أقلام وأراء

نبيل عمرو – هل يذهب الفلسطينيون إلى خط مباشر مع الإسرائيليين؟

نبيل عمرو – 30/7/2021

يئس الفلسطينيون أخيراً من تواضع قدرات الوسطاء على التقدم في أي أمر يتصل بصراعهم المزمن مع إسرائيل، وحتى فيما توصف عادة بإدارة الأزمات بديلاً عن حلها؛ فالوسطاء أخفقوا تماماً في هذا رغم تدخلاتهم المبالغ فيها في كل صغيرة وكبيرة تتصل بعلاقاتهم مع إسرائيل.

كبير الوسطاء وأكثرهم حضوراً ونشاطاً هو الولايات المتحدة، ورغم ازدياد الاعتماد الرسمي الفلسطيني ورهاناته على هذا الوسيط، فإن محصلة جهده تبدو ضئيلة للغاية حيال احتياجات الحد الأدنى الفلسطينية؛ سواء في مجال الدعم الاقتصادي الذي كان مغدقاً في البدايات وصار متواضعاً في النهايات، وفي مجال المسار السياسي الذي أزيح عن الطاولة لتحل محله مجموعة إجراءات إسعافية تمهد لجعل المرحلة المقبلة مرحلة الحلول الاقتصادية المعزولة كلياً عن السياسية.

الوسيط الأميركي كان صريحاً مع الفلسطينيين بأن ملفهم مع إسرائيل ليس على الأجندة الراهنة لإدارة جو بايدن، وهذا دفع بالرسميين الفلسطينيين إلى التفكير في خيارات إن لم تكن جديدة فهي مختلفة؛ إذ بدأت في الظهور نغمة التوجه المباشر لإسرائيل وفق مقولة إن «أقرب مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم»، ولا لزوم لإضاعة الوقت في منعرجات الوسطاء التي استهلكت عقوداً في تدخلات غير مجدية؛ بل أدت إلى نتائج عكسية تماماً عمّا كان مأمولاً منها.

الإسرائيليون القدماء والجدد كانوا ولا يزالون ينصحون الفلسطينيين بالتخلي عن الاعتماد على الوسطاء، فما دام الذي يمنح ويمنع هم وحدهم؛ «فتعالوا إلى رأس النبع مباشرة، فستجدون عندنا أفضل بكثير مما تجدون عند الأميركيين».

الذهاب المباشر إلى إسرائيل؛ وإنْ كان بعض الفلسطينيين يفكرون فيه بوصفه خياراً من دون أن يكون سياسة معتمدة، لا يخلو من مخاطرة، وبمنطق الحسابات؛ فإن الفلسطينيين المنقسمين على أنفسهم والمنهكين تحت وطأة الأزمات الطاحنة في الضفة وغزة يتلقون كل يوم رسائل صريحة من الإسرائيليين تحدد بدقة متناهية ما يعطون لهم وما يحجبون عنهم، فما يُعطى مجرد تسهيلات حياة وصلاة، وما يُحجب هو ما يحلمون به؛ الاستقلال والدولة، وهذه الحال أوقعت الرسميين الفلسطينيين المنوط بهم اتخاذ القرارات بين نارين؛ نار الوسطاء الذين يواصلون تحييد أنفسهم عن الالتزام بأي شيء في مصلحتهم ووفق رؤيتهم، ونار الخصم الإسرائيلي الذي يواصل تخفيض الأسقف في حاضر الفلسطينيين ومستقبلهم، ولهم بعد ذلك أن يختاروا على أي من الجنبين يميلون.

كان تشبث الفلسطينيين بالوسطاء مع يقينهم بعجزهم عن تقديم مزايا يبنى عليها بعض أمل؛ دافعه الوحيد هو أن الوسطاء يجسدون عازلاً ولو رقيقاً بينهم وبين خصمهم.

كان الوسطاء في مرحلة العمل الجدي والدؤوب لإحراز تسوية، سنداً للفلسطينيين في مواجهة السعي الإسرائيلي الدائم للاستفراد بهم، غير أن هذا السند؛ الذي تلاشى في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، لم يعد في عهد بايدن على قدر من الكفاءة والفاعلية في إخراج الفلسطينيين من حالة اللاجدوى في الرهانات السياسية.

بين نار الوسطاء العاجزين، ونار الإسرائيليين المستبدين، هل يذهب الفلسطينيون؛ الذين تعودوا على منطق وآليات وقيود أوسلو، إلى طريق ثالث مختلف عن كل هذا؟

هذا السؤال لم يقترب من الإجابة عنه أي مسؤول فلسطيني على أي مستوى.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى