أقلام وأراء

نبيل السهلي: هواجس إسرائيلية حقيقية لعام 2023

نبيل السهلي 13-2-2023: هواجس إسرائيلية حقيقية لعام 2023

من خلال قراءة مبسطة لما جاء في تقرير شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان” وكذلك التقرير الاستراتيجي 2023 الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، يمكن تلمس الهواجس الإسرائيلية ، وهي متشعبة وكثيرة في ظل حكومة نتنياهو الأكثر عنصرية وفاشية منذ إنشاء الدولة المارقة إسرائيل عام 1948.

المقاومة الفلسطينية

خلص التقريران إلى أن الضفة الغربية وقطاع غزة هما مشكلة رئيسية لإسرائيل خلال العام الجاري 2023، نظراً لصعوبة الفصل بين الضفة وغزة، والقصد هنا أن حراكات الفلسطينيين واحدة موحدة لتفكيك معالم الاحتلال الإسرائيلي ومقارعته ومقاومته حتى طرده في نهاية المطاف ، وذلك رغم الفصل التهويدي القسري الاحتلالي بين المنطقتين من جهة والداخل الفلسطيني من جهة أخرى.

ويبرز تقرير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ظاهرة مجموعة “عرين الأسود” الفلسطينية أنها الظاهرة الأخطر على إسرائيل خلال العام الجاري ، ومرد ذلك أنها تشكل وحدة وطنية فلسطينية في ميدان المواجهة المباشرة مع إسرائيل.

وثمة هواجس وتحديات أخرى تواجه إسرائيل كما أشار التقرير خلال العام الجاري 2023، تتمثل في الملف النووي الإيراني، إضافة الى الاتجاهات العالمية الجارية أو التصعيد العالمي الجاري، خاصة الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، واحتمال تصاعده وما يحمله من تداعيات على دول العالم، ومن تحديات الحرب في أوكرانيا وما يترتب عليها من نقص في الغاز والحبوب، وأثرها على الأزمة الاقتصادية على دول العالم.

لطفل المدلل

ويلحظ المتابع أن إسرائيل هي الطفل المدلل لأمريكا والغرب ولم ولن تتوقف المساعدات المختلفة في المدى المنظور على كافة الصعد العسكرية والدبلوماسية والسياسية والمالية للدولة المارقة من قبل صانعيها في الغرب ، وعلى وجه الخصوص من قبل الولايات المتحدة الأمريكية . وبذلك يمكن الجزم أن الهاجس الإسرائيلي الأول سيبقى على الدوام كفاح الشعب الفلسطيني في أشكاله المتعددة وعلى امتداد فلسطين التاريخية، بغرض نيل حقوقة الوطنية كافة بعد تفكيك كافة معالم الاحتلال الإسرائيلي، في حين تعتبر باقي الهواجس الإسرائيلية التي توصل إليها التقريران ثانوية بكل تأكيد وبكافة المقاييس .

تناقضات جوهرية

لم يتطرق التقريران الإسرائيليان الصادران في نهاية العام الماضي 2022 إلى ما تشهده الساحة الإسرائيلية من تناقضات جوهرية سياسية واجتماعية مستمرة ، إلى حد دعت فيه بعض الشخصيات اليهودية إلى الهجرة خارج فلسطين المحتلة وبالتحديد إلى أمريكا، في وقت تعمل فيه مؤسسات إسرائيلية لجذب مزيد من يهود العالم إلى فلسطين كمادة بشرية تساعد في استمرار إسرائيل كدولة أبارتايد على حساب آلام وعذابات الشعب الفلسطيني وحقه في وطنه.

ويبرز إلى الأمام سؤال جوهري لم تتطرق إليه التقارير الاستراتيجية الإسرائيلية ، ويتمثل في مستقبل الدولة المارقة في ظل استمرار الكفاح الوطني الفلسطيني المشروع ، وماتشهده إسرائيل من تناقضات ثقافية واجتماعية لتجمع قسري ينحدر من اكثر من مائة دولة في العالم ، هذا إضافة الى عدم تبوؤ أي شخص يهودي شرقي سدة الحكم منذ إنشاء إسرائيل في الخامس عشر من أيار/مايو 1948، لتلاحق اليهود الشرقيين لعنات التمييز العنصري في مجالات حياة عديدة. وعلى سبيل المثال لا الحصر تمّ رفض تبرع يهود الفلاشا من أصول إثيوبية بالدم لصناديق التبرع في الدم الإسرائيلية قبل نحو ثلاثة عقود من الزمن؛ ولتبقى فكرة وعقدة مفادها أن اليهود الغربيين هم بناة إسرائيل الأوائل هي السائدة.

مقومات الحياة

ولهذا كله أشار الدكتور الراحل عبد الوهاب المسيري في موسوعته عن اليهود واليهودية والصهيونية إلى “أن مقومات الحياة في إسرائيل ليست من داخلها وإنما من خارجها”

كما أكد المسيري “أنه يوجد عنصران أساسيان، هما؛ الدعم الأمريكي بلا حدود، والغياب العربي أيضًا بلا حدود، هذان العنصران هما اللذان يضمنان بقاء إسرائيل واستمرارها”.

واللافت أن كافة التقارير الصادرة عن مراكز البحث الإسرائيلية لم تتطرق إلى مستوى التطبيع الشعبي العربي مع دولة الاحتلال وآفاقه ، ومرد ذلك المعرفة المسبقة بمواقف الشعوب العربية المنحازة بشكل مطلق وجلي إلى جانب قضية الشعب الفلسطيني العادلة ورفض سياسات الاحتلال العنصرية الفاشية إزاء الشعب الفلسطيني، وقد توضح ذلك خلال مونديال قطر 2022 وقبل ذلك خلال هبة الأقصى الرمضانية خلال العام 2021.

ويبقى القول إن استمرار الكفاح الوطني الفلسطيني بأشكاله المتاحة سيبقى الهاجس الأول والأهم لإسرائيل وقادتها ومراكز البحث الإسرائيلية ، لكن شعار استمرار المقاومة والكفاح يجب أن يكون جامعاً للشعب الفلسطيني على امتداد فلسطين التاريخية والشتات “شعب واحد ، وطن واحد، قضية واحدة وعادلة” .

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى