شؤون مكافحة الاٍرهاب

منير أديب: أيّهما سبقت وفاته الآخر إبراهيم منير أم الإخوان؟

منير أديب 05-11-2022، أيّهما سبقت وفاته الآخر إبراهيم منير أم الإخوان؟

بعد إعلان وفاة إبراهيم منير، القائم بعمل مرشد “الإخوان المسلمين”، لا يزال السؤال مطروحاً: هل كان منير حقاً نائباً للمرشد وفق نص لائحي صحيح، أم يمكن القول إن الجماعة ماتت على يده قبل أن يلفظ هو أنفاسه الأخيرة؟ وما هو مصير تنظيم “الإخوان المسلمين” بعد وفاة الرجل الأول فيه، وما أثر ذلك في الانقسام الحادث داخل الجماعة؟
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن كلتا الجبهتين المتصارعتين تزعمان أنهما تمثلان “الإخوان”، وأن كلاً منهما أعفت الأخرى من عضوية التنظيم، ثم ادعت أنها جاءت وفق نصوص اللائحة الداخلية للجماعة، وأن الأخرى هي من خرج على التنظيم، وبالتالي أي حديث عن خروج إحداهما عن اللائحة لن يكون مجدياً، فكلتاهما خرجتا عنه.
الإجابة عن الأسئلة السابقة قد تساعدنا في الإجابة عن السؤال الذي طرحته المقالة في عنوانها، من الذي سبق الآخر بإعلان الوفاة، هل أعلن إبراهيم منير وفاة التنظيم قبل وفاته؟ أم أن التنظيم هو الذي أعلن وفاة منير قبل ساعات من الآن؟
باتت حركة “الإخوان المسلمين” بلا حراك حقيقي في حياة إبراهيم منير، ولعلها لفظت أنفاسها الأخيرة في حياة الرجل الذي أخذ قرارات ترتبط بانفراده بالسلطة داخل التنظيم، وخطأ منير الاستراتيجي أنه اصطدم بمن تمرّس على الصراعات أو أدارها عندما كان أميناً عاماً للتنظيم داخل مكتب إرشاد الجماعة، وهو ما أعطى عمقاً للصراع ولم يكن منير قادراً على حسمه في حياته.
مات إبراهيم منير قبل أن يحسم خلافه مع جبهة محمود حسين، رغم أنه استخدام كل أدواته المتاحه في ضرب الجبهة المناوئة له والتي كانت أذكى في التعامل معه؛ فرغم ظهوره الدائم في الإعلام واتهاماته التي لم تنته لمحمود حسين وجبهته، إلا أن الثاني كان أكثر ذكاءً، حيث كان الأقل ظهوراً في الإعلام والأكثر تأثيراً في كسب المواقف داخل التنظيم.
انضم التنظيم الدولي إلى جبهة إبراهيم منير الذي كان يديره، ولكن ذلك لم يغير في ضعف موقفه حيث خسر “إخوان مصر”، فقد كان حسين الوحيد الذي يتواصل مع “إخوان الداخل”، وبالتالي مع الخصومة، فشل منير في التواصل مع “الإخوان المسلمين” المصريين، وفقد جزءاً كبيراً من قوته، فلا يمكن تخيل التنظيم من دون “إخوان مصر”، وهو ما أعطى في المقابل قوة لمحمود حسين وجبهته.
إبراهيم منير، الشخص الأقوى داخل جبهته، ونائبه د. محيي الدين الزايط لا يمكن أن يناطح الرجل الأول في الجبهة المناوئة لـد. محمود حسين، وهذا ما سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على جبهة منير التي تنهار على عتبة وفاته.
صحيح أن جبهة إبراهيم منير كانت تُدرك أن الرجل على أعتاب نهايات العمر، وأن عمره تعدى الثمانين عاماً مع بدايات الخصومة، ولذلك تم اختيار بديل له هو الزايط، وتمت مراعاة أن يكون البديل مصري الجنسية حتى يمكن مواجهة جبهة محمود حسين، التي نجحت في السيطرة على “إخوان مصر” الذين أعلنوا ولاءهم لحسين لا لمنير.
يبدو الزايط الشخص الضعيف في مواجهة حسين، حيث يعتبر الأول أقل تنظيماً من الثاني، فبينما كان الأول عضواً لمجلس شورى الجماعة، كان الثاني عضواً لمكتب الإرشاد والأمين العام للتنظيم، وبالتالي تبدو المنافسة والرهان على استمرار الخصومة بالصورة التي كانت في حياة منير صعبة ومستحيلة.
وهناك سيناريوات عدة تتعلق باستمرار الصراع أو حسمه لمصلحة جبهة دون الأخرى، مع اختلال ميزان القوة بين الجبهتين، فقبل استعراض السيناريوات المطروحه في هذا الجانب لا بد من التأكيد أن جبهة حسين هي الأقوى، وأن الجبهة المناوئة له لن تستسلم أو حتى تتقارب معها في وجهات النظر.
قد يتم حسم الصراع لمصلحة محمود حسين الذي بات هو الأقوى من الجبهة المناوئة له، بخاصة أنه يمتلك مفاتيح التنظيم داخل مصر، ويضع يده على خزائن الجماعة، فضلاً عن أنه الأقوى في حسم الصراع، وهو ما سوف يدفع الكثير من “الإخوان” الذين وقفوا في منطقة الوسط إلى إعلان ولائهم للجبهة الرابحة، وبالتالي سوف تزيد أسهمه بصورة كبيرة.
ليس أمام جبهة إبراهيم منير، إلا محاولة حسم نقاط الخلاف مع الجبهة المناوئة، بخاصة أن منير كان يمثل برفضه الدائم جداراً قوياً أمام أي مبادرات صلح أو تقريب لوجهات النظر، فقد كان ينتمي إلى تنظيم عام 1965 الذي كان يتزعمه سيد قطب، وهو من فريق الصقور، ولذلك قرر إعفاء كل خصومه من عضوية الجماعة حتى وفاته.
جبهة إبراهيم منير أمام خيارين، أحدهما الاستمرار في ما قرره، أو التقرب إلى الجبهة المناوئة، وهذا يبدو تحقيقه صعب المنال ولكنه وارد. أسهم حسين أكبر وأقوى، وربما يدفع ذلك بعض الدول أيضاً التي تدافع عن “الإخوان” إلى تبني جبهة حسين حتى تنقذ الجماعة من الانقسام الذي تعرضت له خلال الفترات الماضية.
السيناريو الأهم الذي يمكن أن نفهمه كقراءة أولى للصراع الدائر داخل “الإخوان” بعد وفاة إبراهيم منير، هو انهيار التنظيم ومزيد من الانقسام والتشظي داخل هذه الجماعة، وهو ما سوف ينعكس بصورة كبيرة على حركات الإسلام السياسي الأخرى، وهو ما يتطلب مزيداً من جهود تفكيك الفكرة المؤسسة التي طرحها حسن البنا، فضلاً على ضرورة ملء الفراغ الذي كانت فيها هذه الجماعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى