ترجمات عبرية

نداف شرغاي يكتب – اصبحنا شرطي حركة سير في الحرم

اسرائيل اليوم – بقلم  نداف شرغاي – 1/8/2019

طوفان التقارير والتحليلات حول طرد الصحافي والمدون السعودي من الحرم كشف – وليس للمرة الاولى – عن متلازمة اسرائيلية لا يكثر الحديث فيها: نحن نكرس اهتماما زائدا للمصالح، للمكانة، لحقوق ومشاعر اللاعبين المسلمين الكثيرين في الحرم. وبالمقابل، نكاد لا نعنى بما هو الحرم بالنسبة لنا؛ بمصالحنا، اهدافنا ومشاعرنا هناك. واحيانا لا نحصي انفسنا كواحد من اللاعبين هناك.

منذ سنين يعرض محللون، سياسيون وخبراء خططا وسيناريوهات همها هو مصالح وسلوك الاطراف العربية والاسلامية، التي تسعى الى كسب موطيء قدم لها في الحرم ولكن يكاد لا يكون هناك اي اهتمام او خطاب في المصلحة اليهودية الاسرائيلية في الحرم. فقد فحصت خطط مختلفة اعدتها معاهد بحث ومصادر سياسية في البلاد وفي الخارج على نحو شبه دائم وحصريا المكانة التي سيحظى بها المسلمون في الحرم. اما اسرائيل واليهود فيكاد لا يذكرون.

دولة اسرائيل مستعبدة منذ 52 سنة للوضع الراهن في الحرم، والذي تغير دراماتيكيا على مدى السنين، ولا سيما لصالح الطرف الاسلامي. وهي لا تعنى الا باطفاء الحرائق او بادارة النزاع بالنسبة للمجال ولكنها لم تضع ابدا سياسة بعيدة المدى بالنسبة للمكان.

فمتى مثلا بحثت الحكومة في مسألة ما هو الحرم بالنسبة لدولة اليهود وما هي اهدافها (اذا كانت كهذه) هناك؟ متى سألنا انفسنا اذا كانت طبيعة السيادة الاسرائيلية في الحرم، الافتراضية غير مرة، هي مثابة قضاء وقدر؟ او هل حتى بعد 50 سنة سنكتفي بالتقسيم الذي يترك الحائط الغربي (المبكى) لليهود والحرم للمسلمين؟ وهل في  اطار التسوية الدائمة (اذا ما وعندما) ستتمسك اسرائيل بحظر صلاة اليهود في الحرم؟ (موطي غور وزعيم مبام يعقوب حزان، مثلا، اعتقدا بان الامر ليس مناسبا). لم يسأل ايضا السؤال هل سنكتفي ببضع عشرات الاف الزوار اليهود في السنة في الحرم ام ربما توجد مصلحة لزيادة عدد الزوار هناك وتشبيهه على الاقل بعدد الزوار الذين يصلون اليوم الى مدينة داود المجاورة.

هذه اسئلة ثقيلة الوزن يمكن للاجابات عليها أن تكون مختلفة. ولكن احدا لا يعنى بها اليوم، انطلاقا من الافتراض بان ما كان هو ما سيكون. ولكن هل هذه الفرضية صحيحة على الاطلاق؟ في العشرين سنة الاخيرة اتسعت جدا دوائر اليهود  الذين يطلبون زيارة الحرم، ولم يعد يدور الحديث عن حفنة من “رجال الهيكل” فقط. كما أن الحظر الحاخامي الجارف في موضوع زيارات اليهود الى الحرم ذاب. فمئات الحاخامين يسمحون اليوم لليهود بزيارة الحرم.

الى جانب ذلك، نشأت فرية الدم الكاذبة: “الاقصى في خطر”، كمركز التحريض، العنف والدم وهي تعطي الهاما للكثير من منفذي العمليات والارهابيين الذين يعملون في اوساطنا في سنوات الاخيرة. الى جانب النفي التام لاي صلة يهودية بالقدس وبالحرم كمكان مقدس، يمس المسلمون هناك ببقايا أثرية كثيرة، يسيطرون على مزيد من المناطق.

اما الحكومة، الشرطة، المخابرات والموساد فتعنى منذ سنين بـ “ادارة النزاع” في الحرم بالحفاظ على أمننا وبمنع الارهاب الاسلامي واليهودي هناك. وفي هذا الاطار فانهم يعطون وزنا لمصالح ومشاعر الكثير من اللاعبين المسلمين في الحرم، المتنازعين فيما بينهم على الهيمنة فيه: الفلسطينيون ضد الاردنيين. الاردنيين ضد السعوديين. الاتراك مع الفلسطينيين. الاردنيون ضد الاتراك. الجناح الشمالي للحركة الاسلامية ضد الاوقاف، وبالعكس.

اكوام من التحليلات والمقالات كتبت عن السلوك، المصالح والدوافع “للاعبين” العرب في الحرم، ولكن ماذا عن اللاعب الاسرائيلي؟ أتوجد له على الاطلاق مصلحة او اتجاه ما، ام أنه يكتفي فقط “بتوجيه الحركة” هناك؟

يحتمل أن يكون النقاش في مسألة ما الذي تريده اسرائيل من نفسها بالحرم يجب أن يدور في “الغرف المغلقة”، في قيادة الامن القومي مثلا، ولكن مرغوب فيه ان تشارك في هذا النقاش الجهات التي لها صلة بالامر، من الحاخامين، حركات الهيكل والمفكرين، عبر علماء الاثار وحتى قادة جهاز الامن والقيادة السياسية. اما استمرار الهرب من الاهتمام بهذه المسائل فلا يبعث الاحترام لدولة اسرائيل في  المكان الاكثر قدسية لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى