أقلام وأراء

نواف الزرو: عن الجدل المتجدد حول ”حل الدولتين” وفلسفة جابوتنسكي والإجماع الصهيوني الراهن

نواف الزرو 22-1-2023: عن الجدل المتجدد حول ”حل الدولتين” وفلسفة جابوتنسكي والإجماع الصهيوني الراهن

على خلفية الحرب الصهيونية الإبادية الإجرامية ضد اهلنا في قطاع غزة، وعلى خلفية الجدل المتجدد حول مسرحية “حل الدولتين” ما بين بايدن ونتنياهو التلميذ المتفوق لجابوتنسكي وبيغن، كان جابوتنسكي مؤسس معسكر اليمين الصهيوني المتشدد قد لخص مشروعة السياسي ضد العرب منذ مطلع القرن الماضي في كتابة “جدار الفولاذ- 1923 ” بالعبارات المكثفة التالية: “لا يمكن أن يكون هناك مجال لمصالحة إرادية بيننا وبين العرب لا الآن ، ولا في المستقبل .. إن لدى كل فرد من العرب فهماً شاملاً وكاملاً لتاريخ الاستعمار ، وليحاول أحد أن يجد بلداً واحداً تحقق فيه الاستعمار بموافقة سكانه الأصليين، فكل شعب يقاتل المستعمرين حتى آخر بريق أمل، وسيقاتل الفلسطينيون كذلك إلى أن لا يعود أمامهم أي لمحة أمل، والنتيجة المنطقية لذلك هي أنه لا يمكن تصور أي اتفاق طوعي بيننا، إن على كل عملية استعمار أن تستمر، ولا يمكنها أن تستمر وتنمو إلا بحماية سور من القوة، أي جدار فولاذي لا يستطيع هؤلاء السكان اختراقه .. هذه هي سياستنا العربية ، وليس التعبير عنها بأية صيغة أخرى إلا نوعاً من التخابث والنفاق”.

وما بين جابوتنسكي في جداره الفولاذي قبل مئة عام وجدار نتنياهو اليوم نتابع المحرقة الصهيونية الاجرامية التي تقترف ضد أهلنا من نساء واطفال وشيب وشبان في قطع غزة بالبث الحي والمباشر، كما نتابع شبه الاجماع السياسي والايديولوجي الصهيوني على التمسك بقلسفة الجدار والتي تعني من ضمن ما تعنيه التطهير العرقي والارهاب والمجازر الابادية والعنصرية الفاشية…هكذ هو المجتمع الصهيوني وهذه طبيعته، ويجب ان لا يتوهم أحد بان هذه الطبيعة الاجرامية قد تتغير في يوم من الايام…!

وفي هذا السياق الجابوتنسكي ومضامينه الإبادية، لا اعتقد ان عاقلا ممكن ان يناقش اليوم بعد السقوط الكامل والمدوي لكل عملية المفاوضات والسلام، إمكانية إحداث أي اختراق في جدار اللاءات الصهيونية تجاه الحقوق والتطلعات الوطنية الاستقلالية الفلسطينية، فالاستراتيجية الصهيونية تقوم منذ بدايات الكيان الصهيونية على كسب الوقت وبناء وتكريس حقائق الامر الواقع الاستعماري- الاستيطاني التهويدي وإحكام القبضة الامنية العسكرية استراتيجيا على فلسطين والمنطقة، كما تسعى تلك الاستراتيجية ليس فقط عسكريا وامنيا بل وتفاوضيا منذ بدايات عملية المفاوضات الى ”خفض سقف الطموحات الوطنية الفلسطينية”، كما رفضت وترفض تلك الاستراتيجية ”الجداول الزمنية والمواعيد المقدسة-اي الملزمة- في المفاوضات، وهناك اجماع سياسي اسرائيلي بين كافة الاحزاب السياسية على رفض الجداول والمواعيد الملزمة…!

و يذكر ان عملية المفاوضات المباشرة انطلقت عمليا لتسير في حقول الغام من الوزن الثقيل قد يكون من شبه المستحيل تجاوزها، من مثل “حق العودة” لملايين اللاجئين الفلسطينيين، وقضية المدينة المقدسة، ومشكلة المستعمرات اليهودية الآخذة بالانتشار سرطانيا في الجسم الفلسطيني بحيث بات مستحيلا اقتلاعها عن بكرة ابيها، الى جانب قضايا الحدود والوجود الديموغرافي الفلسطيني والمياه والاسرى واقامة الدولة المستقلة المسقطة تماما في الحسابات الاستراتيجية الاسرائيلية وغير ذلك الكثير الكثير…!

وحقول الالغام الماثلة هي في الحصيلة نتاج تاريخ من الصراع الجذري الوجودي، ونتاج نحو عقدين ونصف من المفاوضات والقمم والمؤتمرات الفاشلة، كما هي نتاج ذلك البنك المرعب من الاجندات واللاءات والشروط الاسرائيلية التي من شانها ان تنسف ليس فقط اي احتمالية لاي تسوية، وانما ان تشطب القضية الفلسطينية برمتها اذا ما استمرت احوال الفلسطينيين والعرب على ما هي عليه.

وفي قمع التطلعات الوطنية الفلسطينية اعلن نتنياهو مرارا وتكرارا منذ السابع من اكتوبر عن “رفضه بشدة قيام دولة فلسطينية مستقلة”، مؤكدا: “ينبغي قطع تطلعاتهم لدولة”. أما شلومو بن عامي رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض في العاصمة السويدية استوكهولم فقد قال “أن على الفلسطينيين التخلي عن حلمهم الكبير بانسحاب إسرائيل إلى حدود حزيران 1967 وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الأيام الفلسطينية 30/5/2000″، ومن هنا اصبح الاجماع لديهم على “إن القتال مع الفلسطينيين هو قتال حتى الموت، لأنه طالما بقي هناك أمل – في التحرر لدى الفلسطينيين، فلن يتوقف “الإرهاب “– كما يعلنون على مدار الساعة”، وبالتالي فإنه “في اليوم الذي يتخلون فيه عن كل آمالهم في طرد اليهود من هنا، فسوف يوافقون على التوقيع على اتفاق سلام طويل الأمد لأنه لن يكون أمامهم خيار آخر –وبات “إجماع متخذي القرارات في الحكومات الإسرائيلية يقول أنه “يجب إخضاع الفلسطينيين بالقوة، لكسر إرادتهم في تحقيق إنجازات بالنضال، غير أن هؤلاء لا يقولون كيف يمكن أن تنتهي الأمور طالما أن لا أحد في الجانب الإسرائيلي يريد أن يفتح باباً للأمل / عوفر شيلخ”.

وعلى ذللك فان الاستخلاص الكبير في هذا السياق ان الصراع هناك وجودي وجذري واقتلاعي وان كل المعارك المحتدمة على امتداد مساحة فلسطين باتت معارك وجودية لا هوادة فيها…!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى