ترجمات عبرية

هآرتس: أصبحت حياة سكان مسافر يطا في ظل تدريب الجيش الإسرائيلي لا تطاق

هآرتس 21/9/2022، بقلم: هاجر شيزاف 

بعد نصف سنة تقريباً على قرار الحكم الذي صادق على طرد سكان مسافر يطا من بيوتهم، تغيرت الحياة في المنطقة بشكل كامل. في القرى الصغيرة الثمانية المنتشرة في المنطقة التي أعلنت عنها إسرائيل كمنطقة تدريبات، كانت الحياة دائماً صعبة، والبنى التحتية غير موجودة. ولكن أضيف إلى ذلك في الأشهر الأخيرة عائق جديد مخيف، وهو الحضور الدائم للجيش في المنطقة وتدريبات بالنار الحية. يتم وضع حواجز عسكرية بين هذه القرى تعيق السكان، من بينهم طلاب المدرسة والمعلمون الذين يأتون لتعليمهم، وتتم مصادرة السيارات وإغلاق الطرق أمام غير المسجلين كسكان في هذه القرى. نتيجة ذلك، كفَّ كثير من سكان هذه القرى عن السفر في السيارات، ومثلما في فترات سابقة، فإنهم يتنقلون بطريقتين، إما الركوب على ظهر حمار أو مشياً على الأقدام.

“لا يمكن وصف مدى تغير الحياة هنا”، قال سليمان أبو عرام، وهو أب لعشرة أولاد من قرية المجاز. أحد أولاد أبو عرام مريض بالسكري، لذلك تضطر العائلة للوصول إلى المدينة الأقرب، يطا، بشكل مستمر. “قبل أسبوعين ذهبنا مشياً على الإقدام، كان يجب أن أنقله إلى الطبيب ولم يكن أمامنا مناص”، قال. أبو عرام وابنه ابن التاسعة ذهبا مشياً حتى قرية التواني الموجودة خارج منطقة التدريب، ومن هناك سافرا إلى يطا. السير مشياً على الأقدام، قال، استغرق ساعة ونصف الساعة في منطقة صحراوية قفراء لا ظل فيها أو مصدر مياه. يركب الحمار في حالات أخرى. “معظم احتياجاتنا يجب أن نشتريها من يطا. ذات مرة كنا نستقل سيارة ونسافر. الآن نذهب إلى هناك مرة كل أسبوع أو كل عشرة أيام. في حالة الضرورة أركب على الحمار واذهب للشراء”، قال.

المدرسة الثانوية الوحيدة في المنطقة تشعر بسوء التغيير. هيثم أبو صبحة، مدير المدرسة، قال للصحيفة بأن خمسة من الطلاب تمكنوا في الفترة الأخيرة على الأقل من القدوم إلى المدرسة بسبب الصعوبة في الوصول إليها. في كل صباح، قال المدير، يقوم الجيش باحتجاز الطلاب الذين يأتون في سيارات خاصة من القرى، ومعلمو المدرسة معظمهم يأتي من يطا. في بعض الحالات لم يسمح الجيش للمعلمين الذين جاءوا في سيارة، من العبور فيعودون على أعقابهم. في حالات أخرى، سار المعلمون مشياً على الأقدام.

إحدى الطالبات اللواتي يأتين إلى المدرسة الموجودة في قرية بخيت، هي بيسان مخامرة ابنة الـ 17 من قرية صفاي الفوقا، تدرس هذه السنة لتستعد للثانوية، وتأمل في دراسة التمريض أو اللغة الإنجليزية بجامعة بير زيت. “قبل أسبوع احتجزنا الجيش مدة ساعة تحت أشعة الشمس عندما كنا في الطريق إلى المدرسة. أخذوا بطاقات هوياتنا ومفتاح السيارة. كنا ستة طلاب في السيارة. أردنا أن نفتح الأبواب بسبب حرارة الجو، لكنهم قالوا: هذا ممنوع”، قالت بيسان. ويوم الاثنين الماضي، قالت بأن الجنود الذين على الحاجز فحصوا حقائب الطلاب. “عند حدوث أمر كهذا، نصل في النهاية إلى المدرسة وكل ما نفكر فيه هو الرغبة في انتهاء هذا الأمر”، أضافت مخامرة. لا توجد طرق معبدة في مسافر يطا، بل طرق ترابية وضعها أفضل أو أسوأ. بعض الطرق التي شقها السكان على مر السنين، دمرها الجيش بصورة لا تسمح بالسير فيها إلا بسيارة جيب. حتى الآن، يدور الحديث عن سفر متعب. مؤخراً، بسبب الحواجز والتأخير، بدأ السكان يسافرون في طرق لم يسر فيها، “لأنهم لا يسمحون لنا بالمرور، نسافر من الجبل في طريق خطرة”، قالت مخامرة. في أعقاب ذلك، فتح السكان مؤخراً مدرسة جديدة لطلاب الصف الأول وحتى الرابع في قرية صفاي، كي لا يضطر الطلاب الصغار لسلك الطرق الخطرة.

خلال عشرين سنة، لم يجر الجيش التدريبات بالنيران الحية في مسافر يطا، في الوقت الذي يتم فيه النقاش في التماس ضد طرد سكان المنطقة بسبب الإعلان عنها كمنطقة تدريب. منذ أيار، حيث صدر قرار صادق على الطرد، أجرى الجيش تدريبين بالنيران الحية في المكان. في التدريب الأول أصابت رصاصة سطح بيت في قرية خلة الضبع، وقد تم توثيق سيارات عسكرية في حقول مزروعة. في بداية الأسبوع الماضي، بدأ الجيش بإجراء تدريب آخر بالرصاص الحي. “كل من كان نائماً استيقظ. سمعنا الكثير من الانفجارات”، قال عيسى حماد (45 سنة) من قرية بخيت، حول ما حدث في القرية أثناء التدريب. “نخاف من بقاء مواد متفجرة فيتضرر الأولاد بسبب ذلك”، أضاف.

“استيقظ أولادي في منتصف الليل. هذه هي المرة الأولى التي يسمعون فيها شيئاً كهذا”، قال أبو صبحة. “هذا الشيء كان قبل العام 2000، لكن أولادنا لم يعيشوا ذلك”. قال. وأضاف بأنهم في المدرسة يحاولون أن يشرحوا للطلاب ما يحدث، ويقولون لهم بأمل أن يكون الأمر مرحلياً، وأن عليهم التركيز على التعلم. “نعيش على الجبل. ويقومون بالتدريب على الجبل الثاني”، قالت مخامرة التي لها ثمانية أخوة. “إطلاق في الليل والنهار. الأغراض تهتز. لي أخت عمرها أربع سنوات تقول بأنها غير خائفة، لكن واضح أنها خائفة لأنها تصرخ وتبكي”.

الثلاثاء من الأسبوع الماضي، عندما زارت “هآرتس” المكان، أقام الجنود حاجزاً على الشارع الرئيسي الذي يصل بين قريتي بخيت وجنبة. ووضعوا قضباناً حادة على الطريق الترابية المضطربة، ووضعوا لافتة تنبه بوجود حاجز. الجنود أنفسهم ظهروا وعيونهم متعبة، وقالوا بأنهم شاركوا طوال الليل وفي الصباح بتدريبات. أحد الجنود قال إن سبب وجودهم هناك هو “إعادة الحكم، ومنع دخول غير مسموح لفلسطينيين إلى إسرائيل”. جلس الجنود معظم الوقت تحت خيمة نصبوها من ناقلة الجنود المدرعة التي ركنوها جانب الشارع. سيارة الجيب التي نقلت الطلاب من المدرسة في قرية بخيت تم احتجازها على الحاجز، وأطلق سراحها بعد بضع دقائق. وعندما تقدم عجوز يركب حماراً نحو الحاجز، ركض نحوه ثلاثة جنود. وبعد حديث قصير معه، استدار راكب الحمار وعاد على أعقابه. إضافة إلى ذلك، أقام الجيش شيئاً يشبه البوابة المعدنية على الطريق التي تؤدي إلى جنبة.

في موازاة قرار الحكم فيما يتعلق بمسافر يطا، بدأت عملية “كاسر الأمواج” عقب موجة العمليات في إسرائيل. كجزء من جهود الجيش لمنع دخول فلسطينيين بدون تصاريح إلى إسرائيل، تم حفر قنوات وشق طرق دورية ووضع أكوام من التراب في مسافر يطا. هذه المنطقة، التي هي منطقة صحراوية مفتوحة وقريبة من مدينة “عراد”، هي أحد المسارات التي تمر عبرها عمليات نقل العمال إلى إسرائيل. قدم سكان فلسطينيون التماساً ضد إقامة الجزء الغربي من الحاجز، الذي يقتضي استخراج أمر بوضع اليد. في الالتماس الذي قدمته المحامية قمر مشرقي من منظمة “حقل”، ادعى الفلسطينيون بأن الحاجز يفصل بينهم وبين أراضيهم، وأنه على طريق حيوية يستخدمها السكان، ويضر بقيم البيئة لأنه يخترق ممراً بيئياً. يتوقع صدور القرار بشأن الالتماس في الأيام القريبة القادمة.

خارج المدرسة في بخيت جلس عدد من شباب القرية ونظروا إلى ناقلة الجنود المدرعة التي تقدمت على الطريق الترابية قرب القرية. قال عيسى حماد بأنه عندما حاول الوصول إلى بخيت، منعه الجنود من العبور لأنه كتب في هويته بأنه من يطا. “لقد احتجزونا خمس ساعات على الحاجز المقام على بعد 100 متر عن بيتنا. وكان يمكنني التلويح لأبنائي بيدي، من الحاجز”. وقال شاب آخر بأن الجنود صادروا سيارته مرتين. “لقد أخذوا سيارتي عندما كانت متوقفة خارج البيت”، قال ناصر عبيد من قرية تبان. دفع 2800 شيكل لتحريرها. في أمر وضع اليد كتب بأنه تم احتجازها بسبب دخولها إلى منطقة التدريب 918، وهي المنطقة التي يعيش فيها.

وثق نشطاء منذ قرار الحكم عدة حالات لمصادرة سيارات بذريعة الدخول إلى منطقة التدريب، منها سيارات لنشطاء ومعلمين يأتون للتعليم في المنطقة ومنظمات تقدم مساعدات إنسانية. في نهاية تموز، تمت مصادرة سيارة لمنظمة “كوميت مي”، التي تقدم خدمات طاقة متجددة ومياهاً نقية لقرى مسافر يطا. لم يسمح بتحرير السيارة إلا بعد توقيع المنظمة على تعهد بعدم إدخالها مرة أخرى إلى المنطقة، ودفعت غرامة. حسب المنظمة، للحظر الدخول إلى المنطقة تداعيات خطيرة على عملها، الذي يعتبر عملاً إنسانياً تماماً. على سبيل المثال، قبل بضعة أسابيع اضطروا، حسب قولهم، إلى القول للعائلة التي طلبت قدومهم لإصلاح مضخة المياه، بأنه لا يمكنهم الوصول. عقب ذلك، اضطرت العائلة إلى سحب مئات ليترات المياه لسقاية القطعان.

الحضور الكبير للجنود في المنطقة أدى أيضاً إلى ارتفاع كبير في تنفيذ القانون ضد السيارات التي تم إنزالها عن الشارع أو منع استخدامها، والتي تسمى “سيارات مشطوبة”. الحظر على بناء بنى تحتية وحقيقة أن السفر في المكان ممكن فقط عبر طرق ترابية خطيرة، إضافة إلى الوضع الاقتصادي السيئ وبشكل خاص في مسافر يطا، كل ذلك يؤدي إلى استخدام السيارات المشطوبة. السفر في هذه السيارات دائماً كان ذريعة للمصادرة، لكن الآن عند انتشار كبير للجنود في المنطقة أصبحت المصادرة بشكل دائم. محيي أبو صبحة (55 سنة) من قرية بخيت، قال إن مصادرة سيارته اضطرته للذهاب إلى الطبيب مشياً على الأقدام. “مشيت ساعة وربع إلى العيادة في مجاز بدلاً من استعمال سيارة”، قال.

في هذه الأيام ينتظر سكان القرى قرار رئيسة المحكمة العليا، استر حيوت، في الالتماس الذي يطالب بمناقشة أخرى للاستئناف ضد طردهم، الذي قدمته جمعية حقوق المواطن. “الجيش أعلن في المحكمة العليا بأن استخدام منطقة النيران للتدريبات لا يضر بنسيج حياة السكان. الوضع في المنطقة بعيد سنوات ضوئية عن هذه التصريحات”، قالت المحامي روني بيلي من منظمة “حقوق المواطن”، التي قدمت الالتماس، هي والمحامي دان يكير. المحامون الذين توجهوا للجيش فيما يتعلق بحالات تقييد حركة السكان، من بينهم المحامية نتاع عمار – شيف، التي توجهت للجيش فيما يتعلق بحالات تم فيها احتجاز عائلة أثناء ذهابها إلى المستشفى في يطا مع ابنهم المشلول، لم يتم الرد عليهم.

“نشاطات الجيش في المنطقة تحول ظروف حياة السكان إلى أمر لا يطاق”، قالت المحامية بيلي. “يجب العودة والتذكير بأنه، حسب القانون الدولي، يحظر نقل السكان المحميين قسراً. هذا حظر مطلق من قبل القانون الدولي العرفي، لا يوجد ترحيل بالقوة، وحتى ليس عن طريق خلق ظروف عيش صعبة. إضافة إلى ذلك، النقل قسراً جريمة، وهذا يكفي لمعرفة أن نتائج نشاطات الجيش ستؤدي إلى الطرد من أجل إثباتها، ولا حاجة للإشارة إلى نية أو سياسة منظمة”.

من الجيش الإسرائيلي جاء الرد: “منطقة النيران 918 منطقة عسكرية مغلقة، وأي دخول إليها بدون تصريح من جهات الجيش أمر محظور، ويعتبر مخالفة جنائية ويعرض حياة الناس للخطر. قوات الجيش الإسرائيلي تحرس مداخل منطقة التدريب لمنع دخول غير مصرح به إلى المنطقة، وعند الحاجة يتم وضع اليد على سيارات تدخل إلى المنطقة بدون تصريح. إلى جانب ذلك، يعمل الجيش من أجل تمكين وجود نسيج حياة سليم لكل سكان المنطقة. وطبقاً لذلك، يسمح للسكان الذين يعيشون في المنطقة الآن، من بينهم طلاب، بالدخول إليها والخروج منها. مؤخراً، تم توضيح التعليمات للقوات بهذا الشأن.

“في تموز 2022 أثناء تدريب عسكري في منطقة النيران 918، تلقينا تقريراً عن ادعاء بإصابة رصاصة لسطح مبنى في منطقة النيران. وعلى الفور عند تلقي التقرير، تم وقف التدريب وتم البدء بفحص معمق. في نهاية الأمر، وجد أنه لا يوجد سند كاف على أن المبنى تضرر بنيران التدريب، وهذا إزاء طبيعة ومسافة النيران. إلى جانب ذلك، تقرر اتخاذ وسائل حماية أخرى لمواصلة التدريب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى