية الأمريكية للفلسطينيين التي أغلقت في عهد ترامب ولم يفعل ذلك حتى الآن. الأمل الوحيد لديهم هو أن يكون هناك عدد من السيناتورات في الحزب الديمقراطي الذين سيصممون على القضية الفلسطينية، الأمر الذي سيجبر البيت الأبيض على أن يتشجع أكثر قليلاً”.

المصدر الدبلوماسي نفسه، أضاف بأن نتنياهو اقترح على الفلسطينيين “أخذ الأموال التي لا ينجحون في تجنيدها في أي مكان آخر في هذه الأثناء، وأن يقولوا شكراً”. ولكنه عبر عن تشككه بخصوص قدرة السلطة الفلسطينية على الموافقة على مثل هذه الخطة. وحسب قوله، “هناك احتمالية أكبر بأن يؤدي ذلك إلى انتفاضة ضد السلطة في جنين ونابلس والخليل إذا تبين أنها تنازلت عن كل شيء بسبب الأموال السعودية”.

وتناقش اسرائيل طلب السعودية من الولايات المتحدة السماح لهم بإقامة مشروع نووي مدني في المملكة يشمل سيطرة السعودية على دائرة إنتاج الوقود النووي. وكما نشر في “هآرتس”، فإن الأمريكيين يبلورون فكرة تقول إن منشأة تخصيب اليورانيوم ستكون تحت سيطرتهم، وإسرائيل الآن تفحص الموافقة على ذلك.

ينوي رئيس الحكومة عقد جلسة تعرض فيها مواقف جهاز الأمن والجهات المهنية في منتصف الشهر الحالي. قام وزير الدفاع يوآف غالنت بتعيين طاقمين في جهاز الأمن يمكنهما بلورة توصياتهما، ويقف على رأس الطاقم العسكري رئيس الأركان هرتسي هليفي، ويقف على رأس الطاقم الثاني مدير عام وزارة الدفاع المتقاعد، الجنرال ايال زمير. سيقوم المدير العام ببلورة موقف الجهات الخاضعة له، منها القسم السياسي في الوزارة المسؤول عن الأمن في جهاز الأمن. في الوقت نفسه، تعمل في هذه القضية عدة جهات تخضع لرئيس الحكومة، مثل هيئة الأمن القومي، والموساد، ولجنة الطاقة النووية، التي قادت الاتصالات مع الأمريكيين.

تدخل إيران

كلما تقدمت المحادثات حول اتفاق التطبيع سيزداد الخوف من محاولة تشويش التوقيع عليه، وستزداد الاحتكاكات العسكرية في أرجاء الشرق الأوسط. الإيرانيون الذين أدانوا محاولة التقارب بين السعودية وإسرائيل بشكل علني يمكنهم التدخل بواسطة هجمات غير مباشرة ضد السعودية، من خلال الحوثيين في اليمن، أو من خلال المساعدة على تسخين الحدود بين إسرائيل ولبنان أو الساحة الفلسطينية.

عملت مصر وقطر في الأسبوع الماضي على إعادة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة. وحتى الآن، توقفت المظاهرات الفلسطينية العنيفة قرب الحدود في القطاع بعد أن حصلت حماس على وعد بأن تزيد إسرائيل عدد العمال الغزيين الذين تسمح لهم بالدخول للعمل فيها إلى 20 ألف عامل. في هذه المرة كان لمصر سبب آخر للتدخل وإظهار أنها يمكنها تحقيق نتائج إيجابية. وهذا السبب يتعلق بقضية الفساد التي اتهم بها السيناتور الديمقراطي بوب مننديز، رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، بنقل معلومات حساسة للنظام في القاهرة مقابل الأموال. القضية جددت النقاش في واشنطن حول إمكانية تقليص المساعدات العسكرية الأمريكية للنظام في القاهرة. وقد كان من مهماً لمصر أن تري الإدارة الأمريكية بأنها ما زالت قادرة على التوصل إلى خطوات إيجابية في المنطقة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى