ترجمات عبرية

هآرتس: أزمة دستورية: مبادئ موجِّهة لقادة الأمن في إسرائيل

هآرتس 2023-08-29، بقلم: يوفال ديسكن وإيلي بخرأزمة دستورية: مبادئ موجِّهة لقادة الأمن في إسرائيل

دولة إسرائيل في ذروة أزمة دستورية، تعبّر عن نفسها سواء بأقوال الحكومة والائتلاف أو أفعالهما. ربما لم نصل بعد إلى المستوى الأخطر، لكننا أصبحنا عميقاً فيها. عندما يرفض رئيس الحكومة أن يقول هل ينوي الامتثال لقرار المحكمة العليا أم لا، وعندما يبلغ الائتلاف المحكمة العليا بأنه من المحظور عليها تناول مسألة إلغاء قوانين أساس، وعندما يقول أعضاء كنيست في الائتلاف بشكل صريح، وبعضهم بصورة فظة، إنهم لن يمتثلوا لقرار المحكمة العليا، فإن كل ذلك تشويش خطير جداً للتوازنات الديمقراطية، التي أساسها الرئيس هو واجب امتثال الحكومة للقانون، كما قال الفيلسوف لودفيع فيتنغنشتاين: “الأقوال هي أفعال”.

لكن تزداد أيضاً الأفعال الحقيقية. فبنيامين نتنياهو يعمل علناً في تناقض مصالح شديد ومتواصل عندما ينشغل بالتشريع الذي جاء لتحسين وضعه القانوني. وبهذا فهو يخرق قرار الحكم الذي سمح بتوليه منصبه شريطة أن يلتزم بالحظر الذي فرض عليه، وهو ألا يعمل في تضارب للمصالح. وتخرق الحكومة قرار المحكمة العليا حول قرار التجنيد، وقام، رغم قرار الحكم، بتمديد الإعفاء من التجنيد لطلاب المدارس الدينية، وفعلياً هم غير مجندين ولا تستخدم ضدهم أي عقوبة. لجنة تعيين القضاة لا يتم عقدها فقط لأن وزير العدل، ياريف ليفين، غير راض عن القانون الذي يحدد تشكيلتها، وهذا يعني إخراج الجهاز الحاكم من التوازن في إحدى النقاط الأكثر حساسية فيه.

إضافة إلى ذلك، فإن أزمة الدستور أوسع بكثير، وهي تتعلق بمجالات كثيرة في الساحة العامة، وهدفها إضعاف كل مركز قوة محتمل ونزع شرعيته. هذا هو هدف العملية المبادر إليها للمسّ برئيس الأركان والمسّ المتعمد برئيس “الشاباك”، وهكذا أيضاً إضعاف الاكاديميا وإلغاء وحدة الشرطة لمكافحة الفساد والثقافة الدونية لتهديد المدعين العامّين والقضاة، وتشجيع عنف رجال الشرطة وما شابه. القاسم المشترك هو إضعاف وتخويف كل مراكز القوة السياسية والاجتماعية ووضع اختبار وحيد لتعيين الموظفين العامين وهو الولاء الشخصي للسلطة.

من هنا، فإن الأزمة الدستورية هي موضوع درجات ومعيار، وهي آخذة في التصاعد. وتشير جميع الدلائل إلى أنها ستتغلب على كل جوانبها ومظاهرها، ليس بالضرورة بخطوات بارزة ودراماتيكية مثل إقالة المستشارة القانونية للحكومة، بل بسيناريو لا يقل عن ذلك معقولية يتمثل في سلسلة خطوات صغيرة نسبياً، يخلق تراكمها الكتلة الحاسمة التي ستؤدي إلى نظام غير ديمقراطي. بكلمات أخرى، نظام لا توجد أي قيود على قوته.

عندما يكون الوضع والتوجه هكذا، فإن حدة السؤال “كيف على رؤساء الأجهزة الأمنية أن يعملوا؟” تزداد. المخرج هو أن الحكومة التي تخرق بهذه الصورة القانون بالأقوال والأفعال، وتعمل على تقويض البنية التحتية الديمقراطية للدولة، هي حكومة كل أفعالها مشبوهة لأنها فقدت الشرعية. هذا الوضع من انفلات الحكومة يعرض للخطر أمن الدولة وسلامة الجمهور والقدرة على الردع والقدرة على الدفاع عن نفسها. هذه حكومة لا ينبغي الوثوق بأحكامها؛ فهي ملوثة بالكامل باعتبارات دخيلة. وقبل كل شيء بتضارب صارخ للمصالح من ناحية من يترأسها، الذي يؤثر على كل سلوكها.

يسري على رؤساء الأجهزة الأمنية الآن وبدرجة أشد واجب فحص أي توجيه من قبل الحكومة بدقة، وفحص القرارات والتعليمات هل تلبي قواعد القانون وأسس الديمقراطية والتشاور مع المستشارين القانونيين ومع المستشارة القانونية للحكومة في كل حالة مشكوك فيها، بالتأكيد في أوضاع صارخة مثل طلبات لها رائحة سياسية، وطلبات لتعقب المحتجين ضد الحكومة، أو طلبات للتحقيق مع خصوم سياسيين، أو الامتناع عن التعامل مع المشاغبين المقربين من الائتلاف.

يجب عليهم أيضاً وضع مبادئ عمل والتمسك بها نصب أعينهم، كل على حدة وجميعها معاً. يجب القول لهم بشكل شخصي ومباشر الأمور التالية:

– المبدأ الأهم هو أنه يجب عليهم الامتثال دائماً لسلطة القانون حسب تفسيرات وشروحات المستشارة القانونية للحكومة ومنظومة القضاء، وعلى رأسها المحكمة العليا. إن استقلالية ومهنية المحكمة العليا هي درع قانونية حيوية لكم ولأعضائكم، وعدم الامتثال لها سيكشفكم أنتم ومرؤوسيكم ويعرضكم للتحقيق وللدعاوى في الخارج. لذلك، يعرّض إضعاف المحكمة العليا بشكل مباشر الحماية القانونية لكم ولأجهزتكم للخطر.

– في هذا الوقت يجب عليكم التشكك في عمليات عسكرية هجومية تبادر إليها الحكومة وتوحيد الجهود من أجل فحص ضرورتها الفعلية. إذا توصلتم إلى استنتاج بأن هذه المبادرة غير حيوية أو أنها مشوبة باعتبارات غريبة، يجب عليكم معارضة ذلك بشكل شخصي وأيضاً معاً.

– قانون الأساس: الجيش وقانون “الشاباك” وكذلك أمر الشرطة، تنص بشكل صريح على أنكم تخضعون للحكومة ولمن هو من قبلها – للوزير المسؤول. من هنا يوجد لكل واحد منكم واجب تجاه الحكومة كاملة وليس فقط تجاه الوزير المسؤول. كلما رأيتم أنه من الضروري القيام بوظيفتكم، ليس عليكم واجب الحصول على مصادقة للالتقاء مع الوزراء من أجل تحديثهم بتقديرات الوضع التي ترونها، وبكل معلومات أخرى تعتقدون أنه من الضروري أن يعرفها الوزراء، حسب الموضوع.

– أنتم الذين تخدمون الجمهور، وواجبكم هو تجاه الجمهور. في الأوضاع التي تصلون فيها إلى استنتاج أنه من الضروري إشراك الجمهور في المعلومات التي لا يوجد ما يمنع نشرها، عليكم إبلاغ الجمهور بها.

– في كل توجيه حساس من المستوى السياسي لا تكتفوا بالتعليمات الشفوية، بل اطلبوا الحصول عليها مبررة وخطية.

أيضاً لجنة تعيين كبار موظفي الخدمة العامة يجب عليهم أن يفهموا مسؤولية هذه اللجنة الثقيلة في هذه الأيام. يجب عليها أن تحدد وبمبدأ أساسي بأن مرشحاً لمنصب كبير في جهاز الأمن لا يؤمن بمبدأ الخضوع لقرارات المحكمة وتوجيهات المستشارة القانونية للحكومة هو غير مؤهل لشغل منصب كبير بشكل عام، ومنصب في جهاز الأمن بشكل خاص.

هذه المبادئ صحيحة دائماً. تزداد أهميتها بشكل خاص عندما لا تكون الحكومة شرعية في أفعالها وقيمها غير الديمقراطية التي تدفعها قدماً بتشكيلتها العنصرية والمسيحانية، وفوق كل ذلك عندما يترأسها شخص متهم بمخالفات جنائية، لديه تضارب مصالح واضح مع مصالح الدولة والجمهور.

المسؤولية التي تقع على رؤساء الأجهزة الأمنية لم تكن أكبر من هذا في أي يوم. هم ومن يخضعون لهم يشكلون الحاجز الأخير قبل انهيار الديمقراطية وانتصار الدكتاتورية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى