#ترجمات عبريةشؤون إسرائيلية

معهد بيغن السادات (BESA): التحذير الاستراتيجي مضلل

 

معهد بيغن السادات (BESA) 16-5-2023، بقلم شاي شبتاي: التحذير الاستراتيجي مضلل

أشارت منشورات مراكز أبحاث في مجال الأمن القومي في إسرائيل خلال الأسابيع الماضية إلى وجود “عاصفة مثالية” (انظر مثلاً: التحذير الاستراتيجي لـINSS)، تندمج فيها أزمات خارجية وداخلية دفعت إلى إصدار “تحذير استراتيجي”، وبحسبه، فإن “مسار التشريع في إسرائيل يؤدي إلى خطر كبير على أمنها القومي”. كان يمكن تجاهُل هذه التحذيرات الصادرة عن مراكز أبحاث خارجية لديها أجندات سياسية، لو لم تتغلغل هذه النظرة في أجهزة الأمن، كما جاء في خطاب وزير الدفاع، يوآف غالانت، في 25 آذار: “الانقسام الداخلي الذي يتعمق، يتغلغل داخل الجيش وأجهزة الأمن، هذا خطر فوري وحقيقي على أمن الدولة”، كما تظهر في الحوارات التي تجري بين قيادات الجيش ورؤساء المؤسسات الأمنية والصحافة، وهو ما جاء في صحيفة “هآرتس”، إذ تقدّر شعبة الاستخبارات العسكرية ارتفاع احتمال الحرب في العام المقبل.

يستند “التحذير الاستراتيجي” إلى عدة افتراضات مضللة تؤدي، بدورها، إلى ربط عدة مسارات، لا توجد بالضرورة علاقة عميقة فيما بينها، لتشكل معاً صورة واحدة. المشكلات الأساسية في هذا المسار:

– وهمُ الارتباط: هناك ميل إلى رؤية عدة أحداث منفصلة تبدو مرتبطة، كما كتب دانيال كانمان (حائز جائزة نوبل في الاقتصاد): “ميلنا إلى التفكير السببي يعرّضنا لأخطاء كبيرة في تقييم مدى ارتباط الأحداث التي تكون في الحقيقة منفصلة” (في كتابه “التفكير بسرعة والتفكير ببطء”، الصفحة 131). بعض الظواهر التي نشهدها، الآن، تحدث بالتزامن، نتيجة لأسباب غير مرتبطة، والعلاقة فيما بينها جزئية إلى حد بعيد جداً.

– “تأثير بغماليون” المقلوب: يمكن الادّعاء أن “التحذير الاستراتيجي” هو نبوءة تحقق ذاتها لو لم يحدث هنا مسار مقلوب: التقدير “الموضوعي” يطرح خطوات استباقية قامت بها جهات إسرائيلية، بهدف تحقيقها. وفي هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى الجهود التي بُذلت للتأثير في دول وجهات خارجية، لتضغط، بدورها، على حكومة إسرائيل، والدعوات إلى رفض الخدمة العسكرية في الجيش، وربط هذه الخدمة بفرض سياسات على الحكومة.

– نقاش ثنائي: كما أشرت في الورقة السابقة (الإصلاحات القضائية كمسار اتخاذ قرارات استراتيجية، الورقة رقم 2183)، فإن أغلبية النقاشات الاستراتيجية في إسرائيل تجري في إطار تنفيذ/عدم تنفيذ خيار استراتيجي واحد. في الحالة التي نتعامل معها، يتم التعبير عن هذا النوع من النقاش عبر مقولات، مثل “يقف رئيس الحكومة، اليوم، أمام قرار تاريخي، وعليه أن يختار بين بدائل استراتيجية متناقضة،” أو “على رئيس الحكومة… أن يركز الآن على التوصل إلى توافُق واسع وإطار يوقف الأزمة.” عملياً، الواقع مركّب من توترات بنيوية في القضايا، وبينها، ويجب البحث في عدة خيارات وإمكانات سياساتية.

إن دمج جميع القضايا في حزمة واحدة وضمن منطق مشترك يخلق حالة بلبلة بين السبب والنتيجة، وبالأساس يمنع تشخيص المرونة الممكنة التي تُعَد شرطاً لصوغ السياسات والدفع بإستراتيجيا ملائمة للظروف والبيئة المعقدة.

محاولة تقدير أكثر توازناً

سأحاول في هذا التحليل أن أفصل بين المتغيرات، وأن أشير إلى الأولويات، وأقترح بدائل. وسأقوم بذلك عبر تقسيم “أحمر – أعداء” – “أبيض – شركاء”- “أزرق – إسرائيل”، كما سأطرح أسئلة أكثر من تقديم إجابات.

الطرف الأحمر

إيران:

من المهم النظر بصورة متوازنة إلى وضع إيران التي تعيش عدة أزمات. الوضعان الداخلي والاقتصادي سيئان للنظام، صحيح أن الاحتجاجات والتظاهرات قُمعت بالقوة، إلا إن هذه لا تزال تشكل أزمة بالنسبة إلى النظام في المدى البعيد. في المجال النووي فإن إيران مستمرة في مراكمة اليورانيوم المخصّب على درجة 60%. وحدوث تخصيب على درجة 84% كان بالأساس “تجربة لأدوات” محلية. لم ينجح أسلوب العمل الاستفزازي – من خلال مساعدة روسيا في أوكرانيا – في إخراج إيران من العزلة الدولية. في الساحة الإقليمية فإن توجُّه إيران العدواني، الذي ينعكس بتفعيل القوة المباشرة وأيضاً استعمال الأذرع، لا يحقق لها أيّ إنجازات واضحة، مثل انضمام دول جديدة إلى معسكرها، أو السيطرة الفعلية على ساحة إقليمية إضافية.

وفي المقابل، فإن مراكمة المواد المخصّبة تقصّر المدة التي تحتاج إليها للوصول إلى قدرة نووية عسكرية؛ المساعدة العسكرية لروسيا سيكون لها مقابل مقلق على شكل تعاظُم قوة عسكرية وتكنولوجيا؛ والضغط على دول المنطقة، وما يتم التعامل معه على أنه ضعف في الموقف الأميركي حيالها، ولّد حالة جعلت هذه الدول تفضّل احتواء التهديد عبر التفاهمات.

من الزاوية الاستراتيجية الإسرائيلية، فإن الأسئلة المطروحة للنقاش هي التالية: كيف نجنّد المجتمع الدولي ليستمر في الضغط السياسي والاقتصادي الفاعل، ويمنحنا الدعم المطلوب – من دون أن يتدخل مباشرة – من أجل الدفع قدماً بتغيير داخلي (في إيران) وهو تغيير تحوّل إلى خيار أكثر واقعية من الماضي؟ كيف يمكن تأسيس خيار عسكري مستقل لإلحاق الضرر، بفاعلية، بالمشروع النووي؟ الحديث يدور حول قضايا تحتاج إلى تحضيرات مسبقة قبل أشهر كثيرة. ولا يمكن، وكذلك لا يجب أيضاً التعامل معها بهلع على نمط “تحذير استراتيجي”.

“حزب الله” ولبنان:

تحول “حزب الله” في الأعوام الماضية إلى الجهة السياسية والعسكرية المسيطرة على الدولة المفككة. هذه ليست بالضرورة أخباراً جيدة بالنسبة إليه. تدريجياً، يتم التعامل معه كجزء من المشكلة أكثر مما هو حلّ، كما تؤثر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العامة فيه، وفي داعميه. هذا بالإضافة إلى أن “حزب الله” مردوع من إسرائيل، ويمتنع بشكل مستمر من تخطّي الخطوط التي يعتقد أنها ستؤدي إلى تصعيد واسع.

وفي المقابل، فإننا نشهد تآكلاً في هذا الردع، انعكس فيما حدث في مجدو. يدور الحديث حول مسار تراكمي، ينبع بالأساس من امتناع إسرائيل المستمر من التحرك بقوة في لبنان، بسبب الردع الذي يشكله حجم الصواريخ والقذائف التي يمكنها أن تهدد الجبهة الداخلية، كما أن اتفاق الحدود البحرية مع لبنان وقراءة الحزب للوضع الداخلي في إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، عزّز ثقة الحزب بنفسه وردعه مقابل إسرائيل.

أما على صعيد الاستراتيجية الإسرائيلية فإن الأسئلة كالتالي: كيف يمكن أن تلائم إسرائيل نفسها وفق وضع لا وجود فيه لسيد على الطرف الآخر من الحدود؟ كيف يمكن لإسرائيل أن توقف تآكل معادلة الردع أمام “حزب الله”، دون الوصول إلى مواجهة شاملة؟ كيف تستعد إسرائيل لإنجاز عسكري حاسم في الحرب، يخدم الردع ويغيّر الواقع الاستراتيجي في نهايتها؟ هنا أيضاً، يدور الحديث حول الدفع بمسارات للمديَين المتوسط والبعيد، دون تسرُّع أو هلع.

الساحة الفلسطينية: الطرفان – السلطة الفلسطينية و”حماس” – يعيشان أزمة عميقة. لم تنجح “حماس” في تحسين وضعها الاقتصادي المعقد في غزة، والردع الإسرائيلي في مواجهتها كافٍ أكثر من الماضي ليمنعها من تحويل الضغط الجماهيري عليها إلى جولة عسكرية ستُلحق الضرر بقدراتها العسكرية. أما السلطة، فإنها في حالة تراجُع وانتظار لنهاية عهد أبو مازن، وتخلت عنها الجهات الإقليمية والدولية التي فقدت الاهتمام بها، وهي مشغولة بالصراعات الداخلية في اليوم الذي سيلي عهد أبو مازن. وفي الوسط، هناك المجتمع في الضفة الغربية، المحبط من هذه الحال، وشبابه وصلوا إلى مرحلة اليأس و”التطرف” بدفع من “حماس” أيضاً. هذا ما تم التعبير عنه خلال العام الماضي، عبر العمليات الفردية والخلايا الصغيرة. الطرفان يستغلان المسجد الأقصى، ويحرضان ضد إسرائيل، بهدف تحسين وضعهما المتراجع في أوساط المجتمع. “حماس” تحاول أيضاً فتح جبهة إضافية من لبنان، ولكنها تخضع هناك لِما يفرضه “حزب الله”، غير المعني بالتصعيد الكبير مع إسرائيل.

الثمن الذي تدفعه إسرائيل هو “إرهاب” مستمر، أغلبيته تُحبط بواسطة عمليات استخباراتية وعملياتية مشتركة لـ”الشاباك” وشعبة الاستخبارات العسكرية والوحدات الخاصة للشرطة والجيش. كل ضحية في عملية هي عالم كامل، لكن وعلى الرغم من الألم العميق، فإنه يجب الإشارة إلى أن تعامُل قوات الأمن مع احتمالات “الإرهاب” تتلاءم مع التحدي، ومذهلة من حيث الإنجازات.

على صعيد التوجه الاستراتيجي الإسرائيلي، فإن الأسئلة كالتالي: كيف يمكن جعل الساحة الفلسطينية تستقر بشكل نسبي، عبر الدمج بين خطوات اقتصادية تحسّن وضع المجتمع والردع من خلال عمليات التصدي الفاعل، ومن دون دفع ثمن سياسي والتنازل عن أرصدة إسرائيلية في الميدان؟ كيف يمكن الدفع نحو الاستقرار النسبي هذا في مرحلة ما بعد أبو مازن؟ وهل يمكن الخروج من حالة استقرار نسبي كهذه إلى خطوة بعيدة المدى لتفاهمات مؤقتة تأخذ المصالح الإسرائيلية بعين الاعتبار؟

يبدو من التحليل المختصر للطرف الأحمر، أننا يمكن الفهم بأن الحديث يدور حول اتجاهات طويلة المدى، وليس تغييرات سريعة جديدة وجوهرية، يجب التعامل معها برؤية بعيدة الأمد وبناء بدائل سياساتية وعملية عسكرية بنيوية وثابتة.

بُعد إشكالي آخر هو استعمال مصطلح “تعدُّد الساحات”، الذي حلّ في الآونة الأخيرة محل “متعدد الأبعاد”. عملياً، هناك محاولات من الأعداء للتنسيق فيما بينهم، وأن يساعدوا بعضهم البعض على تعزيز القوة، وحتى العمل من مناطق بعضهم البعض. ولكن، يجب الإشارة إلى أن عملية “متعددة الساحات” هي هامشية لدى هؤلاء الأعداء (باستثناء سيناريو واحد هو حرب كاملة مع “حزب الله” نتيجة مواجهة مع إيران). وعلى الرغم من ذلك، وما دام لا يوجد تغيير جوهري في صورة الوضع الاستراتيجي، فإنه من الأفضل التعامل مع هذه التحديات والرد عليها، كلٌّ على حدة، كتهديد قائم بحد ذاته.

الجانب الأبيض

الولايات المتحدة:

العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة تزداد تعقيدًا منذ سنوات ، وتحتوي الإدارة الأمريكية الديمقراطية على عناصر معادية لإسرائيل بشكل علني. على الجانب الجمهوري ، الوضع أفضل ، ولكن حتى هناك موقف يتطور على هوامش ليس بالضرورة مؤيدًا لإسرائيل. في غضون ذلك ، كان هناك تصاعد في معاداة السامية في الولايات المتحدة على هامش كلا المعسكرين السياسيين. تميل هذه التحديات إلى التفاقم عندما تقف حكومة إسرائيلية يمينية أمام البيت الأبيض الديمقراطي (على الرغم من أن أخطر الأزمات تاريخياً بين الدول – بولارد ، الضمانات الاقتصادية ، نهاية حرب لبنان الثانية – كانت بين الحكومات الائتلافية الإسرائيلية والجمهوريين. الرؤساء). كما أن الوضع الحالي هو نتيجة لحملة منظمة من قبل المعارضة الإسرائيلية لتجنيد عناصر ديمقراطية في الولايات المتحدة للضغط على الحكومة الإسرائيلية.

الأسئلة الرئيسية هي: كيف يجب أن تستعد إسرائيل لفترة ولاية الرئيس الديمقراطي القادم ، الذي قد لا يكون مؤيدًا لإسرائيل؟ إذا تم انتخاب جمهوري في المنتصف ، فكيف يمكن لإسرائيل تجنب أزمة مع الديمقراطيين خلال فترة ولايته؟ هل يجب أن تتصرف إسرائيل بشكل استباقي لتقليل اعتمادها الأمني ​​- خاصة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية – على الولايات المتحدة؟ هل ينبغي لإسرائيل أن تفكر في السعي للحصول على مزيد من الدعم من القوى الأخرى لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة (ألمانيا والهند)؟

الساحة الإقليمية: على الصعيد المحلي ، نشهد ديناميكية شرق أوسطية طويلة الأمد. الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران ، بوساطة صينية ، والموقف النقدي لدولة الإمارات العربية المتحدة تجاه إسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، هي تذكير بواقع الشرق الأوسط التي لم تكن واضحة إلى حد ما بالنسبة للإسرائيليين بسبب اتفاقيات إبراهيم. في هذه المنطقة ، هناك مرونة كبيرة عند التعامل مع الأعداء والأصدقاء و “الأعداء”. تؤدي التغييرات في الموقف إلى ما يبدو أنه تغييرات في السياسة ، ولكنها في الواقع تعديلات سلوكية. تستخدم السعودية التقارب كورقة رابحة لتأمين مطالب من الولايات المتحدة ، بينما تعترف الإمارات بالرأي العام العربي من أجل تخفيف الانتقادات الشعبية لاتفاقها مع إسرائيل.

الأسئلة الاستراتيجية الرئيسية لإسرائيل هي: هل يمكن للعلاقات الحالية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن تشمل تعزيز التقارب العلني مع إسرائيل ، وإذا كان الأمر كذلك ، فبأي ثمن؟ ما هي القيود ، إن وجدت ، التي ستأخذها الدول العربية على عاتقها للحفاظ على ما يشبه المصالحة مع إيران؟ كيف تؤثر الإجابات على هذه الأسئلة على مرونة السياسة الإسرائيلية في المنطقة؟

كما هو الحال في الجانب الأحمر ، فهذه اتجاهات طويلة الأجل. في حالة الجانب الأبيض ، هناك أيضًا فرصة (لن يتم تفصيلها هنا) لتقارب أمني بين أوروبا وإسرائيل في ضوء الحرب في أوكرانيا.

الجانب الأزرق:

كان التغيير الأكثر أهمية في الأشهر الأخيرة على الجانب الأزرق – أي داخل إسرائيل. مثل صورة القطار في نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين ، تغيرت المناظر الطبيعية الحمراء والبيضاء بسرعة لأن القطار الأزرق قد زاد من سرعته.

في الأشهر الأخيرة ، سقطت العديد من الأقنعة من الخطاب الإسرائيلي ، وتراجعت المناطق الرمادية والاتفاقات المخالفة.

الظواهر السياسية والاجتماعية التي ظهرت عديدة وهامة ، بما في ذلك التعبيرات عن العنصرية وكراهية النساء ؛ دفع التشريعات الشخصية على حساب احتياجات الدولة ؛ محاولة لإثبات الحقائق على الأرض في الضفة الغربية بدلاً من الانخراط في مناقشات متعمقة حول سياسة إسرائيل هناك ؛ صعوبة الحفاظ على القانون والنظام في بعض مناطق البلاد ؛ ترسيخ مكانة المؤسسة القانونية بما يضر بالتوازن بين الفروع ؛ رغبة مجموعات المصالح والضغط (مجتمع الأعمال والنقابات) لاستخدام قوتهم بشكل صارخ وأحيانًا بشكل غير قانوني للترويج لأجنداتهم ؛ والفشل التام للصحفيين والمؤسسات الإعلامية في الحفاظ حتى على مظهر من مظاهر الأخلاق والمهنية بينما يجعلون بدلاً من ذلك الترويج لأجنداتهم السياسية والاجتماعية مهنتهم الأساسية.

كل هذا يتطلب مناقشة متجددة لمعنى “إسرائيلية” وإعادة بناء الاتفاقات الرسمية وغير الرسمية حول الحياة في دولة إسرائيل. سيكون لهذه المناقشة آثار كبيرة على الأمن القومي.

نموذج “الجيش الشعبي”: العقد الاجتماعي بين الجمهور والجيش الإسرائيلي ، المعبر عنه في روح “جيش الشعب” ، قد تم كسره وربما تم تدميره. مقترحات قانون التجنيد وقانون دراسة التوراة تؤسس بشكل قانوني وضعًا يكون فيه كل من الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي وتجنب الخدمة متساويين في القيمة. وفي الوقت نفسه ، فإن الدعوات التي وجهتها مجموعات الضغط لتجنب الخدمة باسم الحفاظ على القيم أو الترويج لها (بغض النظر عن الاعتذارات المصاحبة لها) تلقي بظلال من الشك على الرغبة العامة في المشاركة في الخدمة العسكرية – ليس فقط بين الاحتياطيات – في كل من يوم الضرورة وحتى أكثر من ذلك استعدادًا لذلك اليوم. يفقد الجيش الإسرائيلي شرعيته في التجنيد في الخدمة الإلزامية عندما يُنظر إلى التجنيد وتجنب التجنيد على أنهما مكافئان. كما لا يمكن للجيش الإسرائيلي الاعتماد على أولئك الذين جندوا ، لأنهم ، لأسباب تتعلق بخدمة أجندة خارجية ، لن يكونوا تحت تصرفه عندما يكون في أمس الحاجة إليهم.

في هذه الحالة بالإضافة إلى الحالات الأخرى ، كانت هذه الاتجاهات موجودة منذ سنوات ؛ لقد جعلهم الوضع الحالي في المقدمة. هذا يوفر فرصة لمناقشة حقيقية حول التغييرات الضرورية في هيكل الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي.

الأسئلة الاستراتيجية الرئيسية هي: كيف يمكن الحفاظ على جيش يتمتع بقدرة مثبتة ومتاحة عندما يتم التشكيك في أفعال التجنيد والخدمة المستمرة؟ ما العقد الاجتماعي ونماذج الخدمة الأخرى المستمدة من الحاجة إلى الحفاظ على مثل هذا الجيش؟

التفكير الأحادي داخل المجتمع الأمني: تشير أحداث الأشهر القليلة الماضية إلى طريقة تفكير متجانسة بين كل من الرؤساء السابقين والحاليين وكبار أعضاء المنظمات الأمنية. ليس فقط ارتباطهم بآرائهم السياسية بمناصبهم كمحترفين أمنيين ولكن أيضًا خصائص التفكير الجماعي التي يظهرونها هي التي وضعت علامة استفهام حول قدرتهم على دراسة بدائل السياسة الإبداعية بدقة.

الأسئلة الاستراتيجية الرئيسية هي: كيف يمكن إنشاء آليات من شأنها تعزيز تعددية الآراء في المؤسسة الأمنية بطريقة تدعم صانعي القرار بمجموعة واسعة من خيارات العمل؟ كيف يمكن استكمال المرونة والإبداع على المستويين التكتيكي والتشغيلي – الذي ثبت مرة أخرى في التعامل مع موجة الإرهاب في الضفة الغربية ومن حيث الابتكار التكنولوجي – في المناقشة الاستراتيجية بطريقة تسمح بمرونة مماثلة على هذا المستوى أيضًا؟

ماذا سنفعل بتقييم الموقف هذا؟

على الجانبين الأبيض والأحمر ، نشهد اتجاهات متزايدة لكل من التحديات والفرص. تم وصف العناصر الرئيسية فقط في هذه الورقة. في الوقت نفسه ، نشأت أزمة على الجانب الأزرق تعكس انقسامات عميقة. هذه الأزمة لا تنشأ عن ظواهر جديدة ، بل تعكس إزالة الأقنعة التي كانت تخفي في السابق قضايا طويلة الأمد.

هذا ليس “تحذيرًا استراتيجيًا” لتغيير جوهري. تتطلب هذه الاتجاهات مناقشة متعمقة للاستراتيجية وطرق التعامل مع مجموعة معقدة من القضايا بالإضافة إلى التحسين المستمر للقدرة على التصرف في حالات الأزمات. هذا لا يعني أن التصعيد في بعض المجالات لا يمكن أن يحدث نتيجة لموجة صدمة من الأحداث المحلية ، ولكن هذا خطر يجب تضمينه في تقييم الوضع ، وعلى أي حال ، فإن المؤسسة الأمنية مستعدة لذلك.

يجب تجنب القرارات المتسرعة التي يتم اتخاذها في ظل شعور مفروض بالإلحاح. بدلاً من ذلك ، يجب على إسرائيل أن تتخذ ثلاث خطوات أساسية:

ركز على المناقشة الداخلية الأساسية: دافيد بن غوريون ، الذي تم الاستشهاد به كثيرًا في الأشهر الأخيرة (والذي ، بالمناسبة ، عارض تشديد المرونة من خلال الدستور والمراجعة القضائية للقوانين) ، أعطى أولوية واضحة لتعزيز القضايا الاجتماعية والاقتصادية على الأمن. أدى إعطاء الأولوية للقضايا المدنية على الجيش الإسرائيلي إلى استقالة رئيس الأركان الثاني ، إيغال يادين. وحتى اليوم ، يبدو من الصواب إخضاع القضايا الأمنية لعدة أشهر لعمليات داخلية حاسمة من التغيير والحوار حتى يتم التوصل إلى تسوية. قد يكون ذلك بالاتفاق أو من خلال طريقة عمل جديدة (مناطق رمادية جديدة) قد لا تحل جميع المشكلات ، ولكن يمكن أن تكون أساسًا لاستمرار حياة مشتركة.

مناقشة القضايا الاستراتيجية المهمة على المدى المتوسط ​​والبعيد: خلال هذه الأشهر ، من الضروري أن تجري المؤسسة الأمنية مناقشات حول القضايا الاستراتيجية ذات الأهمية التي تواجه إسرائيل حتى يمكن اتخاذ قرار بشأن مجموعة من البدائل الحقيقية ومسارات العمل. من المستوى السياسي. إن فصل القضايا الداخلية والخارجية وإعطاء الأولوية للأولى على الثانية له أيضًا ميزة مميزة في القدرة على الحفاظ على تقييم أكثر توازناً للحالة وقبل كل شيء للتغلب على تحيزات التفكير (تحيز التأكيد ، الوهم العنقودي ، ترسيخ التحيز ، وما إلى ذلك) ، والتي يتم تعزيزها عند إنشاء روابط خاطئة بين القضايا.

التحضير المنظم للتحديات المتوقعة على المدى المتوسط: يجب ألا يعمل جيش الدفاع الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية تحت ضغط الحاجة الفورية للاستعداد ، ويجب بدلاً من ذلك أن يفضلوا الاستعداد المنظم للتحديات والأزمات المحتملة بطريقة تسمح للأمن والعسكريين ، والمستويات الدبلوماسية وقت كاف لبناء القدرات وتمهيد الأرضية لإنجازات كبرى.

* جنرال في جيش الاحتياط، وباحث كبير في المعهد، متخصص بقضايا الأمن القومي والتخطيط الاستراتيجي.

 

https://besacenter.org/the-strategic-warning-is-misguided/?swcfpc=1

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى