ترجمات عبرية

معاريف: «ورطـة» غــزة: ملامـح فيتـنـام

معاريف 2024-01-18، بقلم: أفرايم غانور: «ورطـة» غــزة: ملامـح فيتـنـام

بعد أكثر من 100 يوم من الحرب، نشأ هنا إحساس في أنه بدلاً من ان يتبدد ضباب الحرب هذا ويعرض لنا صورة وضع اكثر تفاؤلاً – يصبح هذا الضباب اكثر كثافة وتكدراً.

مع أن للجيش إنجازات مهمة حيال حماس ومدن الأنفاق التي أقامها على مدى السنين من تحت ارض غزة اللعينة، لكن يخيل ان أحداً لا يستطيع ان يقول لنا الى اين تسير وجهتنا حقاً، أكثر مما يسمعوننا إياه منذ 7 أكتوبر: “نقاتل حتى القضاء على حكم حماس وإعادة المخطوفين”.

حالياً، نحن بعيدون عن الهدفين. من جهة، نحن نسمع عن تخفيف القوات والانتقال الى مرحلة حرب بقوى ادنى. من جهة أخرى نسمع عن أفكار لوقف الحرب مقابل إعادة المخطوفين ونفي قيادة حماس. بالتوازي نسمع أيضا صوتاً قاطعاً آخر يقول انه بدون ضغط شديد لا يتوقف على حماس من الجو، من البحر ومن البر فان قلاع حماس الأخيرة والمهمة في خان يونس ورفح لن تسقط، لن نعيد مخطوفينا ومنظمة الإرهاب ستخرج من هذه الحرب أيضا كمنتصرة.

صورة الوضع هذه تذكر بشكل واضح بالتورط الأميركي في حرب فيتنام. تورط بدأ عندما قرر الرئيس جون كيندي في أكتوبر 1963، قبل شهر من اغتياله، تعزيز جنوب فيتنام في الصراع ضد شمال فيتنام الشيوعية. من حل محله ليندن جونسون واصل الدعم الأميركي لجنوب فيتنام بل وزاد بشكل كبير القوات الاميركية المشاركة في هذه الحرب – والتي بلغت في ذروة الحرب في 1966 نحو 450 الف جندي.

ادارت هذه حرباً مضرجة بالدماء ضد قوات الفيتكونغ التي حفرت مدناً كاملة تحت الأرض وادارت من هناك الحرب ضد الأميركيين. مثلما في أنفاق حماس اليوم، كانت هناك أيضا غرف قيادة وتحكم، بواسطتها ادار الفيتكونغ حرب عصابات دون توقف الحقت بالاميركيين خسائر فادحة. وقد بلغت هذه في نهاية الحرب نحو 58 الف قتيل. وذلك رغم أن الأميركيين استخدموا وسائل كثيرة ضد الأنفاق كأجهزة اطلاق لهيب النار، قنابل الغاز وغيرها.

في نهاية المطاف، بعد اكثر من عقد من حرب مضرجة بالدماء، جبت نحو 1.177.500 ضحية – بمن فيهم مواطنون وجنود من الطرفين – هجرت الولايات المتحدة الحرب، وسيطرت فيتنام الشمالية على الدولة.

الواقع اليوم في قطاع غزة يذكر بواقع فيتنام. في حينه، قاتل الاميركيون ضد قوات عصابات الفيتكونغ التي قاتلت من الانفاق التي غير مرة اضطرت القوات الاميركية للعودة الى القتال ضد الفيتكونغ في أماكن ومواقع سبق أن احتلوها، واحيانا عدة مرات. هذه هي الصورة التي نراها في القطاع اليوم أيضا.

صحيح ان الجيش الإسرائيلي نجح في تفكيك معظم أطر القوة العسكرية لحماس وأصاب قادة كثيرين لكن بقايا قوات حماس لم تضع ولا تضع السلاح. فقد تحولوا الى مقاتلي عصابات يعرفون الأرض على نحو ممتاز.

من شأن هذه الحرب ان تكون طويلة، واساسا منهكة اكثر من حرب جبهوية، تدار امام قوات علنية. كما أنه لا شك ان وقف الضغط المكثف على حماس سيؤدي بالجيش الإسرائيلي الى حرب العصابات إياها التي ستسحق الإنجازات التي سجلت في اثناء 100 يوم من الحرب.

هنا مطلوب زعامة قوية ومقررة، تضع للجيش الإسرائيلي أهدافا واضحة لا لبس فيها. بدلا من هذا توجد لنا حكومة تتحدث بعدة أصوات، أحياناً متضاربة تخلق هنا تشوشاً وقلقاً مبرراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى