ترجمات عبرية

هآرتس: أطباء يصفون علاج معتقلين غزيين

هآرتس 12/3/2024، عميره هاس: أطباء يصفون علاج معتقلين غزيين

زارت لجنة طبية في نهاية شباط المنشأة الطبية المخصصة للمعتقلين من غزة، استجابة لطلب طاقم العلاج في المنشأة نفسها. تشكلت اللجنة من ممثلي وزارة الصحة ومكتب أخلاق المهنة التابع للهستدروت الطبية في إسرائيل وإدارات المستشفيات. “كان هناك طلب من الطاقم الطبي لإجراء مراجعة أخلاقية لأن هناك أسئلة معقدة وصعبة جداً”، قال للصحيفة مصدر طلب عدم الكشف عن اسمه. تمت الزيارة الأولى بعد عدة تأجيلات، بعد حوالي أربعة أشهر على إقامة المستشفى الميداني مثلما يُعرف، في قاعدة “سديه تيمان” بالنقب. لم يتم النشر عن موضوع الزيارة رسمياً، وحسب معرفة “هآرتس” لم تبلور اللجنة استنتاجاتها وتوصياتها حتى الآن.

أعضاء الطاقم الطبي والأشخاص المعالجون ما زالوا مجهولين، وليس هناك أي اسم يظهر في الوثائق، سواء للمعالِجين أو المعالَجين. يتم إعطاء رقم تشخيص عسكري للمعالجين يتكون من خمسة أرقام، وتقييد أيديهم وأقدامهم في الأسرة معظم ساعات اليوم وأحياناً طوال النهار والليل. “كل الأطراف مكبلة”، وصف أحد الزوار ذلك. عيونهم معصوبة دائماً حتى أثناء العلاج، لأنه لا يوجد طاقم تمريض، والجنود الموجودون في المنشأة يرفضون إطعامهم، كما قيل للصحيفة، وتتم تغذيتهم بتركيبة سائلة يتناولونها بالمصاصة.

المصادر التي تحدثت مع هآرتس لا تعرف كيف وهل يصل المعالجون إلى المراحيض والحمامات. المعتقلون المصابون والمرضى يعالجون في خيمة كبيرة، فيها 15 – 20 سريراً. وفي المنشأة عدد من المباني غير الثابتة، ينام أعضاء الطاقم في واحد منها. “هذه ظروف تناسب مستشفى ميدانياً في العراق”، قال شخص زار المكان. المنشأة قد تمكن الطاقم من إجراء عمليات متوسطة لا تشمل الوصول إلى أعضاء كثيرة في الجسم. هؤلاء أطباء عامون، قال طبيب مطلع على الوضع. وأشار إلى أنهم ليسوا من أطباء العناية المكثفة أو الجراحين، وأحياناً يتم استدعاء أطباء من الخارج للاستشارة أو لتقديم العلاج.

عند الحاجة إلى إجراء فحوصات بأجهزة غير موجودة أو عملية معقدة، أو في حالة تدهور الوضع الصحي (مثلاً انتشار تلوث) يتم نقل المعالجين للعلاج في أحد المستشفيات المدنية، حتى هناك يكونون مقيدي الأيدي والأرجل ومعصوبي العيون، وإضافة إلى الرقم العسكري الذي أعطي لهم، فإنهم يعتبرون مجهولين. الجنود معهم طوال الوقت. وتتم إعادتهم إلى “سديه تيمان” في وقت مبكر جداً، ليس حسب الإجراءات أو الحاجة الطبية، قال للصحيفة شخص كان شاهداً على عدد من الحالات. لقد تولد لديه انطباع بأن السرعة مرتبطة أيضاً في الرغبة بنقل المعالجين إلى التحقيق. موشيه بار سمنطوف، مدير عام وزارة الصحة، قال في مقابلة مع “واي نت” بداية كانون الثاني، إن “لإسرائيل مصلحة عسكرية واستخبارية في إبقاء هؤلاء الأشخاص على قيد الحياة، وعلاجهم يؤدي إلى إنقاذ حياة مدنيين وجنود”.

عدم الكشف عن هوية المرضى والطاقم الطبي في المستشفى، والتكبيل وعصب العيون طوال أيام العلاج في المستشفى، أمور معروفة لأعضاء اللجنة التي زارت المنشأة، لأنها أمور كشف عنها في إحاطة نشرتها وزارة الصحة في كانون الأول 2023. كتب فيها: “حسب توجيهات الجهات الأمنية المسؤولة عن المعتقلين في منشأة الاعتقال، فإن المعتقلين يكبَّلون طوال الوقت، ويتم عصب عيونهم حتى أثناء العلاج. ورغم أن “الشاباك” والجيش الإسرائيلي هم الذين يملون شروط العلاج، فإن مصدراً أمنياً قال للصحيفة إن وزارة الصحة هي المسؤولة عن المنشأة الطبية. وحسب التقرير الذي كتبه ونشره طاقم جمعية “أطباء من أجل حقوق الإنسان” في شباط عن وضع المعتقلين الفلسطينيين منذ 7 تشرين الأول، فإن المستشفى يدار بصورة مشتركة من قبل وزارة الصحة والجيش.

مثلما نشر في تشرين الأول في وسائل الإعلام أنه تقرر إقامة منشأة طبية للمعتقلين من غزة بعد رفض عدة مستشفيات وطواقم طبية علناً علاجهم، ولأن أعضاء يمينيين اقتحموا مستشفى “شيبا” عندما عرفوا بوجود معتقل من غزة فيه، وهددوا بفعل ذلك مرة أخرى. هناك سببان لعدم الكشف عن هوية الأطباء في المنشأة، والمجندين في قوة الأمر 8 ويخضعون للجيش الإسرائيلي: الأول الخوف من أن يشخصهم الفلسطينيون، الذين قاموا بعلاجهم أو غيرهم، ويقدموا ضدهم دعاوى لجهات دولية بذريعة مشاركتهم في ارتكاب جرائم حرب. والسبب الثاني الخوف من مهاجمة يمينيين متطرفين في إسرائيل. قيل للصحيفة إن الأطباء لا يكشفون عن مهمتهم حتى أمام أصدقائهم، ولا أمام عائلاتهم. عصب عيون المخطوفين استهدف أيضاً حماية الأطباء (والجنود) من تشخيصهم، لكن هناك أطباء قالوا إن غياب التواصل البصري مع المعالج يساعدهم على القيام بالمهمة بشكل مهني. مع ذلك، قالت مصادر للصحيفة إن الطاقم الطبي في “سديه تيمان” يحاول العلاج في ظل ظروف بعيدة ليست جيدة.

تكبيل الأيدي طوال اليوم استهدف حماية الطاقم الطبي من المصابين بإصابات خطيرة. وفي إحاطة وزارة الصحة بخصوص المنشأة، كتب أن المعالجين “مقاتلون غير قانونيين” (التعريف الذي يمكن إسرائيل من اعتقالهم في ظروف أصعب من اعتقال فلسطينيين آخرين، ولتقييد حصولهم على الحد الأدنى من الحقوق، من بين ذلك الالتقاء مع محام أو كتابة تقرير عن وضعهم ومكان وجودهم).

في الأيام الأولى بعد هجوم حماس على بلدات غلاف غزة في 7 أكتوبر، كان واضحاً أن المعتقلين الفلسطينيين الذين يعالجون كانوا مشاركين في الهجوم. لكن عند بداية العملية البرية، اعتقل داخل غزة أيضاً مئات المدنيين. منهم من أحضروا إلى المنشأة الطبية بسبب إصابتهم أو لأنهم يعانون من أمراض مزمنة وتدهورت حالتهم الصحية أثناء الاعتقال، أو لعدم حصولهم على الأدوية. ولأنهم مجهولون، فمن غير الواضح إلى أي مدى يدرك طاقم العلاج ذلك (أيضاً في المستشفيات العادية).

في تقرير “أطباء من أجل حقوق الإنسان” كتب أن “مجرد الإشارة (في الإحاطة) إلى الوضع القانوني لهؤلاء المعتقلين، فالوثيقة التي تهدف إلى تنظيم علاجهم تبدو محيرة؛ لأن قواعد أخلاقيات مهنة الطب والقانون في إسرائيل والعالم تقتضي حصول كل شخص على العلاج الذي يحافظ على صحته بغض النظر عن وضعه القانوني”.

هذا التقرير حلل أيضاً إحاطة وزارة الصحة، وكتب أنها قد تنظم طبيعة معالجة المعتقلين في “سديه تيمان”، لكن “الإحاطة تخفض المعايير المهنية والأخلاقية في كل ما يتعلق بالعلاج وبعلاقة المعالج مع المريض”. في التقرير أيضاً يعتبر التنكيل وعصب العيون معظم ساعات اليوم “شروطاً تشكل تعذيباً”.

سألت “هآرتس” وزارة الصحة والهستدروت الطبية: حسب رأيكم، هل هذه الظروف تمكن من تقديم العلاج المناسب؟ قالت وزارة الصحة إن “العلاج الذي تقدمه “سديه تيمان” يلبي القواعد والمواثيق الدولية التي تلتزم بها إسرائيل”. وجاء أيضاً أن “الوزارة تستعين باستشارة طبية كلما احتاج الأمر وبمرافقة طاقم أخلاقيات المهنة. وكبار الموظفين في الوزارة يأتون إلى المنشأة بين حين وآخر”.

من الهستدروت الطبية جاء: “هناك موقف حاسم وواضح للهستدروت الطبية في إسرائيل وفي لجنة أخلاقيات المهنة بخصوص تقديم العلاج لكل شخص محتاج بدون تمييز. وزارة الصحة أقامت المنشأة الطبية في “سديه تيمان” لتقديم جواب طبي في المكان، ولحاجة علاج غير معقد. الهستدروت الطبية في إسرائيل والأطباء في إسرائيل يخضعون لقواعد أخلاقيات المهنة والمواثيق الدولية”.

لم يرد “الشاباك” على أسئلة “هآرتس”. وجاء رد من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: “منشآت الاعتقال العسكرية خصصت للتحقيق مع المعتقلين وغربلتهم إلى حين نقلهم إلى مصلحة السجون أو إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى القطاع إذا وجد أنهم غير مشاركين في العمليات الإرهابية.

تم تحديد طريقة التكبيل وإجراءات الأمان حسب خطورة المعتقل من أجل حماية قواتنا، بما ذلك الطاقم الطبي. المعتقلون في المنشأة لا يمنعون من الاستحمام والخروج”. لم يجب المتحدث عن سؤال حول عدد المعتقلين الذين يعالجون منذ بداية الحرب. ولم تحصل “هآرتس” أيضاً على جواب عن سؤال إذا كان الـ 27 معتقلاً من غزة الذين ماتوا وهم تحت حماية الجيش الإسرائيلي تم نقلهم في أي مرحلة للعلاج في منشأة “سديه تيمان” أم أنهم ماتوا لعدم نقلهم إليها.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى